العنوان رمضان.. ومسلسل الأحداث الدامية في العراق
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر السبت 23-أكتوبر-2004
مشاهدات 17
نشر في العدد 1624
نشر في الصفحة 7
السبت 23-أكتوبر-2004
يمضي رمضان بأيامه المباركة بينما الأوضاع على الساحة العراقية تزداد قتامة ومأساوية.. قتل متواصل وتدمير مستمر وفقدان للأمن. ويبدو المشهد حافلًا بالعديد من التطورات السياسية والعسكرية، فعلى الصعيد السياسي الدولي تتواصل الانتقادات داخل الولايات المتحدة وبريطانيا ضد استمرار الحرب، فقد انتقد ٦٥٠ من الخبراء السياسيين، السياسة الأمريكية الخارجية عمومًا واستمرار الحرب الجارية في العراق خصوصًا، ووجه هؤلاء الخبراء الذين يطلقون على أنفسهم، خبراء الأمن الأكاديميين من أجل سياسة عقلانية، رسالة مفتوحة إلى الإدارة الأمريكية وصفوا فيها السياسة الأمريكية في العراق بأنها «أكثر السياسات ضلالًا منذ حرب فيتنام».
وفي بريطانيا تعرض رئيس الوزراء البريطاني توني بلير إلى مساءلة برلمانية جديدة بشأن سياسته في العراق، اعتذر فيها للمرة الثانية عن «أي معلومات قدمت بحسن نية واتضح لاحقًا أنها خاطئة».
وتأتي تلك التطورات السياسية في وقت ظهرت فيه بوادر تململ في صفوف القوات الأمريكية في العراق، حيث ترددت أنباء عن رفض تسعة عشر جنديًّا أمريكيًّا -في وحدة لنقل الإمدادات الغذائية والوقود -القيام بمهام أوكلت إليهم.
هذه التطورات السياسية المهمة لم يكن لها أي صدى أو تأثير على الحد من العمليات العسكرية الدائرة في العراق، بل إن هذه العمليات تتواصل وتزداد شراسة، دون مراعاة لحرمة الشهر الكريم.
وبينما تواجه بعض المدن العراقية القصف والتفجير تواجه مدينة الفلوجة قصفًا يوميًّا مركزًا يسقط الضحايا الأبرياء، وإن التهديدات والتحذيرات التي أطلقتها القوات الأمريكية والحكومة العراقية المؤقتة ضد المدينة في الآونة الأخيرة تنذر بهجوم شامل، بزعم القضاء على ما يسمى بالإرهابيين الموجودين فيها.
ومنذ دخول القوات الأمريكية إلى العراق وهذه المدينة تتعرض للهجمات الجوية، ولا يمر يوم إلا وتشيع المدينة ضحاياها من الأطفال والنساء، بل وأسر بأكملها قتلوا تحت وابل الصواريخ، فالضحايا كما تصورهم العدسات مدنيون أبرياء.
وقد كشف الصحافي الأمريكي سيمورهيرش الذي فضح عمليات التعذيب في سجن أبو غريب أن «معدل القصف اليومي داخل العراق منذ أن نصب بوش حكومة علاوي في 28/ 6/ 2004م زاد زيادة غير عادية». وقال هيرش في ندوة أقامتها جامعة كاليفورنيا مؤخرًا: «ليست هناك مساءلة من الجمهور عن عدد الطلعات الجوية وحجم القنابل والصواريخ التي يتم إسقاطها. كل ما نعرفه أننا أساسًا نخوض حربًا شاملة ضد أشخاص غير مرئيين ولا يمكننا العثور عليهم، وليست لدينا معلومات استخبارية عنهم».
ولا شك أن هذه الأحداث تزيد من غضب الشعب العراقي وكراهيته للوجود الأجنبي على أرضه وتشعل المقاومة بين صفوفه، وهو ما يوسع رقعة الاضطراب وانعدام الاستقرار في ذلك البلد بل والمنطقة كلها.
وعلى جانب آخر وفي نفس الإطار شهد العراق هجومًا على خمس كنائس وهي المرة الثانية التي تتعرض فيها كنائس عراقية لهجمات مسلحة. وتأتي هذه الهجمات في سياق مخطط خطير لإشعال الفتنة بين طوائف الشعب العراقي وتفجير حرب بين أبنائه لا يستفيد منها إلا الأعداء. وقد أثبتت الأحداث منذ قدوم قوات الاحتلال الأجنبي إلى العراق أن محاولات تفجير المساجد كان الهدف من ورائها إشعال الفتنة بين السنة والشيعة في العراق، وكشفت المجتمع في عدد سابق على لسان عميل تائب للموساد أن الموساد كلفه بإحداث تفجيرات في مسجدين للسُّنة في الموصل نظير عشرين ألف دولار، لكنه لم يفعل -بعد أن استيقظ ضميره -وكشف المخطط.
ومن هنا فإن الهجمات ضد الكنائس تصب في نفس الهدف.. هدف إشعال الفتنة.. ثم إن العراقيين يعيشون بكل طوائفهم منذ أزمنة بعيدة ولم تحدث تفجيرات للمساجد ولا الكنائس.. فما الذي يحرك هذا الملف اليوم.. غير الرغبة في إحداث الفتنة؟
وهكذا تسير مجريات الأحداث في العراق.. بين إدانات متواصلة للحرب من داخل الولايات المتحدة وبريطانيا ومطالبات بوقفها، وتجاهل القوات العسكرية لتلك الإدانات واستمرارها في مواصلة الحرب.. والضحية هو الشعب الذي يدفع الثمن.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل