العنوان عرب ما بعد احتلال العراق: صدمة وقلق.. وخوف من مجهول
الكاتب خدمة قدس برس
تاريخ النشر السبت 03-مايو-2003
مشاهدات 10
نشر في العدد 1549
نشر في الصفحة 30
السبت 03-مايو-2003
لم يشكل غزو العراق، وما نجم عنه من إسقاط نظام الحكم، صدمة بالنسبة للشعوب العربية وحدها، بل شكل أيضًا صدمة لأنظمة ترقب الأحداث بعين قلقة وتقرأ في الحدث رسائل غير تلك التي يقرأها إنسان الشارع العربي، الذي اعتاد على الصدمات طوال العقود الماضية.
وتعتبر الحرب على العراق، بحسب أحد أهدافها المعلنة، أول حرب من نوعها يتم شنها ضد دولة عربية بهدف تغيير نظام الحكم فيها. ورغم نجاح هذه الحملة في إسقاط نظام الحكم فإن الجانب الأهم، وهو تنصيب نظام آخر، لا يزال متعثرًا ويواجه إشكاليات جذرية تنبئ بحاجة القوات الغازية إلى أشهر إن لم يكن سنوات من فرض السيطرة العسكرية حتى تنجح المهمة.
فمع وقوع العراق تحت الاحتلال العسكري المباشر من قبل دولة غازية، تدير سياساته الخارجية والداخلية، بما ينسجم مع مصالحها وسياساتها فإن دول المنطقة ستعاني من ذلك. وستضطر إلى توليف استراتيجياتها بما يتناسب مع المتغير الجديد.
الاحتلال الأمريكي للعراق والسقوط السريع وغير المتوقع لبغداد، خلق حالة من الترقب والحذر الشديدين في صفوف المحللين والمراقبين السياسيين جعلهم يحجمون عن التحدث عن توقعاتهم لمستقبل العراق والمنطقة وأشعل خلافًا بين الدول العربية في تفسير ما الذي يجري على أرض العراق، هل هو «احتلال» أم عملية تغيير النظام حكم مارق، ستنسحب بعده القوات الغازية لفتح المجال أمام العراقيين لحكم أنفسهم بأنفسهم.
ويرى أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأردنية د. ذياب مخادمة أن الاحتلال العسكري للعراق يشكل تهديدًا لكل دول الجوار خاصة عندما ندرك أن هذا الاحتلال لم يأخذ الشكل القانوني والشرعي، الأمر الذي من شأنه أن يعطي أمريكا مبررات وحججًا لاحتلال دول أخرى
ويضيف مخادمة إن الخوف الأكبر الذي تعيشه الدول العربية يتمثل في «عدم مقدرتها على مواجهة القوات الأمريكية مهما كانت علاقة هذه الدول مع أمريكا جيدة».
وفيما يتعلق بتأثير الاحتلال على دول المنطقة يقول ذياب إن التأثير كبير ويتعدى الجانب السياسي ليصل إلى التأثير الاقتصادي خاصة على الدول التي كانت تتمتع بعلاقات تجارية مع العراق كالأردن وسورية ومصر، وإن خطورة الأمر تكمن في أن مستقبل العراق أصبح مجهولًا ويعيش الجميع في حالة الانتظار.. ومن هنا نرى أن المنطقة مقبلة على تغيرات جذرية شئنا أم أبينا. فشعار العراق الذي طالما دافع عنه والمتمثل في القضية الفلسطينية انتهى وانكشفت الأمور أمام إسرائيل التي خرجت مستفيدة من احتلال العراق حيث لا يستطيع أن ينادي رئيس عربي بما كان ينادي به العراق، وفق تقدير الأكاديمي الأردني.
وشدد مخادمة على ضرورة أن تقف الدول العربية موقفًا موحدًا في هذه المرحلة التي تهدد الجميع، مشددًا على أن ما يحصل في العراق حاليًا هو احتلال بكل معاني الكلمة ، ولا يجوز للدول العربية أن تختلف على هذا المفهوم، لأن ذلك يعني الاختلاف على شكل مواجهة المرحلة المقبلة.
وأشار مخادمة إلى أن التاريخ لم يسجل رضوخ شعب ما للاحتلال «فما بالك إن كان ذلك هو الشعب العراقي؟»، موضحًا أن العراقيين الآن منشغلون في ترتيب الوضع الداخلي ومحاربة «الغوغاء». وتوقع أن تبدأ عمليات المقاومة بعد أن يتم تجاوز المرحلة الحالية الداخلية ودعا الدول العربية وشعوبها إلى قراءة المرحلة المقبلة قراءة دقيقة، وأن يفهموا استحقاقاتها وأن يحصنوا أنفسهم من احتلال قادم»
ويقول الشيخ حمزة منصور - الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي، أكبر الأحزاب السياسية في الأردن: إن ما حصل في العراق يمثل خطورة كبيرة على الأمة و «إن أخطر ما في ذلك هو الوهن وفقدان الأمل الذي يمكن أن يسيطر على الجمهور ويشدد على الدور الذي يجب أن يلعبه علماء الدين والفكر في بعث الأمل في النفوس ومخاطبة الناس بما يريح العقل والروح.. حديث الله ورسوله».
ودعا منصور العلماء إلى القيام بمسؤولياتهم وأخذ روح المبادرة والاستعداد لأن صراعنا مع الأعداء طويل ولن يحسم بجولة أو اثنتين.. وأن إخراج الاحتلال يحتاج إلى القوة والمقاومة.
ووجه نداء إلى الشعوب والحكومات العربية بأن يخرجوا من حالة الصدمة التي يعيشونها و«يدركوا أن العراق أضحى تحت احتلال بغيض جاء ليدمر كل شيء.. العقيدة والحضارة والإنسان.. فلم يعد أمامنا غير الاعتصام بحبل الله المتين وعدم إمهال المستعمر» واعتبر منصور أن سقوط النظام العراقي انهيار لما يسمى النظام الرسمي العربي
من جانبه يقول المحلل السياسي جورج حداد: «إن تأثير الحرب ينسحب على كل شؤون الحياة في الهلال الخصيب بشكل مباشر والدول العربية الأخرى، وإن كان التأثير متفاوت الدرجات وأضاف أن التغيرات والانعكاسات ستكون سلبية على مختلف القطاعات السياسية والاقتصادية والأمنية والنفسية نتيجة احتلال العراق»
وأشار حداد إلى وجوب وجود مبادرات عربية لتحصين الأمة ضد الاحتلال، وإن كان الدول العربية متنوعة في مفاهيمها للاحتلال وتأثيراته، مؤكدًا أن الهجوم الكاسح الذي تعرضت إليه سورية يحتم عليها أن تحصن نفسها وأن تأخذ كل الاحتياطات العسكرية والسياسية اللازمة للوقوف في وجه مخططات العصابة اليهودية المتغلغلة في الإدارة الأمريكية وفق تقديره
وأعرب حداد عن اعتقاده أن دولًا عربية سوف تتنافس بينها على المدى القريب على زيادة الرضوخ والانصياع للضغوط الأمريكية وفق تعبيره. ويعتقد حداد أن المقاومة الشعبية العراقية لن تنقطع فهي بدأت الآن، وستحاول أمريكا خلق عمليات اقتتال بين مختلف الطوائف الدينية والإقليمية يساعدهم في تحقيق مخططهم بعض العملاء، لكن عقلاء الشعب العراقي يرفضون مثل هذا الاقتتال المفتعل لأن قضيتنا هي حفظ وبقاء العراق .
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل