العنوان عناد الزوجة.. ثقوب في جدار الأسرة
الكاتب عبده دسوقي
تاريخ النشر السبت 01-سبتمبر-2018
مشاهدات 32
نشر في العدد 2123
نشر في الصفحة 62
السبت 01-سبتمبر-2018
عناد الزوجة.. ثقوب في جدار الأسرة
عناد الزوجة مؤشر خطير على عدم التوافق بين الزوجين
.. وقد يكون سمة أصيلة فيها استمدته من مراحل حياتها الأولى نتيجة التربية الخاطئة
لا بد أن ندرك أن المرأة مخلوق ضعيف حتى ولو ظهرت بشيء من قوة الشخصية أمام الجميع
نجاح الحياة الزوجية يتطلب قدراً من التفاهم ومزيداً من الحب وتقديم بعض التنازلات والتجاوز
عن الهفوات
عبده مصطفى دسوقي
باحث مصري
أجراس الإنذار انطلقت بشدة في الآونة الأخيرة لكثرة ما يعتري الأسر من خلل وانهيارات توشك أن تدمر المجتمع، فقد أصبحت الزوجة تعيش حياة الند للند في البيوت، وأنها متساوية مع الزوج في كل شيء، ويزداد ذلك في البيوت التي تعمل فيها الزوجة وتشعر وقتها بالاستقلال المادي عن الزوج.
تمتلئ المحاكم بكثير من قضايا الخلع التي ترفع لأتفه الأسباب التي أصبحت خطراً متوحشاً في المجتمع، التي تقوض أركان الأسر وتزلزل جنباتها فتنهار البيوت ويتفكك المجتمع، بل نجد في هذه الأيام كثيراً من النساء تحابي وتسمع كلمة أهلها قبل كلمة زوجها بل وتفضل كلام أهلها وتفعل به رغم كلام زوجها، إنها حالة استشرت بين نساء المسلمين وأصبحت ظاهرة منتشرة بينهن.
وبعضهن يصلتن سيف المساواة على رقاب الأسرة، فنجدها تقول: أنت لست أفضل مني، لا فرق بين الرجل والمرأة، أنا أعمل مثلك.. إلخ من العبارات التي نسمعها من الزوجة لزوجها فتكون عوامل اشتعال متوهجة في البيوت.
مؤشر خطير
ويعد عناد الزوجة مؤشراً خطيراً على عدم التوافق والتكيف بين الزوجين، وعدم قدرتهما على مواجهة المشكلات التي تعترض حياتهما الزوجية، إذ تشير الأبحاث الاجتماعية إلى أن العناد بين الزوجين أحد الأسباب الرئيسة لتفاقم المشكلات بينهما، وأنه يلقي بظلال نفسية وتربوية وانفعالية على الزوجين، وقد تمتد إلى أولادهما.
تقول د. زينب عبدالجليل، الأستاذ المشارك بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة: «يعد عناد الزوجة أول مؤشرات عدم قدرتها على التوافق والتكيف مع الظروف المحيطة بها، وهو قد يكون مؤشراً لضعفها، وقد يكون ستاراً زائفاً تدعي من خلاله القوة لتداري ضعفها، ويشير علماء النفس إلى أن العناد صفة موجودة في الرجل والمرأة، لكنه أكثر وضوحاً عند المرأة، فهو سلاحها الوحيد الذي تدافع به عن نفسها أمام ما تعتبره قوة للرجل واستبداداً لا قِبَل لها بمواجهته؛ فتلجأ إلى الرفض السلبي لما تراه لا يتوافق مع أسلوبها ومشاعرها؛ فيترجمه الزوج على أنه عناد وتبدأ المشكلات».
ويضيف علماء النفس: إن عناد الزوجة قد يكون سمة أصيلة فيها استمدته من مراحل حياتها الأولى نتيجة التربية الخاطئة، حيث يلبي الأهل لها كافة متطلباتها تحت سيف العناد، وبالتالي تعتقد أن العناد هو الأسلوب الأمثل لتحقيق المطالب، كذلك قد تكون الزوجة نشأت في بيت تتحكم فيه الأم؛ فتحاول أن تحذو الحذو نفسه في بيتها ومع زوجها.
