العنوان صفحات من دفتر الذكريات- طريق الجزائر (106): نهاية الاعتقال واستمرار المحاكمة
الكاتب الدكتور توفيق الشاوي
تاريخ النشر الثلاثاء 23-يوليو-1996
مشاهدات 12
نشر في العدد 1209
نشر في الصفحة 48
الثلاثاء 23-يوليو-1996
لقد تدخل القدر مرة أخرى، فهذه من أعاجيب القدر في هذا الموضوع، والتي أريد أن أسجلها وأعترف بها.
اقترب موعد الحج ويئسنا من الوصول إلى جدة لأداء هذه الفريضة، تدخل القدر لصالحنا مرة أخرى أثناء وجودنا بالسجن فقد تسربت لنا أخبار عن ضبط كتب مشحونة للملكة العربية السعودية في مطار بيروت، وأنها كانت مرسلة على أنها كتب مدرسية لكن تبين أنها كتب إسلامية معدة للتوزيع في الحج وأشارت الأخبار إلى أنه كان هناك بعض من يطبعون ً في بيروت لكي يتم توزيعها في الحج، وأن أحد المتورطين في هذه العملية كان يحمل اسمًا مشابهًا لاسم رئيس الجمهورية في ذلك الوقت شارل الحلو، ولا أعرف أي «حلو»؟!
ولكن الذي حصل أن الرجل كان مكلفًا بنقل هذه الكتب من بيروت إلى جدة بالطائرة باعتبارها كتبًا مدرسية، وكانت الكتب في المطار، وحصل أن أحد الصناديق الموجود بها الكتب وقعت على الأرض وانكسرت وفتحت الكتب، وعرفت أنها ليست كتبًا مدرسية، وإنما هي كتب دعاية ضد النظام المصري واشتراكيته الماركسية في ذلك الوقت، ولما فتح هذا الصندوق وعرف الشخص الذي يقوم بالعملية، وأنه مسيحي «حلو» وليس من الإخوان المسلمون، هنا اضطرت الحكومة اللبنانية أن تقفل الموضوع، وطبعًا لم تقفله مرة واحدة، وإنما صودرت الكتب في المطار، ونشر في الصحف أنه ضبطت كتب للإخوان المسلمون على الطائرة الذاهبة إلى السعودية، والحقيقة أن المحقق والحكومة كانت تعرف أنه لا علاقة لها بالإخوان، لأنه ثبت يقينًا أن القائم بالعملية نصراني وماروني يحمل اسم عائلة رئيس الجمهورية، وليس من الإخوان المسلمون ولذلك فإن الحكومة بدلًا من التوسع في التحقيق أثرت قفله والإفراج عنا وطردنا من لبنان مع احتفاظها بحقها في محاكمتنا والحكم علينا غيابيًا بقصد المساومة بعد ذلك على الحكم الصادر ضدنا وكانت الحيلة مكشوفة ومفضوحة.
في نظري أن هذا الحادث هو الذي أدى إلى إخراجنا من السجن، وهذا دليل آخر على أن إرادة الله تعالى في هذا الموضوع أدت إلى أن تفشل القضية من أولها إلى آخرها في جميع مراحلها حتى اضطرت الحكومة اللبنانية أن تفرج عنا قبل أن تحصل من الحكومة السعودية على ما كانت تطلبه فيما يتعلق بالاتفاق التجاري، ولكنها مع ذلك أصرت على استمرار محاكمتنا لكي تكون المحاكمة وسيلة ضغط على السعودية، وكان واضحًا أنها أصرت على صدور حكم علينا غيابيًا، واتخذوا جميع الإجراءات لإبعادنا، لكي تجري المحاكمة والحكم غيابيًا، لأنهم طردونا من لبنان وحرموا علينا دخولها، واستعملت جميع الوسائل الإطالة أمد المحاكمة أملًا في تدخل السعودية، لكنها لم تكترث لذلك، وأصرت على مطلبها بتغيير الوزارة ونجحت في ذلك، ولكن بعد صدور الحكم ضدناً بالسجن سنتين لكل منا، وكان هذا هو النجاح الذي حققه مديرو المؤامرة والمستفيدون منها.
خروج من لبنان:
كان خروجنا بعد شهرين فيما أعتقد، وكان خروجي في يوم وقفة عيد الأضحى مع أنني كنت ذاهبًا للحج، وكان المفروض أن أخرج قبل يوم الوقفة حتى أستطيع الذهاب إلى الحج، وكان يمكنني أن أؤدي الحج لو كانوا أخرجوني قبل ذلك بيوم واحد، لم نستطع أن نخرج كلنا في يوم واحد، لأنه كان المشروط علينا ألا نخرج من السجن إلا إلى المطار بحجة أنهم أصدروا قرارًا يمنعنا من دخول لبنان، كان السجن ليس جزءًا من لبنان، وهذا ترتب عليه أن خرجت متأخرًا عن زملائي بيوم أو بيومين لا «أذكر» قضيتهما وحدي في مركز الشرطة.
كان لا بد أن يخرج كل واحد منا من السجن إلى المطار مباشرة بالنسبة للأستاذ عمر توجه إلى المغرب حيث كان له أصدقاء هناك، وأصدقاء عديدون في بيروت قاموا له بإجراءات السفر، والأستاذ عصام العطار توجه إلى الكويت أو الأردن، ورتب له ذلك محاميه الشاب الأستاذ محمد علي ضناوي، وبالنسبة لزيد بن علي الوزير فلا أذكر أين ذهب بالضبط، وكنت آخر من غادر غرفة الحجز البوليسي التي نقلونا إليها، لأن إجراءات سفري لم يكن هناك أحد متفرغ لها، واعتمدت على الأستاذ محمد علي ضناوي، بعد أن أتم إجراءات سفر زملائي.
كان لكل واحد من هؤلاء الزملاء الثلاثة أقارب وأصدقاء يقيمون في بيروت، أما أنا فلم يكن أحد من المصريين المقيمين هناك يجرؤ على الاتصال بي أو السؤال عني، لكن الإخوان السوريين واليمنيين قاموا بواجبهم في ترتيب السفر لي بعد خروج زملاني وسفرهم، إذ كان لابد أن يحجز لي بالطائرة، ولم يكن ذلك سهلًا لي وأنا في السجن، ومن حسن الحظ أنه تولى كل ذلك محام شاب هو الأستاذ محمد علي ضناوي الذي قام أيضًا بكل الإجراءات السفر الأستاذ «عمر الأميري»، والأستاذ «عصام العطار»، وتعهد بالحجز لي بعد أن خرجا، وبقيت أنا في الحجز بعدهما بيومين، وهو مكان آخر غير السجن ويشبه السجن المركزي التابع لقسم البوليس.
في هذا المكان الذي حجزنا به على ذمة البوليس صادفتني مفاجأتان، كان لهما آثار بعيدة بعد خروجي من لبنان، ولذلك سأفرد لكل منهما حديثًا منفصلًا فيما بعد.
أول هاتين المفاجأتين: الفتى الفلسطيني الصغير الذي وجدناه عند دخولنا هذا المكان.
والثانية ذلك الدكتور الهندي «الصديقي» الذي ألقي به في الحجز وتركته في يوم خروجي منه، وقد شغل بحديثه مع ذلك الصبي اللاجئ الفلسطيني المسكين، ولذلك لم يكن لدي الوقت لأستمع إلى قصته، ولكنه وعد بالحضور إلي في جدة في أول فرصة ممكنة، وقد جاء فعلًا للعمرة وقضى معي أيامًا سعيدة تمتعت فيها بالحديث معه عن زميلة ومواطنه «صادق» ومغامراته في أرض الهند وبحار العرب، ومستنقعات الاعتقال والسجن الحربي والتعذيب التي شهدها معنا في مصر، ووعدني بأن يرسل لي كراسة سجل فيها كل ذلك، وبر بوعده ولا بد أن أقدمها للقارئ كاملة كما كتبها، لأنه ختمها بقوله: «إن لقاءه مع هذا الصبي اللاجئ الفلسطيني المضطهد كان أعظم درس في تجاربه وتأملاته، لكي يصل إلى مرتبة المعرفة التي هي المرحلة الأخيرة للوصول إلى «الحقيقة» التي عشقها كما عشقها قبله كثيرون من فقراء الهند وفلاسفتها، وكما كان يعشقها زميله صادق.
