العنوان خذوا على أيدي خارقي السفينة يا مخلصون
الكاتب أحمد بزيع الياسين
تاريخ النشر الثلاثاء 28-يونيو-1988
مشاهدات 34
نشر في العدد 872
نشر في الصفحة 50
الثلاثاء 28-يونيو-1988
قال تعالى في كتابه العزيز: ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۗ. ﴾ (آل عمران: 110).
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «مَثَلُ القائِمِ علَى حُدُودِ اللَّهِ والواقِعِ فيها، كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا علَى سَفِينَةٍ، فأصابَ بَعْضُهُمْ أعْلاها وبَعْضُهُمْ أسْفَلَها، فَكانَ الَّذِينَ في أسْفَلِها إذا اسْتَقَوْا مِنَ الماءِ مَرُّوا علَى مَن فَوْقَهُمْ، فقالوا: لو أنَّا خَرَقْنا في نَصِيبِنا خَرْقًا ولَمْ نُؤْذِ مَن فَوْقَنا، فإنْ يَتْرُكُوهُمْ وما أرادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا، وإنْ أخَذُوا علَى أيْدِيهِمْ نَجَوْا، ونَجَوْا جَمِيعًا» (رواه البخاري: 2493).
يعيش مجتمعنا العربي وعالمنا الإسلامي في حالة اليقظة والنهوض، ومكافحة التسلط الأثيم بجميع أنواعه، وذلك بعد سبات طويل طوى العديد من القرون المؤلمة ومعاناتها..
ولكن هذه الحالة التي يحياها مجتمعنا اليوم، لا تزال تعاني من فوضى تنتابها هنا واضطراب يخلخلها هناك.. والأعداء يقظون ومتنبهون لكل حركة خير واعية فيها صلاح البلاد والعباد، يحاولون إجهاضها قبل ولادتها.
هذا هو مخططهم التآمري على هذه الأمة، إنهم يحاولون جاهدين أن يضعوا العراقيل أمام صعودها في سلم المجد، أو تلمسها لطريق الصواب.
وهؤلاء الأعداء على صنوف متنوعة، ويعملون على أكثر من محور، وفي ميادين شتى، وتراهم يستخدمون أناسًا أبعد ما يكونون عن العروبة والإسلام، يعيثون فسادًا في الأرض، كلما سنحت لهم الفرصة مستهدفين الأمة عقيدة وشريعة وسلوكًا ومنهج حياة.
يخدمون مخططات عدوانية معروفة لدى الجميع، فباسم الفن يروجون للرذيلة، وباسم الاقتصاد الحر يروجون للاستغلال والاحتكار والغش والربا، وباسم المدنية والحضارة يروجون للانحلال الخلقي، وباسم الحرية يروجون للثقافة المسممة للأفكار المنحرفة.. وهلم جرًا... وهذه الأمراض الاجتماعية ومروجوها هم أخطر على الأمة من أي عدو آخر، ولكن الفئة المؤمنة المدركة لطبيعة هؤلاء، تبقى في رباط وثيق، مفتحة العيون والعقول، تستلهم تجارب السلف الصالح رضي الله تعالى عنهم، وتتحسس مواجع الحاضر لتكون على الأهبة التامة والاستعداد الكامل، مدافعة عن عقيدتها ودينها، تحمل على عاتقها آلام الأمة، وفي قلوبها آمالها، وتحاول تحرير العباد والبلاد من التسلط والتبعية، وتمارس دورها في التنمية والبناء، آخذة على أيدي الضالين المضلين كيلًا يصيبوا خرقًا في السفينة التي يقودها المخلصون من أبناء هذه الامة الماجدة - ليصلوا بها إلى شاطئ الأمان والسلام، بعدما أعيا الناس طول السرى وبعد المسير.
فالأمة موعودة بالمجد والسؤدد إن التزمت منهج الله تعالى في حياتها: ﴿حياتها إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾. (محمد:7)
والشرفاء المؤمنون يجدون المسير من أجل استئناف الحياة الحر الكريمة، وهم في مسيس الحاجة إلى المؤازرة في شتى الميادين، فقي الماضي عبرة، وفي الحاضر خبرة، وللمستقبل تطلع ونظرة، فالزند بحمي الله مفتول والجبهة منيعة والطريق نظيف ومُضِيء.
فيا أيها المخلصون:
خذوا على أيدي المخربين الذين يحاولون خرق السفينة، قبل أن تفوت الفرصة، فتغرق السفينة التي قطعت شوطًا وهي تجتاز الصخور المدبرة التي زرعها الطائفيون والشعوبيون والمستعمرون الغاصبون الذين يتفننوا في صب حقدهم الأسود على كل ما يمت إلى العروبة والإسلام بصلة.
خذوا على أيديهم بسرعة قبل أن ينفذ هؤلاء من بعض المنافذ والثغرات، فيوسعوا الخرق ويغرقوا السفينة أو يهدموا البناء فالباني الحصيف الموفق يكون أسرع من الهادم الخطير حتى يستطيع تكميل البناء قبل فوات الأوان، فالأمة تبنى بالفضائل وتهدم بالرذائل.
اعرضوا أيها المخلصون التصرفات والأقوال جميعها على ميزان الأخلاق والفضيلة فما أقره هذا الميزان فهو لبنة صالحة للبنيان القوي القويم، وما رفضه ميزان الفضيلة من قول أو عمل فهو مرفوض و يصلح في البناء السليم للأمة، بل هو معول هدم وتقويض أركان.
لقد سجلت الأمة العربية والإسلامية في زمننا هذا انتصارات باهرة في شتى الميادين على أيدٍ عاملة مخلصة. فالحمد لله تعالى على ذلك. ولقد أصبح لزامًا أن تسور هذه الانتصارات بجدار الفضي المنيع، حتى يتحقق المزيد منها وتصل الأمة إلى ما تصبو إليه من حياة حرة كريمة ترفل بها الشعوب العربية والإسلامية في عزة وأمان وطمأنينة وسلام.
قال تعالى: ﴿وَأَن لَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاءً غَدَقًا﴾ (الجن: ١٦).
وقال سبحانه: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ (النور: 55).
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل