العنوان أيام في العاصمة كابل
الكاتب صالح الراشد
تاريخ النشر الأحد 31-مايو-1992
مشاهدات 714
نشر في العدد 1003
نشر في الصفحة 16

الأحد 31-مايو-1992
أكثر من ٦٥٠.٠٠٠ کم٢ بید المجاهدين..
مرافق دولة كاملة من تلفزيون وإذاعة وصحافة إسلامية.. النساء جميعهن متحشمات أهل
الطاعة مكرمون.. دور الفساد والخلاعة مغلقة.. المساجد التي لا يصلي فيها إلا
الشيبة عامرة بالشباب.. التكبيرات من أفواه المضطهدين والمظلومين من الرجال
والنساء والشيوخ والعجائز والأطفال وبنغمة واحدة «الله أكبر. جهاد مبارك».
التبريكات والتهنئات بانتصارات المجاهدين..
الأمن والسلام الذي يخيم على كابل عاصمة الدولة الإسلامية الجديدة على كثرة ما
فيها من السلاح والأحزاب المختلفة يثير في النفس الاستبشار.. المطر الخفيف والهواء
النقي يحيط بضواحي كابل.. الجبال الشامخة يعلوها الثلج الأبيض برونق من الجمال
يعجز القلم عن وصفه.. الطيور والحمام تستعرض الطيران.. الجريان الحي في نهر كابل
الممتد.. وأعظم من هذا وذاك الشعور بمولد دولة إسلامية جديدة.
* عند مدخل الحدود
الأفغانية وجدنا لافتة تقول: مرحبًا بك في دولة أفغانستان الإسلامية |
الرحلة إلى كابل
من طورخم المدينة الحدودية الواقعة بين باكستان مع أفغانستان بدأت رحلتنا والتي تعتبر رحلة من العمر.. كنا قبلها في بيشاور حيث التقينا كوفد كويتي يرأسه الشيخ جاسم المهلهل ويضم الشيخ أحمد القطان ود. عيسى الشاهين ود. عادل ملا حسين وعبد اللطيف الهاجري وبدر الجار الله ونزار الكندري وزاهر الشيخ وعبدالله بركات.. التقينا بالشيخ الفاضل يونس خالص قائد الحزب الإسلامي- جناح خالص. وكانت هذه أولى اللقاءات عند دخولنا طورخم لفت انتباهنا إعلان بخط كبير: Welcome to the Islamic of Apaganistan «مرحبًا بك في دولة أفغانستان الإسلامية».. لافتة تحرك الشعور المدفون.. واستمرت رحلتنا إلى جلال آباد، مدينة الجمال.. وكان حري بها أن تسمى «جمال آباد».
وهناك مكثنا ليلة
والتقينا بالقائد «سازنور» الذي دوخ الشيوعيين طيلة فترة الجهاد.. قائد في قمة
التواضع وهو أحد رجالات الاتحاد الإسلامي «سياف» ويشغل حاليًّا منصب محافظ ولاية
ننجرهار. والتقينا مولوي ثواب، من رجال الاتحاد كذلك، ومن الذين لهم الفضل في جمع
كلمة المجاهدين والدعوة إلى توحيد صفوفهم، ثم التقينا المهندس قلب الدين حكمتيار
قائد الحزب الإسلامي.. شاب حيوي مبتسم دائمًا، يتكلم بتواضع وهدوء، ودار حديث طويل
واستفسارات.
ودار بيننا وبينه حوار طويل مليء بالمودة
والأخوة والعطاء نفى فيه كثيرًا من الشائعات نقلها الإعلام عنه.
وفي الصباح بدأ التحرك مع سيارة مسلحة
باتجاه العاصمة كابل العاصمة المحررة وتصورنا أننا سنرى بلدة خربة ومباني مدمرة قد
قصفتها صواريخ الحزب الإسلامي، كما صورها لنا الإعلام المحلي والعالمي، ولكننا
فوجئنا بالأسواق المليئة بالناس والمحلات والمدارس والوزارات كلها مفتوحة.
وسار بنا الموكب إلى معسكر خارج مدينة
كابل من جهة مدينة بغمان التي دمرها الشيوعيون تدميرًا كاملًا حيث التقينا بالقائد
الأستاذ البروفيسور عبد رب الرسول سياف أمير الاتحاد الإسلامي.. رجل ذو هيبة
وتواضع وهدوء تعلوه الحذاقة في الفكر.. وطالت معه الليلة وطال الحديث وانسكبت على
أثره الدموع.. فما رأيت بحياتي رجلًا واثقًا بالله مثله..
كانت من كلماته التي حفظتها «فلسطين أطهر
من أفغانستان، ويشهد الله كم حاولنا الجهاد هناك.. ولكن ما استطعنا».. ودار نقاش
طويل وحديث جميل وقدمنا له بعض الاقتراحات التي وافق عليها.
وفي الصباح
الباكر تم التحرك إلى منتصف كابل.. والتقى الوفد بالقائم على تسليم أمر الدولة
صبغة الله مجددي والرئيس القادم برهان الدين رباني أمير الجمعية الإسلامية.. ثم في
العصر التقينا بالشيخ المصلح مولوي جلال الدين حقاني، حيث صدرت منه كلمات طيبات
كان محتواها نسبة الفضل لله مع ما كان لدينا من التقصير.. ثم استمرت اللقاءات
بالإخوة القادة والوزراء والمسئولين.
* المخاطر التي تهدد
أمن كابل بحاجة إلى مزيد من جهود المجاهدين ووحدتهم لإزالتها |
مخاطر تهدد أمن كابل
هناك بعض المخاطر التي تهدد أمن العاصمة
كابل بعد سيطرة المجاهدين عليها من أهمها الميليشيات الجوزجانية المسلحة وميليشيات
الشيعة.
1- الميليشيات الجوزجانية
الميليشيات من
قوم الأوزبك من الولايات الشمالية والأوزبك لهم امتداد في الجمهوريات الإسلامية،
بل إحدى هذه الجمهوريات هي أوزباكستان أي بلاد الأوزبك. وأغلبيتهم من السنة وفيهم
شيعة طبيعتهم شرسون وغير متدينين، ينتشر بينهم الجهل، ويعيشون على نفقات القادة
العسكريين الشيوعيين ورزقهم في ظل الخلافات والحروب، كما أنهم يعرفون بالنهب
والسلب والسطو على المناطق التي يأتونها..
زعيم تلك الميليشيات الجوزجانية هو عبدالرشيد
دوستم، وهو يسيطر على حاليًّا مزار شريف بمطارها ومرافقها وقواتها في الشمال.
يتوقع أنه
يقود 18.000- 20,000 من الميليشيات
الشمالية حاليًّا، وهم قوة لا يستهان بها.
أما في كابل فهم
حوالي 10,000 مسلح يقول مسعود: إنهم 2500 ويقول حكمتيار- وقد سمعتها منه- أنهم
20,000 مسلح.
لمسعود وجهة نظره في استخدامهم ولحكمتيار
وجهة نظره في طردهم، ووجهة نظر كل منهما قوية لا يهمنا الخوض فيها هنا. لكن الواضح
أن قادة الأحزاب كحكمتيار وسياف وخالص مجمعون على ضرورة إخراجهم من كابل.
2- الشيعة
من المشاكل التي تواجهها أفغانستان كذلك
هو النزاع الطائفي حيث يتواجد ميليشيات الشيعة المسلحون والشيعة مدعومون من إيران؛
قد يسبب هذا الخلاف المسلح خطرًا كبيرًا على أمن الدولة الفتية.
الشيعة سياسيًّا تسعة أحزاب أقواها حركة
انقلاب إسلامي ويرأسها آية الله آصف محسني، وهو قائد على خلاف مع الإيرانيين ولا
يلتزم بآرائهم ويعتز بانتمائه إلى أفغانستان، هذا ما يبدو ظاهرًا، والله أعلم
بالسرائر. أما باقي الأحزاب فهي أحزاب ضعيفة ولم يكن لها أثر واضح قبل ۱۹۸۹. فقد قام «يولي
وآرنسون» نائب رئيس وزیر الخارجية السوفياتي السابق وسفير موسكو في كابل ۱۹۸۹ بإعطاء صبغة سياسية لهذه الأحزاب.
وقد حاولت إيران
ولا تزال توحید فُرقتهم وهذا التدخل في شؤون أفغانستان الداخلية يشكل خطرًا على
وحدة الدولة الجديدة وهم يتمركزون في ولاية باميان التي تقع في وسط أفغانستان،
ولهم وجود في لوجر ووردك وكآيل وأروزجان وغزني. أما الولايات القريبة من إيران فوجودهم
فيها قليل، ونسبتهم في كل أفغانستان حسب تقارير مختلفة أنهم من 6 إلى 10 %، وتزعم
إيران أنهم 20%.
* تجريد الميليشيات
من أسلحتها مطلب أغلب فصائل المجاهدين |
الموقف الحالي
تمكن الشيعة من دخول كابل بعد التحرير في
ظل الفوضى وسيطروا على بعض مواقع الذخائر وألوية الأسلحة إلا أننا نستطيع أن نقول:
إن وحدة المجاهدين وتناسيهم لخلافاتهم الشخصية أمر كفيل بالقضاء على هذه المشاكل
التي يشير كثير من المراقبين إلى حلول قائمة لها أبسطها تجريد كل هذه القوات من
أسلحتها الثقيلة بحيث تكون هذه الأسلحة تحت سيطرة الدولة نفسها وتبقى الأسلحة
الشخصية فقط مع المجاهدين. غير أن الأمر بحاجة إلى مزيد من الوقت.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل

النصيرية ركيزة من ركائز اليهودية الدولية في قلب العالم الإسلامي
نشر في العدد 455
12
الثلاثاء 04-سبتمبر-1979
