العنوان رحلة ومصير
الكاتب أحد القراء
تاريخ النشر الثلاثاء 06-مايو-1975
مشاهدات 46
نشر في العدد 248
نشر في الصفحة 26
الثلاثاء 06-مايو-1975
شعر أحمد بن حسين المعلم
يامن يتابع سيد الأكوان
كن للمهيمن قائمًا متعاني
واعلم بأن الله خالقك الذي
سواك ولم يحتج إلى إنسان
خلق البرية كلها من أجل أن
تدعوه بالإخلاص والإذعان
قد أرسل الآيات منه مخوفًا
لعباده لكي يخلص الثقلان
وأبان للإنسان كل طريقه
كي لا يكون له اعتذار ثاني
ثم اقتضى أمرًا ونهيًا علها
تتميز التقوى عن العصيان
وولدت مفطورًا بفطرتك التي
ليست سوى التصديق والإيمان
وبليت بالتكليف أنت مخير
وأمامك النجدان مفتتحان
فعلمت ما تهوى وأنت مراقب
وما كنت محجوبًا عن الديان
ثم انقضى العمر الذي تهنا به
وبدأت في ضعف وفي نقصان
ودنا الفراق ولات حين تهرب
أين المفر من القضاء الداني
والتف صحبك يرقبون بحسرة
ماذا تكون عواقب الحدثان
واستل روحك والقلوب تقطعت
حزنا وألقت دمعها العينان
فاجتاح أهل الدار حزن بالغ
واجتاح من حضروا من الجيران
فالبنت عبرى للفراق كئيبة
والدمع يملأ ساحة الأجفان
والزوج ثكلى والصغار تجمعوا
يتطلعون تطلع الحيران
والابن بدأب في جهازك كاتمًا
شيئًا من الأحزان والأشجان
وسرى الحديث وقد تساءل بعضهم
أوما سمعتم عن وفاة فلان
قالوسمعنا والوفاة سبيلنا
غير المهيمن كل شيء فاني
وأتى الحديث بوارثيك فأسرعوا
من كل صوب للحطام الفاني
وأتى المغسل والمكفن قد أتي
ليجللوك بحلة الأكفان
ويجردوك من الثياب وينزعوا
عنك الحرير وحلة الكتان
وأتى المخبر أن قبرك جاهز
فأتوا بنعش واهن العيدان
صلوا عليك وأركبوك بمركب
فوق الظهور يحف الأحزان
حتى رأوا القبر الذي جهزوا
وضعوك عند شفره بحنان
ودنا الأقارب يرفعوك بينهم
للحد كي تمسي مع الديدان
وسكنت لحدا قد يضيق لضيقه
صدر الحليم وصابر الحيوان
وسمعت قرع نعالهم من بعد ما
وضعوك في البيت الصغير الثاني
فدجا الظلام كذا السكون مخيم
والروح رد وجاءك الملكان
وهنا الحقيقة والمحقق قد أتى
هذا المقام النصر والخذلان
إن كنت في الدنيا لربك مخلصًا
تدعوه بالتوحيد والإيمان
فتظل ترفل في النعيم مرفهًا
بفسيح قبر طاهر الأركان
ولك الرفيق عن الفراق مسليًا
يغني عن الأحباب والأخدان
فتحت عليك من الجنان نوافذ
تأتيك بالأنوار والريحان
وتظل منشرح الفؤاد منعمًا
حتى يقوم إلى القضا الثقلان
تأتي الحساب وقد منحت صحيفة
بالنور قد كتبت بالرضوان
وترى الخلائق خائفين لذنبهم
وتسير أنت بعزة وأمان
ويظلك الله الكريم بظله
والناس في عرق إلي الآذان
وترى الصراط وليس فيه صعوبة
كالبرق تعبر فيه نحو جنان
فترى الجنان بحسنها وجمالها
وترى القصور رفيعة البنيان
طب في رغيد العيش دون مشقة
تكفى مشقة سالف الأزمان
والبس ثياب الخلد واشرب واغتسل
وابعد عن الأكدار والأحزان
سر وانظر الأنهار واشرب ماءها
من فوقها الأثمار في الأفنان
والشهد جار في العيون مطهر
مع خمرة الفردوس والألبان
والزوج حور في البيوت كواعب
بيض الوجوه خوامص الأبدان
أبكار شبه الدر في أصدافه
واللؤلؤ المكنون والمرجان
وهنا مقر لا تحول بعده
فيه السرور برؤية الرحمن
أما إذا ما كنت فيها مجرمًا
متتبعًا لطرائق الشيطان
ثكلتك أمك كيف تحتمل الأذى
أم كيف تصبر في لظى النيران
فإذا تفرق عنك صحبك وانثنى
حمال نعشك جاء الملكان
جاءاك مرهوبين من عينهما
ترمي بأشواط من النيران
سألاك عن رب قدير خالق
وعن الذي قد جاء بالقرآن
فتقول لا أدري وكنت مصدقًا
وأقول ما قد قاله الثقلان
فيوبخانك بالكلام بشدة
وسيضربانك ضربة السجان
فتصيح صيحة أسف متوجع
ويجي الشجاع وذاك هول ثاني
ويجي الرفيق فيا قباحة وجهه
فكأنه متمرد من جان
وتقول يا ويلا أمَا لي رجعة؟
حتى أحل بساحة الإيمان
لو عدت للدنيا لعدت لما مضى
في جانب التكذيب والعصيان
في الحر والظلمات تنظر مقعدًا
لك مستقرًا داخل النيران
هذا إلى أن يبعث الله الورى
يوم التخاصم عند ذي الإحسان
يوم القيامة يا لشدة هوله
تبيض منه مفارق الولدان
يوم تسير له الجبال وتنطوي
فيه السماء ويجمع القمران
وترى البحار وقد تأجج ماؤها
وغلى فغطى جوها بدخان
فتقوم للحشر الخلائق كلها
متوجهين إلى عظيم الشأن
وتجيء مكتئبًا حزينًا خائفًا
تبكي بدمع سائل هتان
تلقي الصحيفة بالشمال ولا ترى
فيها سوى الأكدار والأحزان
وتخبر الله الجوارح بالذي
فعلته من جور ومن عصيان
وهناك تسحب للجحيم مكبلًا
بسلاسل ومسربل القطران
يضعوك في النار كأن دخانها
قصر ولكن لست فيه بهاني
فيها من الأهوال شيء مفجع
فيها الحميم أعد للظمآن
فيها الأفاعي والهوام كأنها
أعجاز نخل داخل النيران
والريح منتنة وجسمك منهك
والحر منصب على الأبدان
والخلق في ضيق فذًا متشفع
وهناك مغشى وذاك يعاني
والنار المطبقة وليس بناضب
لهب لها فأصبر مدى الأزمان
خلد وبئس الخلد ذاك يا فتى
لا راحة ترجي ولست بفاني
يا شارب الخمر المحب لشربها
يا من عليها دائم الإدمان
بالأمس تشرب من مدامة شارب
واليوم فأشرب من حميم آن
يا ظالمًا.. يا فاسقًا.. يا مجرمًا
هذا جزاء الظلم والعدوان
تشوى الجلود إلى العظام وتنبري
لتعود تنبت للحريق الثاني
يا هاجر القرآن حسبك عبرة
هذا الجزاء لهاجر القرآن
يا تاركًا للفرض في أوقاته
متذرعًا بالشغل والنسيان
ادخل مع الكفار نار جهنم
واصحب إليها عابد الأوثان
هذا مآل الناس فليعمل له
راجي الجنان وراهب النيران
كل سيحصد غرسه بيمينه
لا يظلم المولى بني الإنسان
من رام طيب الورد يغرس بذرة
لا يجتني ورد من السعدان
يا رب فارحمنا وخفف وزرنا
وامنن علينا رب بالإحسان
واجعل ختام النظم خير صلاتنا
لمحمد المختار من عدنان
شعر: أحمد بن حسين المعلم
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل
