العنوان طرد «أيان حرصي علي» بتهمة التلفيق والكذب
الكاتب خميس قشة
تاريخ النشر السبت 03-يونيو-2006
مشاهدات 35
نشر في العدد 1704
نشر في الصفحة 39
السبت 03-يونيو-2006
على الباغي تدور الدوائر
- قدمت نفسها للمجتمع الهولندي على أنها ضحية للإسلام.. وتبوأت أرقى المناصب ثم ثبت تلفيقها.
تمر الحياة السياسية في هولندا هذه الأيام بسجال متصاعد، على خلفية ما قدمه البرنامج التلفازي «زنبلا» الذي ينقل الحقيقة ويكشف الكذب والتضليل للمشاهدين، عندما بث تقريرًا مصورًا موثقًا ومفصلًا، عن حياة النائبة البرلمانية المخضرمة «أيان حرصي علي» الصومالية الأصل والتي وصلت إلى هولندا أواخر سنة ١٩٩٢ طالبة اللجوء السياسي، وأصبحت فيما بعد عضوًا في البرلمان الهولندي، وناقدة للتعددية الثقافية في هولندا، وَنُصّبت قبل حوالي عامين كمتحدثة رسمية عن لجنة اندماج الأقليات بالبرلمان.
تطاولت على الإسلام على مر هذه السنوات، سعيًا وراء الشهرة ومنافع انتخابية، دعمها في ذلك التيار اليميني المتشدد ذو الميول المتطرفة، الذي جند وسائل الإعلام منذ أحداث 11 سبتمبر لاستفزاز المسلمين، وربطهم بالإرهاب، وتم تكريمها وتتويجها، ونالت العديد من الأوسمة والجوائز في بعض البلدان الأوروبية تحت شعار تشجيع الإبداع وحرية الرأي.
وركز البرنامج على كل مراحل حياتها اليومية قبل دخولها إلى هولندا، وبين مدى التناقض في رؤيتها التي قدمتها في ملف اللجوء، بداية من تزوير اسمها وتاريخ ميلادها، وادعائها أنها جاءت مباشرة من الصومال التي تمزقها الحرب الأهلية آنذاك، وأكدت أن حياتها كانت مهددة، في حين بين البرنامج بالصور والوثائق أنها كانت في تلك الفترة تعيش في كينيا، التي لم تمر بأي حروب، وكانت آمنة تدرس وتعيش حياة طبيعية مستقرة تحت رعاية الأمم المتحدة للاجئين.
كما أكد أخوها وعمتها وبقية أقاربها أنها لم تُكره أو ترغم على الزواج من قريبها كما تدعي، وعرض التقرير قرائن تبين مدى حميمية العلاقة مع زوجها، وأنها كانت تحبه ويبادلها نفس الشعور وكانا في وئام تام.
واتخذت «حرصي علي» من قصة الإكراه على الزواج المزعومة مطية للنَيِل من الإسلام، الذي اعتبرته ظالمًا للنساء ولا يعطي المرأة الحق في اختيار شريك حياتها، وأنه يعتبرها ملكية خاصة أو متاعًا.
وبهذا قدمت نفسها ضحية يُراد اغتصابها وإجبارها على العيش قهرًا مع من لا تحب، واعتبرتها جريمة ارتكبت في حقها عندما زوجها أبوها من رجل لا تعرفه ولا تحبه، معممةً الأمر على المرأة المسلمة التي تقاسي من الظلم والاضطهاد حسب ادعائها، وبهذه المغالطات قدمت نفسها للمنظمات والهيئات الاجتماعية والسياسية زعيمة ومناضلة من أجل حرية المرأة المسلمة ومساواتها مع الرجل، وبذلك لقيت تعاطفًا وتأييدًا من المؤسسات الحكومية والمدنية لتمرير ادعاءاتها ومشاريعها.
وأثناء بث البرنامج أتصل بها المخرج سائلًا عن هذا التناقض، فاعترفت بأنها قدمت مغالطات في روايتها لوزارة العدل فيما يخص اسمها وتاريخ ميلادها وإقامتها والبلد الذي أتت منه.
وجاء عرض البرنامج متزامنًا مع تقارير ودراسات ومقالات السياسيين ومحللين هولنديين يحملون المسؤولية لسياسيين ناقدين من بينهم نائبة البرلمان الهولندي «إيان حرصي علي» بمعاداة الإسلام بانتقادات مستفزة للثقافة الإسلامية تخدم تصادم الحضارات بين الغرب والعالم الإسلامي، وتخدم الكراهية وتهدد تماسك المجتمع وتزعزع الأمن الداخلي للبلد.
وعبّر البرلمان الهولندي ومعظم القوى السياسية والاجتماعية من أحزاب ومنظمات وهيئات عن استنكارهم لهذا العبث والخداع المتعمد والكذب الصريح، الذي لا يليق ولا يقبل أن يأتي من مسؤول حكومي بهذا المستوى، واستنكروا هذه الممارسات التي تعتبر نقيضًا لما تتغنى به النائبة من التحضر والقيم الثقافية والأخلاق، وما تدعيه من بسط العدل والمساواة، وطالبوها بالاستقالة من البرلمان والحكومة.
وبدورها هونت «حرصي» من الأمر بتصريحات متضاربة ومتناقضة لعدد من وسائل الإعلام والدوائر الرسمية، وأخيرًا ما كان عليها إلا الخضوع «وهو عنوان فيلمها المتهكم على المسلمين» للكشف عن حقيقتها، والامتثال للقوى السياسية بعد هذه الفضيحة بتقديم استقالتها ومغادرة هولندا، لأن القانون الهولندي ونزاهة الساسة الهولنديين لا تتسامح مع الكذب والخداع، وقد امتثلت في الحين المغادرة هولندا غير مأسوف عليها متوجهة إلى أمريكا، حيث حصلت على عمل في معهد «أميركان أنتربيرسيس» اليميني المحافظ في واشنطن.