خرجت من الحجز مع المحامي الشاب، ومع الحارس الشرطي إلى المطار، وركبت الطائرة وفوجئت عندما ركبت الطائرة بأنني وجدت فيها الشيخ أحمد زكي يماني وكانت مفاجأة سارة لي وله، وصلت إلى جدة ليلة العيد في المساء الساعة العاشرة ليلًا ونزلت في فندق «الكندرة» قرب المطار، وكان هادئًا خاليًا، لأن نزلاءه أغلبهم ذهبوا للحج وفي يوم العيد خرجت وحدي أتجول في شوارع مدينة جدة، وكانت أيضًا خالية لأن أكثر سكان للحج وضيوفها كانوا في عرفات أو مكة يحجون أو يعملون في خدمة الحجاج. كان هذا عيدهم، أما أنا فكان عيدي أنني غادرت لبنان، ووصلت إلى الأراضي المقدسة لأقضيه وحيدًا، وقد تذكرت عند ذلك أنه يسمى «عيد الضحية» ضاع علي الحج ذلك العام، وقضيت عيد الأضحى وحيدًا في جدة، اكتشفت أن مدينة جدة في تلك المناسبة تكون خالية تقريبًا ليس فيها حركة ولا نشاط، ولا يبقى بها إلا من لا عمل له أو العجزة أو ما شابه ذلك، والحوانيت مقفلة، وكل شيء معطل في ذلك اليوم يوم عيد الأضحى.
لقد كان هذا العيد يومًا لا أنساه، لم يكن هناك أحد ممن أعرفهم أستطيع أن أتصل به تليفونيًا أو أراه، فضلًا عن أنني وصلت دون أن تكون معي نوتة «التليفونات»، بل ولا حقيبة أوراقي التي ذكرت أنني سلمتها للأستاذ عمر الأميري يوم اعتقالي.
خرجت أتمشى لأرى جدة في ذلك اليوم، ووجدت البلدة نائمة وخاوية، وذكرني منظرها بمنظر إحدى زرتها عندما مررت بها في طريقي ١٩٥٤م وتوقفنا بمركبنا أمام عاصمة ونزلناها، وكان منظرها مؤلمًا، ليس حولها زراعة ولا شيء بها يشبه الصناعة أو التجارة، أهلها يسكنون في وسط الصحراء لمجرد السكن، وهناك قطع أرض مهداة من النيل عندما ينخفض، وأشياء أخرى لا تكفي إلا الإعاشة، وكل الرجال القادرين على العمل يتوجهون إلى مدن مصر للعمل فيها ابتداء من الإسكندرية إلى القاهرة إلى غيرها من قرى النوبة التي للخرطوم عام النوبة المدن في مصر، وكان الذين يعيشون في القرية هم النساء والأطفال والشيوخ والعجزة فقط، وكانت القرية لا حياة فيها ولا نشاط، ولا شيء إلا البيوت أو بعض الخيول أو الدواب كالحمير، ولا تجد في الطريق إلا شيخًا أو امرأة أو طفلًا، وهذا ما شاهدته في جدة ذلك اليوم، وربما كانت هذه هي المرة الوحيدة التي أمضيت فيها عيد الأضحى في جدة وطبعًا كان هذا قبل التضخم المالي الناتج عن ارتفاع أسعار البترول وكثرة الأموال التي مكنت جدة من أن تتسع، وأن يحضر إليها عدد كبير من الأجانب الأغراض أخرى غير الحج، وبذلك تغير الحال عما رأيته في ذلك اليوم، إنني لم أجد في ذلك اليوم غير الفندق وبعض نزلائه فقط وبعد يومين اتصلت بمن حضروا للحج من أصدقائي الذين فوجئوا بوجودي.
كنا نظن أن خروجنا من السجن معناه إنهاء القضية، ولكنني فوجئت بأن التحقيق قد انتهى وأننا قدمنا للمحاكمة، وأعلنوا قائمة اتهام عجيبة لم أكن أتوقعها، ذلك أنهم لم يجدوا معنا شيئًا يمكن أن يكون جريمة أو دليلًا على أي شيء فاضطروا إلى أن يدخلوا معنا ثلاثة أشخاص لم يرد ذكرهم أثناء وجودنا في بيروت، ولم نرهم أولهم الشيخ زهير الشاويش، صاحب المكتب الإسلامي في بيروت، وهو سوري وله علاقة أخوية وشخصية بالأستاذ عصام العطار باعتباره من الإخوان المسلمون في سوريا، ولم يكن موجودًا في لبنان أثناء اعتقالنا، وبقي في الأردن فيما أعتقد لكنهم فتشوا مكتبه ومنزله، وضبطوا بعض الكتب المنشورة من قبل والتي توزع في لبنان وغيرها منذ زمن بعيد دون أي اعتراض منها كتاب ألفه أستاذ سوداني ولا أذكر عنوان هذا الكتاب ولا اسم المؤلف السوداني الذي أضافوه القائمة الاتهام ولكني علمت بعد خروجي أنه كان عضوًا في مجلس النواب السوداني في ذلك الوقت، وأظن الكتاب ربما كان فيه كلام عن التبشير، وجدوا فيه شيئًا لا يعجبهم أو على الأقل ظنوا كذلك مع أنه ليس فيه شيء يصلح موضوعاً للاتهام.
الكتاب الوحيد في حقيبتي:
أما الثالث فهو مسيحي لبناني، وهو السيد «معكرون» الذين ألف كتاب «أقسمت أن أروي» الذي أشرت إليه من قبل، وقد طبع ونشر في بيروت قبل اعتقالنا بثلاث سنوات، وطبع هذا الكتاب كالعادة كما تطبع كتب الدنيا كلها في بيروت حتى بدون إذن مؤلفيها، وبدون علمهم، بل رغم معارضتهم في بعض الأحيان من باب الاستغلال، هذا هو الكتاب الوحيد الذي وجدوه في حقيبتي، ولم يكن فيه أية شبهة، لأن مؤلفه لبناني ماروني، ونشر كتابه ووزعه في العالم كله منذ عدة سنوات دون أي اعتراض ادخلوا هؤلاء الثلاثة في القضية، وبعد أن كانت القضية الأربعة أشخاص صار المتهمون سبعة، والظاهر أن تضخيم القضية كان داخلًا في عملية المساومة مع المملكة العربية السعودية التي أشرت إليها من جانب بعض المسؤولين في لبنان، ولا أعرف من هم ولكن الذي أعرفه أنني علمت أنهم كانوا يريدون إدخال الشيخ الصواف في القضية بحجة أنه نشر كتابًا له يهاجم التبشير، ولكن أحد مستشاريهم نصحهم بعدم التعرض له حتى لا يثيروا السلطات السعودية التي كانوا يأملون في إقناعها بالموافقة على تجديد الاتفاق التجاري بعد خروجنا.
سمعت في الصحف كلامًا كثيرًا عن مشكلة تجديد الاتفاق بين المملكة العربية السعودية ولبنان وأن الملك فيصل وضع شروطًا وجدها اللبنانيون تقلل من الامتيازات التي كانوا يحصلون عليها تقليديًا، وكان مقصوده من ذلك الضغط على المسؤولين في لبنان لتغيير الوزارة القائمة، لأنها ذات ميول ناصرية تشجع كل من يعمل ضد السعودية أو يشهر بها، وقد نجح في ذلك فعلًا. واستقالت حكومة رشيد كرامي الناصرية وجاءت حكومة أخرى يرأسها السيد صائب سلام، بدون علمنا، ولسوء حظنا دخلت قضيتنا في ميدان المساومات السياسية، وطال اعتقالنا لأننا دخلنا رغم أنفنا كإحدى أوراق اللعبة، لعبة التنافس بين مصر والسعودية التي كانت لبنان أهم ميادينها ثم النزاع بين السعودية ولبنان على تجديد الاتفاق.
كانت الحكومة اللبنانية أثناء القبض علينا برئاسة السيد رشيد كرامي الذي كان يتمتع بثقة أنصار الحكم الناصري في مصر، ولذلك كان عملاء المخابرات المصرية يتمتعون بحرية كبيرة في العمل استغلوها لإعداد الكمين لاختطافي، ثم تحويل الاختطاف إلى اعتقال وتحقيق، ثم إن الحكومة ذاتها دخلت اللعبة، وحاولت استغلال عملية الاعتقال بتحويله إلى تحقيق ثم محاكمة تتخذها فرصة لإطالة الاعتقال وتغذية حملة التشهير ضد التضامن الإسلامي، والمملكة العربية السعودية، والإخوان المسلمون، لإرضاء بعض العناصر الناصرية في لبنان، وخارج لبنان، وكانت المخابرات الناصرية تنفق أمولًا طائلة للتشهير بالإخوان، لتغطية جرائم التعذيب وحملة الاضطهاد الوحشي الذي تمارسه السلطات العسكرية في مصر، وشغل الرأي العام عن أخبار المجازر الوحشية التي ترتكبها أجهزة المخابرات في مصر بالكلام عن اعتقالات بعض الإخوان في لبنان ومحاكمتهم.
ومن جانب الحكومة السعودية، لم تكن قضيتنا إلا أمرًا ثانويًا، وكان المهم في نظرهم هو التخلص من الحكومة اللبنانية الموالية للنظام الناصري المعادية لهم، لذلك اتخذوا تجديد الاتفاق التجاري وسيلة للضغط على المسؤولين في لبنان، ولم يكن لقضيتنا في نظرهم الأهمية التي تريد الحكومة اللبنانية أن تعطيها لها، والتي اتخذتها وسيلة للتشهير بالسعودية والضغط عليها، لذلك علمت من بعض مستشاري الملك فيصل أنهم نصحوا بعدم إبداء أي اهتمام بهذا الموضوع أو التدخل فيه.
وقد قال لي ذلك أحدهم، عندما عاتبته على عدم تدخل السفارة السعودية لصالحنا، فاعترف بأنه كان من بين الذين نصحوا الحكومة السعودية بذلك، وأن كثيرًا من الإخوان الذين جاءوا للحج قد حاولوا إقناعه بالتدخل لدى المسؤولين في الحكومة السعودية، لكنه «أفتى» بأنه لا مصلحة للسعودية في ذلك، رغم أن القضية والتحقيق قد استغلتهما العناصر الموالية للحكم الناصري لتغذية حملتهم المسعورة ضد ما يسمونه و الحلف الإسلامي، وهو التعبير الناصري الذي اختاروه لمهاجمة دعوة الملك فيصل المؤتمر قمة إسلامي وليس فقط ضد «الإخوان المسلمون».
معنى ذلك أن الإفراج عنا لم يكن إرضاء للسفارة السعودية، ولا السفارة المغربية، وإنما تبين لي فيما بعد أنه قصد به إخراجنا من لبنان حتى تستطيع العناصر التي دبرت لنا الكمين أن تطبخ قضية تغذي الحملة الإعلامية الناصرية ضد التضامن الإسلامي وتفتح للقضاء بابًا واسعًا للحكم الغيابي ضدنا، لأن القضاة لا يترددون كثيرًا في إصدار حكم غيابي، لأنهم يعتبرون الأحكام الغيابية مجرد أحكام تهديدية تسقط عند تقديم معارضة من المحكوم عليه عند حضوره، وهذا هو ما حدث فعلًا بالنسبة لصديقنا الشيخ زهير الشاويش، إذ إنه حضر إلى بيروت بعد مدة، وقدم معارضة في الحكم فسقط وحكم له بالبراءة، وكان من المتوقع أن يحدث لكل منا ذلك بعد أن تهدأ الحملة المصطنعة ضد التضامن الإسلامي والسياسة السعودية، لولا أن الحكومة التي خلت- وزارة السيد رشيد كرامي- اختارت طريقًا أسهل هو إدخالها في نطاق قرار سابق بالعفو الشامل.
(*) أستاذ القانون الدولي السابق – جامعة القاهرة.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل