العنوان عداء صارخ للغرب في مؤتمر لحقوق الإنسان في ماليزيا
الكاتب عزام التميمي
تاريخ النشر الثلاثاء 10-يناير-1995
مشاهدات 12
نشر في العدد 1133
نشر في الصفحة 44
الثلاثاء 10-يناير-1995
مؤتمرات
ينبغي البحث عن فلسفة بديلة للكرامة الإنسانية تكون جذورها أصيلة في تقاليدنا الروحية والأخلاقية
ماليزيا:
دعت مؤسسة «العالم العدل» (Just World Trust) التي تتخذ من مدينة بينانغ الماليزية مقرًا لها إلى مؤتمر دولي- يفترض أنه الأول من نوعه - بعنوان «إعادة النظر في مفهوم حقوق الإنسان» «Rethinking Human Rights»، جمعت له ما يقرب من ٣٥٠ مشاركًا من العاملين في مجالات الإعلام والفكر وحقوق الإنسان معظمهم من دول تنتمي إلى ما يعرف بالعالم الثالث.
عقد المؤتمر في العاصمة الماليزية كوالا لمبور يومي السادس والسابع من شهر ديسمبر «كانون الأول» ١٩٩٤ بهدف - كما جاء في مقدمة النشرة التعريفية بالمؤتمر - «البحث عن فلسفة بديلة للكرامة الإنسانية تكون لها جذور أصلية في تقاليدنا الروحية والأخلاقية بينما تكون في ذات الوقت قادرة على استيعاب كل ما في المفهوم من إنصاف ومرحمة».
بدأ برنامج المؤتمر المكثف «حوالي ٢٧ ورقة عمل» بكلمة لرئيس الوزراء الماليزي مهاتير محمد استعرض فيها تطور مفهوم حقوق الإنسان مركزًا على نقاط الخلل في المفهوم الغربي الذي نشأ حسبما قال في حضن الاستعمار والتعبير العنصري ونهب ثروات الأمم والشعوب ولم يفاجا الحاضرون بأن تتضمن كلمة الدكتور مهاتير هجمات قوية على مسلكيات الغربيين، حكومات ومؤسسات، فهو الذي يحمل الآن في جنوب شرق آسيا لواء التمرد السياسي والاقتصادي على النظام العالمي الجديد تحدث في خطابه عن النفاق الغربي وعن الظلم الغربي ضاربا المثل بمأساة البوسنة، ثم عرج على الانحلال الخلقي والتفسخ الاجتماعي في الغرب ثم على سلبيات الليبرالية الديمقراطية وما يعتريها من خلل.
هجوم صارخ على الغرب
وعلى الرغم من أن كلمة الدكتور مهاتير كانت أنسب ما يمكن أن يفتتح بها المؤتمر، إذ مهدت الطريق أمام المؤتمرين للبحث وإعمال النظر بعد أن طرحت أمامهم إشكالية فقدان الغرب الأهلية الزعامة الفكرية والخلقية للعالم، إلا أن عددًا لا بأس به من المشاركين صدموا على مدى جلسات المؤتمر بمحدودية المشاركات التي - على تنوعها - لم تتجاوز المعاني التي وردت في كلمة رئيس الوزراء بل تركزت بشكل تام على انتقاد الغرب ثم إعادة انتقاده دون التطرق إلى البديل، ولربما كان مصدر الصدمة توقع المشاركين أن تستهدف الأوراق المقدمة:
أولًا: نقض المفهوم الغربي من الناحية الفلسفية.
ثانيًا: نقض الممارسة الغربية من الناحية الأخلاقية و«هذان الأمران كان يتوجب ألا يستغرقا أكثر من ربع وقت المؤتمر على الأكثر».
ثالثًا: التقدم بمقترحات يمكن أن تكون منطلقات للبحث عن مفهوم بديل وعن أساليب جديدة في الممارسة تتجاوز سلبيات الممارسات الغربية، وربما كان من الأجدر أن يخصص جل وقت المؤتمر لهذا الأمر الثالث، وخاصة أن ضيوف الشرف الذين خاطبوا المشاركين على مدى اليومين ومنهم نائب رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم، والأمين العام لرابطة دول جنوب شرق آسيا اجيت سينغ، والقائم بأعمال البوسنة والهرسك في كوالا لمبور مندوبًا عن حارث سيلاجيتش رئيس وزراء البوسنة - الذي لم يتمكن من المشاركة بسبب الأوضاع الراهنة في بلاده كلهم ركزوا أحاديثهم حول تعرية الغرب، وكشف زيف ادعاءاته في الدفاع عن الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان.
