; مداد القلم.. غذاء فاسد | مجلة المجتمع

العنوان مداد القلم.. غذاء فاسد

الكاتب سلمان مندني

تاريخ النشر الثلاثاء 13-يوليو-1993

مشاهدات 18

نشر في العدد 1057

نشر في الصفحة 65

الثلاثاء 13-يوليو-1993

ينتشر على ألسنة الكثير من الناس بأن الموسيقي غذاء الروح هكذا تعبير مباشر، كأنه بديهية لا جدال فيها دون أن يمعنوا النظر في دلالة الكلمة وما تلقيه من خلط في الفكر والحس وما هو إلا نقل لتعبير أجنبي في هذا المعنى. فإن للكلمة في أية لغة تأثرًا كبيرًا ببيئتها كما هو معلوم فتأخذ دلالتها من تفكير أهلها وتصوراتهم وعاداتهم ومألوفاتهم اليومية. ومن هنا تأتي خطورة نقل الأسماء دون النظر إلى ملاءمتها لبيئتنا الإسلامية وتصوراتنا الدينية فإن الروح من أمر الله خلقها ويعلم ما يشبعها وما يرويها إن صح التعبير والروح غيب نهى الله تبارك وتعالى الخوض في كينونته لكونه أكبر من إحاطة الفكر واستيعابه. وكذلك أجابهم الله عندما سألوا عن الروح ﴿ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا (الإسراء:85) فهو أمر من الله غيب، والخوض في الغيب لا يؤدي إلا إلى مزيد من التخبط والضلال في القول. فكذلك. نقول أنه ليس هناك دليل من نص في شأن الروح وماهيته وحاجاته وما يشبع هذه الحاجات ومايسد جوعته.. حسب تصورهم.

فقولنا بأن الموسيقي غذاء لها، تقول على الله ليس له سند ولا دليل، بل ويخشى أن يكون اعتراضًا على قوله تبارك وتعالى ﴿قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي  أراد به المولى عز وجل إنهاء للقضية كي لا تكون مطروحة للنقاش والجدل وإبداء الرأي، والمحصلة هذر لا يمسك ولا يذر هذا الكلام لا أسوقه للعامة الذين يسمعون فيقولون ولكني أسوقه لأهل العلم في هذا الفن والذين لا يدعون فرصة في مقال أو مقابلة إلا وساقوا هذا التعبير الذي يتنافى مع التصور الإسلامي الصحيح أما إذا قصدوا بالروح النفس والقلب والوجدان والمشاعر، فينبغي لنا أيضًا أن نفرق بين ما يؤثر في النفس والمشاعر وبين ما يغذيها . فكون بعض الناس يهتز لأغنية يسمعها أو مقطوعة موسيقية ينصت إليها وتفيض مشاعره دموعًا، فلا يعني هذا بالضرورة أنه يتغذى فتحيا مشاعره ويقوى قلبه ويشتد عود وجدانه، لأننا لو سلمنا بمثل هذا الكلام لسلمنا بالضلالة والجهالة والتلبيس والخداع.

فمن قال أن من لا يسمع الغناء ولا ينصت لموسيقي، ميت القلب والإحساس والمشاعر. فليس جميع الناس يحب الموسيقى. مع أن الذي نقطع به بالدليل هو أن الذي يخلو قلبه من القرآن ميت الاحساس والمشاعر، هو أشبه بالبيت الخرب كما قال الصادق صلى الله عليه وسلم «أن الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب». رواه الترمذي حسن صحيح. بل وأكثر من ذلك فإنه في ميزان الله ميت كما جاء في قوله صلى الله عليه وسلم «مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر الله مثل الحي والميت».. رواه البخاري؛ إذن فحياة القلب ومماته مرهونة بما فيه من قرآن وذكر لله وليس بما فيه من حب للموسيقى والغناء.

وليس في الطرب والتمايل والاهتزاز أي دليل على أن الموسيقى غذاء، بل وعلى العكس هو الدليل القاطع على أنها سم يسري في البدن فينسى فيه الإنسان واقعه الأليم من دماء تسفك كل دقيقة وأعراض تنتهك وأرض تحرق وأموال تسرق.

والمسلم في خدر وذهول وهذا ما يريده أعداء الأمة؛ أي غذاء للروح في هذا. بل لعمر الله أي هلاك أشد منه للروح، فالمسألة إذن بحاجة إلى دليل أكبر واجتهاد أوفر إن كان الأمر يستحق اجتهاد المجتهدين مع العلم أن الأدلة جميعها على من يرى الإباحة محصورة معدودة؛ رد علماؤنا الأفذاذ عليها وفندوا ما فيها من استدلال.

أقول إذن ليس هناك مسوغ لأولى النهى يبيح لهم القول بأن الموسيقى هي غذاء للروح أو للقلب، أن على وجه الحقيقة أو المجاز.

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

يا وزيْر التربيَة

نشر في العدد 3

169

الثلاثاء 31-مارس-1970

بـَـريد المحــَـرر في مشكلة

نشر في العدد 3

42

الثلاثاء 31-مارس-1970

نعم نعم

نشر في العدد 1350

34

الثلاثاء 18-مايو-1999