; خطر الحرية الجنسية! | مجلة المجتمع

العنوان خطر الحرية الجنسية!

الكاتب المستشار سالم البهنساوي

تاريخ النشر الثلاثاء 19-سبتمبر-1972

مشاهدات 17

نشر في العدد 118

نشر في الصفحة 13

الثلاثاء 19-سبتمبر-1972

ولقد حاول المصلحون الاجتماعيون علاج هذه الظاهرة ولكنهم ضلوا السبيل ففاقد الشيء لا يعطيه، فبالرغم من محاولات كنائس الوحدويين في أمريكا علاج جرائم الجنس بعرض أفلام كاملة للعمليات الجنسية، ما زال المجتمع جنسيًا خالصًا، وتعلل العالمة الاجتماعية ايرا رايس ذلك بغياب الدين عن الواقع. ولقد انتقلت إلينا هذه الحيوانية ضمن ما ورثناه من التقليد الأعمى باسم التقدم والرقي وشاعت الصور العارية وانتشرت الإباحية الضارية وأضفينا على هذه الأمراض شتى المسميات فكان أدب الجنس وأصبح له فلاسفة بدعوى أنه حقيقة بين الصغار والكبار بل أصبح للجنس وعاظًا يزعمون أن الحرية الجنسية ليست حرامًا، فالدكتورة هلين رايت الفرنسية المشهورة والتي عملت مبشرة خمس سنوات لحساب الكنيسة الإنجليزية تقول في كتاب باسم الجنس والمجتمع بوجوب الحرية الجنسية بين الناس جميعًا بما فيهم المتزوجون وتدعو إلى ضرورة تقبل الرجل والمرأة هذا على السواء منعًا من هدم حياتهما الزوجية، وهي تنسب إلى الدين المسيحي هذا الفهم الغريب وتقول أن هذا السلوك لا يخالف المسيحية لأن الأفكار القديمة الخاصة بالأخلاقيات قد انهارت ويلزمنا بأفكار جديدة للعلاقة الجنسية وهي الحرية الجنسية وبين العرب من يزعم أن هذه الحرية لا تخالف القواعد الشرعية ويحتجون ببعض الأشعار وأخبار بعض الأدباء. ولئن صح أن هذا حال البعض فهي فئة منقرضة لا تمثل إلا نفسها، ولا تعدو أن تكون قليلة نادرة، والنادر لا حكم له. أما المجتمع العربي الإسلامي فقد كان في عصوره الأولى، طاهرًا متطهرًا من مظاهر ومحركات الشهوة الجنسية وعوامل الإغراء، ومن ثم انتصر على الإمبراطوريتين العالميتين الفرس والروم. وإذا افترضنا جدلًا -والجدل خلاف الواقع- أن الأقلية أو الأغلبية قد سلكت سبيلًا غير ذلك فالاحتكام إنما يكون لحكم الله ورسوله أي لما يجب أن يكون، وهو تطهير المجتمع من الفساد وعوامل الإغراء الجنسي لأنها تؤدى إلى شيوع الفاحشة ومن ثم تنحل أسباب ومقومات التكامل والقوة، ولهذا قال الله تعالى ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ (سورة النور: 19)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم  «لكل دين خلق، وخلق الإسلام الحياء» وقال «إذا لم تستح فاصنع ما شئت». من أجل ذلك لا يحل إشعال نار هذه الفتنة لأن إباحة نشر وإذاعة هذه المسائل، لا يقل خطرًا عن نشر وشيوع السرقة أو القتل، بل إن الحرية الجنسية أشد خطرًا من هذه الجرائم، ولا أدل على ذلك من أن الله سبحانه وتعالى. جعل عقوبة الزاني القتل، بينما اكتفى بقطع يد السارق، ذلك أن الزنا يهلك الأمة كلها ويضعف كل مقوماتها، ووسائل الحرية الجنسية، جزء لا يتجزأ من الزنا فهي أبوابه ومقوماته.  

أدب الجنس

من أجل ذلك لم يكتف الإسلام بتحريم الزنا بل حرم الطرق المؤدية إليه ففي الحديث الشريف والعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطى، والقلب يهوى ويتمنى ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه» كما حرم الإسلام الكلام في المسائل الجنسية فالوقاية خير من العلاج قال صلى الله عليه وسلم «لا تباشر المرأة المرأة حتى تصفها لزوجها كأنه ينظر إليها» وإذا كان وصف المرأة حرامًا ولو كان ذلك في معرض الحديث بين زوج وزوجته فهو أشد حرمة وأكبر خطرًا فيما وراء ذلك، ولهذا حرم الله تعالى أيضًا الأفعال التي تؤدى إلى هذه الفتنة فقال جل شأنه ﴿وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ﴾ (سورة النور: 31) -﴿وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ ۚ﴾ (سورة النور: 31) فشيوع الجنس والدعوة إليه وإضفاء الأوصاف الأدبية عليه قد أدى إلى انتشار الفواحش وانحلال المجتمعات فأصبح شعار الشباب مارس الحب والجنس واترك الحرب والشهامة. إن الذين روجوا للحفلات الراقصة بين الجنود باسم الترفيه يجدون على الأمة شر جناية فلقد أدت هذه الوسائل إلى أن ترك الجنود الفرنسيون ميادين القتال في الحرب العالمية الأولى و تزاحموا على دور البغاء ولم يملك قائدهم منعهم فأصدر بيانًا في 3 مايو سنة 1919 جاء فيه «ومكتب القيادة لا يزال يسعى لزيادة عدد العاهرات في دور البغاء حتى يكفين الجنود، ولكن قبل أن يتم ذلك نوصى رجال البنادق ألا يطيلوا مكثهم داخل تلك الدور ويتعجلوا بقضاء شهواتهم». ولقد نتج عن ذلك كما جاء في تصريح المسيو فرديناند ريفوس أحد أعضاء المجلس الفرنسي أن أصبح البغاء حرفة كسائر أنواع المهن وأصبح له أسواقًا لتصدير واستيراد الفتيات وأصبحت بعض الفنادق أوكارًا لذلك، وجندت هذه الفئة أرباب القلم وناشرى الكتب والأساتذة والأطباء. فهل إلى علاج من سبيل.

الرابط المختصر :