ولربما كانت صدمة المشاركين في المؤتمر أخف وطأة لو أن عنوان المؤتمر كان حول كشف النفاق الغربي أو حول التناقض الغربي بين الادعاء والممارسة أو حول نقض الأصول الفلسفية للمفهوم الغربي لحقوق الإنسان أو ما يفيد ذلك من عناوين وشعارات، فهذه هي القضايا التي لم يتجاوزها المؤتمر بما قدمت خلاله من أوراق عمل، ولذلك كانت تدور في أروقة فندق ذي ليجند - أي الأسطورة - الذي عقدت فيه جلسات المؤتمر نقاشات كثيرة حول هدف المؤتمر ومدى جدوى انعقاده لمجرد صب جام الغضب على الغربيين، وتقدم أكثر من مشارك بمداخلات أثناء الندوات باعتراض على منهجية المؤتمر مطالبين بالدخول في صلب الموضوع الذي من أجله جاءوا من أقاصي الأرض عبر المحيطات، وتقدم أحد المشاركين باقتراح أن يخرج المؤتمر بتوصية لعقد ندرة متخصصة يدعى لها مندوبون عن منظمات حقوق الإنسان العالمية وعدد من فقهاء القانون من الغرب والشرق لإعادة النظر في مفهوم حقوق الإنسان والأسس التي يقوم عليها، إلا أن المؤتمر انتهى بلا توصيات ودون إصدار بيان ختامي وغابت عنه كل المنظمات الحقوقية الغربية بلا استثناء، وقد فسر الدكتور شاندرا مظفر مدير عام مؤسسة العالم العدل، هذا الغياب بأنه نابع من مناهضة هذه المنظمات الفكرة إعادة النظر أو إعادة التفكير في مفهوم حقوق الإنسان، مؤكداً أنه دعاها جميعا إلى المشاركة ولكنها أبت ذلك.
وعلى الرغم مما سلف إلا أنه لابد من الإشادة بالقيمة العلمية للأوراق التي قدمت كل في مجالها، حيث تعرضت بالنقد التحليلي للمفاهيم والسياسات والممارسات الغربية، وفيما يلي سرد لهذه الأوراق- التي يمكن للمهتمين الحصول على نسخ منها من مؤسسة «العالم العدل»
جلسات المؤتمر
الجلسة الافتتاحية: كلمة الدكتور مهاتير محمد رئيس وزراء ماليزيا حول النفاق الغربي في التعامل مع قضايا حقوق الإنسان.
جلسة العمل الأولى: حول الأبعاد المختلفة للهيمنة الغربية على العالم وآثارها على حقوق الإنسان لخمسة أسداس البشرية:
1 - الأبعاد التاريخية للهيمنة الغربية على العالم وأثارها على حقوق الإنسان الخمسة أسداس البشرية، قدمها السيد «تيسا بالاسوريا» من سريلانكا.
2- الأبعاد السياسية للهيمنة الغربية على العالم وأثارها على حقوق الإنسان الخمسة أسداس البشرية قدمها عضو البرلمان البريطاني السيد «جيريمي كوربين»
3- الأبعاد الاقتصادية للهيمنة الغربية على العالم وأثارها على حقوق الإنسان الخمسة أسداس البشرية، قدمها السيد «مارتن خور كوك بينغ» من ماليزيا.
4- الأبعاد الإعلامية والثقافية للهيمنة الغربية على العالم وآثارها على حقوق الإنسان لخمسة أسداس البشرية قدمها السيد «جيريمي سيبروك» من بريطانيا.
5- الأبعاد الفكرية للهيمنة الغربية على العالم وآثارها على حقوق الإنسان الخمسة أسداس البشرية، قدمها الدكتور «كلاود الفاريس» من الهند.
6- الأبعاد العلمية والبيئية للهيمنة الغربية على العالم وأثارها على حقوق الإنسان الخمسة اسداس البشرية، قدمتها الدكتورة «فاندانا شيفا» من الهند.
جلسة العمل الثانية حول الأثر السلبي لسياسات الهيمنة الغربية على حقوق الإنسان الشعوب المناطق المختلفة من العالم غير الغربي:
1 - أثر سياسات الهيمنة الغربية على حقوق الإنسان لشعوب أمريكا اللاتينية، قدمها الدكتور «ألياندرو بیندانا» من نيكاراغوا
2- أثر سياسات الهيمنة الغربية على حقوق الإنسان لشعوب غرب آسيا وشمال إفريقيا، قدمها الأستاذ «عادل محمد حسين» من مصر.
3- أثر سياسات الهيمنة الغربية على حقوق الإنسان لشعوب إفريقيا السوداء، قدمها البروفيسور «مدثر عبد الرحيم» من السودان.
٤۔ أثر سياسات الهيمنة الغربية على حقوق الإنسان لشعوب جنوب آسيا، قدمها البروفيسور «اشیش ناندي» من الهند.
5- أثر سياسات الهيمنة الغربية على حقوق الإنسان لشعوب شمال شرق آسيا، قدمها كل من السيد «زيو بوهوا» والسيدة «نيولي هوا» منالصين.
6- أثر سياسات الهيمنة الغربية على حقوق الإنسان لشعوب جنوب شرق آسيا قدمتها السيدة «إنداى لورد ليس ساجور» من الفلبين.
جلسة العمل الثالثة: حول وجهة النظر الغربية السائدة حول حقوق الإنسان وواقع حقوق الإنسان في المجتمعات الغربية.
1- حقوق الإنسان والواقع الاجتماعي في الغرب، قدمها البروفيسور ريتشارد فولك من الولايات المتحدة الأمريكية.
2- حرية التعبير في الغرب: خرافة أم حقيقة، قدمها البروفيسور «إدوارد هيرمان» من الولايات المتحدة الأمريكية.
3- ثقافة الفردية في الغرب وأثرها على حقوق الإنسان، قدمها «إقبال أساريا» من أوغندا.
4 - العنصرية في الغرب وأثرها على حقوق الإنسان، قدمها البروفيسور «ديفيد دويوا» من الولايات المتحدة
5- ثقافة الخوف والعنف في الغرب وأثرها على حقوق الإنسان، قدمها البروفيسور «على المزروعي» من كينيا.
6-وهم حقوق الإنسان ومأساة البوسنة والهرسك، قدمها البروفيسور «مصطفى شيريش» من البوسنة والهرسك.
جلسة العمل الرابعة: حول الانتقال من المفهوم الغربي لحقوق الإنسان إلى مفهوم عالمي الكرامة الإنسان، ومن المؤسف أن الأوراق التي قدمت خلال هذه الجلسة لم تلب توقعات العنوان ولم تتقدم بأي اقتراح بديل للمفهوم الغربي، كما كان يرجى لها باستثناء ورقة الدكتورة رنا قباني التي نقضت الأسس العلمانية للمفهوم الغربي والتي بينت كيف أضحت العلمانية نفسها وسيلة لانتهاك الحقوق الأساسية للإنسان، كما يحدث الآن في فرنسا وبريطانيا على سبيل المثال وكان ترتيب الأوراق المقدمة في هذه الجلسة على النحو التالي:
1-البحث عن حقوق الإنسان في آسيا. قدمها الدكتور «ضياء الدين ساردار» منباکستان.
2 - الدين والعلمانية وحقوق الإنسان قدمتها الدكتورة «رنا قباني» من سوريا.
3- القيم الأسيوية الروحية والخلقية وحقوق الإنسان، قدمها البروفيسور «محمد مصطفى أيوب» من لبنان.
4-من حقوق الإنسان إلى كرامة الإنسان، قدمها الدكتور شاندرا مظفر من ماليزيا.
وقد خرج معظم المشاركين في المؤتمر بانطباع سلبي بأن الفرصة لإعادة النظر أو إعادة التفكير لم تتح أمامهم وأن ما قدم من أوراق وما تبعها من نقاش لا يعدو كونه خطوة أولى نحو إعادة التفكير في المفهوم الغربي لحقوق الإنسان، وتشكلت القناعة لدى هؤلاء بأنه لابد من ندوة متخصصة تخدم هذه القضية بعد أن أجمع الكل على إفلاس الغرب أخلاقيًا وعقائديًا وفقدانه الكافة عناصر المصداقية والأهلية القيادية.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل
الأطر العامة والمرتكزات الأساسية في بناء الحضارات (5) الحضارة: تاريخ المصطلح ودلالة المفهوم
نشر في العدد 1536
15
السبت 25-يناير-2003