العنوان المجتمع الأسري (1590)
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر السبت 28-فبراير-2004
مشاهدات 18
نشر في العدد 1590
نشر في الصفحة 60
السبت 28-فبراير-2004
■ خلافات المسنين الزوجية.. قنبلة تهدد البيوت.
د. عادل مدني: لابد من تجديد شباب الكهل وإيجاد عمله له لكي يستمر عطاؤه الأسري.
د. عادل صادق: الشيخوخة.. بركان المشكلات الزوجية
صلاح حسن رشيد
أصبحت الخلافات الزوجية مرض العصر، بداية من الخلافات اليومية البسيطة، وصولًا إلى الطلاق والانفصال، بما يحمل ذلك من تأثير سلبي على الأبناء يؤدي إلى انفصام عرى التواصل والاندماج مع المجتمع.
وتشير المصادر إلى أن عدم الاختيار الناجح في الزواج هو السبب الأساسي في حدوث دوامة الاهتزازات داخل الأسرة.
وعادة ما تنشأ المشكلات الزوجية بعد مرور فترة وجيزة على الزواج تصل إلى عدة شهور، ويصف علماء النفس والتربية والاجتماع هذه المشكلات بأنها ظاهرة صحية طبيعية، نظرًا لاختلاف العادات والحياة، وطريقة نشأة وتربية كل من الزوجين المختلفة عن الآخر، واندماج الزوجين في حياة جديدة تتطلب فترة انتقال ودراسة من الجانبين، حتى تستقر بهما سفينة الحياة على مرفأ الزواج السعيد.
ولكن المثير للتساؤل والاندهاش نشوب الخلافات الزوجية في فترة الشيخوخة، بعد أن قطع الطرفان رحلة عمر طويلة من المفترض أنها جمعتهما على الحب والتفاهم، ويدل كثير من المؤشرات والدراسات السيكولوجية على ارتفاع نسبة الطلاق بين الأزواج فوق سن الستينات، وإزدياد معدلات الخلافات الزوجية في تلك الفترة العمرية بالذات.
هذه الظاهرة مثلما أنها منتشرة بصورة لافتة في أوروبا والولايات المتحدة، فإنها تنتشر في كيان المجتمع العربي وباتت «قنبلة موقوتة» في جسد الأسرة العربية، حيث تدل الإحصاءات على أن عدد المسنين المترددين على المصحات النفسية في: تزايد ملحوظ بسبب هروبهم الدائم من إنفجار المشكلات الأسرية ونكد الشريك، فما الأسباب والعوامل والظروف وراء انتشار هذه الظاهرة؟ وهل صحيح -من الناحية العلمية- أن المسنين يحتاجون إلى رعاية خاصة، وطريقة مختلفة من الاهتمام في هذه السن؟ وما رأي علماء النفس في مشكلات الشيخوخة؟
البرود النفسي.. وإنعدام الجاذبية
ويصف الدكتور عادل صادق -أستاذ الطب النفسي بجامعة القاهرة- هذه المرحلة الحياتية المتقدمة بالنسبة للمسنين بأنها مرحلة خطيرة من الممكن أن تنقلب إلى بركان من المشكلات الملتهبة الدائمة، صعبة العلاج لأن هذه المرحلة تأخذ الكثير من وقت الزوج والزوجة وتوجه معظم جهودهما ناحيتها، وخلالها ينسيان نفسيهما، ولا يطوران علاقتهما الزوجية ولا يميلان إلى بعضهما عاطفيًا، ولا يملأ كل منهما فراغ الأخر الروحي، نظرًا لسيطرة البرود على كيان كل منهما، ولا يطوران علاقتهما العاطفية، ولهذا السبب كثيرا ما نجد الأزواج والزوجات يعللون استمرارهم بأنه لرعاية الأبناء، وخلال هذه الفترة يكون لدى الزوجين عملهما الخاص واهتماماتهما في الحياة العامة، ولا يمضيان الكثير من الوقت مع بعضهما البعض فإذا ما انتهت هذه المرحلة من حياتهما واستقل الأبناء بحياتهم بعيدًا عن الوالدين، وتقاعد الزوجان عن العمل، فإن فترة جديدة من الحياة والعلاقة الزوجية تبدأ، وإن لم يكونا مستعدين لها ولتوابعها النفسية والصحية والسيكولوجية.
ومن هنا فإن الحالة الصحية والجسمية والنشاط تصبح مختلفة عن ذي قبل، ولا تتيح للزوجين الفرصة للاستمتاع بالحياة بالطريقة السابقة فالحيوية تقل، والقدرة على الجهـد والعمل تضمحل، ويصعب خروجهم معًا، كما كانا وتعودا في مرحلة الشباب والحيوية، كما أن حياتهما الاجتماعية تبدأ في التقلص والضيق، بعد انصراف الأصدقاء وقلة عددهم، وانشغال الأبناء بحياتهم الخاصة، كذلك يتفرغ الزوجان للمنزل، حيث يمضيان أغلب وقتهما به، فتدب بينهما النزاعات والخلافات لأتفه الأمور وينعدم الحوار، ويشكو كل منهما الآخر.
يضيف الدكتور صادق أن الزوج المسن يشكو إهمال زوجته له، وأنها أصبحت تنزعج وتضيق من طلباته المتكررة ومن آرائه، وأنها لا تبدي الاهتمام به بالقدر الكافي، وربما يكون السبب عدم تلبيتها لمطالبه، لضعفها، ولحاجتها أساسًا لمن يرعاها كذلك، وللتغلب على هذه المشكلات يجب أن نفطن إليها مبكرًا، منذ بداية الحياة الزوجية وألا ينسى الزوجان نفسيهما.. والعلاقة العضوية والعاطفية بينهما من خلال تدعيمها المستمر، وإنتهاز المناسبات السعيدة للتعبير عن الحب والعواطف المتبادلة بين الجانبين، ويجب استغلال بعض الأوقات للإنفراد مع بعضهما البعض بعيدًا عن الأولاد، ومناقشة العلاقة بينهما وتطويرها، وتلافي أي مطبات حياتية تصدم سور الحب الرابط بين قلبيهما.
شيخوخة الزوج.. وحيوية الزوجة
أما الدكتورة سامية الساعاتي -أستاذة علم الاجتماع بآداب عين شمس بمصر- فترى أن مشكلات المجتمع العربي، الاقتصادية والسياسية والاجتماعية تصب في بئر الأسرة العربية، ولا يخفى أن إحالة الزوجين للتقاعد، وقلة الموارد، مع زيادة معدلات المصروفات، تؤدي إلى زيادة المشكلات الزوجية، خاصة بين المسنين، كما أن فارق السن بين الزوج والزوجة يمكن أن يلعب دورًا رئيسًا في تغذية روح العداء والاستعداء والكراهية بين الطرفين، فإذا ما وصل الزوج إلى سن الشيخوخة، بينما لا تزال زوجته في شبابها، فإن المشكلات -لهذا السبب- تكثر وتتضاعف وتنمو بسبب إحساس الزوج أنه تقدم على خريف العمر، في حين أن شريكة حياته تنعم بالحيوية والخصوبة والجمال، مما يوغر صدره بعوامل الكراهية لها، وتلمس أي فرصة لتنغيص حياتها.
الحل.. إيجاد عمل للمسنين
ويقول الدكتور عادل مدني -أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر-: إن هناك أسبابًا فردية تساعد على ظهور المشكلات بين المتزوجين مثل اختلاف الأمزجة والأهواء النفسية والثقافية والفكرية لكلا الطرفين، علاوة على تضخم إحساس الزوج بذاته إزاء قهره لذات زوجته، مما يجعلها تطالب بحقها في البيت وفي أن يكون لها رأي في قيادة سفينة حياتهما، ومن هنا تبدأ المشكلات إلا أن المسنين يحتاجون -حسب تصوري- إلى المساعدة من الأخرين في تجديد حياتهما وشبابهما روحيًا ونفسيًا، وإفساح المجال أمامهما مرة ثانية للعمل بعد التقاعد للاستفادة من خبراتهما الطويلة وتجاربهما في الحياة، ومحاولة إيجاد عمل مناسب لهما، يتناسب مع قدراتهما وظروفهما النفسية في هذه المرحلة الحياتية الصعبة مع أهمية إنشاء دور للمسنين بأجور رمزية لمن لا يجد سبل الرعاية الأمنة، أو لمن كانت ظروفهم الاجتماعية تستدعي ذلك، فهناك يجدون الإشراف الطبي، ويعيشون حياة سهلة هادئة.
ويضيف الدكتور مدني قائلًا: إن الكهل، نتيجة للضعف الشديد في قدرته الذهنية وذاكرته، تتقلص لديه الاهتمامات الخارجية ويميل إلى العزلة والانطواء والتقوقع على نفسه، لأنه يدرك أن مشوار حياته قد انتهى ويزداد اهتمامه بنفسه وبصحبته، وتبدو عليه مظاهر الأنانية، ويصبح كثير الشكوى والتضجر من الأوهام المرضية النفسية التي لا توجد لها أسباب عضوية حقيقية، وإنما هي وسيلة لجذب الانتباه إليه، لكي يلتف حوله الآخرون.
