; طوفان الغلو والتطرف! | مجلة المجتمع

العنوان طوفان الغلو والتطرف!

الكاتب د. محمد يوسف عبد الرحمن

تاريخ النشر السبت 01-أغسطس-2009

مشاهدات 13

نشر في العدد 1863

نشر في الصفحة 28

السبت 01-أغسطس-2009

(*) باحث وكاتب صومالي

خليط من الناس انزلقوا إلى العمالة للأجنبي والافتخار بها دون استحياء ساعيين إلى إضلال المسلمين

وفريق يفجر طاقات الشباب المسلم لهدم كيان الأمة وتدمير مقوماتها بحجج باطلة

يتنازع في الأمر بين المسلمين فريقان متناقضان ؛ يدلي كل منهما بدلوه في تقويض مقومات الأمة ويساهم بطريقته في تعويقها عن مسيرتها الطبيعية، وجعل مصيرها بأيدي أعدائها المتربصين ويصدق عليهما قوله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (58)﴾ (الأحزاب).

قوم استولت على قلوبهم الثقافة الغربية بما تحويه من التعلق بالدنيا وزخرفها .. وغرهم تقلب الذين كفروا في البلاد

- أما أولهما : فهم قوم استولت على قلوبهم الثقافة الغربية وما حوته من التعلق بحظوظ الدنيا وزخرفها، وغرهم تقلب الذين كفروا في الحياة الدنيا ووقعوا بذلك فيما حذر منه القرآن الكريم ﴿لا يغرنك تَقَلَبُ الَّذِينَ كَفَرُوا في البلاد (117) متاع قليل ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (117) ﴾ (آل عمران)، وبعدوا عن منهج الله في الحياة وتفلسفوا في ذلك فضلوا ضلالا بعيدا ... وهم خليط من الحكام والمحكومين انزلقوا إلى العمالة للأجنبي والافتخار بها دون استحياء أو مواربة ساعين إلى إضلال المسلمين وإبعادهم عن الطريق المستقيم واستعمال الحيلة أو القوة إذا لزم الأمر في حمل الأمة على هذا الانحراف ﴿وترى كثيرا مَنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أن سخط اللهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أَنزَلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُمْ فاسقون﴾ (المائدة).

وهؤلاء القوم يفرطون في ثوابت الأمة وقضاياها العامة، وفي حقوقها المكتسبة الحساب أسيادهم ومصالحهم، وأصبحوا يملكون شعورا مغايرا لشعور وأحاسيس أمتهم أقرب إلى المعسكر الآخر ... ﴿هم للكفر يومئذ أقرب منْهُمْ لِلإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ (١٦٧)﴾ آل عمران) ولأن منهم حكاماً بيدهم مقاليد الأمور، فقد سخروا لهذا التوجه كل طاقات الأمة بل واستعانوا بأعدائها المتربصين.. وكان التعاون يتم في أول الأمر بصورة سرية باعتباره تصرفا شائنا وعملا مدانا غير مقبول، لكن الأمر تدهور بشكل غير متوقع وأصبحت أركان قيمهم وجدرانها تتهاوى حتى أصبح بعضهم يدافع علناً عن مصالح «إسرائيل» ويتحالف معها، وبطبيعة الحال فإن مثل هذا التحالف لا يمكن إلا أن يكون لمصلحة العدو المتربص وضد الأمة ومصالحها الأساسية.

وهناك نصوص في القرآن الكريم والسنة المطهرة تدين كل هذه المواقف وتصدر فيها أحكاما قاسية وشديدة في حق من يتورط بمثل ما تورط به هؤلاء وما يستحقونه من الله في الدنيا والآخرة ﴿وَمَن يَتَّخِذَ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مَن دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسَرَ خَسْرَانًا مُبِينًا (119) يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا (120) أَوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ولا يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيمًا (۱۲۱) ﴾ (النساء).

﴿إِذْ تَبَرَأَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بهِمُ الأَسْبَابُ (١٦٦) وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَتَتَبَرَأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مَنَا كذلك يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَات عليهم وما هم بخارجينَ مِنَ النَّارِ (١٦٧) يَا أَيُّهَا الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خطوات الشيطان إنهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (١٦٨) إنما يَأْمُرُكم بالسوء والفَحْشَاءِ وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللهِ مَا لا تعلمون (169) ﴾ (البقرة).

ولهذا التيار مفكروه ومنظروه وكتابه الذين سلخوا جلدهم المسلم أو حتى العربي وأصبحوا مسخا لا ينتمون إلى الأمة ﴿مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء﴾ (النساء : ١٤٣)، حتى إن منهم من أشادت الصحف الإسرائيلية بكتاباتهم ومقالاتهم المنشورة التي تهاجم المقاومة وتنقض الثوابت وقضايا الأمة المصيرية وتناصر - صراحة وليس من طرف خفي - قضايا العدو الصهيوني الغاصب... إنهم عملاء أو أجراء باعوا ضمائرهم أو لا ضمائر لهم أصلا، لا عهد لهم﴿ أولئك جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ الله والملائكة وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (۸۷) خالدين فِيهَا لا يُخَفِّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ ولا هُمْ يُنظرون (۸۸)﴾ (آل عمران).

- وأما ثانيهما: فهم قوم تولدوا ربما نتيجة تصرفات الفريق الأول واستفزازاته المستمرة ووقاحته المفرطة في مناصرة العدو، وهؤلاء القوم جندوا شبابنا وضللوهم باسم الدين، وباسم الجهاد في سبيل الله ولكنهم - في حقيقتهم - ذهبوا بهم إلى سبل الشياطين من الجن والإنس وتفننوا في تضليل أجيال غالية علينا من المسلمين باسم الدين وفتنوهم عن الطريق المستقيم ﴿إنَّ الَّذِينَ فَتَنوا المُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابٌ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ﴾ (البروج).

وقد فجروا الطاقات المتجددة والمتدفقة لهؤلاء الشباب لهدم كيان الأمة وقدراتها الذاتية وتدمير مقوماتها وقتل روادها وعلمائها ومفكريها، مستبيحين دماء الناس وأعراضهم وممتلكاتهم بحجج باطلة وذرائع كاذبة ومبررات زائفة، إن دلت على شيء فإنما تدل على سوء الطوية والبعد عن سواء السبيل .. عقولهم ملوثة وأفكارهم مسمومة وقلوبهم مطموسة ووجدانهم معدوم ﴿صم بكم عمي فهم لا يعقلون (۱۷۱) ﴾ (البقرة) .. مسخت إنسانيتهم فأصبحوا كالأنعام بل هم أضل سبيلا، وأشد وأكثر شراسة، لأن الوحوش تقتل لتأكل من لحم فريستها، أما هؤلاء فيقتلون غيرهم لأجل القتل ويقتلون أنفسهم أيضا يفجر أحدهم نفسه في سوق مزدحمة فيها كل فئات المجتمع وعامة الناس فيها الأطفال والشيوخ والنساء.. بل يفجر نفسه في المسجد يوم الجمعة والناس يصلون فيه لرب العالمين، إنهم لا يغشون مساجد المسلمين ولا يحضرون جمعهم ولا جماعاتهم ولا يشعرون نحوهم بأية عاطفة كما هو شأن بقية المسلمين بعضهم بعضاً !

أسد علي وفي الحروب نعامة !

ومن سمات هؤلاء أنهم لا يتعرضون بأي سوء للغزاة والمحتلين البلاد المسلمين، ولا يسفكون لهم دماء ولا يقدمون على أذاهم، سيوفهم مصلتة على أمة المصطفى صلى الله عليه وسلم ، وخيولهم مسرجة إلى التجمعات المسلمة، وسلاحهم مصوب فقط نحو صدور من آمن بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا، وفي ساحات الجهاد الحقيقية دابهم التولي يوم الزحف... يحرفون الكلم عن مواضعه، ويذهبون إلى مذاهب غير المسلمين في تفسير النصوص الشرعية.. يصغرون الكبائر ليرتكبوها ويكبرون الصغائر ليشغلوا الناس بها .

سمعت لأحدهم في الصومال شريطاً مسجلا، يتطاير من ثنايا كلامه الشر وتفوح منه رائحة الفتنة والكراهية، يحكم فيه بردة المجتمعات المسلمة بالجملة ويطلب من الحاضرين أن يقاطعوا هؤلاء المرتدين - حسب كلامه - وألا يزوجوهم ولا يتزوجوا منهم؛ بل ويأمرهم بقتل من يمكن قتله منهم بأية وسيلة كانت.. وصاحب هذا التسجيل قيل : إنه شوهد وهو يغادر بصورة مريبة قاعدة للجيش الحبشي (الإثيوبي) في إحدى المدن الصومالية المحتلة... ومثل هذه الرواية تعطي تفسيرا وجوابا المرجعيات هذا النوع من الفتاوى الباطلة والمغرضة وتثير ألف علامة استفهام حول الغلو في الدين بغير الحق القائم في كثير من البلدان المسلمة.

بين شقي رحى !

لقد أضحت الأمة المسلمة بين شقي رحى هذا الثنائي الذي لا يرحم ولا يمت لها بصلة ﴿لا يرقبونَ فِي مُؤْمِن إِلَّا وَلا ذمة ) (التوبة: ۱۰)، وكلاهما ضل عن سواء السبيل، وانحرف عن المحجة البيضاء التي ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك.

وعندما نزل قول الله تعالى: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السَّبُلَ فَتَفَرَّقَ بكم عن سبيله ذلكمْ وَصَاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ(۱۰۳) ﴾ (الأنعام) خط رسول الله خطا، ثم قال: «هذا سبيل الله»، ثم خط خطوطا عن يمينه وخطوطا عن يساره ثم قال: «هذه سبل على كل سبيل منها شيطان يدعو إليها»، ثم تلا هذه الآية.

وهؤلاء وأمثالهم سلكوا سبل الضلال المختلفة المنحرفة عن الطريق المستقيم، فوقعوا في حبال الشيطان المنصوبة على حافتي الطريق المستقيم... ولا فرق في الضلال المشوب بأذى المسلمين إذا كان باسم الدين أو باسم الشهوة أو باسم الولاء للكفار، أو إذا كان وراء هذا الضلال المبين مؤسسة استخبارية لها غرض في النيل من المسلمين والحد من قدراتهم، أو إذا كان وراءه تنظيم ديني منحرف سري أو علني كما أنه لا فرق فيما إذا كان ما ذهب إليه كلا الفريقين - اللذين سلكا مسالك الغواية وسيطرت عليها الأهواء - عن قناعة راسخة أو تنفيذا لأوامر جهة أجنبية يعمل لها هذا الفريق أو ذاك، فالنتيجة واحدة والسواد الأعظم من المسلمين مع الحق والوسطية وسواء السبيل، وصفات أمتنا بعيدة كل البعد عن ضلالات الفريقين ..

يقول تعالى: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله وَالَّذِينَ مَعَهُ أشداء على الكفار رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ في وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطاه فازره فاستغلظ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهُ يُعْجِبُ الزُّرَاعَ ليغيظ بهم الكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (26) ﴾ (الفتح) ..

أوضحت أنه يتجاوز مشكلة النزاعات المسلحة

الأمم المتحدة : أمن الإنسان العربي في خطر

شن تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشرية العربية لعام ۲۰۰۹م، هجوما حادا على استمرار تهديد الحريات وممارسات التعذيب والبطالة والفقر والتصحر في المنطقة، مؤكداً أن أمن الإنسان العربي يتعرض للعديد من التحديات.

وأكد التقرير - وهو بعنوان «تحديات أمن الإنسان في البلدان العربية - أن أجهزة الدولة تمارس انتهاكا لحقوق المواطنين في الحياة والحرية، من خلال التعذيب والاحتجاز غير القانوني.

وقال التقرير في أعقاب أحداث ۱۱ سبتمبر ۲۰۰۱م أصدر معظم البلدان العربية قوانين لمكافحة الإرهاب تقوم على تعريف فضفاض المفهوم الإرهاب» ومنحت هذه القوانين الأجهزة الأمنية في الدولة صلاحية واسعة في بعض المجالات التي تشكل تهديدا للحريات الأساسية.

وأوضح التقرير أن الذي يهدد أمن الإنسان العربي يتجاوز مسألة النزاعات المسلحة ليشمل قضايا أخرى أساسية منها التدهور في البيئة، والوضع الهش لعدد كبير من الفئات الاجتماعية والتقلب الاقتصادي الناتج عن الاعتماد المفرط على النفط، والأنظمة الصحية الضعيفة، وعدم خضوع الأجهزة الأمنية للمساءلة.

وقال: «إن العلاقة بين الدولة وأمن الإنسان ليست علاقة سليمة، ففيما يفترض على الدولة أن تضمن حقوق الإنسان، نراها في عدد من البلدان العربية تمثل مصدرا للتهديد، ولتقويض المواثيق الدولية والأحكام الدستورية الوطنية، مشيرا إلى أن المنظمة العربية لحقوق الإنسان رصدت العديد من الأمثلة على ممارسات التعذيب في ثماني دول عربية بين عامي ۲٠٠٦ و ۲۰۰۸م، لكن التقرير لم يسم هذه الدول.

كما أفاد التقرير بأن هناك ٦٥ مليون عربي يعيشون في حالة فقر، مشيرا إلى أن البطالة تعد من المصادر الرئيسة لانعدام الأمن الاقتصادي في معظم البلدان العربية.

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

حول العالم

نشر في العدد 2

33

الثلاثاء 24-مارس-1970

حول العالم - العدد 8

نشر في العدد 8

101

الثلاثاء 05-مايو-1970