العنوان سيناريو الهروب الكبير
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 22-أغسطس-1995
مشاهدات 41
نشر في العدد 1163
نشر في الصفحة 17
الثلاثاء 22-أغسطس-1995
يبدو أن سيناريو هروب حسين كامل حسن -وزير الصناعة والمعادن، ومدير هيئة التصنيع العسكري السابق العراقي- إلى الأردن هو سيناريو محتمل لحل المشكل العراقي، ويتناسق مع خطوات سياسة الاحتواء المزدوج التي تبنتها الولايات المتحدة تجاه العراق وإيران، والتي تهدف إلى تغيير النظام العراقي، وتعديل سلوك النظام الإيراني ليتناسق والمصلحة الأمريكية في المنطقة.
فالولايات المتحدة تريد احتواء النظام العراقي دون إضعافه في مواجهة النظام الإيراني، ولهذا تهدف الولايات المتحدة للاستفادة من هذا السيناريو على أقل تقدير، لإحداث تغيير تكتيكي في النظام السياسي في العراق، مع المحافظة على وحدة العراق وقوته الموازية لإيران، حيث أكد السفير الأمريكي في الأردن وليم إيجن التزامها بأمن العراق ووحدته، على أن لا تتخطى أحد الأهداف الإستراتيجية للسياسة الأمريكية في المنطقة، وهو الحفاظ على التطور الإستراتيجي لإسرائيل، وذلك بتدمير أسلحة الدمار الشامل العراقية.
ويبدو أن هروب حسين كامل حسن كان منطقيًا وطبيعيًا، فالنظام العراقي أصبح على حافة الانهيار، وغير قادر على السيطرة على الأوضاع الداخلية، كما أن الشعب العراقي قد أكلته نتائج المقاطعة الدولية، بما ينذر بحدوث ثورة عارمة لا تبقي في العراق جزءًا متصلاً، وفي نفس الوقت فإن الولايات المتحدة تتعرض لضغوطات خارجية من حلفائها خصوصًا الفرنسيين والروس لتخفيف حدة المقاطعة، وضغوطات داخلية من شركات النفط والسلاح للحصول على عقود ما بعد المقاطعة.
وقد يكون سيناريو الهروب استثمارًا جيدًا للولايات المتحدة للتفاهم مع حسين كامل حسن لحل مشكلة أسلحة الدمار الشامل في العراق، في مقابل سيطرة الجيش العراقي على الأوضاع في ظل وجود قوى معارضة مختلفة غير قادرة على جعل العراق وحدة متكاملة، فالجيش هو القوة الوحيدة المؤهلة لاستمرار العراق في غياب نظام صدام، في مقابل أن تتعهد الولايات المتحدة برحيل صدام أمناً إلى الأردن أو المغرب أو البرازيل، ويستثمر حسين كامل حسن قوته الموجودة حالياً في الجيش العراقي كبديل لصدام في ظل تعهدات بإقامة نظام ديمقراطي تشارك فيه جميع القوى السياسية بتعهدات دولية لقوى المعارضة باستمرار هذا النظام الجديد، ومن ثم تضمن الولايات المتحدة نظامًا متناسقاً في سلوكه مع سياسة الاحتواء المزدوج، ومما يقرر احتمالات هذا السيناريو أن هناك مقدمات واتصالات لهذا السيناريو المحتمل، حيث ذكرت صحيفة الجيروزاليم بوست الإسرائيلية في عددها الصادر يوم 14 أغسطس الحالي أن الولايات المتحدة قامت بتنسيق عملية الهروب المقررة، وأحاطت الأردن علماً قبلها بأسبوع على الأقل، وحصلت على الإذن منه مقدمًا باستقبال العراقيين، وأكدت الصحيفة أن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية أعدت الترتيبات التي سبقت عملية الهروب.
كما نقلت صحيفة الشرق الأوسط الصادرة في ١2/٨/1995م أن مصادر مطلعة في كل من عمان ولندن أكدت أن الاتصالات الأمريكية بحسين كامل جرت من داخل الأردن عبر السفير الأمريكي في عمان «وليم إيجن»، ومن خارجه من جانب مسئول في البيت الأبيض عن طريق مسئول أردني كبير، وأن حسين كامل بدأ اتصالاته بقوى المعارضة للتفاهم لتشكيل جبهة عريضة تتولى مهمة الإنقاذ، ومما یزید احتمالات هذا السيناريو أيضًا هو تغيير لغة النظام الأردني الحليف الدائم للنظام العراقي، حيث دعا الملك حسين إلى إحداث تغيير في النظام العراقي القائم في بغداد، وذلك من خلال حديث له نشر في صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية في الرابع عشر من أغسطس الحالي.
قد يبدو هذا السيناريو محتملاً، وذلك لإنقاذ الفشل الذي منيت به الولايات المتحدة في سياستها الخاصة بالاحتواء المزدوج تجاه إيران والعراق على حد زعم جريدة الهير الدتريبيون، والأيام حبلى بالأحداث، ودعونا نراقب مقادير الله في عباده.