العنوان فاروق جويدة يجـتر أحزان الأمة
الكاتب صلاح حسن
تاريخ النشر السبت 28-فبراير-2004
مشاهدات 19
نشر في العدد 1590
نشر في الصفحة 53
السبت 28-فبراير-2004
هكذا يكون الشعر والشاعر، وهكذا تكون قيمة الكلمة الشعرية ذات التأثير والتغيير، وهكذا تكون قدرة الأمة على المقاومة والصمود ومجابهة الأعادي.
في قصيدته« أغضب ولا تسمع أحدًا» إلى الصامدين من أبناء هذه الأمة في فلسطين والعراق المنشورة في جريدة الأهرام القاهرية، يبدع فاروق جويدة ويتألق ويقتنص أسباب هزيمتنا أمام أمم الأرض في عالمنا المعاصر، ويمسك بخيوط اللعبة التآمرية ضد مقدساتنا وأعراضنا وثوابتنا وأرضنا ويعزف على وتر نزار قباني في : نقد أوضاع العرب، وعرض مآسيهم، بل يستعمل نفس قاموسه وكلماته والبحور الشعرية التي كان مغرمًا بها، فها هو ذا يسخر مما يرى في دنيا العرب:
أغضب.. فإن بداية الأشياء
أولها الغضب
ونهاية الأشياء آخرها الغضب
والأرض أولى بالغضب
والعرض أولى بالغضب
سافرت في كل العصور
وما رأيت.. سوى العجب
شاهدت أقدار الشعوب
سيوف عار من خشب
ورأيت حربًا بالكلام
وبالأغاني.. والخطب
ويتساءل جويدة.. لماذا أصبحنا أذل أمة بعد أن كنا -ذات يوم- أقوى أمة على ظهر الأرض؟! ويستنكر تلك الحالة التي قضت على مقدراتنا وكبلت شعورنا وأحالتنا إلى كومة من رماد:
أغضب.. ولا تسمع أحد
قالوا بأن الأرض شاخت.. أجدبت
منذ استراح العجز في أحشائها
نامت.. ولم تنجب ولد
ويصل إلى السر فيما آلت إليه الأوضاع في بغداد الجريحة:
إن للأوطان سرًا ليس يعرفه أحد
إن أخرجوا بغداد من صلواتها
سيكون عار المسلمين إلى الأبد
إن تنصروا الرحمن ينصركم. وهذا ما وعد.
ويسترجع فاروق جويدة مواجعه التاريخية، حيث استكانت الأمة، ورضخت وانمحت من ذاكرتها صور النضال والإنتصار:
أغضب ككل الساخطين النضال
أغضب فإن مدائن الموتى
تضح الآن بالأحياء ماتوا
عندما سقطت خيول الحلم.
وانسحقت أمام المعتدين
أغضب إذا لاحت أمامك
صورة الأطفال في بغداد
ماتوا جائعين
فالأرض لا تنسى صهيل خيولها
حتى ولو غابت سنين
الأرض تفكر كل فرع عاجز
تلقيه في صمت
تكفته الرياح بلا دموع أو أنين
أغضب.. وحاصر طغمة الجرذان في بغداد
لا تسمع صراخ العاجزين
لكن الشاعر يعود إلى حنينه الجارف إلى عز المسلمين وأيامهم برغم سيطرة الأحزان على فؤاده المنكسر:
أغضب فإن جحافل الشر القديم
تطل من خلف السنين
وأسأل ربوع القدس عن أمجادها
وأسأل ثراها عن صلاح الدين
وما بيننا ثار طويل في ربى حطين
أغضب.. ولا تسمع سماسرة الشعوب وباعة الأوهام والمتأمركين.