; عندما حانت لحظة الحقيقة.. دفع «أوباما» بـ«مبارك» إلى الهاوية | مجلة المجتمع

العنوان عندما حانت لحظة الحقيقة.. دفع «أوباما» بـ«مبارك» إلى الهاوية

الكاتب يوسي بيلين

تاريخ النشر السبت 26-فبراير-2011

مشاهدات 12

نشر في العدد 1941

نشر في الصفحة 44

السبت 26-فبراير-2011

ساهم عصر «تويتر» و «فيسبوك» حتمًا في خلق اتصال بين الثوار.. لكن الثورة تُصنع في الشارع وليس على شبكة الإنترنت.

قد يظل الميدان فارغًا أعوامًا طويلة لكنه عندما يمتلئ يكون الغضب القاسم المشترك الأكبر فيه.. وعندها تبرز المطالبة بشيء واحد.. «رأس الرئيس».

  عندما أدركت إدارة «أوباما» أن «مبارك » فقَدَ تأييد شعبه دفعته إلى الحائط وطلبت منه أن يضع حدًّا لتمسّكه بمنصبه.

ترجمة: جمال خطاب

لا توجد أي إمكانية لمعرفة متى سينفجر الموقف، فهذا ليس «يوم الغفران» لأجهزة المخابرات في العالم، وذلك لأن الثوار أنفسهم لم يكونوا يعرفون أنهم يقفون أمام الثورة.. لم تكن هناك وثائق سرية في الخزائن، ولا خطط نجحوا في إخفائها عن أعين الإعلام والعالم، هذا ببساطة ما حدث.. ثورة مثل البركان الهادئ، الذي حتى لحظة انفجاره يشكل جزءًا جميلًا من المشهد الرائع.

 كنا نعرف دائمًا أنه إذا لم تتحقق تغييرات مهمة في هذه الأنظمة المتسلطة، فسيأتي يوم يثور الجمهور، قد تكون حادثة طريق، مثل تلك التي أشعلت الانتفاضة في فلسطين.. ويُحتمل أن تكون شابًا عاطلًا عن العمل يحرق نفسه كما حدث في تونس.

كان الحديث يدور دومًا عن حدث ليس «دراماتيكيًا » بالضرورة، ولكنه القشة التي تقصم ظهر البعير وتثير الجماهير، وتجلبهم إلى الميدان الذي قد يقعون فيه مصابين أو قتلى.. هذه هي اللحظة التي يتوصلون فيها إلى الاستنتاج بأنه ليس لديهم ما يخسرونه.

النموذج الأفضل

يجب أن تستمر المطالبة بالتحول الديمقراطي، وإن كان من المشكوك فيه للأنظمة المطلقة أن تستجيب لها، فهي سترى دومًا أن التخلي عن صلاحياتها يُعتبر نوعًا من الاستسلام، وهي تفهم أنه لن يُرضي الجماهير أي تنازل، ومعظم

الزعماء سيفضلون أن يقيموا دولًا شرطية متسلطة إلى أن يسقطوا.. وعليه، فالسؤال هو: متى ستتآزر وتتعاون الجماهير وتتحلى بالشجاعة التي تدفعهم للثورة، وليس متى سيفهم الزعماء أن عليهم أن يتنازلوا؟

والصين هي النموذج الأفضل، بل والأكبر.. فكم من الوقت كان يمكن الإبقاء على 1.4 مليار نسمة في إطار مصطنع جدًا، مع قيود شديدة على الحريات الشخصية، في وضع يكون فيه المواطنون متعلمين ويطّلعون أكثر فأكثر على وسائل الإعلام العالمية؟

إذا لم يُسمح للأحزاب المختلفة بالمنافسة على قلب الناخب الصيني، وإذا لم تُمنح حرية تعبير حقيقية، ويستمر زج الحاصلين على جائزة «نوبل» للسلام في السجون، فستأتي اللحظة التي تأتي فيها الجماهير إلى الميدان.. وفي اللحظة التي تتماثل فيها قوات الأمن مع المتظاهرين وليس مع من يرسلهم لقمعها، سيتغير النظام.. هذا يمكن أن يحدث اليوم، أو بعد ست سنوات، ولكنه لن يتأخر عشرات السنين، وعندما يحصل فإن هذا لن يكون يوم غفران آخر للمخابرات، لأنه لن يكون ممكنًا معرفة ذلك مسبقًا.

سيساهم عصر «تويتر » و«فيسبوك» حتمًا في خلق اتصال بين الثوار، ولكن الثورة تُصنع في الشارع وليس على شبكة الإنترنت، فعشرة ملايين مشارك في الصفحة لن يحلوا محل مائة ألف نسمة في الميدان، ممن يكونون مستعدين لكشف وجوههم، لرفع اللافتات والتعرض للضربات.. صحيح أن الحاكم المستبد مقتنع ب أن المواطنني أدوات ف ي يديه، يهتفون لكل شعار هراء له ويصرخون باسمه، لكن خوفه منهم شديد.

والناس للوهلة الأولى، دون سبب واضح، كفيلون بتغيير أذواقهم مهما كان الحكم الجديد، على ألا يبقى الحكم القائم.. «لقد تعبتُ ومستعد للرحيل، ولكن عليَّ أن أبقى لزمن قصير آخر كي أضمن ألا تقع هنا الفوضى»، يقولها الحاكم المرشح للتنحية، وهو يؤمن بذلك من كل قلبه، ولم يعد يفهم أن أقواله تُسمع كنكتة سخيفة في آذان الجماهير.. الميدان يمكن أن يظل فارغًا لسنوات وسنوات، ولكنه عندما يمتلئ يكون الغضب هو القاسم المشترك الأكبر فيه، وعندها فإنه يطالب بشيء واحد.. «رأس الرئيس» .

السيطرة الذكية على أجهزة الأمن لا تكفي وحدها لضمان السيطرة على الشارع، والاختبار الحقيقي ليس الأجهزة بل من يستخدمها، والمستخدم لا يكون في أي حال الحاكم نفسه، بل دومًا الأشخاص الهادئين الذين لا يعرف أسماء معظمهم، ممن يؤدون التحية له باستسلام، ويفتحون له باب السيارة المحصنة، ويهمسون في أذنه بسر استخباري.

وهو يرغب بأن يرى فيهم مخلصين له في كل لحظة وفي كل ظرف، وسيفاجأ دائمًا بأنهم ليسوا رجالًا آليين.. وفي نهاية الدوام الرسمي، لن يقوم هؤلاء الأشخاص باستخدام الأجهزة المسؤولين عنها، إذا ما قرروا أنه لا مبرر لذلك أو أن الحديث يدور عن تمسك مجنون بالسلطة، وسيكشفون وجوههم الحقيقية، وسيكونون هم الذين يقصرون ساعات الرجل الذي خدموه لسنوات طويلة.

لحظة الحقيقة

عندما يُسأل قادة الإخوان المسلمين عن اتفاق السلام مع «إسرائيل»، سيجيب معظمهم بأنهم سيحترمون كل تعهدات مصر، بما في ذلك اتفاق السلام.. وتُظهر عدسة الكاميرا كم هو صعب عليهم قول هذا، ولكن الواضح أنهم إذا كانوا معنيين بشرعية دولية فلا مفر أمامهم.. فالإخوان المسلمون شجبوا الاتفاق مع «إسرائيل»، ولو كان الأمر منوطًا بهم لما وقع أبدًا، ولكن قوة الاتفاق الموقع شديدة جدًّا.

من يؤمن بأن اتفاقات السلام مع جيراننا هي مصلحة «إسرائيلية»، فإن عليه أن يبذل جهدًا كبيرًا كي يوقع على مثل هذا الاتفاق في اللحظة التي يكون فيها الطرف الآخر مستعدًا لذلك، دون أن يطلب ضمانات لتنفيذ الاتفاق حتى في وضع تغيير الحكم.. حتى لو كانت الحجة أن «محمود عباس» ليس زعيمًا قويًّا حجة محقة، وحتى لو كان صحيحًا أنه لا يعبر عن رأي قسم من الفلسطينيين فإن اتفاقًا موقعًا معه كرئيس لمنظمة التحرير الفلسطينية أمام العالم بأسره، سيضمن بقدر كبير أن يُحترم الاتفاق، حتى إذا وقع الحكم في أيدي عناصر لم تكن أبدًا لتوقع بمبادرتها وبملء إرادتها على مثل هذا الاتفاق.

أحيانًا قد تؤدي علاقات الثقة بين الزعماء إلى قرارات مهمة لدولهم، ولكن في لحظة الحقيقة تؤدي هذه العلاقات دورًا ثانويًا.. فعندما قدرت إدارة «أوباما» أن «مبارك» فقَدَ تأييد شعبه، لم تعد مستعدة لأن تذكر له فضائله السابقة؛ مثل: تأييد الولايات المتحدة في حرب الخليج، والسياسة المؤيدة للغرب، والحفاظ على اتفاق السلام مع «إسرائيل» .

وفي لحظة الحقيقة، كان على «مبارك» أن يُثبت لـ«أوباما» أن الحفاظ على حكمه ممكن، وإن في ذلك أهمية إستراتيجية للولايات المتحدة.. ولما لم يفعل ذلك، دفعه «أوباما» إلى الحائط وطلب منه أن يضع حدًا لتمسكه بمنصبه، وفجأة تحولت مشاهد زياراته إلى الولايات المتحدة كصور من عوالم بعيدة!

استعادة الحريات

هناك أناس بطبيعة معتدلة، وهناك من هم قليلو الصبر شديدو الغضب، ويُحتمل أن يكون للطابع القومي تأثير على ذلك.. ولكن لا يوجد أناس لا يمكن إخراجهم من هدوئهم، ولا يوجد أناس يسلمون بمنع حرياتهم إلى الأبد، لاسيما حني يكونون على علم بأن آخرين في العالم غير مقيدين بالقيود المفروضة عليهم.

التفسير الوارد الذي يقول: إن المصريين مستعدون للتسليم بكل نظام كان تفسيرًا سخيفًا، مثله مثل كل محاولة أخرى للتنبؤ بتسليم كل شعب بالنظام في بلاده.. أحيانًا يدور الحديث عن أنظمة وحشية تهديدها أكبر، وتنجح في ردع شعوبها على مدى زمن أطول، وأحيانًا أخرى يدور الحديث عن جمهور عانى لسنوات طويلة ولا يسارع إلى التمرد ودفع الثمن.. ولكن في نهاية المطاف، الناس يريدون أن يحرروا أنفسهم من السجون، بما في ذلك أكثر السجناء انضباطًا!

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

الحركة الإسلامية في الهند

نشر في العدد 6

112

الثلاثاء 21-أبريل-1970

مناقشات حول الحركة الإسلامية

نشر في العدد 11

37

الثلاثاء 26-مايو-1970