العنوان رجلان من بلادي
الكاتب الشيخ عبد الله النوري
تاريخ النشر الثلاثاء 08-ديسمبر-1970
مشاهدات 18
نشر في العدد 38
نشر في الصفحة 11

الثلاثاء 08-ديسمبر-1970
السيد عبد الجليل الطبطبائي
بقلم: الأستاذ عبد الله النوري
هو السيد عبد الجليل بن السيد يسن بن السيد إبراهيم بن السيد طه، يتصل نسبه بالسيد إبراهيم الملقب طبطباء ولا أعلم سببًا لهذا اللقب وقد قال الرواة في سببه ما قالوا.
يتصل نسبه بالحسن المثني بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم.
ولد في البصرة سنة ١١٩٠هـ واستوطن الكويت سنة ١٢٥٩هـ توفي فيها سنة 1270 هـ، كان أبوه علمًا من أعلام المسلمين، وكان من البارزين في الحديث وفي المواعظ، وكان له في مساجد البصرة مجالس وعظ كثيرة.
تلقى السيد عبد الجليل مبادئ القراءة والكتابة في بيت أبيه على معلم البيت كما هي عادة الملاكين يومئذ، إذ كانوا يستأجرون من يعلم أولادهم وأولاد خدمهم والفقراء من جيرانهم من يلقب بالملا.
يجلس كل يوم ساعات في ناحية من الدار لهذا الغرض، ثم بدأ يتلقى الفقه ومبادئ النحو على كثير من علماء المسلمين في البصرة، وكانوا في البصرة کثيرين.
واتصل بالشيوخ عبد الله بن محمد بن فيروز الذي أكثر التنقل بين الأحساء والبصرة والكويت، فأخذ عنه كثيرًا من العلم ولما رآه ذا ذكاء وحفظ أذن له بالرواية عنه، وهذه مكرمة قل أن ينالها تلميذ عن أستاذ.
الهجرة إلى البصرة
هاجر إلى البصرة لأسباب غير معروفة ولم يفصح هو بها.
قيل إن سبب هذه الهجرة خلاف حصل بينه وبين بني عمه اضطره أن يترك مسقط رأسه، وقيل إن سبب هذه الهجرة كان انعدام الأمن والاستقرار الذي تعرضت له البصرة يومئذ من هجمات القبائل المحيطة بها حتى أنهم دمروا كثيرًا من بساتينها وقراها، وقيل غير ذلك.
انتقل من البصرة إلى مدينة الزبارة والزبارة تابعة لمشيخة قطر، واستوطنها زمنًا طويلًا وبنى فيها مسجدًا وما زالت المنطقة التي سكنها السيد عبد الجليل معروفة حتى اليوم باسم حارة السادة، ثم بعد ذلك حصلت في الزبارة انشقاقات وحروب امتدت بسببها يد آل سعود إليها فاحتلها سليمان بن طوق وخشي السيد الطبطبائي أن تتلوث يده بدماء ضحايا هذه الحروب، فهاجر من الزبارة إلى الكويت حيث وجد فيها بلدًا آمنًا ومستقرًا هادئًا مطمئنًا.
واستقبله يوم قدومه إليها حكامها وأشراف أهاليها مما جعله يستبشر من هذه النقلة خيرًا، واتخذ في الكويت دارًا لإقامته في المنطقة المعروفة بحي القبلة، جنوبي مسجد آل يعقوب في البيت الذي كان معروفًا باسم بيت السيد/ خلف النقيب.
الفقه والشعر في حياته
لم يكن السيد الطبطبائي أديبًا ينظم الشعر ويكتب النثر فقط، بل كان فقيهًا، إلا أن ميوله إلى الشعر ومجالسة الشعراء والأدباء غطت على علمه، ولم يبق لنا من آثار آدبه غیر دیوان شعره المعروف باسم الخل والخليل في شعر السيد عبد الجليل الذي طبع عدة مرات وأولى هذه الطبعات كانت سنة ۱۳۰۰ هـ.
وكان تاجرًا وله في البصرة بساتين نخل كثيرة، ولما استوطن الكويت والزبارة برز اسمه بين التجار.
تاجر باللؤلؤ فاشترى وباع وكان له في كل موسم من مواسم الغوص اسم يذكر بين تجار اللؤلؤ «الطواويش» كان رحمه الله حلو الحديث سريع البديهة، يأنس منه جليسه، ويجد كل جليس بغيته فيه، يتحدث مع الزارع في زراعته، ومع التاجر في بيعه وشرائه، وهو مع الأديب أديب ومع الفقيه فقيه.
يطور حديثه مع كل جليس بما يتحدث فيه هذا الجليس ويأنس منه، فكان ألفًا لكل من وطأ مجلسه، ومرحًا، وأنيسًا مع كل من جلس إليه، أما مع الأديب والشاعر فكان سريع البديهة يحفظ كثيرًا من شعر العرب ومن أمثالهم، ويضرب في أثناء الحديث المثل ببديهة سريعة ويستشهد بيت الشعر في غير أناة.
وكان جوادًا كريمًا تهزه الأريحية والدليل على ذلك أن بيته كان مضافة لا يخلو يومًا من ضيف قريب أو بعيد، وكان فعالًا للخير لا تمنعه عن فعل الخير حاجة حضرت أو عسرة نابت.
وعاش في الكويت عشر سنوات وأشهرًا ومات رحمه الله عن سن قارب الثمانين وذكره ما يزال باقيًا ذكر خير وجود وذكر أدب ومعرفة.
كان له أولاد صالحون منهم العلامة السيد أحمد الطبطبائي وبه كان يكنى.
السيد أحمد بن السيد عبد الجليل الطبطبائي
ولد في البصرة سنة ١٢١٣هـ الموافق ۱۷۹۷ م وتعلم أول دراسته على يد معلم البيت كما هي عادة الأغنياء يومئذ.
ثم جلس إلى أبيه يتعلم منه وكان منذ صغره تقيًا نقيًا عفيفًا خفيض الصوت إلا وقت الموعظة عذب الحديث لم تبطره ثروة أبيه ولا غره شرف نسبه.
واغتنم فرصة لقاء أبيه بالشيخ عبد الله بن محمد بن فيروز فقرأ عليه شيئًا من الفقه والحديث وهو صغير.
وهاجر مع أبيه من البصرة وتنقل معه في تنقلاته حتى استقر في الكويت وتوفي فيها، وكان رحمه الله يحفظ القرآن وكثيرًا من الأحاديث قيل إنها تعد بالآلاف.
عاصر الشيخ خالد بن عبد الله العدساني والشيخ عبد الوهاب بن غرير اللذين لازماه واستفادا منه، وكانا من أخلص أصدقائه وأقرب الناس إليه.
وله ولع شديد في الوعظ وإرشاد الناس والتدريس عاش زمنًا طويلًا إمامًا في مسجد الحداد واعظًا ومدرسًا وفي آخر حياته أصيب بالفالج في نصفه الأسفل فعجز عن المشي ولم يعجز عن الكلام فترك الإمامة لغيره، ولكنه لم يترك الوعظ والصلاة في المسجد فكان يحمل على دراجة ليؤدي صلاته في الجماعة ثم يسمع الناس درس الوعظ ببلاغة في القول وإخلاص في الأداء.
وعاش هكذا بضع سنوات حتى لقي ربه سنة ١٢٩٦هـ الموافق ۱۸۷۸ م، رحمه الله واسكنه فسيح جنته.
«عبد الله النوري»
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل

برقية جمعية الإصلاح الاجتماعي إلى مؤتمر وزراء التربية العرب في ليبيا
نشر في العدد 3
105
الثلاثاء 31-مارس-1970
