العنوان د. الحبر يوسف نور الدائم لـ«المجتمع»:
الكاتب حسن علي دبا
تاريخ النشر الثلاثاء 02-ديسمبر-1997
مشاهدات 13
نشر في العدد 1278
نشر في الصفحة 28
الثلاثاء 02-ديسمبر-1997
نعم.. لم يكن للحركة الإسلامية اتساع الجبهة لكن المهم هو الالتزام بالخط
أنا ضد الممارسات الخاطئة لكنني مع التوجه العام في السودان
رغم تخصصه في التفسير والعلوم الإسلامية، فإن دور د. الحبر يوسف نور الدائم الفكري والسياسي لا يقل عن دوره الأكاديمي، لذا فإن الشأن الإسلامي هو محور الحوار الساخن معه، لن يقتصر على قضايا علمية مثل الشورى، بل سوف نحاول بحث أوجه التطبيق لنظرية الشورى الإسلامية في السودان، ولم يمنعنا احترامنا للعالم والمفكر د. الحبر من أن ننقل له قضية السودان الإسلامية في عيون الآخرين خاصة هامش الحرية الذي يثبته المتحمسون للمشروع الإسلامي في السودان، بينما يذكره المراقبون سواء كانوا محايدين أم في موقف الفن من هذا المشروع.
انطلاقًا من قضية الشورى وامتدادًا لآفاق المشروع الإسلامي في السودان كان الحوار الذي اتسع له صدر د. الحبر بشكل كبير.
الشورى مصطلح جميل، له دلالة- إسلامية واضحة، لكنه داخل الفكر الإسلامي تتلبسه الحيرة: هل الشورى معلمة أم ملزمة؟
الشورى ملزمة، والقول بأنها معلمة يفقدها معناها، وتصبح مجرد ديكور، فالشورى صفة للمجتمع الإسلامي قال تعالى: ﴿وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ﴾ (الشورى: 38)، وعندما تأتي الشورى بنتائج غير مرضية يؤكد الإسلام عليها أيضًا فقد أصر الرسول «صلى الله عليه وسلم» على ألا يخرج المسلمون إلى عدوهم ويقاتل الناس جميعًا، لكن بعض الشباب المتحمس كان يرى أن يخرج للعدو، فاستجاب الرسول لهذه الرغبة، وكانت النتيجة أن قتل ۷۰ من الصحابة، ومع هذا تأتي سورة آل عِمْرَان لتعالج قضية أحد.. ﴿وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ﴾ (آل عمران: 159)
هناك من يقول بأنها معلمة انطلاقًا من الآية ﴿فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ﴾ (آل عمران: 159)؟
ليس في هذا من حجة، لأن العزيمة تأتي بعد اتخاذ القرار، فالمسلمون يتشاورون، ثم يصلون إلى قرار، يكون بعدها التنفيذ، فالشورى ملزمة رغم أنها ما طبقت التطبيق السليم إلا في العهد الأول.
هل ترى الأسلوب الديمقراطي وصيغة الانتخاب وجهًا آخر للشورى في العصر الحاضر، أم أنت مع من يرفضون المصطلح «الديمقراطية» أصلًا، ويفصلون بينه وبين الشورى؟
في عصرنا أرى أن أسلوب الديمقراطية والانتخاب الحر النزيه هو الأقرب للشورى التي نود.. كما أننا نرى الديمقراطية ليست كفرًا وعلينا أن نستفيد من التجربة الإنسانية التي ثبت نفعها فالإسلام نظام رباني متكامل، يفتح الباب واسعًا ليستفيد المسلمون من تجارب الآخرين «الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق الناس بها».
ونحن لا ندعو لأخذ الديمقراطية بكل ما فيها.. فالسيادة في الإسلام لله تعالى، وليس هناك حكم ديني، بل هو حكم مدني، حيث الناس يقررون ويختارون، وهو معنى أقرب للشورى من غيره وأقول: عدم الشورى يعني الاستبداد، وفي الأصل فإن الإسلام لا يتفق مع الاستبداد السياسي.
كيف ترون قضية الحرية في ضوء كراهية الإسلام للاستبداد السياسي؟
الإسلام مع الحرية الملتزمة بالقيود الشرعية، لأن الأصل في الإسلام هو أن التشريع حق لله تعالى ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ﴾ (يوسف: 40)، والبشر هم أداة منفذة، الإسلام بذلك نظام متفرد، لكنه مفتوح لكل تجربة إنسانية نافعة، والنصوص متناهية لكن الحوادث غير متناهية، فالنصوص تمثل معالم في الطريق، وإطارًا عامًا وعلى المسلمين أن يجتهدوا في هذا الإطار.
هل يمكن أن يتسع صدركم لمناقشة قضية الشورى والحرية السياسية في المشروع الإسلامي في السودان، وهل يمكن اعتبار السودان نموذجًا يحتذى من البلدان الأخرى؟
الحكام في السودان لم يقولوا إنهم يقدمون نموذجًا لسائر البلاد في أنحاء الدنيا بل إن الجمهرة منهم يقولون إنه مشروع حضاري، وهذا أمر ينبغي أن يكون واضحًا والتجربة الإسلامية في السودان كأي تجربة إنسانية فيها هذا، وفيها ذاك، لكنها قطعًا لا تمثل النظام الإسلامي الأمثل وهناك من يقول إنها مجرد محاولة.
إذن هل يكون ضروريًا أن يرفع الشعار الإسلامي في السودان إذا كانت المسألة مجرد محاولة؟
أقول بوضوح يكفي السودان فخرًا أن رفع هذا الشعار في هذا الزمن، بعد أن ابتعد الناس عن الإسلام كثيرًا، وأرى أن ذلك أمر إيجابي، ليت الناس جميعًا يرفعونه فلا اعتراض على الشعار، ونريد لهذه الراية أن تظل مرفوعة دائمًا.
ولكني أعلم أن لكم نقدًا لتطبيقات هذا المشروع؟
ما نقوله من نقد للممارسة التطبيقية لا يفهم منه أنه معارضة للشعار الإسلامي، أو معارضة لرفع راية الشريعة فنحن ضد أي ممارسة خاطئة للشريعة الإسلامية، فلا أقر هذه الممارسة، لكنني مع التوجه الإسلامي العام في السودان فهذا التوجه هو حياتنا، وأي ممارسة أرى فيها شيئًا يخالف الذي أعرفه عن الإسلام أعارضها.
هل ترون هامشًا من الحرية في السودان في ظل المشروع الإسلامي القائم؟
القدر من الحرية الموجود في السودان في ظل هذا المشروع أفضل من غيرها، وإن كنا نتوق نحو الأكمل.
كيف ترون الاتساع الجماهيري لما كان يسمى بالجبهة الإسلامية القومية على حين لا يتوافر هذا للحركة الإسلامية الأم في السودان؟
هناك بالفعل اتساع جماهيري للجبهة الإسلامية القومية، فقد بلغت القوة الثالثة للتركيبة السياسية في المجتمع ولو استمر الناس بالتحرك السياسي لكسبوا كثيرًا من الأراضي وبلوغ مثل هذا المبلغ ليس بالأمر الهين... لكن هذا الاتساع الجماهيري قد تقلص شيئًا فشيئًا، ومعلوم أن هناك كثيرًا من القوى السياسية لم تشارك في الانتخابات، وأعترف أن الحركة الإسلامية وأعني بها حركة الإخوان المسلمين لم يكن لها من الاتساع ما للجبهة الإسلامية، لكن المهم ليس مجرد الاتساع، بل المهم هو مدى التزام الحركة الإسلامية بالخط الذي تدعو إليه.
ارتباط واجب
ارتباط الحركة الإسلامية في السودان بالحركة الإسلامية في العالم هو السبب الذي يبدو من خلافكم مع الجبهة هل ترون لهذا الارتباط ضرورة كبيرة؟
نحن نرى أن الحركة الإسلامية ينبغي أن تكون حركة جامعة، ولا بد أن يكون هناك ارتباط وثيق جدًا بين المسلمين وتعاون واتفاق، حتى نصل لدرجة الالتزام.
منذ فترة كانت هناك حركة انفصالية تزعمها «أبو نار» فكيف تعللون ذلك؟
كان «أبو نار» معنا بالفعل، ولكنه انفصل لأسباب إدارية وكل يعمل على شاكلته، ومن ينشق عن منهج الإخوان المسلمين بأصولهم ورجالهم ورموزهم، لا بد أن ينفض عنا.
من الشأن الإسلامي السوداني إلى الشأن الإسلامي العام كيف ترون سر تأخر العرب والمسلمين؟
أنا على يقين تام بأن سبب هذا التأخر هو بعدهم عن المنهج الرباني السليم، فعندما كانوا مع الله ورسوله كانوا هم السادة وفتحوا البلاد بالقلوب قبل أي شيء آخر، وكان المسلمون روادًا، أثروا تأثيرًا ضخمًا في أوروبا، ولم يستقم أمر أوروبا إلا بالمنهج التجريبي الذي سار عليه المسلمون.
هل ترى المستقبل بآمال كبيرة؟
إن الوضع الموجود للمسلمين وضع كتيب، لكن الثقة في المستقبل كبيرة، إذا اتجه
المسلمون إلى الله، ﴿إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾ (محمد: 7) وينبغي على المسلم أن يكون متفائلًا.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل
عبدالعالـي حسانـي: «مجتمع السلم» تتبنى مشروع الوحدة بين أبناء الحركة الإسلامية كافة بالجزائر
نشر في العدد 2182
32
الثلاثاء 01-أغسطس-2023