; رسائل إلى القادة الشهداء في ذكرى استشهاد شيخ الانتفاضة | مجلة المجتمع

العنوان رسائل إلى القادة الشهداء في ذكرى استشهاد شيخ الانتفاضة

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر السبت 19-مارس-2005

مشاهدات 11

نشر في العدد 1643

نشر في الصفحة 26

السبت 19-مارس-2005

زوجة الشهيد عبد العزيز الرنتيسي: علمتني أيها الرجل العظيم معنى عزة المؤمن:

الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى، يا رب لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، أحمدك يا رب يا من أنعمت على بنعمة الصبر والثبات يوم فقدت أعز إنسان على قلبي بعد الله ورسوله وجهاد في سبيل الله.. أحمدك يا رب أن مننت على يومها وبعدها بقوة في يقيني، وأي نعمة هذه! وعزتك وجلالك إنها نعمة تستحق الشكر، والله يا رب لا أدري كيف أشكرك، وشكري لك من أعظم نعمك علي.. ثم إليك يا أبا محمد: ماذا أقول وقد خنقتي العبرات، وعجزت الكلمات عن ترجمة مشاعري، وقد مر عام على استشهادك، نعم إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقك لمحزونون، ولكن علمتني أيها الرجل العظيم كيف أكون قوية وثابتة الخطى، نعم عملتني معني عزة المؤمن التي تتنافي مع الكبرياء.

ألست أنت القائل في قصيدة أرسلتها إلى وأنت في معتقلات الصهاينة:

والقلب في صمت يقاوم عله              قتل الشجون لبتر أسباب الذبول

 نعم يا أبا محمد، يجب علينا أن تستمر في حياتنا وفي دعوتنا وفي جهادنا وفي أداء رسالتنا حتى نلقى الله على ذلك.

ألم تعلمنا معنى التضحية في سبيل الله؟ يا من بذلت الغالي والنفيس، بذلت من وقتك، من جهدك، من راحتك، وفي النهاية بذلت نفسك ودمك، عزاؤنا يا أبا محمد أنك عند الله، وما عند الله خير وأبقي، عزاؤنا أننا نشعر بسعادتك وأنت ترفل في ثياب سندس وإستبرق في جنات النعيم بين زوجاتك من الحور العين التي وعدك الله إياها، وتشرب من أنهار الجنة وتأكل من ثمارها، وترى الآن ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.. ثم أقسم أبا محمد إني ما شعرت قط أنك فارقنا إلى الأبد، بل أشعر بأنك حي، بل إنا متيقنة من ذلك، ألم يقل الحق تبارك وتعالى ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ﴾(آل عمران: 169) نعم هذا شعوري الذي ما فارقني لحظة لا في حلي ولا في ترحالي، في سعادتي أشعر أنك تشاركني، وحينما أشعر بالضيق أستأنس بمواساتك لي، ولتعلم أني في شوق إلى لقائك، نعم أنا تواقة لهذا اللقاء وأعرف أنه آت لا محالة، ولكن في هذه المرة أنا أقول لك يا أبا محمد: قر عينًا فإنا على دربك سائرون ولمنهاج الحق مطبقون ورضا الله سائلون.. وحتى نلقاك.

زوجتك: أم محمد

محمد عبد العزيز الرنتيسي: أراك كل يوم تعيش بيننا:

أحمد الله تعالى أن جعلنا مسلمين وأحمده كثيرًا، إذ جعلنا من أهل الرباط في أرض الرباط.. أرض الشهداء.. أرض الإسراء والمعراج أرض فلسطين أما بعد:

أبت العزيز:

ها هو قد مر عام على الفراق ولم أزل أجاهد نفسي كي أكبت أشواقي، ما زلت أقاوم العبرات لأظهر جلدًا كما أحببت أن أكون.. لكن استسمحك عذرًا لأني بشر إذا خلوت بنفسي خالجتني الذكريات واجتاحني الشوق، فأجد العبرات تنسكب قسرًا عني، وها أنا أخط هذه الرسالة المتواضعة لأهديها إلى روحك الزكية الطاهرة الرابضة في قلوب أبناء الأمة الإسلامية. هأنا أقف في مفترق طرق الأفكار. بماذا أبدأ؟

وعن ماذا أتكلم؟ أأترك العنان لقلمي ليخط ما يساورني من شوق كابن يفتقد أباه، أم أترك العنان له ليخط ما يساورني كأحد أبناء الحركة الإسلامية الذين وجدوا فيك الأب والمربي والمرشد ليشقوا الطريق إلى المجد، لكني سأكبح جماع أشواقي وأستأثر بها النفس، فأنا أيضًا ابنك في الدرب، عشقت دربك الذي سرت عليه، والذي عانيت من أجله وبذلت الغالي والرخيص فيه، بذلك علمتني أنه لا عزة ولا كرامة بغير هذا الدرب، كيف لا وهو درب الرسول r الكرام من بعده؟

أبت الغالي: رغم أني أفتقدك إلا أني أراك كل يوم تعيش بيننا، أراك في كل مكان تركت أثرك فيه، عندما أنظر في عيون الأطفال أراك وأنت تحنو عليهم، كيف لا وأنت طبيبهم، عندما أنظر إلى الجرحى أراك مسرعًا وأنت من أوائل من بتفقدهم، عندما أرى الثكالى أراك وأنت تشد من أزرهن، عند ورود ذكر اللاجئين أراك وأنت تؤكد ثوابت حركة حماس: ألا تنازل عن حق عودة اللاجئين، عندما أسمع أخبار الأسرى أذكرك وأنت تطالع «ألبوم» صدورهم حتى لا تنسى قضيتهم، عندما أرى صورة الأقصى أراك وأنت تصرخ «لا تنازل عن شبر من أرض الوطن». عندما أرى غزة المقاومة في فلسطين.

أراك وأنت تهتز مزمجرًا «سنتنصر أيها الإخوة.... إلخ». صدقًا يا أبت.. أراك في كل شيء.. كيف لا وقد تركت أثرك في كل مكان، حتى سجون الاحتلال تشهد رسالتك كيف تجعل من زنزانتك جنة بحفظك لكتاب الله... حتى جبال مرج الزهور في لبنان تشهد لشموخك أنت وإخوانك كالجبال لتجعلوا من إبعادكم رحلة وغيرها الكثير الكثير.

أبت الغالي:

مهما كتبت فلن أعطيك تدرك ما بوسعي ألا أن أقول لك بعد مرور هذا العام. لتقر عينك في التراب لأن دماءك أنت وإخوانك لم تذهب هدرًا، بتضحياتكم أوجدتم جيلًا كاملًا يسير على دربكم، بتضحياتكم أحييتم الأمل في لبناء الأمة الإسلامية، بدمائكم رسمتم طريق النصر والآباء.. وفي نهاية المطاف أسأل الله تعالى أن يجمعني بك وبمن معك في مستقر رحمته.

ابنك المشتاق: محمد عبد العزيز الرنتيسي

زوجة الشهيد صلاح شحادة:

معركتنا مع اليهود لن تنتهي مهما تواصلت قوافل الشهداء

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله الأول بلا انتهاء... ناصر المستضعفين، ومذل الكفرة المتجبرين، وباعث المصطفى إمامًا ورحمة للعالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، وعلى من سار على دربه واتبع سنته إلى يوم الدين.

الحمد لله الذي شرفني أن أكون زوجة القائد الشهيد صلاح شحادة.

رحمك الله أيها القائد، لقد كنت نسيجًا من الشجاعة والرحمة، ولست نسيجًا من التهور والقسوة، لقد كنت دومًا تردد: للتاريخ قانون في إنهاء الصراع.

نعم أيها الزوج الغالي، للتاريخ قانون في إنهاء الصراع، لقد رحلت ورحل معك الياسين والمقادمة والرنتيسي وأبو شنب، ولكن رحيلكم بركان يثور إن شاء الله على كيان يهود. إن معركتنا مع يهود لن تنتهي أبدًا إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، ولن يتوقف شلال الدم مهما كانت الضغوط، ومهما تواصلت قوافل الشهداء، قتل يهود آت كالغيث، ودولة يهود ستنتهي حتمًا، وكما قلت: لسنا مرتزقة متعطشين للمال ودماء الأبرياء، لسنا وحوشًا تعيش على الضحايا الضعيفة، لسنا قلوبًا متحجرة لا تلين بدمعة أم أو طفل، نحن نهب إلى نجدة المستغيث، قبل أن نسأله عن اسمه أو لونه أو جنسه أو دينه، هكذا علمنا ديننا وهكذا كان قدوتنا محمد صلى الله عليه وسلم. وهكذا كنت أنت أيها القائد، ولا يسعني إلا أن أقول: صبرًا صبرًا أيها الشعب الفلسطيني، فالنصر آت لا محالة.

زوجة الشيخ صلاح شحادة: أم عبد الرحمن 

محمد إسماعيل أبو شنب: رسالة إلى والدي العزيز:

إلى رجل عشق الشهادة واشتاق للقاء ربه فنال ما تمناه... إلى رجل باع الدنيا واشترى مرضاة الله وجنته فكان عنوان عمله التضحية والعطاء..

إليك يا أبا الحسن:

أبي.. كنت أتساءل: كيف هي الجنة؟ أهي كما وصفت لنا، أم تعجز الألسنة عن الوصف وتعجز الكلمات من التعبير؟ أبي لقد رأيتك أول مرة في حياتي وأنت خلف أسلاك متشابكة فكانت صورتك غير كاملة في مخيلتي، ولقد طال انتظاري لك ولكنني انتظرت لتكتمل صورتك في مخيلتي، صورة بدون سياح فخرجت من السجن مرفوع الهامة، كالجبل الأشم الذي لا يقهر، أبي لقد رحلت عنا وفي الحقيقة أنت لم ترحل؛ فروحك ما زالت معنا تزورنا، تحدثنا ونحدثها. أبي أنت لم تذهب، ذهب جسدك ولكن روحك في أفئدتنا ما زالت حية لم تمت. كيف تموت وقد تركنا لك في قلوبنا متسعًا كبيرًا؟ أتعلم يا أبتي؛ لم أكن أعرفك قبل استشهادك بل كنت أجهلك! كنت أجهل عطاءك الدائم، كنت أجهل حب الناس لك ولكني عرفتك يوم استشهدت، عرفتك يوم خرج الآلاف يشيعونك.. عرفتك يوم أن فاحت رائحة المسك من دمك.. عرفتك يوم أن ودعتك وابتسامتك العريضة على شفتيك. نعم.. فتلك الإبتسامة التي لم تكن تفارقك طيلة حياتك ظلت فينا، فلا أتذكرك إلا بتلك الابتسامة التي كانت ترد عبير الروح، لتلك البسمة التي لا تنسى.

أبت: كنت أعلم أن نهاية طريقك هي تلك النهاية، فنهاية كل مجاهد إما النصر وإما الشهادة، فكانت الشهادة والحمد لله.

 أبت: أنت لم تكن مجاهدًا وحسب، بل كانت المربي وكنت الموحد للصفوف، كنت الداعي إلى رص الصفوف جنبًا إلى جنب، لقد كنت الرجل الصعب الذي لم يستطع المحللون تحليل شخصيته، مع أن مكوناتها بسيطة وغير معقدة، لقد كنت السهل الممتنع، ولقد ظللت حاملًا نهج الوحدة حتى في استشهادك، فلقد كانت دماؤك الزكية جسر الوصل المقطوع لتوحيد الشعب.

أبت: لقد اهتزت غزة بل اهتزت فلسطين بسهولها وجمالها وتلالها لما سمعت الخبر، فقد كانت الصدمة فاجعة على الجميع، كيف لا وقد فقدت قائدًا نذر نفسه للدفاع عن قضيتها وعن حقها المسلوب بالحرية؟

أبت: لقد كنت عظيمًا في حياتك وما زلت عظيمًا حتى بعد استشهادك ولقد بقيت فينا وستبقى فينا ما حيينا، ولن ننساك أبد الدهر.

أبت: عهد قطعته على نفسي: أن تبقى صورتك معلقة في فؤادي وملتحمة بأضلع صدري.

أبت: أخشى أن يكون انتظاري لرؤياك طويلًا، ولكن طالما روحك معي فلن أجزع ولن أيأس وسأجعل الصبر عنواني.

وأخيرًا أختم بالدعاء بأن يجمعني الله بك يا أبت في الجنة على حوض رسوله الكريم إنه على ذلك قدير وبالإجابة جدير.

ابنك المشتاق إليك محمد إسماعيل أبو شنب - 13 عامًا 

الرابط المختصر :