العنوان دعْوة للتفكير
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 14-أبريل-1970
مشاهدات 25
نشر في العدد 5
نشر في الصفحة 5
الثلاثاء 14-أبريل-1970
الضوء يكشف الطريق للمبصرين فقَط وأَّمَّا من كان في هَذه أعمَى فهُوَ في الآخَرة أعمَى وأضلّ سَبيلًا
دعْوة للتفكير...
في الضَوء
كنا نحب أن يجلس نخبة من المفكرين المسلمين جلسات طويلة ويضعوا أمامهم دراسة تاريخية مفصّلة لتاريخنا القديم والحديث ولتاريخ أعدائنا القديم والحديث كذلك..
ثم يخرجوا علينا برأي ومنهج ومسلك حتى نتمكن من معرفة معالم طريقنا، ثم نسلك أحسن السُبل إلى أنبل الغايات..
ولكن لنا شرط أساسي على هؤلاء المفكرين.. الشرط الأساسي أن يبدأ اجتماعهم من المسجد وأن يكونوا على وضوء وطهارة.. وبغير هذا الشرط لا نجيز لهم أن يفكروا في قضايانا.. فنحن قد سئمنا قادة «الاحتراف» الإسلامي وقادة «العواطف» وقادة «الخطب» وقادة «الحزبية» التي تستعمل الإسلام كمطية لكراسي الحكم.. وسئمنا «الإسلام الأمريكي والاشتراكي» سئمنا كل هذه التشكيلات والمودات «الإسلامية» التي دفعت بنا إلى متاهة وحيرة وتبلّد..
ثم إننا نحب أن نهمس في آذانهم بكلمات من أجل أنفسنا، نحن نريد أن نبدأ من أول الطريق. نترسم خُطا الأنبياء والرسل وهم يتلقون في أدب وفود ربهم إليهم ليعلمهم كيف يقولون «لا إله إلا الله».. ثم يفرغون في قلوبهم آياته البينات ﴿وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ﴾ (الإسراء: 105)..
﴿وَكُلًّا نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ﴾ (هود: 120).
وبعد إعلان التسليم نبدأ في السجود والقنوت.. والصيام ونشرك أصحاب الحقوق في أموالنا، ثم نحاول أن يكون «خلقنا القرآن».. وبهذا المسلك يمكننا أن نفكر ونعمل على بصيرة من أمرنا.. ولنعد إلى أساتذة الفكر لنقول لهم إن المطلوب منكم أن تدرسوا المسلك الأول الذي جعل منا خير أمة أُخرجت للناس وتضعون لنا منهاجًا «عصريًا» يتماشى مع طبيعة زماننا المعقد، فنكون على بصيرة من كل شيء.. ونرجو أن نتعلم كيف نُمسك بالمصحف والفأس والآلة والمشرط والمكبر والذرة والمدفع والطائرة.
والمطلوب منكم بعد ذلك أو مع ذلك أن تدرسوا أعماق عدونا وأبعاده.. تدرسوا بطول التاريخ وعرضه.. نريد أن نعرف أولًا أسباب عداوته لنا فقد يكون على غير بينة وعلم ونكون نحن شركاء معه في خلق هذا العداء فنحاول أن نُصحّح أنفسنا أولًا لنصححه هو بعد ذلك.. ثم تقوموا بعد ذلك بعمل تصفية بحيث لا يخطئكم الاتهام والإدانة.. ونعرف أن هذا هو عدونا.. ثم تدرسوه على مهل وتدرسوا مخططاته وأساليبه وتستكشفوا كل أسلحته.. ثم تحاولوا معرفة مراكز الضعف فيه حتى ننفذ إليه منها..
هذا هو المطلوب من أساتذة الفكر فينا.. لكن لعل قائلًا يرمينا بالخيال والتحليق في الفضاء، ونقول له إننا لا نحب أن نقول له إن هذا ما فعله خصومنا من قبل ويفعلونه الآن.. إن الماركسية خطَّط لها ماركس وانجلز، ثم نفذها تلامذته لينين وستالين.
والصهيونية خطّط لها هرتزل والمؤتمر الصهيوني في بال ونفذها بن غوريون وديان، والإنجليز يُخطّطون لأنفسهم بمجامع من المؤرخين ونذكر المؤتمر الذي عقده رئيس وزرائها بتر مان سنة 1905 وتدارس هو والمؤرخون مستقبل الإمبراطورية خلال القرن العشرين وكل الدول الكبرى والمتوسطة ترسم لنفسها طرقًا للمستقبل.
نعود لنؤكد أننا وإن كنا لا نرفض الاستفادة من تجارب الآخرين ومنهجيتهم وإن كانوا في موقع العداوة منا.. إلا أننا نقول إن الكتاب الكبير الذي بنى حياتنا ورسم لنا أسلوب ومنهاج العمل لا يخطئنا التعبير إن قلنا إنه أعطانا في الكلمة الواحدة قصة الماضي وحكمته، ودفع بها عبر الأجيال لتلقانا بعد ألف وأربعمائة عام ثم هي ماضية تُنير في إشراق السبيل للمستقبل البعيد.. ثم إنها ترسم لنا صورة الحياة الجديدة بعد أن يتم الفناء للأرض ومَن عليها. من خلال هذا المنهج الحي الذي نلمسه في القرآن الكريم ومن خلال أسلوب التوجيه النبوي نستطيع أن نرسم خطوات المستقبل ولن نُخطئ الطريق بإذن الله..
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكلقراءة في مستقبل الأديان في العالم (3 - 3) الإسلام.. أرحام ولَّادة وأجيال يافعة
نشر في العدد 2182
35
الثلاثاء 01-أغسطس-2023