العنوان درس من عائشة
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 10-سبتمبر-1974
مشاهدات 21
نشر في العدد 217
نشر في الصفحة 47
الثلاثاء 10-سبتمبر-1974
«إن الله لا يظلم مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء»
وحياتنا يا أختاه ما هي إلا مزرعة للآخرة. من عمل صالحًا فلنفسه ومن أساء فعليها.
تعلمين أن رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم- كان يحب إحدى زوجاته أشد الحب وكان يقول لها أنا لك كأي زرع لام زرع.
لقد ابتلى حبيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ابتلي في أهله وفي أقرب الناس إليه وأحبهن إلى نفسه ألا وهي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها. حدث ذلك في قصة الإفك المفتراه عليها.
تقول عائشة رضي الله عنها: «لقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا أراد سفرًا أقرع بين نسائه» وكان هذه المرة من نصيب عائشة. في غزوة بني المصطلق
وتقول: كنت إذا رحل بعيري جلست في هودجي ثم يأتي القوم الذين كانوا يرحلون فيحملونني ويأخذون بأسفل الهودج فيرفعونه فيضعونه. فلما فرغ الرسول -صلى الله عليه وسلم- من سفره توجه إلى المدينة ونزل هناك بعض الليل ثم رحل. لما ارتحل الناس خرجت لبعض حاجتها وفي رجوعها افتقدت عقدها وهو من خزع ظفار فرجعت تلتمسه فوجدته. وجاء القوم الذين يرحلون لها البعير فأخذوا الهودج ولم يشكوا بأنها فيه.
رجعت للعسكر وقد انطلق الناس فتلففت بجلبابها ثم اضطجعت في مكانها وقالت: «لو افتقدت لرجع الناس إلى» وحينما كانت مضطجعة مر بها صفوان بن معطل السلمي وكان قد تخلف لبعض حاجته فلما رأی سوادًا قال: إنا لله وإنا إليه راجعون.
ظعينه رسول الله فقال: اركبي.
و استأخر عنها. فركبت وانطلق سريعًا وقال أهل الإفك ما قالوا وارتج العسكر وهي لا تعلم بذلك شيئًا وأبواها لا يذكران لها منه قليلًا أو كثيرًا ثم اشتكت شكوى شديدة ووجدت من جفاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فانتقلت لأمها وحين تنقهت من وجعها بعد بضع وعشرين يومًا ذهبت لقضاء حاجتها مع أم مسطح التي كشفت لها عن الخبر.
وتقول عائشة: والله ما قدرت على أن أقضي حاجتي ورجعت فوالله ما زلت أبكي حتى ظننت أن البكاء سيصدع كبدي وحين أخبرت أمي قالت: خففي عليك الشأن فوالله لقل ما كانت امرأة حسناء عند رجل يحبها وبها ضرائر إلا كثرت وكثر الناس عليها.
وقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يخطب في الناس: قال: ما بال رجال يؤذونني في أهلي ويقولون عليهم غير الحق والله ما علمت عليهم إلا خيرًا ويقولون ذلك لرجل ما علمت منه إلا خيرًا ولا يدخل بيتًا من بيوتي إلا وهو معي. عندما قال ذلك تساور الناس حتى كاد أن يكون بين الأوس والخزرج شر.
ودخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على عائشة ومعه أسامة بن زيد وعلي بن أبي طالب فاستشارهما فأما أسامة فقال: أهلك وما نعلم منهم إلا خيرًا وهذا الكذب والباطل.
وأما علي: قال: النساء كثير وإنك لقادر على أن تستخلف، وسل الجارية فإنها ستصدقك وضربها ضربًا مبرحًا لكي تصدق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت الجارية بريرة: ما أعلم إلا
قالت: وايم الله لأنا أحقر من نفسي من أن ينزل الله في قرآنا يقرأ ويصلي به، ولكنني كنت أرجو أن يرى النبي في نومه شيئًا يكذب الله به عني لما يعلم من براءتي، أو يخبر خبرًا.
ولم يتكلم أبواها وفضلا الصمت.
وقالت: والله ما أعلم أهل بيت دخل عليهم ما دخل على آل أبي بكر..
وبكت وقالت: والله لا أتوب إلى الله منة بريئة لا قولن ما لم يكن ولئن أنكرت ما يقولون لا تصدقونني ولكن سأقول كما قال أبو يوسف:﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ۖ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ﴾
وما برح الرسول من مكانه حتى تغشاه من الله ما كان فسجي بثوبه.
ولما سرى عنه جلس وأنه ليتحدر من وجهه مثل الجمان في يوم شات من العرق فجعل يمسحه ويقول: أبشري يا عائشة قد أنزل الله -عز وجل- في براءتك فقالت: الحمد لله. وخرج الرسول -صلى الله عليه وسلم- يخطب بالناس وتلا عليهم بما أنزل الله -عز وجل-. وأمر بمسطح بن أثاثة وحمنة بنت جحش وحسان بن ثابت وكانوا ممن أفصح بالفاحشة وضربوا حدهم.
هنا يكون الصبر يا أختي المسلمة.
ولكنك يا أختاه تلحظين ضعفًا في أمنا عائشة وهو البكاء ولكن يقال إن قلب المرأة رقيق فما استطاعت أن تتحكم بدموعها ولكنها استطاعت أن تصمد ضد كل من وقف ضدها وذلك بفضل إيمانها القوي بالله ثم بفضل حكمتها وحسن تصرفها أمام الأمور الصعبة.
جعلنا الله من أمثالها.. آمین.
الرابط المختصر :
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكلعوامل النصر والتمكين في سيرة سيد المرسلين ﷺ (1) فقه التعامل مع السنن الإلهية والأخذ بالأسباب ودورهما في تحقيق النصر الإلهي
نشر في العدد 2183
32
الجمعة 01-سبتمبر-2023
الصحابة الكرام لا يُحبهم إلا مؤمن ولا يُبغضهم إلا منافق أو جاهل
نشر في العدد 2173
29
الثلاثاء 01-نوفمبر-2022