العنوان صحة الأسرة (1550)
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر السبت 10-مايو-2003
مشاهدات 31
نشر في العدد 1550
نشر في الصفحة 62
السبت 10-مايو-2003
بل احذر من الأيروفيدا ودورات الريكي، والتشي كونغ والماكروبيوتيك
تطبيقات الاستشفاء والرياضة الوافدة من الشرق وخطورتها على معتقدات الأمة
تحمل معها عقائد دينية ومذاهب فكرية يتعارض أكثرها مع العقيدة الإسلامية
لكثير منها علاقات بأديان غربية حديثة كدين «الموحدين الخلاصيين، والإنسانيين العلمانيين»
د. فوز بنت عبد اللطيف كردي (*)
أستاذة العقيدة والأديان- كلية التربية- جدة
اصطفى الله سبحانه نبيه -صلى الله عليه وسلم- واجتباه، وأرسله برسالة الإسلام التي ختم بها الرسالات، ومن منطلق عقيدة ختم النبوة بمحمد -صلى الله عليه وسلم- وختم الرسالات بالإسلام، الذي أكمل الله به الدين وأتم به النعمة، ورضيه للبشرية منهجًا إلى يوم الدين، نذكر إخواننا المسلمين بضرورة الاستمساك بالدين والاعتصام بالكتاب والسنة، والإقبال عليهما دراسة وتطبيقًا وتدبرًا واستشفاء للقلوب والعقول والأرواح والأبدان، فبالاستمساك بهما يكون الوصول لكل خير والنجاة من كل شر، قال -صلى الله عليه وسلم-: «تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدًا، كتاب الله وسنتي»، وقاعدة الكمال في الدين مطردة في كل نواحي الحياة، فما زالت الأبحاث العلمية والتربوية تكشف عن جوانب الإعجاز في هذا الدين، ومصادره العظيمة، وشعائره المقدسة، وهدي نبيه المصطفى الذي لا ينطق عن الهوى.
ومن أخطر ما يواجه الأمة اليوم من صور الغزو، ذلك الذي يستهدف الدين والعقل عن طريق صرف الأمة عن الكتاب والسنة وتهميش دورهما في الحياة، فتنصرف عن مقومات عزها ونصرها وتميزها، ثم تلتفت بقوة التلبيس، واستغلال الخوف والقلق من مشكلات العصر الصحية والنفسية إلى مصادر الأديان الأخرى، أو نظريات الشرق والغرب القائمة على معتقداتهم ونظرتهم للكون والحياة، ومن هنا ألفت نظر علماء الأمة الأفاضل، والعقلاء من التربويين والمفكرين إلى خطر داهم تمثل بصورة أراء وشعارات متنوعة الصور والتطبيقات تحمل معها عقائد دينية -غير معروفة عند الغالبية من المسلمين عامتهم وخاصتهم(1) ومذاهب فكرية، ومبادئ وقيم يتعارض أكثرها مع مقدسات ديننا وثوابت عقيدتنا، فتشوه صفاء الدين ونقاءه بما تخلطه معه من باطل، وإن بدت بعيدة الصلة عن الاعتقاد، مرتبطة بالرياضة والتغذية وأمور الحياة المادية، ومن ذلك كثير من آراء وتطبيقات الفكر الهندي والصيني الوافد لنا من بلاد الغرب، بعد اعتناق كثير من الغربيين له، حيث وجدوا فيه روحانيات يتعطشون لها بعد انغماسهم في الفكر المادي لقرون.
وقد كان مدخل كثير من تطبيقات هذا الفكر الصحة والسعادة، اللذان يشكلان أهم مطالب الحياة الدنيوية المادية، ولهذا دخلت تحت عناوين: الاستشفاء البديل، الطب البديل، الطب التكاملي (2) التناغم مع الطبيعة، اكتشاف الطاقة والقدرات، الرياضات الروحية، التأمل، التنويم، الاسترخاء، أو بأسمائها الصينية واليابانية والغربية «الريكي»، «التشي كونغ»، «اليوجا»، «التاي شي شوان»، «الماكروبيوتيك»، وغيرها، وهي في حقيقتها ممارسة عملية لأصول معتقدات أديان الهند والصين، والتبت من الهندوسية والبوذية، والطاوية والشتوية وغيرها.
وأغلبها تعتمد ما أسموه جهاز الطاقة في الإنسان، وفلسفة الطاقة عندهم ملخصها الظاهر أن في الكوة طاقة كونية كلية، يحتاج الإنسان إلى تدفقها في بدنه، للسلامة من الأمراض البدنية المستعصية، والوقاية من الاضطرابات النفسية والاكتئاب، وهو بحاجة ماسة لتعلم العلم الذي يعينه على تدفق هذه الطاقة الحيوية داخل جسمه عبر المنافذ الخاصة بها، مما يقيه أخطار العصر في زمن كهذا الذي نعيشه بكل إفرازات الحضارة المادية، من الاعتماد على المصنعات والكيماويات في الأغذية، ومن أنواع التلوث البيئي بسبب الحروب والأسلحة المدمرة ومخلفات الصناعة وغيرها. وزعموا أن الصينيين القدماء قد اهتموا بهذه الطاقة الحيوية، واستخدموها في طبهم ورياضتهم وغذائهم فأثبتت نتائج تدعونا -والحكمة ضالتنا- أن نسارع لتعلمها لتزيد إلى حسن ما عندنا حسن ما عند الآخرين! وانبرى لهذه العلوم فريق من أهل الإسلام -ممن ظاهرهم الخير والله حسيبهم- على حين غفلة عن حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، الذي غضب فيه على الفاروق عمر -رضي الله عنه- عندما ظن مثل ظن هؤلاء، ففي الحديث الذي أخرجه أبو يعلى عن خالد بن عرفطة قال: «كنت جالسًا عند عمر -رضي الله عنه- إذ أتي برجل من عبد القيس مسکنه بالسوس، فقال له عمر: أنت فلان بن فلان العبدي؟ قال: نعم، فضربه بعصا معه، فقال الرجل: مالي يا أمير المؤمنين؟ فقال له عمر -رضي الله عنه-: اجلس، فجلس فقرا عليه بسم الله الرحمن الرحيم ﴿الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ﴾ (يوسف: 1- 3)، فقرأها عليه ثلاثًا وضربه ثلاثًا، فقال الرجل: مالي يا أمير المؤمنين؟ فقال: أنت الذي نسخت کتب دانيال؟ قال مرني بأمرك أتبعه، قال: انطلق فامحه بالحميم والصوف الأبيض، ثم لا تقرأه أنت ولا تقرئه أحدًا من الناس، فلئن بلغني عنك أنك قرأته أو أقرأته أحدًا من الناس، لأنهكتك عقوبة، ثم قال له: اجلس، فجلس بين يديه، قال: انطلقت أنا فانتسخت كتابًا من أهل الكتاب، ثم جئت به في أديم، فقال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ما هذا الذي في يدك يا عمر، فقلت: يا رسول الله كتاب نسخته لنزداد علمًا إلى علمنا، فغضب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى احمرت وجنتاه، ثم نودي بالصلاة جامعة، فقالت الأنصار أغضب نبيكم -صلى الله عليه وسلم- السلاح السلاح، فجاؤوا حتى أحدقوا بمنبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال -صلى الله عليه وسلم-: «يا أيها الناس إني قد أوتيت جوامع الكلم وخواتمه، واختصر لي اختصارًا، ولقد أتيتكم بها بيضاء نقية، فلا تتهكوا، ولا يغرنكم المتهوكون»، قال عمر فقمت فقلت: رضيت بالله ربًا، وبالإسلام دينًا، وبك رسولًا، ثم نزل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-».
فكرة الطاقة الكونية
بديلة لعقيدة الألوهية
أما بطن هذه الفلسفات فشر محض، لأن فكرة الطاقة الكونية هذه تقوم على فلسفة بديلة للعقيدة الألوهية، ملخصها عند الطاوية «دين الصين القديم» أن كل ما في الوجود هو «الطاو»، فهو أصل كل الأشياء وإليه مرد كل الأشياء (3)، وأن كل ما في الكون تمثيل للطاو في ثنائية «الين» و«اليانج»، وكل ما في الكون يسعى للموازنة بين قوتي «الين واليانج»، حتى يتحقق التناغم مع «الطاو»، وفلسفة الطاقة عندهم ترمز إلى الدور الذي تلعبه القوى الثنائية المختلفة في الكون، فالين يمثل القمر والأنوثة والسكون والبرودة، واليانج يمثل الشمس والذكورة والحركة والحرارة، ويمثل «الطاو» التوازن المثالي بين هاتين القوتين والتكامل بين النقيضين الذكر والأنثى، والموجب والسالب وتسري هذه الثنائية في كل شيء، فجلد الإنسان يغلب عليه اليانج وداخله «ين»، وهكذا كل أعضائه الداخلية خارجها يغلب عليه اليانج وداخلها «ين»، وكذلك الأغذية وسائر الموجودات يغلب عليها إما «الين» أو «اليانج»، وتتم تغييرات قوى «الين واليانج» في الكون من خلال العناصر: «الأطوار، القوى، مجالات الطاقة الخمسة الخشب والنار الأرض والمعدن والماء»، فكل ما يحدث في الكون يمكن ربطه بالتوازن بين «الين واليانج»، أو العناصر الخمسة التي تعمل علي شكل حلقة متكاملة، كل عنصر يخلق عنصرًا، ويدمر آخر ما بينهما لإيجاد توازن «الين» و«اليانج».
وكلما حرص الإنسان على توازن «الين اليانج» في تغذيته وفي سائر أمور حياته، كان -حسب زعمهم- في صحة وسعادة وقوة وحيوية، تصل به لأن يتحد به «الطاو»، ويختلف اسم طاو حسب اللهجات أو الفنون أو اللغات، فيدل به كذلك اسم «كي» المستخدم في تطبيقات ريكي، واسم «تشي» المستخدم في تطبيقات التشي كونغ وغير ذلك، والجدير بالذكر أن هذه الصفات بأصولها الشرقية الدينية القديمة، وتطبيقاتها الشرقية والغربية الحديثة، تعتمد على إثبات ما يسمونه بالجسم الأثيري، الذي تقع فيه منافذ الاتصال بالطاقة الكونية وتسمى هذه المنافذ «الشكرات» (4) Chakras، ويتكون نظام الشكرات -بزعمهم- لدى كل إنسان من سبع شكرات رئيسة، هي مراكز للطاقة مرتبة على طول قناة الكونداليني (Kundalini) التي تمتد من قمة الرأس إلى نهاية العمود الفقري أو العصعص، وكل شكرة أشبه ما تكون بمكان التقاء قمع طاقة حلزوني دوار بالجسم الطبيعي «الجسد أو البدن»، ولهذه الطاقة خواص منها تنشيط المساحة المحيطة بها ووظائف أخرى محددة، وهذه الشكرات هي بؤرة طاقة الحياة لدينا، حيث تمثل ممرًا لدخول حركة طاقات أجسامنا البدنية والعاطفية والعقلية والروحية، ويتفرع منها ما يسمونه بالناديات أو الزواليات، وهي مسارات للطاقة متوزعة على سائر الجسم الأثيري مطابقة تقريبًا للأعصاب في الجهاز العصبي في الجسم البدني، ولكل شكرة عند الهندوس قوة، طاقة «صنم» خاص بها ذكر أو أنثى (5) ، ولون ونوع من الأحجار الكريمة والروائح وغيرها، ويزعمون أن معرفتها تعين الإنسان على المحافظة على توازن صحته وشفائه من الأمراض المستعصية واستقراره النفسي ونشاطه العقلي وحيويته، كما أن لهذه الشكرات تدريبات خاصة لضمان استمرار تدفق الطاقة الكونية فيها- بزعمهم- أنها تعقد من أجل التدريب على دورات متنوعة(6).
وتسعى هذه التطبيقات المعتمدة على فلسفة الطاقة في كثير من تمارينها، لتدريب الناس على ما يسمى بالاسترخاء للراحة والاستشفاء والوقاية من الأمراض بمختلف صورها، كما تستخدم «التنويم» كأسلوب علاجي للمرضى، ووقائي للأصحاء بهدف الوصول إلى مرحلة «النرفانا»، وهي المرحلة التي يحدث فيها خروج عن سيطرة العقل، يصل لها الشخص بالانهماك والتركيز في رياضاته الروحية، التي تؤهله لأن يتصف بصفات لا تكون إلا «للآلهة» وهي غاية ما يريده البوذي والهندوسي من تأملاته «عباداته»، وتسمى مرحلة «السمو» حسب مستويات حالات الإنسان التي وضعها الياباني «جورج أوشاوا»، أحد أبرز شخصيات هذا الفكر، ويسميها ممارسو التنويم مرحلة النشوة، وفيها يتم التعامل مع العقل اللاواعي وهي عند ممارسي التشي كونغ مرحلة الخلاء، وهي على الغالب مرحلة «الفناء» أو «السكر» عند الغلاة من المتصوفة. (7)
ومع الدراسة المستفيضة لهذه التطبيقات والأفكار الوافدة ظهر لي بما لا يدع مجالًا للشك:
صلتها بأديان الشرق عمومًا، والطاوية والهندوسية والبوذية خصوصًا، فالشكرات أصل مهم في معتقدات الهندوسية، والبوذية، والطاوية والشتوية، وكثير غيرها من أديان الهند والصين والتبت، كما أنها أصل في كثير من التطبيقات الرياضية والاستشفائية: كـ «الريكي» و«التشي كونغ»، و»اليوجا» «والماكروبيوتيك» (8) و»التاي شي»، بل وتدخل فلسفتها في تطبيقات التصميم والديكور »الفونغ شوي»، وعليها يعتمد مبدأ الاستشفاء بالأحجار الكريمة والأشكال الهندسية والألوان والروائح والإبر الصينية، وهذا ما جعل أستاذ علم الاجتماع د.دوجلاس تشونج بإحدى جامعات ولاية ميتشجان الأمريكية يقول: «كثير من الناس يمارسون «الشي كونغ» «والتاي شي شوان»، و«الإبر الصينية» يوميًا دون أن يعرفوا أنهم يمارسون الطاوية».
كثير منها مشوب بفكرة وحدة الوجود عند الصوفية الغالية، أو يوصل إليها، فالدعوة للوصول للنرفانا عند ممارسي التنويم، والدعوة للاتحاد بالعقل الكلي عند مدربي الريكي، ليست بعيدة عنها وإن لم يدرك هذا مشجعوها من المسلمين.
لفلسفتها صلة ظاهرة بكثير من أفكار ونظريات فلسفة الإغريق في نظرية العقل الكلي وطبائع الكواكب والنجوم وتأثيرات قواها على الكون والإنسان.
لكثير منها علاقة بأديان غربية حديثة كدين: »الموحدين الخلاصيين» و«الإنسانيين العلمانيين» (9)، واتباع مذهب »العلمولوجيا» ومذهب »العمر - العصر – الجديد» التي تدعو في جملتها لإنكار الخالق، وإثبات كلي واحد يتم الوصول له والاتحاد به بطرق منها توازن ثنائيات في الحياة.
لها صلة وثيقة بالمعتقدات التي برزت مؤخرًا في أمريكا والغرب لإحياء التراث الفكري كالهونا والويكا والدرودية والشامانية ومعتقدات الهنود الحمر، التي تنادي بفكرة «أمنا الأرض». وتتمركز حولها(Earth centered religon) وتتبنى فكرة الطاقة الكلية.
كثير منها يحمل في طياته من فكر دعاة وحدة الأديان، ومذهب النفعية والإلحاد شيئًا كثيرًا.
لا يخلو كثير منها من تشبه بعبادات أهل الجحيم وعاداتهم، كما في وضعيات استرخاء اليوجا التي هي عصب هذه التطبيقات، أو ادعاء القدرات الخارقة كالمشي على النار أو المسامير مما عرف به نساك الهندوس.
8. يهدف كثير من تطبيقاتها وملحقاتها لتعظيم شأن الإنسان وقدراته بصورة مبالغ فيها قد تصل -إذا قلت خبرة المدرب بمقاصد الدين- لتربية ما يسمى عند أصحاب مذهب القوة «مذهب نيتشه» بالرجل السوبرمان، الذي لا يحتاج بعد كل هذه القدرات لفكرة اعتقاد إله، فهو وحده يملك أمر صحته ومرضه وسعادته وشقائه، وإن مسه خير قال: إنما أوتيته على علم عندي.
أقول ذلك من مسؤولية تخصصي العلمي كباحثة في مجال العقيدة والأديان والمذاهب المعاصرة، ومن دراستي البحثية المتخصصة لأصول الإيمان بالغيب، وأهيب بعلمائنا الأفاضل من منطلق الغيرة على الدين وحماية جناب التوحيد، أن يرشدوا الأمة لأخطار هذا الطريق بمواعظهم الإيمانية ومنطلقهم العلمي السديد، فوراء دورات هذا العلم المنتشرة حاليًا بكثرة في بلاد المسلمين إخوة وأخوات أحسبهم يقصدون خيرًا، ولا يدركون خطورة هذا الطريق ومزلقه السحيق، كما أدعو طلبة العلم والدعاة وأئمة المساجد لأن يعرفوا حقائق هذه الأمور فيبتعدوا بأنفسهم عنها وعن استخدام ألفاظها، وعن محاولات طبعها بطابع الدين «أسلمتها» بالاستدلال بالنصوص الشرعية (10) على هذه الأمور التي اختلط فيها الحق بالباطل، وامتزج فيها بعض النفع الدنيوي بالضرر الديني الأخروي، كما أوصي بعدم الغوص في دراسة هذه الفلسفات ولو كان لتبيين حقيقة الباطل فيها واستخدامه للرد على أهلها أو المتبنين لها من المسلمين، فكما هو معلوم أن الإمام أحمد هجر الحارث المحاسبي عندما رد على المبتدعة بعلم الكلام، كما أن دراسة هذه الأفكار قد تلبس الحق على الدارس نفسه، ولهذا حذر السلف من مجالسة أهلها: «ولا تجالسوا أهل الأهواء، فإني أخشى أن يلبسوا عليكم دينكم أو يغمسوكم في ضلالتهم»، وأحسب أن بيان هذه الأصول التي أوردتها هنا كافي لتيقظ من في قلبه إيمان للفرار إلى الله توبة، وإلى دينه اعتصامًا، وعن أهل الجحيم خشية التشبه بهم واعتقاد فاسد دياناتهم والحشر معهم.
وأخيرًا: أكرر تحذيري من هذه الوافدات ذات الأصول العقدية وما يستجد في بابها من الصور والتطبيقات المتنوعة، فهذه صفحات الإنترنت، وشاشات الفضائيات تكشف كل آنٍ للناس مسوخًا جديدة من العلوم والفنون، تصدر أهلها وتبث سمها، وما العلاج «بخط الزمن وعلوم الذات الباطنية» الإيزوتيريك ببعيدة عما قام هذا التقرير ببيانه والتحذير منه.
وإنني قد بذلت جهدي في تقصي حقيقة هذه الوافدات من منطلق اليقين بقول الله سبحانه وتعالى: ﴿وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً﴾ (النساء: 89)، وقد يكون فيما كتبت شيئًا من الزلل والخطأ، فأستغفر الله العظيم منه، وآمل من إخوتي وأساتذتي أخذ الحق فهو أحق أن يتبع، وتنبيهي على الخطأ، فقد أبى الله العصمة إلا لكتابه وسنة نبيه، وما أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله.
الهوامش
ولهذا تسرع البعض -هداهم الله- بالفتوى بأن هذه الوافدات إنما هي: تطبيقات للصحة والرياضة يمارسها الناس من أي ديانة ولا حرج، شرط اليقين بأن الله هو النافع الضار وإنما هي أسباب كالأدوية الطبية المتنوعة.
تحت هذه المصطلحات اختلط الحابل بالنابل، فيذكرون الاستشفاء بالقرآن مما هو جو حق إلى جانب الاستشفاء بخواص أسماء الله وصفاته بطريقة بدعية، مع الاستشفاء بالأحجار ورياضات البوذيين والهندوس وفلسفات الطاويين وغيرهم مما هو باطل أو شرك..
عند ترجمة فكرهم إلى العربية يترجم البعض الطاو بـ الله أو God للتشابه الظاهر بين الفكرة والمعتقد في الإله، ولكن الصواب في فكر الطاويين أن الطاو ليس إلهًا بل يرفضون فكرة وجود إله، لأنه لا ضد له، إلا أن يكون هذا الضد هو الشيطان وهم ينكرون وجود الشر خارجًا عن كيان الإنسان.
كلمة سنسكريتية تعني العجلة (الدولاب) (Wheelor Vortex)
مفاد قولهم إنه لكل شكره إله ولما كانت فكر الألوهية ملغاة من معتقدهم فهم يستعيضون عنه بألفاظ أخرى «كقوة» أو «رمز» ونحو ذلك، وهذه النقطة علاقة الشكرات بالمعتقد، لا تذكر عن المعلمين والمدربين من المسلمين لهذه التطبيقات والعلوم ويضيفون بعض الجمل مثل بإذن الله عن إثبات نفع لهذه الشكرات كما يعرضون موضوع الجسم الأثيري - جهلًا منهم. على أنه حقيقة علمية.
كثرت هذه الدورات في الأونة الأخير ويذكر المدربون فيها أن كثيرًا من الدعاة وأئمة المساجد يلتحقون بها رغبة منهم في زيادة طاقتهم في الخير ومن ثم دلالة الناس على ما فيه خيرهم في الدنيا كجسر الإيصال ما فيه خيرهم في الآخرة معه، والشبهة التي يتذرعون بها الحكمة ضالة المؤمن، وأنتم أعلم بأمور دنياكم.
يقول أحد المدربين على فنون الاسترخاء والنرفانا: د هي التي يستشعرها المؤمن في قيامه بالليل أو في متعة سجوده أو في تكرار الذكر والحق أن المؤمن إن وصل بعبادته إلى هذه المرحلة، فليس حاله هذا هو الحال الأكمل، إذ ليس حال رسول الله له وكبار صحابته رضوان الله عليهم وإنما هو. حال اعتری كثيرًا من أهل التصوف وثبتت عنهم فيه شطحات أفضت بكثيرين منهم إلى القول بالحلول والاتحاد الذي هو غاية هذه المرحلة عند أهلها في الهندوسية والبوذية وغيرها.
الماكروبيوتيك علكم يطلق كثيرًا على اتباع نظام غذائي خاص، وهو في حقيقته نظام حياتي يجمع بين عناصر البوذية ومبادئ الحمية بعد أن طوره الفيلسوف الياباني جورج أوشاوا، فوضع أطر فلسفة الماكروبيوتيك جامعًا بوذية «زن» مع الطب الأسيوي وتعاليم النصرانية مع بعض سمات الطب الغربي، كما عرفها موقع www.cancer.org جمعية السرطان الأمريكية) على شبكة الإنترنت.
أود التنبيه على أن هناك حربًا لفظية كلامية، فهذه المصطلحات حسب الاستخدامات المعاصرة يراد بها معان ومفاهيم قد تشابه ما عرف سابقًا بمذهب العلمانية والإنسانية إلا أنها أصبحت اليوم أكثر اتساعًا من وجه، كما أنها علم على أديان جديدة في الغرب اليوم.
وقد فعل هذا كثير ممن أحسبهم من أهل الخير. هداهم الله - اجتهادًا وطبعت بهذا النهج كتب ورسائل منها على سبيل المثال: «التنويم ومقدمة بين الطب النبوي والماكروبيوتيك، وفيهما من تسويغ هذه الفلسفات وإعطائها الصيغة الشرعية الدينية ما يجعلها أكثر خطورة من الفكر الوافد ذاته الذي يتلقاه الناس بشيء من الحذر أو الشك ومنهم. هداهم الله من حاول التوفيق بين فلسفة الطاقة، والإسلام فزعم أن الصلاة والوضوء وسائر العبادات أفضل وسيلة التغذية جهاز الطاقة، وشحن الجسم بها، مضيفًا لهذا الزعم أهمية تعلم فنون فتح منافذها الشكرات ورياضات تسليك مساراتها، واتباع أنظمة التغذية الكفيلة بإحداث التوازن بين قوتي، الين واليانج ؟! ومنهم من تجاوز هذا ليبحث في خصائص الطاقة للأرض التي بنيت عليها الكعبة حتى كانت مهوى الأفئدة وخصائص الطاقة للأحجار تحت بئر زمزم ليستدل بذلك على فكرة باطلة عقلًا ونقلًا، فكرة تناغم الكون بطاقته مع جهاز الطاقة للإنسان في الجسم الأثيري؟ ولا شك أن للعبادات أثرًا في نشاط الجسم وصحته وحيويته، فقد دل على هذا النقل، وعرفه المؤمن في عبادته، ولكن الخطأ في جعل هذا الحق وسيلة لإثبات الباطل فلسفة الطاقة بكل أبعادها الصينية والهندية.
الوجبات السريعة تسبب الإدمان
ما أوجه الشبه بين الوجبات السريعة والمخدرات؟ ولماذا يحذر العلماء من أن الوجبات السريعة الدسمة والغنية بالدهون قد تسبب الإدمان بنفس الطريقة التي تسببها المخدرات وخصوصًا الهيروين؟
الجواب يأتي من بريطانيا، فقد توصل باحثون في جامعة برينستون إلى اكتشافات مثيرة، وضعوها في بحث يبين أن الإفراط في الأكل ليس بسبب نقص الإرادة والسيطرة على النفس، وإنما بسبب عوامل إدمان معينة.
وميزة هذا الكشف أنه إذا ثبت أن جسم الإنسان يصبح مدمنًا على الدهون والسكر فإن ذلك قد يساعد في تفسير معدلات البدانة المتزايدة، وبالتالي علاجها.
وجد الباحثون أثناء دراساتهم على حيوانات التجارب التي أطعمت غذاء يحتوي على ٢٥ سكر، أصيبت بحالة من القلق والاضطراب عند إزالة السكر، وأظهرت عددًا من الأعراض كالارتعاش واصطكاك الأسنان، وهي نفس الأعراض التي تصيب الإنسان عند انقطاعه عن النيكوتين أو المورفين.
ويعتقد العلماء أن الأطعمة الدسمة والغنية بالدهون تنشط إفراز كيماويات السرور والنشوة في الدماغ، التي تعرف باسم «الأفيونات» مما يعني أن بعض الحيوانات وحتى البشر قد يصبح أكثر اعتمادًا على السكريات والطعام الحلو، ويصبح الدماغ في هذه الحالة مدمنا على أفيوناته نفسها، بنفس مبدأ الإدمان على المخدرات، كما يعتقد أن السيطرة على الشهية تتم من خلال نظام معقد من الهرمونات ومواد أخرى ينتجها الجسم، وترى الدراسة الجديدة أن الكميات الكبيرة من السكر والدهون الموجودة في وجبة واحدة من الأطعمة السريعة، قد تخل بهذا النظام وتسبب الإفراط في نشاطه، وتزيد إفراز مادة «جالانين» الدماغية المحفزة للأكل، كما يصبح الإنسان البدين أكثر مقاومة لهرمون «لبتين» الذي تفرزه الخلايا لكبح الشهية وإرسال إشارات الشبع إلى الدماغ.
السمك.. للحماية من السكتة الدماغية
أكدت دراسة جديدة ما أظهرته دراسات سابقة من أن تناول السمك يقلل خطر الإصابة بالسكتة الدماغية، وثبت للباحثين أن تناول هذا الطعام البحري ولو بكميات قليلة ولمرة واحدة في الشهر، يحمي الرجال من السكتة بنسبة ٤٣% على الأقل.
ووجد العلماء في كلية هارفارد للصحة العامة بعد دراسة حالات أكثر من ٤٣ ألف رجل أن فوائد السمك على الجهاز الدوري والوعائي، التي تتحقق بتناوله عدة مرات أسبوعيًا، قد تتحقق أيضًا بعد تناول كميات قليلة، وعلى وجبات متباعدة.
وتقول الدراسة التي نشرتها مجلة الجمعية الطبية الأمريكية مؤخرًا، إن الرجال الذين تناولوا بين ٣ و5 أونصات (۱۰۰- ۱۵۰) جرام من السمك لمرة واحدة إلى ثلاث مرات في الشهر تعرضوا لخطر أقل للسكتة الدماغية بحوالي 43% خلال ١٢ سنة من المتابعة، ولم يزد الانخفاض على هذه النسبة عند الرجال الذين تناولوا السمك بصورة متكررة، مما يشير إلى أن الكميات الصغيرة فعالة كالكميات الكبيرة.
كانت دراسة مشابهة نشرت في المجلة نفسها العام الماضي، قد أظهرت أن النساء اللاتي يستهلكن أربع أونصات من السمك مرتين إلى أربع مرات أسبوعيًا يتعرضن لخطر أقل للسكتة بنسبة ٤٨%، كما بينت وجود انخفاض ملحوظ في هذا الخطر عند السيدات اللاتي تناولن الأطعمة البحرية لمرة واحدة أو أقل أسبوعيًا أيضًا.
وتوصي الإرشادات الغذائية الصادرة عن جمعية القلب الأمريكية، بتناول وجبتين من السمك كل أسبوع، للحصول على المقدار الكافي من الأحماض الدهنية «أوميجا – ٣» التي تقلل مستويات الشحوم في الدم، وتمنع التخثر، وتحمي من أمراض القلب الوعائية.
ولفت الأطباء إلى أن السمك يقلل خطر الإصابة بالسكتات الأسكيمية والتخثرية، لكنه قد يزيد خطر السكتات النزيفية بسبب خصائصه المضادة للتخثر، كما يحصل عند شعب ألاسكا الذين يكثرون من تناول الأسماك، لكن الأنواع النزيفية غير شائعة الحدوث والحمد لله.
والفول السوداني يقاوم السكري والأرق
أفادت دراسة أجراها باحثون في كلية هارفارد الأمريكية للصحة العامة، أن تناول مقدار من الفول السوداني «يعرف أيضًا بالفستق» أو زبدته عدة مرات أسبوعيًا، يقلل خطر إصابة البالغين بداء السكري بدرجة كبيرة.
وأوضح علماء التغذية أن السوداني كميات كبيرة من الدهون غير المشبعة والمواد الطبيعية الأخرى التي تساعد على استقرار نسبة السكر وهرمون الأنسولين في الدم، الأمر الذي يخفض خطر الإصابة بسكري النوع الثاني الذي يعاني منه ١٣٥ مليون شخص في العالم.
وبعد متابعة العادات الغذائية لحوالي ٨٤ ألف امرأة في الولايات المتحدة تراوحت أعمارهن بين ٣٤ - ٥٩ عامًا، لمدة ١٦ عامًا، لم تكن مصابات بالسكري أو أمراض القلب أو السرطان في بداية الدراسة، وجد أن السيدات اللاتي تناولن ۲۸ جرامًا من الفول السوداني خمس مرات أو أكثر أسبوعيًا، قل خطر إصابتهن بالسكري بنسبة ۲۷%، مقارنة مع اللاتي لم يتناولنه بينما قلل تناول نفس الكمية من مرة إلى أربع مرات أسبوعيًا، نسبة الإصابة بحوالي ١٦%.
وكان أطباء مصريون قد كشفوا عن أن الفول السوداني يحتوي على علاج فعال يمنع تساقط الشعر، ويحمي العضلات من الضعف، ويقوي الذاكرة، ويقاوم الإحساس بالحزن والأرق.
وأشار الباحثون في المركز القومي المصري للبحوث، وكلية العلوم بجامعة الأزهر، ومعهد بحوث الأغذية مصر، إلى أن السوداني يحتوي على العديد من المكونات الفعالة وبعض الفيتامينات التي تلعب دورًا مهمًا في المحافظة على سلامة الجهاز العصبي وتنشيط الهضم، وخصوصًا الكربوهيدرات، مثل فيتامين (ب ۳) أو النياسين الذي يقي الجسم من المشكلات الصحية والجلدية والهضمية والعصبية، مشيرين إلى أن تناول ملعقتي طعام من الفول السوداني يضمن للجسم حصوله على 7% من حاجته اليومية من البوتاسيوم، و٦% من الحديد وأكثر من ٣% من الكالسيوم، وأكثر من ٨% من الفوسفور، كما تعطي الجسم ١١٥ ميلليجرامًا من الكبريت الذي يفيد في تحويل مخلفات الهضم الضارة إلى مركبات يمكن التخلص منها وطرحها إلى خارج الجهاز الهضمي.