; ظاهرة التجمع الإسلامي استجابة لفريضة إسلامية وتلبية لأسلوب عصري | مجلة المجتمع

العنوان ظاهرة التجمع الإسلامي استجابة لفريضة إسلامية وتلبية لأسلوب عصري

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 18-فبراير-1975

مشاهدات 20

نشر في العدد 237

نشر في الصفحة 26

الثلاثاء 18-فبراير-1975

مذكرة اللجنة التنفيذية للتجمع الإسلامي في الشمال إلى وزير التربية الوطنية في لبنان حول بعض القضايا التربوية الهامة في هذه الظروف الحرجة التي تمر بها البلاد وجد التجمع الإسلامي في الشمال من واجبه أن يتقدم من معاليكم بعرض بعض القضايا التربوية الهامة والحلول الملائمة؛ في محاولة لإحباط بعض المحاولات التي لم يقصد منها المصلحة الوطنية ولا استقرار هذا البلد. من أجل هذا ومساهمة من التجمع الإسلامي في الشمال في توضيح الحقائق، ومن أجل مستوى تربوي أرفع وتعليمي أفضل، تتقدم اللجنة التنفيذية بدراسة حول القضايا المحددة فيها علمًا أن هناك قضايا تربوية أخرى في نفس الأهمية لم تتعرض لها المذكرة لأسباب لا حاجة لذكرها اليوم. وترفق اللجنة التنفيذية بالمذكرة نص التقرير التربوي المرفوع إليها من مجموعة من الأساتذة الثانويين في الشمال حول العربية والتعريب ومركز البحث. أولًا- مجلس البحوث والإنماء التربوي: لئن كان مجلس البحوث والإنماء يتمتع باستقلال معنوي ومادي إلا أنه يخضع لوصاية وزارة التربية، ويعتبر أهم المؤسسات والأجهزة التربوية الرسمية في لبنان. والفترة التي مرت على عمل المجلس منذ تاريخ إنشائه حتى الآن تفرض على المسؤولين إعادة النظر في صلاحياته الواسعة على ضوء تجاربه وأعماله وانتماءاته، فلقد بات واضحًا كما سنبين أدناه أن المجلس لا يستلهم مصلحة الأجيال ولا المصلحة الوطنية وأنه يصدر في تحركاته عن مخطط مشبوه. ولعل من أبرز الأسباب الدافعة الى ذلك هذا الاستقلال الخطر الذي يتمتع به بحيث أوجد ازدواجية لا تحسد عليها التربية في لبنان. وإذا أردنا أن نعدد أخطاء هذا المجلس، بل قل جرائمه فلن تكفينا مذكرة محدودة، غير أننا سنختصر بتعداد بعضها محتفظين بالبعض الآخر إلى الوقت المناسب. أ- الكتاب المدرسي لقد فقد الكتاب المدرسي الموحد على يد مجلس البحوث كثيرًا من قيمته؛ فلا المضمون ملائم بناء ولا السعر معتدل مناسب. إن توحيد الكتاب المدرسي واجب ومفيد، ولكن الأهم من ذلك ألّا يفرض كسلعة تجارية تبحث عن أسواق التصريف دون أن تتوخى الجودة والإتقان. لقد أضحى الكتاب المدرسي في يد المجلس الكريم دمية تلهو بها أصابع بعض منتحلي الثقافة، ويتلاعب في سعرها وعرضها جشع أصحاب دور النشر الذين أثروا ثراء فاحشًا على حساب ذوي الدخل المحدود. فإذا كان المجلس الكريم مؤسسة تربوية صرفة فلماذا يزيد أو يسمح بزيادة سعر الكتب التي له شرف إصدارها؟ ثم لماذا لم يتحرك المجلس بعد من أجل تسعير باقي الكتب المدرسية التي تخضع لإشرافه السامي والتي قد تصل في بعض الأحيان إلى 3۰۰ ل. ل. للطالب الواحد؟ إننا ندعو بإصرار- علاوة على إعادة البحث في صلاحيات مجلس البحوث والإنماء، إلى إعادة النظر في جميع الكتب التي أصدرها، لا سيما كتب اللغة العربية والتربية المدنية، وإخضاعها الى مراجعة ومراقبة دقيقة، ومن ثم عدم تبديلها من سنة إلى أخرى وتخفيض سعرها وتأمين وجودها الفعلي في الأسواق قبل بدء العام الدراسي بشهر على الأقل؛ كي لا يتأخر التعليم في المدارس الرسمية عن المدارس الخاصة، وكذلك تسعير سائر الكتب المدرسية منعًا لجشع الناشرين والمؤلفين المشتركين في تقاسم الأرباح. ب- اللغة العربية والتعريب: في أعقاب الحملة الواسعة ضد مشروع مجلس البحوث حول اللغة العربية الفصحى وإحلال العامية مكانها، اضطر المجلس المذكور أعلاه إلى التراجع صوريًّا عن مشروعه وإيهام الرأي العام بحسن نواياه، عبر المذكرة التي أرسلها الدكتور الحداد إلى التجمع الإسلامي في الشمال بتاريخ ٨ – ٨- ١٩٧٤ رقم ٨٢١٦/م، ولئن صمت التجمع آنذاك واطلع بتحفظ تام على مضمون كتاب الدكتور الحداد إلا أن التعقبات المستمرة لأعمال ومخططات المركز ورئيسه دفعتنا لأن نشير بأصبع الاتهام إلى الدور الخطير والمؤامرة الشرسة، التي تحيكها هذه المؤسسة الناشئة ضد اللغة العربية والتعليم الرسمي على حد سواء. وأخيرًا جاءت المذكرة الضافية التي تقدمت بها إلـى التجمع الإسلامي مجموعة غيورة على التعليـم الرسمي من أساتذة العلوم والرياضيات في الثانويات الرسمية تؤكد اتهامنا وتزكيه. وإننا نكتفي بإرفاق نسخة عن هذه المذكرة الواضحة المسهبة التي لا تدع مجالًا للشك والتساؤل، والتي تنتهي إلى نتيجة مؤكدة وهي ضرورة تعريب العلوم والرياضيات وقصر تعليم اللغة الأجنبية باللغة والأدب فحسب. ثانيًا- مشروع الضمان التربوي: طرحنا منذ عشر سنين تقريبًا فكرة «البطاقة المدرسية»، التي بموجبها تضمن الدولة كافة المدارس الخاصة ماليًّا وتفسح المجال للطلاب وأوليائهم باختيار المدرسة التي تناسبهم، سواء كانت هذه خاصة أم رسمية. ثم عندما جوبهت هذه الفكرة- المؤامرة- بالرفض نامت في أدراج أصحابها حتى أذن لها بالخروج على شكل الضمان التربوي، الذي يعني أن تدفع الدولة ٧٥ بالمائة من الأقساط المدرسية التي يدفعها أولياء الطلاب في المدارس الخاصة. إننا إذ نحذر من مغبة التمادي في طرح مثل هذه الأشكال التي تخدم غاية واحدة، نطالب الدولة بإصرار لتدعيم التعليم الرسمي ورفع مستواه، وإعداد خطة هادفة لاحتواء المدارس الخاصة وخاصة الأجنبية منها. ثالثًا- المساواة والإنصاف في توزيع المناطق التربوية: عندما انطلقت حركة المشاركة في لبنان كانت تستهدف تحقيق التوازن والإنصاف في جميع المؤسسات، ومنها طبعًا المؤسسات التربوية، تلك المؤسسات التي تشكو كثيرًا من الحيف اللاحق بالطائفة الإسلامية في لبنان. وبمناسبة توزيع المناطق التربوية المرتقبة لابد من التنبيه إلى ضرورة تحقيق العدالة والإنصاف وإعادة النظر في مختلف الدوائر التربوية التابعة للوزارة بما في ذلك مجلس البحوث والإنماء. كما إننا نولي المنطقة التربوية في الشمال ورئاستها عناية خاصة. رابعًا- مناقلات المعلمين والعدالة في التعيين: إن تشكيلات المعلمين الرسميين وتنقلاتهم يجب أن تخضع لقواعد ثابتة تراعي فيها مصلحة التعليم أولًا والمعلم، وحقوق الطائفة ثانيًا. فلا يجوز مثلًا أن يصدر قرار نقل يحوي فيه 90 بالمائة منه معلمين من طائفة معينة، كما لا يجوز كذلك أن يصدر قرار وزاري يعين بموجبه 15 مديرًا، 13 منهم ينتسبون لطائفة معينة واحدة. وبهذا المعرض لابد للتجمع الإسلامي في الشمال من أن يشير إلى مشكلة مطالب معلمي الشمال، وبالأخص معلمي طرابلس وضواحيها الذين يعيشون مأساة حقيقية نيف عمرها على الخمس سنوات، فمن المفروض أن يكون جميع المواطنين سواء أمام القانون والنظام وبهذه الصفة يشتركون في تحمل الحقوق والواجبات، كما أن مراعاة العدالة واجبة في معاملة المعلمين قاطبة غير أننا نجد العدالة تختفي طرابلس وضواحيها فهؤلاء في نظر وزارة التربية الجليلة معلمون من الدرجة الثانية. فالمعلم الطرابلسي والشمالي هو الوحيد الذي يقضي مكرهًا خمس سنوات أو يزيد في البقاع أو الجنوب، فيما أبناء الكورة والزاوية يعينون في قراهم أو قريبًا منها. ولو أن هذا الإجراء فرضته ظروف عامة أو ملحة لرضينا، ولكن الأمر يهم طائفة معينة أريد حرمانها لتأمين مصلحة طائفة ثانية، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن أكثر من نصف معلمي المدارس الرسمية في طرابلس ليسوا من أبنائها ولا مقيمين فيها، بينما أبناء طرابلس بعيدون عنها في المحافظات اللبنانية النائية. وكحل لهذه المأساة التي سبق لمعاليكم الاطلاع عليها عبر مذكرة المعلمين الطرابلسيين نطالب بما يلي: 1-نقل جميع معلمي طرابلس وقضائها المعينين في البقاع والجنوب إلى منطقتهم فورًا. 2-تعيين أبناء طرابلس وقضائها من المعلمين الجدد في محافظتهم سنة على الأكثر ينقلون بعدها إلى المدينة أو ضواحيها القريبة منها؛ ليشعروا بالاستقرار وليتمكنوا من زيادة إنتاجهم. 3- وقف نزوح معلمي الأقضية المجاورة إلى قلب العاصمة الثانية. 4- فتح المزيد من المدارس الرسمية في طرابلس والشمال؛ لتستوعب آلاف الطلاب المتسكعين في الطرقات، وبالتالي القضاء على التضخم المزعوم في المعلمين الطرابلسيين. 5- في أسوأ الظروف وإذا رأت الوزارة لأسباب ما أن يعين المعلم خارج محافظته سنة على الأكثر فيجب تحقيقًا للعدالة التعويض عليه ببدلات انتقال وسكن أسوة بباقي موظفي الدولة. وإلى أن يتم هذا الأمر نطالب بالوقوف الفوري لجميع التصرفات الاستفزازية التي تلجأ إليها دائرة التربية في البقاع؛ بغية النيل من المعلم الطرابلسي وفتح تحقيق للوقوف على الملابسات الفاضحة. خامسًا- التعطيل يوم الجمعة: من المؤسف أن مركز البحوث ومؤسساته ودور المعلمين والمدارس المهنية والجامعة اللبنانية لم تلتزم بقرار التعطيل ابتداء من الساعة 11 من يوم الجمعة، بل استمرت تلك المؤسسات التربوية على عملها كالمعتاد وكأن الأمر لا يعنيها. إن التعطيل يوم الجمعة وإن كان جزئيًّا لم نرحب به كثيرًا، إلا إننا نرفض أن تتمرد عليه تلك المؤسسات التربوية؛ ذلك أن تمردها هذا لا يمكن أن يفسر إلا بأمر واحد نمسك عن ذكره اليوم. ومن ناحية أخرى يتوجب توحيد العطل المدرسية والأعياد في جميع مدارس لبنان تحقيقًا للوحدة الوطنية، وهذا يعني إلغاء القرار الحالي الذي يسمح لبعض المدارس بالعمل يوم الجمعة وتعطيل يومي السبت والأحد. سادسًا- تدمير التعليم الرسمي عن طريق الاختلاط: من الاستقراء الذي أجريناه على المدارس الرسمية يتبين أن هناك خطة هادفة موضوعة بعناية لإفشاء الاختلاط بين الجنسين في مختلف مراحل التعليم الرسمي، وهذه الخطة وإن كانت مطبقة في القرى بصورة شبه كاملة إلا أنها أخذت تنتقل إلى المدينة. ويبدو أن الخطة هذه قد أوجبت الاختلاط أيضًا في أجهزة التعليم الرسمي؛ فبتنا نرى أن المدرسات ينقلن إلى مدارس الذكور والمدرسين إلى مدارس الإناث. فهل هذا جزء من مخطط تدمير التعليم الرسمي وتسميمه؟ إننا نطالب بإصرار بالتوقف فورًا عن ممارسة هذه البدعة الجديدة بتصحيح الأوضاع مهما تكن الظروف. سابعًا- التعليم الديني وإيجاد كرسي في الجامعة اللبنانية لدراسة الأديان: لا يخفى ما للتعليم الديني من أثر في تنشئة فاضلة للأجيال الصاعدة، كما أنه من المفيد- خاصة فى بلد كلبنان- أن يكون هناك كرسي لتدريس الأديان في الجامعة اللبنانية. ومن العجيب أن تعمد وزارة التربية في سنة ۱۹۷۱ إلى استصدار مرسوم بتوزيع الدروس الأسبوعية في المدارس الابتدائية، وأن تعمد من خلال هذا التوزيع إلى إسقاط الساعة الأسبوعية للتعليم الديني. وعلى أثر المراجعات صدر قرار وزاري بإعادة الساعة الأسبوعية إلى الجدول العام، غير أنه من المعلوم أن القرار لا يلغي المرسوم. من أجل ذلك فإننا نطالب: 1- برفع مشروع مرسوم إلى مجلس الوزراء يقضي بإلغاء المرسوم رقم ٢٢٧٤ تاریخ 23 – 11- 1971 والذي أوصى به مجلس البحوث والإنماء، على أن ينص المرسوم الجديد باعتبار التعليم الديني إلزاميًّا في كافة المراحل التعليمية. 2- بإيجاد كرسي في الجامعة اللبنانية لتدريس الأديان تدعيمًا للوحدة الوطنية أسوة بجامعات الدول العربية الشقيقة. ثامنًا- المدارس الخاصة وضرورة الإشراف عليها: في الواقع أن المدارس الخاصة في لبنان تلعب دورًا كبيرًا في صناعة التربية في لبنان. 1- ولا بد- تحقيقًا للوحدة الوطنية- من وحدة التعليم من أجل ذلك كان لا بد من توحيد الكتاب المدرسي وإلزام المدارس الخاصة به، وإلى أن يتم ذلك لا بد من تدقيق فعال في الكتب المعتمدة؛ لما في بعضها من دس رخيص وتشويه للحقيقة والأديان. وفي هذا من التلميح ما يغنينا عن التصريح. 2- ولا بد من إنصاف المعلمين، وخاصة في المدارس المجانية، وإنشاء جهاز خاص يحمي المعلم ويؤمن له بصورة فعلية قبض الراتب المقرر رسميًّا. 3- كما لا بد من تشديد الرقابة الرسمية على المدارس الخاصة- وخاصة في حقل التوجيه- لضمان التربية الصحيحة البعيدة عن التشويه والانحراف. المجلات «من نوع معين» يحمل بعضها في طياته السم الزعاف، وتجنح أحيانًا لإثارة النعرات الطائفية، وكمثال لهذا نقدم مجلة «نور الحياة» عدد ۲۷ صيف ١٩٧٤ في مقالها «كيف أقرأ العهد القديم؟» الصادرة في طرابلس، والتي قامت بتوزيعها مدرسة الآباء الكرمليين، وفيها أبحاث وصور وإشارات خطرة، وقد كتبت موضوعاتها بصورة مبهمة تخلف على الأقل في ذهن القارئ المثقف- فما بالك بالطالب الصغير- إشكالات وشكوك صعبة. غير أن هناك في المجلة صورة صارخة نعنى بها صورة المسجد الأقصى الأسير في القدس المحتلة، وقد علقت المجلة المشبوهة بالعبارة التالية «وأصبح الهيكل- أي هيكل سليمان- مركز الحياة الدينية في إسرائيل» ص ٥٦ «الصورة ربطًا». تاسعًا: التوجيه الجامعي والإشراف على الأطروحات: وما يقال بشأن الإشراف على دوريات المدارس الخاصة يقال كذلك بشأن المحاضرات والأطروحات الجامعية. إننا نرفض مثلًا أن يشرف على أطروحة تتعلق بالقرآن الكريم أو بالتاريخ الإسلامي الصرف مطارنة وآباء ودكاترة غير مسلمين، بينما يحرم المسلمون من هذا الإشراف؛ فتأتي الأطروحة العلمية لتطعن في الصميم مقدسات إسلامية أو قيمًا لم يجرؤ على مساسها أكثر المستشرقين حقدًا. وما كان لنا أن نتكلم بهذه اللهجة لولا الطروحات العديدة التي أريد بها الطعن بالإسلام بحجة البحث العلمي الموضوعي. وإذا كنا نطالب بوجوب مراعاة هذا الأمر في المستقبل فإننا نصر كذلك على استخراج الأطروحات التي أثيرت حولها ضجة في حينها، وإجراء تعديل عليها قبل أن تصبح وثيقة تاريخية مزورة صادرة عن جامعة لبنانية. كما أنه لا يجوز لأساتذة الجامعة اللبنانية استغلال وظيفتهم لفرض دراساتهم المشوهة والمليئة بالمغالطات على الطلاب، ونخص منها بالذكر كمثال على هذا كتاب كمال الحاج «موجز الفلسفة اللبنانية»، الذي كان من الواجب أن يحاكم عليه لا أن يسمح بتدريسه في جامعة رسمية. وفي الختام نتمنى أن نرى ترجمة هذه المذكرة إلى الواقع العملي ونرى تحركًا ملموسًا في وزارة التربية، آملين التجاوب مع متطلباتنا الحقة وألّا نضطر إلى اتخاذ مواقف أكثر إيجابية على الصعيد العام. أمين السر: المحامي محمود الإبراهيم في ٣١ – ١- ١٩٧٥ رئيس اللجنة التنفيذية للتجمع الإسلامي في الشمال: المحامي محمد علي ضناوي.
الرابط المختصر :