لقد أوجب الإسلام الحنيف على الزوجة طاعة زوجها، كما دل القرآن والسُّنة على أن للزوج حقاً مؤكداً على زوجته، فهي مأمورة بطاعته، وحسن معاشرته، وتقديم طاعته على طاعة أبويها وإخوانها، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه، ولا تأذن في بيته إلا بإذنه» (رواه البخاري، 4899).
وعصيان الزوجة لزوجها وعنادها يعتبر نشوزاً وخروجاً عن المألوف، فمن الطبيعي أن تطيع الزوجة زوجها، وتحترمه، وتصونه، وذلك لأن طاعة الزوج أمر فرضته كل الأديان السماوية، لكن دون تجاهل حق الزوجة الذي كفله الإسلام.
فلا ينظر الرجل لحقوقه متغافلاً حقوق زوجته عليه التي تجلب المعروف وتزيد الحب بينهما.
أسبابه:
أولاً لا بد أن ندرك أن المرأة مخلوق ضعيف حتى ولو ظهرت بشيء من قوة الشخصية أمام الجميع، ولعنادها وعدم طاعتها لزوجها أسباب كثيرة، منها:
1- الفوارق الاجتماعية بين الزوج وزوجته، وعدم التوافق بينهما سواء كان مادياً أو فكرياً أو حتى فارق السن.
2- البعد الديني وعدم وعي المرأة بمكانة زوجها، وأهمية احترامه وطاعته، وجهلها بحقوق الزوج وواجباتها نحوه، من أكثر أسباب عصيان الزوجة لزوجها.
3- ظلم الزوج للزوجة وتقصيره في إدارة شؤون منزله أو في رعاية الأبناء، وعدم مراعاته لحدود الله في التعامل مع زوجته.
4- سوء خلق المرأة وعدم تربيتها تربية سليمة، فضلاً عن وجود مشكلات بين الزوجة وزوجها وعدم تفهمها لاهتماماته واحتياجاته.
5- كثرة الأصوات حول المرأة التي تدعو إلى الاستقلال والتحرر عن الزوج، وتأثر الزوجة بمثل هذه الأصوات، دون التمييز بأن الدين وعادات وتقاليد المجتمع الشرقي تختلف عن المجتمع الغربي.
خطوة نحو العلاج
تضرب المشكلات الأسرية جنبات المجتمع الإسلامي بقوة لما آل إليه الحال من تغيب العلماء والمربين وكتم أصواتهم، وإفساح المجال لدعاة الانحلال والتغريب وتحرير المرأة؛ ما جعل المجتمعات كلها على شفا جرف هار يوشك أن ينهار وتنهار البنية التحتية المجتمعية للأسر.
ولا بد من وقفة لعلماء الأمة لوضع حلول مؤسسية ومجتمعية وفردية لعلاج هذه الثقوب التي برزت في جدران الأسر.
وأياً كان سبب عناد الزوجة، فإنها تستطيع التخلص من الآثار السلبية لهذا العناد، بل يمكنها توجيهه إلى ما يفيد، بل بمقدورها تحويل عنادها إلى طاقة إصرار لتحقيق أهداف إيجابية أو التخلص من صفات سلبية، وذلك بعدة وسائل، منها:
1- التمسك بآداب الحوار البناء مع الزوج –ومع غيره أيضاً– وعدم التشبث المريض بالرأي والاستماع إلى حجة الطرف الآخر وتقديرها.
2- استحضار نية حسن التبعل عند وقوع الخلاف مع الزوج.
3- احترام الرأي الآخر ونسيان المواقف السلبية السابقة والتعامل بروح التسامح، والعفو بين الزوجين حتى تسير الحياة في أمان واستقرار.
4- من المهم إبعاد الأطفال من دائرة الخلاف بين الزوجين الناجم عن العناد، وعدم الاستعانة بهم للانتصار لرأيك أو موقفك.
5- منح الزوجة مزيداً من الحب والاهتمام والتقدير والاحترام.
6- تجنب الأسباب المؤدية للعناد، أما إذا كان العناد طبعاً فيها فليصبر الزوج ويحاول قدر المستطاع تجنب مواطن النزاع حتى تتخلص من هذه الصفة.
إن نجاح الحياة الزوجية يتطلب قدراً من التفاهم والاحترام ومزيداً من الحب، وتقديم بعض التنازلات والتجاوز عن الهفوات، والتغاضي عن الزلات، والتعالي على الأنانية والعناد وتصيد الأخطاء.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل