العنوان طبعًا.. مجلس الوزراء هو الذي يحكم!
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 03-أغسطس-1971
مشاهدات 14
نشر في العدد 71
نشر في الصفحة 9
الثلاثاء 03-أغسطس-1971
طبعًا.. مجلس الوزراء هو الذي يحكم!
جمعية الإصلاح تؤدي واجبها لا أكثر.. وتمارس حقها.. لا أقل!!
طرحت إحدى الزميلات- صحيفة يومية كويتية - سؤالًا طريفًا ظنناه من أول نظرة دعابة صحفية، أو فكاهة اجتماعية! ولكن بعد أن قرأنا الكلام الذي تحته تغير معنى الابتسامة، ولكنها لم تختف.
نص السؤال هو: من يحكم الكويت؟ مجلس الوزراء؟ أم جمعية الإصلاح؟
وقصة السؤال هي: أن بعض رجال المباحث - والعهدة على الراوي- حضروا حفلة في فندق شـيراتون وأخذوا يفتشون «الطاولات» ويبحثون عن شيء ممنوع هو «الخمر». وترد الصحيفة هذه الإجراءات إلى نشاط جمعية الإصلاح الاجتماعي! لماذا؟؟ لأن جمعية الإصلاح ما برحت تتلو- على المسلمين- قول الله في قرآنه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ ۖ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا ۚ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَىٰ رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ﴾ (المائدة: 90-91-92 (
ولقد ورد في الصحيفة كلام نتجاوزه - التزامًا بنهجنا في الحوار والأخذ والرد والرفض والقبول - إلى قضايا جوهرية نحسب أنها أجدى، وأولى بالاهتمام.
· إن جمعية الإصـلاح الاجتماعي تضطلع برسالة اجتماعية واضحة هي:
الإصلاح ودعوة الناس إلى الالتزام بالإسلام ونقد الأخطاء الاجتماعية والمساهمة في إيجاد الحلول المناسبة، وفق الطاقة وفي حدود الإمكان.
· إن القضايا التي تعمل جمعية الإصلاح الاجتماعي من أجلها هي: «قضايا
إسلامية» ولنأخذ مسألة الخمر مثلًا، هل تحريم الخمر قرار اتخذته الجمعية العمومية أو اتخذه مجلس إدارة جمعية الإصلاح الاجتماعي؟! طبعًا، لا.
إن الخمر محرمة في كتاب الله عز وجل وسنة رسوله- صلى الله عليه وسـلم، ومن هنا فإن القضية تتخطى جمعية الإصلاح إلى الإسلام ذاته، نعني أن الترتيب المنطقي والموضوعي والعلمي للمسألة يلزم المعترضين على تحريم الخمر بمناقشة الإسلام أولًا، ثم يأتي من بعده دور جمعية الإصلاح في المناقشة، فالذين يديرون هذه الجمعية ويعملون فيها لا يتعدى دورهم القيام بمسئوليتهم تجاه دينهـم، والتعبـير عن مبادئه، وأحكامه، وقيمه وأخلاقه بالوسائل المشروعة.
إن الموضوع ينبغي أن يتناول بجدية بالغة، وهنا نطرح سؤالًا: هل تعترض الصحيفة على مبدأ تحريم الخمر في الإسلام؟
إن المسلم ليس من حقه - بمنطق عقيدته وباحترامه لتفكيره الذي أقنعه بالإسلام - أن يرفض تشريعًا ربانيًا، فالمسلم لا يقدم بين يدي الله ورسوله، ولا يحل ما حرم الله، بل هو أبدًا ملتزم بأوامر القرآن، متجاوب - في غبطة ورضا - مع توجيهاته.
صحيح أن المسلم - كبشر- يخطئ، لكن لا ينبغي أن يلوي عنق التشريع ليسايره
في خطئه، فهذا مسلك ليس ضد الدين فحسب، وإنما هو أيضا ينسف- لو طبق- قوانين الكون كلها: ﴿وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ﴾ (المؤمنون: 71 (
إذن فقضية الاعتراض على تحريم الخمر مبدئيًا لا تصدر عن مسلم ولا يتبناها مسلم، بل إن المسلم الحق يبتهج وهويری إجراءات صادرة عن وزارة الداخلية تمنع شراب الخمر في الفنادق وغير الفنادق.
· وجمعية الإصلاح تضطلع برسالتها هذه ومعها حقها الدستوري الواضح في
ذلك ففي مادته الثانية ينص دستور دولة الكويت على أن «دين الدولة الرسمي الإسلام، والشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع».
ومن الطبيعي، ومن التكامل والاتساق أن تنهض جمعية الإصلاح وتدعو إلى الالتزام بتشريع الله، طاعة لله أولًا، والتزامًا بنصوص الدستور بالتالي، من الطبيعي أن تفعل ذلك، ومن النشاز أن يفعل أقوام غير ذلك، لأنهم عندئذ يتخذون موقف الداعي إلى معصية الله، والمناوئ لدستور البلاد، ولا نتمنى أن يقف أحد هذا الموقف لأننا لا نتمنى العثار للناس.
· قضیتان هما موضع الاقتناع عقليًا ومنطقيًا، والتزامًا بالإسلام والدستور،
قضية أن الخمر محرمة إسلاميًا، وقضية كفالة الدستور للدعوة التي تطالب بتنظيف المجتمع من الخمور.
· وتبقى القضية الثالثة وهي: نهج جمعية الإصلاح في هذه الدعوة، هنا نقبل
أن يقول لنا أي مسلم غيور: لقد أخطأتم في الأسلوب، في الوسيلة، في المدخل على الناس، ولديَّ اقتراحات يمكن أن تكون نافعة، نقبل من كل مسلم غيور أن يقول هذا وأن يتعاون معنا في التعرف على أجدى الأساليب، وأرق الوسائل، وأفضل الطرق، ولا نزعم أننا وصلنا إلى شأو تفوقنا فيه على الناس في الدراسة والتفكير والتعبير، ولا ندعي بأن ليس في الإمكان أبدع مما معنا، فهذا جمود ينهى عنه الإسلام وغرور يتلف العمل ويحبطه.
وإن ما نريد - حقيقة - أن نتعاون جميعًا عليه هو أن نتسابق في إيجاد أبرع الوسائل والأساليب لخدمة الإسلام، وإعلاء كلمة الله تبارك اسمه.
إننا نمشي في الطريق مشيًا متواضعًا حسب الجهد والإمكان، فمن استطاع أن يهرول إلى الخير، أو يجري أو يطير فليفعل، وسوف يجد منا كل دعم ومؤازرة، أما غير المقبول- البتة- فهو عرقلة مسيرتنا، أو إلقاء الأحجار في طريقنا، لنتفق على المبادئ أولًا، ثم لنختلف على الوسائل والأساليب وفي الإسلام متسع للجميع، وقضايا الحياة والإنسان تستوعب كل جهد بار، وكل فكرة خيرة.
الاتفاق المبدئي ضروري جدًا، ومثلًا نحن نتفق على خدمة الكويت وبنائه، ولكن نختلف على الوسائل - في إطار الحرية - أما أن يجيء إنسان فيختلف معنا في هذا المبـدأ ويؤمن بنسف الكويت من أساسه؛ فهذا لا يليق، وهو موقف مماثل للذين لا يختلفون معنا في الوسائل فقط، وإنما في المبادئ فیؤمنون برفض الإسلام أساسًا!!
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل
برقية جمعية الإصلاح الاجتماعي إلى مؤتمر وزراء التربية العرب في ليبيا
نشر في العدد 3
113
الثلاثاء 31-مارس-1970