■ الوصايا العشر في تمتع الزوجين بنعمة العشرة
يقول تبارك وتعالى واصفًا الميثاق الغليظ والعقد المتين والرباط الوثيق بين الزوجين بعد التقائهما بالزواج الشرعي الذي أنعم الله تعالى به على عباده المؤمنين: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ﴾ (الروم: 21)، وقد حرص الإسلام على المحافظة على هذه العلاقة من أن يصيبها النقص والخدش والضعف أثناء مسيرة الحياة الزوجية وما يعتريها من مشكلات وأزمات يذكيها الشيطان ليفرق بين الزوجين.
وهذه بعض الوصايا التي صدقتها تجربة زوجية لأكثر من عشرين عامًا بما يحتاجه الزوج من زوجته لتبقى الحياة حلوة في بيت الزوجية السعيد، فهل تطبق الزوجات هذه الوصايا ليملكن الأزواج بدون منازع؟
- استقبليه بابتسامة، وودعيه بابتسامة، تكوني هدى قلبه وروحه.
- أسمعيه كلامًا طيبًا.. وأظهري له جانبًا لينًا تنالي رضا الله ثم رضاه.
- كوني له مستودع الأسرار، ولا تفشي منها شيئًا خارج الدار.
- إذا أردت أن تخرجي فاخرجي باستئذان.. تعيشي عندها حياتك بسعادة وأمان.
- حافظي على ماله وتربية عياله، واذكري دائمًا قوله تعالى: ﴿فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ۚ ﴾ (النساء: 34)
- لا تنسي ذكر الله، ولا تجعلي التلفاز وغيره لك ملهاة، فيموت قلبه نحوك فليس لك سواه.
- إذا نسي زوجك الصلاة ذكريه وصلي أمامه لتسعديه، وحافظي على الصلوات الخمس، واذكري الله دائمًا بالجهر والهمس، ولا تهملي ماذا أراد زوجك اليوم، وماذا طلب بالأمس.
-اظهري لزوجك بأجمل الثياب، وتطيبي له بأطيب الأطياب.
- لا تنسي تحضير الطعام، فإنه مفتاح القلوب وكوني له الطاهية لما يحب من أصناف الطعام.
- كوني الولود الودود تكوني من نساء الجنة، فتعيشي بسعادة، وتجدي فوق ذلك زيادة.
إبراهيم العبيدي
■ زوجتي لا تنسي!
طبيعي.. لأن ذاكرة النساء أقوى من ذاكرة الرجال
كشفت الدراسات الجديدة عن السر الذي يجعل ذاكرة المرأة أقوى من ذاكرة الرجل، وخصوصًا فيما يتعلق بالخلافات الزوجية ووعود الهدايا وغيرها.
فقد وجد الباحثون أن دماغ المرأة خلق ليشعر ويتذكر الأحاسيس بدقة أكثر من دماغ الرجل بسبب الارتباط بين السلوك المعرفي والهيكلية الدماغية التي تنشط عندما تتعرض للاستثارة العاطفية.
فقد قام علماء النفس في جامعة ستاتنفورد الأمريكية، بإجراء عدة اختبارات على مجموعات من النساء والرجال لتحديد قوة الذاكرة من خلال التعرف على صور مؤثرة، بعد ثلاثة أسابيع من مشاهدتها لأول مرة.
ولاحظ الباحثون -بعد تحليل الصور الشعاعية الناتجة من التصوير بالرنين المغناطيسي لأدمغة المشاركين في الدراسة أثناء مشاهدتهم للصور- أن النساء أكثر دقة في التذكر من الرجال بنسبة تتراوح بين ١٠- ١٥%، وكانت الاستجابة العصبية للمشاهد العاطفية أكثر نشاطًا عند النساء.
ويقول العلماء: إن دماغ المرأة أكثر تنظيمًا للإدراك وتذكرًا للأحاسيس والعواطف، وهو ما يجعل النساء يتذكرن نسبة أكبر من الاستثارة العاطفية مقارنة مع الرجال.
هذه الاستنتاجات تنفق مع ما أظهرته أبحاث سابقة أثبتت وجود إختلافات في طريقة عمل الدماغ عند النساء والرجال، وأن السيدات يتمتعن بذاكرة أقوى فيما يتعلق بالسيرة الذاتية أيضًا، وليس بالنسبة للأحداث العاطفية فحسب.
ويرى العلماء أن هذه الدراسة تساعد في فهم الأساس البيولوجي لأسباب انتشار الاكتئاب السريري بين النساء بصورة أكثر من الرجال، فعنصر الخطر بالنسبة للاكتئاب هو الاجترار، أي التركيز على الذكريات المؤلمة واسترجاعها المرة تلو الأخرى، وهو ما يجعل بعض النساء تقول لزوجها ما رأيت منك خيرًا قط، فهي تتذكر دائمًا الأحداث المؤلمة التي مرت بحياتها الزوجية.