; صفحات- من سجل الاحتلال الصهيوني الغادر | مجلة المجتمع

العنوان صفحات- من سجل الاحتلال الصهيوني الغادر

الكاتب محمد عبدالرازق السعيد

تاريخ النشر الثلاثاء 13-يناير-1981

مشاهدات 10

نشر في العدد 511

نشر في الصفحة 12

الثلاثاء 13-يناير-1981

تَقرير شَامل يتنَٰاول أوضَٰاع السُّكان العَرب في مَدينة يَٰافا

نقدم التقرير التالي صورة حية أو جانبًا من حياة الهوان التي يحياها عرب يافا في ظل الاحتلال... نسوقها إلى دعاة التطبيع والتعايش السلمي مع «اليهود»؛ لنبين كيف سلب المحتلون الصهيونيون الديار... وسرقوا الأرض... واستولوا على المنازل... وحولوا سكان البلاد الأصليين إلى «طائفة» تطالب بأبسط مقومات الحياة العادية للإنسان...

ترى ليؤمل منهم خير... وينتظر منهم أن يحيلوا الأنهار عسلًا... والفقر غنًى... والجهل معرفة... والأمراض صحة وعافية!

أنها أحلام المخدوعين باليهود... المضللون بالمكر الصهيوني الخبيث!...

• العربي في يافا يعيش بلا بيت يليق بإنسانيته!

• هبوط مستوى التعليم بين أبناء المسلمين في يافا... ليدفعوا إلى عالم الجريمة.

• افتقار الجيل العربي في يافا إلى الرعاية الصحية والنوادي الاجتماعية 

• أبشع أساليب العدوان الصامت في دولة العدوان المسلح.

من مدينة عربية... إلى حي عربي

في العدد الصادر يوم 21/ ۳/ 1980 من الملحق الأسبوعي لجريدة هآرتس اليهودية في فلسطين كتب يعقوب حبكوك يقول: يعيش ١٥ ألف عربي في مدينة يافا، ويقطن معظمهم بحي العجمي الممتد من شارع «يهودا هيميت» شمالًا إلى جبهات عليا في الجنوب، ومن شاطئ البحر غربًا إلى شارع يافا شرقًا. لقد انقضى ثلاثون عامًا على توحيد يافا مع تل أبيب، ولكن شيئًا لم يتغير في يافا. فهي مدينة مهملة تمامًا باعتراف سكانها أنفسهم، ويبرز الإهمال في كل زاوية وكل منزل في حي «العجمي». المنازل قديمة، وجدرانها متصدعة، وقصارتها منهارة، بالإضافة إلى عدد كبير من المنازل شبه مهدومة، تحيطها أكوام من الحجارة التي كانت في يوم من الأيام جزءًا من هذا المنزل أو ذلك.

وينقل المحرر اليهودي حديثًا على لسان مرافقه في الجولة، الذي يطلعه على معالم الحي العربي في يافا التي أهملها اليهود؛ لينعشوا على حسابها تل أبيب والأحياء التي يقطنها اليهود في يافا العربية.

الجريمة تتفشى في يافا العربية.

«سار محدثي ببطء على الطريق الضيق المتعرج بين المنازل، ثم توقف بعد ذلك؛ ليلفت انتباهي إلى مكرهة صحية، وقال: إن هذا ما نعيشه يوميًّا، فسيارات الشرطة تطارد تجار المخدرات بعد أن تحولت المدينة إلى وكر للمجرمين». وهكذا تنقل الصحيفة اليهودية هذا الاعتراف، وهذه الصورة عن المدينة التي تعمل قوات الاحتلال جاهدة على إهمالها؛ لتحولها إلى مباءة للفساد، وتبدل وجهها إلى وجه كالح؛ حتى يفارقها أهلها، ويهجروا منازلهم فيها؛ ليحل اليهود محلهم، ويسرق بيوتهم بعد أن سرقوا أرضهم، واستولوا على ديارهم.

مشكلة السكن والبيوت الآيلة للسقوط.

ويضيف المتحدث المرافق لمحرر الصحيفة اليهودية قوله: ماذا ينقصنا في يافا...؟ إننا نعاني من نقص في المساكن ومشاكل في التعليم ومشاكل داخل الطائفة «العربية!» ،كما نعاني من وجود المجرمين في يافا.

وهكذا وبكل بساطة يحول اليهود أصحاب البلاد الأصليين إلى «طائفة» تطالب بالإنصاف، وتبحث عن أبسط مقومات الحياة. كما ورد على لسان المتحدث الذي يعود إلى الحديث، فيقول:

«إن عرب يافا لم يعودوا قادرين على الرضوخ لواقعهم، وكثير منهم لم يعد باستطاعتهم الاستمرار في الصمت الذي استغرق ثلاثين عامًا. فالاستسلام لم يحل مشاكلهم؛ بل ساهم في تعقيدها».

وينقل المحرر اليهودي على لسان عربي من سكان حي العجمي قوله: إننا نشعر في قرارة أنفسنا بأن السياسة الرسمية للحكومة الإسرائيلية تهدف إلى إخراجنا من الحي الذي نعيش فيه، وكل منزل يخليه سكانه خوفًا من التصدع أو هربًا من الأوضاع غير الصحية وغير الآمنة؛ تشتريه شركات الإسكان «حلميش» أو «عميدار»، وتهدمه بدلًا من أن تنقل إليه عائلة عربية تعيش في منزل آخر، ولكن في حالة أسوأ. فشركات الإسكان تبتاع المنازل الصالحة للسكن نوعًا ما، وتقوم بهدمها، وقد أدت سياسة الهدم هذه إلى وجود نقص في المساكن في الحي العجمي. إن بضع مئات من العائلات العربية تعيش حاليًّا في منازل قديمة وخطيرة، صدرت ضدها أوامر بالهدم؛ مما أضطر البلدية إلى إقامة ثلاثين وحدة سكنية بالقرب من مستشفى «دونولو»، ولكن هذه الوحدات ما زالت خالية حتى الآن؛ لأن غرفها قليلة العدد وصغيرة الحجم، ولا تناسب العائلات العربية التي يكثر أطفالها عادة، هذا بالإضافة إلى أن البلدية قد اكتشفت في الآونة الأخيرة عيوبًا في هذه المساكن، وقامت بإجراء الإصلاحات عليها.

إن الصعوبة التي يواجهها سكان يافا في حي العجمي قد أرغمتهم على الخروج من الحي والبحث عن أماكن سكن أخرى خارج هذا الحي. ولكن هذا الأمر ليس سهلًا كما يبدو؛ لأن أصحاب البيوت اليهود يرفضون تأجير منازلهم للعرب؛ مما اضطر بعض العرب إلى تغيير أسمائهم إلى أسماء عبرية؛ ليتمكنوا من الحصول على مساكن لهم في البيوت التي يمتلكها اليهود.

ويستمر المتحدث من سكان حي العجمي في حديثه ليقول: أما الأشخاص الذين فشلوا في الحصول على مساكن خارج الحي، فقد اضطروا في النهاية إلى العودة إلى حيهم القديم هذا، وقد تقدم عدد من سكان يافا العرب إلى شركة البناء البلدية - الحكومية «حلميش» يطلب بناء مساكن لهم لحل مشكلة السكن، ولكن شركة «حلميش» إجابتهم بأنها لا تستطيع البناء؛ لعدم وجود أراضي كافية، وأنها ستقوم بالبناء لمن يضع تحت تصرفها قطع أرض مناسبة. ومثل هذا الشرط يحول دون حصول عرب يافا على منازل؛ لأنهم لا يملكون أرضًا. وهكذا وبعد أن استولت السلطات اليهودية على الأوطان، وسرقت الأراضي، تضع شروطًا لسكان البلاد الأصليين؛ ليعجزوا عن تحقيقها، ويظلوا في ديارهم وأرض آبائهم وأجدادهم بلا مأوى.

الأطفال المسلمون في يافا... بلا مدارس

ويضيف التقرير الذي نشرته مجلة هآرتس: «أن مشكلة السكن التي يعتبرها عرب يافا المشكلة الأولى من حيث الأهمية ليست المشكلة الوحيدة، فمشكلة التعليم لا تقل خطورة عن مشكلة السكن، وتوجد في حي العجمي مدارس حكومية ومدارس خاصة.

والمدارس الخاصة التابعة للأديرة خاضعة للمراقبة، ويتولى أصحابها المسؤولية عنها، فمثلًا قرر المسؤولون عن المدارس المسيحية رفع رسوم التعليم بالنسبة للطلاب ومعظمهم من المسلمين، الأمر الذي جعل الطلاب يضطرون للانتقال إلى المدارس الحكومية، غير أن بعضهم فضل الخروج إلى الشارع».

 وقد نقلت الجريدة اليهودية على لسان معلم عربي قوله: إن المدارس العربية في يافا مقامة في أماكن غير ملاءمة، وتفتقر إلى المرافق الحيوية. وهناك نقص كبير في الصفوف؛ مما يرغم المعلمين على إبقاء نصف الطلاب خارج الصفوف، وعلى تقسيم الغرفة الواحدة إلى صفين. إن هذا وضع لا يطاق، وليس له مثيل في أي مكان في العالم. إن ٤٠ ٪ من طلبة المدرسة الشاملة في يافا يصلون إلى المدرسة وهم أميون أو شبه أميين، وإن نسبة كبيرة من الطلاب يغادرون مقاعد الدراسة، وينطلقون إلى الشارع مع كل السلبيات التي تعشش منه، وكل الأجواء التي تحيط بهم؛ لتسهم في زيادة نسبة المجرمين.

أبناء العرب في يافا محرومون من الملاعب والنوادي

يشكو السكان العرب في يافا من حرمان أولادهم من الملاعب والنوادي التي يمكن أن يرتادها الشباب بعد مغادرة المدرسة؛ ذلك أن جميع النوادي في المدينة تحمل الطابع الطائفي، ولا تعمل بانتظام وتفتقر إلى الألعاب الأساسية التي يجب أن تتوفر في كل ناد.

دعاة الطائفية في خدمة الاحتلال 

إن إضفاء صبغة الطائفية على بعض المدارس الخاصة في يافا والنوادي والملاعب أمور تدفع.

المسلمون إلى حال من الضيق يجعلهم في حيرة من أمرهم، وهم يقعون بين سندان الطائفية ومطرقة الاحتلال؛ مما يعكس عليهم صورًا من الحرمان، ويحيطهم بأجواء قائمة من التآمر لإيقاع المضرة والأذى بهم، وهم في حالة من الغليان شديدة؛ رغم ما يحاوله بعض المتعاونين مع سلطات الاحتلال من تهدئة الخواطر.

وينتظر هؤلاء المسلمون أن تمد لهم يد العون بصورة أو بأخرى من خارج الحدود؛ حتى يحال بين أولئك المضطهدين وبين تركهم منازلهم في مدينتهم العربية؛ مما يؤدي إلى تحويل يافا كلية إلى مدينة يهودية، بعد أن يهجرها سكانها، ويزال عنها طابعها العربي والإسلامي.

المؤامرة على أوقاف المسلمين

ولم تقف مؤامرة الاحتلال عند حد اضطهاد السكان، وإخراجهم من بيوتهم، وحرمان الأجيال العربية المسلمة في يافا من أبسط حقوق الإنسان؛ بل تعدى الأمر إلى مؤامرة على أراضي وأملاك الأوقاف، حين تقدمت شركة يهودية بطلب استئجار مسجد حسن بك، وشراء الأراضي التابعة للمقبرة الإسلامية؛ مما دفع مسلمي يافا أن يثوروا في وجه لجنة الأمناء الإسلامية المعينة، ويعتبروها لجنة متعاونة مع سلطات الاحتلال.

إن المسلمين في يافا بخاصة والعرب بعامة، يتطلعون إلى من يمد لهم يد العون من داخل الضفة أو خارجها؛ لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من بيوتهم أو نفوسهم أو كراماتهم، وأن هذا التقرير له ما بعده، وصيحة أولى تكشف جانبًا من المؤامرة الصهيونية الرهيبة على وجودنا في كل مكان.

دار البراق

للوثائق الإعلامية والتحقيقات الصحفية

عمان - الأردن

الرابط المختصر :