العنوان فتاوى المجتمع.. العدد 1533
الكاتب أ.د. عجيل جاسم النشمي
تاريخ النشر السبت 04-يناير-2003
مشاهدات 21
نشر في العدد 1533
نشر في الصفحة 58
السبت 04-يناير-2003
عميد كلية الشريعة –جامعة الكويت سابقاً
لا يعالج نشوز الزوجة بنشوز مثله
•أنا متزوج من امرأتين وإذا غضبت من إحداهما...ذهبت عند الأخرى. وأجلس بالأسابيع وهكذا في كلتا الحالتين.. هل أثم بهذا الفعل أم لا؟
أباح الله تعدد الزوجات وأوجب العدل بينهن في المبيت وكذلك في سائر ما هو مادي كالطعام والكسوة ونحوهما، من غير تفرقة بين شريفة ووضيعة على القول الراجح، فإن خاف الإنسان الجور وعدم الوفاء حرم عليه التعدد ولزمه إبقاء ما علم من نفسه العدل فيهن قال الله تعالى: ﴿فَٱنكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ ٱلنِّسَاءِ مَثنَىٰ وَثُلَٰثَ وَرُبَٰعَ فَإِن خِفتُم أَلَّا تَعدِلُواْ فَوَٰحِدَةً﴾(النساء: ۳). وأخرج أبو داود وغيره من حديث أبي هريرة أن النبيﷺ قال: «من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل». ومن هذا يتبين للسائل أن الذي قام به فعل محرم تجب عليه التوبة منه وإرضاء من جار في حقها من زوجاته، وألا يعود إلى مثل ذلك في المستقبل..
المعروف والمنكر
ما الأمر الذي يُقال له معروف وما الأمر الذي يُقال له منكر؛ أو ما حقيقة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟
المعروف هو كل ما عرف من طاعة الله والتقرب إليه والإحسان إلى الناس، أو هو الأمر باتباع محمدﷺ، وما جاء به من الدين من عند الله تعالى، وهو كل ما كان معروفًا فعله جميلًا غير مستقبح عند أهل الإيمان.
وأما المنكر فهو كل ما طلب الشارع تركه وكل ما ليس فيه رضا الله تبارك وتعالى ورضا نبيهﷺ
وأما حكمه فإن الفقهاء مجمعون على مشروعية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو المراد من قوله تعالى:﴿وَلتَكُن مِّنكُم أُمَّة يَدعُونَ إِلَى ٱلخَيرِ وَيَأمُرُونَ بِٱلمَعرُوفِ وَيَنهَونَ عَنِ ٱلمُنكَرِ وَأُوْلَٰئِكَ هُمُ ٱلمُفلِحُونَ﴾(آل عمران: ١٠٤).
وقوله ﷺ:«من رأى منكم منكرًا فليغيره بیده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان».(مسلم (1/69). ويقول الإمام الغزالي: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أصل الدين، وأساس رسالة المرسلين، ولو طوی بساطه وأهمل علمه وعمله، لتعطلت النبوة واضمحلت الديانة، وعمت الفوضى وهلك العباد.(إحياء علوم الدين 2/391عن الموسوعة6/248). قال جمهور الفقهاء: إنه فرض كفاية أي إذا قام به البعض سقط عن الباقين، ولكن لابد أن يقوم به جماعة وإلا أثم الجميع.
وقال بعضهم: إنه فرض عين في المواضع التي لا يستطيع أحد إزالة المنكر، إلا لشخص بعينه فيكون واجبًا وفرضًا عليه إزالة المنكر.
وقال بعضهم: إنه واجب فيما كان واجب الفعل أو واجب الترك، ويكون مندوبًا في المندوب فعله أو في المندوب تركه وهكذا. وقول الجمهور أولى.
الدين والخُلق
•تقدم لخطبتها أكثر من شخص وتسال.. ما المعيار الشرعي لاختيار الزوج، هل هو الخلق أو الدين أو النسب أو الوجاهة؟
معيار اختيار الزوج هو الدين والخلق أما المال والنسب والوجاهة، فأمور تابعة أو ثانوية، وجودها أفضل من عدمها، وذلك لقوله » rإذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه» (أخرجه الترمذي (1085) وكلما كان هناك تقارب بين مستوى الزوج والزوجة كان أفضل، والتقارب أو التكافؤ المطلوب-إنما هو بالنسبة للمال والنسب والوجاهة أو المستوى الاجتماعي كل ذلك أدعى لحسن العشرة بينهما، وإذا انعدمت فلا يمنع من قبول الزوج إذا توافر الدين والخلق .
تلزمه النفقة ... وليست ناشزًا
•سيدة خرجت من بيت زوجها وذهبت إلى بيت أهلها مدعية أنها لا تأمن على نفسها وبناتها بسبب أن زوجها سيئ السلوك، ويأتي ببعض زملائه السيئين إلى البيت ولما ذهبت إلى بيت أهلها امتنع الزوج عن دفع مصروفاتها مع أولادها. فما حكم الشرع في هذا الموضوع؟
إذا كان خروجها بسبب خوفها كما تقول على نفسها وبناتها، فلها النفقة ويلزم الزوج بها ولا تعد الزوجة ناشزًا في هذه الحال، والأمر عند النزاع يحتاج إلى حكم القاضي.
طلاق بائن
•سيدة ساءت العلاقة بينها وبين زوجها، فطلبت منه الطلاق فاشترط أن تدفع له مبلغًا من المال، فدفعته إليه فطلقها، وعندها وثيقة طلاق ولكنه فاجأها أثناء العدة، وقال لها: إنه راجعها وأعادها إلى عصمته، فهل هذا التصرف صحيح؟
إن مطالبة الزوج بإرجاعك أو أن يقول إنه راجعك لا يبنى عليه حكم شرعي ولا يتحقق له الرجعة وإن كنت ما زلت في العدة لأن الطلاق إذا تم في مقابل مبلغ من المال فإنه يكون طلاقًا باننًا، لا يحق للزوج أن يراجع زوجته بعده ولو كانت المراجعة أثناء العدة.
غسل اللحية الكثيفة عند الوضوء ليس واجبا
•ما حكم غسل اللحية الكثيفة عند الوضوء؟
الواجب في الوضوء غسل الوجه، واللحية إن كانت خفيفة بحيث تظهر للناظر بشرة الوجه فيجب غسل اللحية حينئذ، هذا في الشعر الخفيف القصير، أما اللحية الكثيفة، فاتفق الفقهاء على عدم وجوب غسلها، ولا إيصال الماء إلى البشرة، لكن يسن تخليلها عند الشافعية والحنابلة لحديث عائشة: كانﷺإذا توضأ خلل لحيته (أخرجه أحمد (6/234)، وقال الحنفية: تخليلها فضيلة، وكره تخليلها المالكية.
تحقيق في فتوى
واجب المسلمين تجاه نصرة إخوانهم في فلسطين
الجهاد فرض عين على المسلم والمسلمة. كل بحسب قدرته.. بالنفس والمال والكلمة والدعاء وغيرها من الوسائل
يعيش الشباب المسلم اليوم في حيرة كبيرة، فهو يريد أن ينصر إخوانه في كل مكان خاصة في فلسطين المحتلة، لكنه يواجه من العراقيل والسدود ما يحول بينه وبين ذلك، فما دور الشباب المسلم ودور الأفراد والأسر المسلمة، في هذه الفترة التي نعيشها، لنصرة إخوانهم المستضعفين بأرض الإسراء؟
في البداية : يقول الشيخ عبد الستار فتح الله سعيد أستاذ علوم القرآن بجامعة الأزهر: إن المسلم مطالب بأن يفعل ما في وسعه قال تعالى:﴿لَا يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفسًا إِلَّا مَا ءَاتَىٰهَا﴾ (الطلاق: ۷)، وفي وسع كل مسلم أن يفعل أشياء كثيرة المساعدة الشعب الفلسطيني منها :
أولًا: الدعاء لهم، فهذا سلاح من أسلحة المؤمنين، وهو ليس موقفا سلبيًا وإنما هو مشاركة قلبية وفكرية لها ما بعدها.
ثانيًا: التبرع. فالفرد والأسرة مطالبون بالتبرع ببعض الأموال قلت أو كثرت فإنها رمز للتضامن مع الشعب المظلوم المسلط عليه الطغيان الصهيوني.
ثالثًا: لا بد من نشر الوعي بهذه القضية بين الأمة بحيث يعلم القاصي والداني حقيقتها وأنها ليست خاصة بالشعب الفلسطيني، وإنما هي قضية دينية إسلامية تتعلق بديننا وكتاب ربنا ولذلك إذا كان اليهود يعلمون أطفالهم بعض الأناشيد التي منها: «شلت يميني إن نسيتك يا أورشليم، فنحن أولى منهم بأن نعلم أولادنا ونساءنا وسائر أفراد أمتنا أن القدس أولى القبلتين وثالث الحرمين، ومسرى رسول اللهﷺحيث صلى بالأنبياء عليهم السلام جميعا إماما، وكان هذا إيذانا ببيعتهﷺ هو وأمته لكي يحملوا لواء الوحي الإلهي للبشرية إلى يوم القيامة.
خط الدفاع الأول
ومن جهته: يقول الدكتور سالم أحمد سلامة عميد كلية الشريعة بغزة الواجب على المسلمين في فلسطين وخارجها، ومشارق الأرض ومغاربها تجاه إخوانهم في فلسطين أن يتعاضدوا ويتراحموا فيما بينهم في «الراحمون يرحمهم الرحمن»، «وارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء»، فإذا أراد المسلمون في جميع أنحاء الأرض أن يرحمهم الله فعليهم أن يرحموا إخوانهم الذين يقفون في خط الدفاع الأول، والذين تهدم بيوتهم وتقتلع أشجارهم ويقصفون ليلاً ونهاراً على مرأى ومسمع من العالم كله فالواجب أن يتعاطفوا معهم، وأن يمدوا لهم يد العون والتعاطف، وهذا يكون بـ:
أولًا: بشرح قضيتهم في كل مكان.
وثانيًا: بمقاطعة أعدائهم وطرد السفراء ومكاتب التمثيل ومقاطعة التطبيع والبضائع والتجارة معهم.
وثالثًا: عليهم الا ينسوهم من الدعاء في كل صلاة
ورابعًا: يجب أن تستغل الصلوات لتذكير الناس بأولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين وتذكيرهم بأنه أمانة في أعناقهم يجب أن تتضافر جهودهم حتى يعيدوها مسلمة حرة لأن كل يوم يمر على الأقصى وهو أسير، فإنه يشكو إلى ربه تضييع أبنائه له وتخاذلهم عن نصرته، وتدنيس اليهود لحرمته.
والتراحم يعني كذلك ما بينه المصطفىﷺ«من أنه من كان عنده فضل زاد فليعد به علي من لا زاد معه، ومن كان عنده فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له» ( أخرجه مسلم (1728) أي أن يمدوهم بالمال والعتاد والدواء والمستشفيات حتى يطيلوا صمودهم.
ومن جهته، يقول الدكتور محمد السيد دسوقي أستاذ الفقه وأصوله بكلية الشريعة في جامعة قطر الانتفاضة جهاد مشروع لأن العدو الغاصب لن يجدي معه سوى الجهاد، وعلى الأمة الإسلامية كلها. أن تقف من وراء الانتفاضة فقد أصبح الجهاد الآن فرض عين على الجميع، وكل منا يستطيع أن يجاهد بنفسه أو ماله أو رأيه، لأن من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم، وإخواننا في فلسطين يلقون العنت والقتل والاضطهاد كل يوم. وكل مسلم ينبغي أن يشعر بمأساة إخواننا ويعيش معهم بمشاعره وما يستطيع أن يقدمه حتى تظل كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا هي السفلى، أما الأموال التي ترسل إلى إخواننا في فلسطين فإن هناك قنوات معروفة تكفل توصيل هذه الأموال إليهم وإنفاقها في وجوهها المشروعة، ولا يجوز أن نشك في أن هذه الأموال لا تذهب إلى مصارفها المشروعة.
أما الدكتور نزار عبد القادر ريان أستاذ مشارك في علم الحديث بجامعة غزة فيؤكد أن المسلم في غير فلسطين يستطيع أن يجهز الغزاة والمجاهدين فمن جهز غازيًا فقد غزا، ومن خلف غازيًا في أهله بخير فقد غزا، مشددًا على أنه على المسلم خارج فلسطين أن ينوي نية الجهاد، وأن يحدث بها نفسه والناس: رفعًا لهمته وهمتهم، حتى إذا مات مات على غير الجاهلية فإن من لم يغز ولم نفسه بالغزو مات ميتة جاهلية.
ويستطيع المسلم في غير فلسطين أيضًا أن يعينهم على اقتناء السلاح، ولأهل فلسطين طرائقهم في إحضاره، وهذا من أقرب القربات.
كما يستطيع المسلم خارج فلسطين أن يتسلل إلى حدود فلسطين الواسعة، ولو قتل أو قبض عليه، فإنه مما يرهب اليهود أن يجدوا كل يوم مجاهدًا مصريًا وآخر سوريًا وثالث أردنيًا ورابعًا من لبنان وغيرهم من البحر يتسللون إلى الجهاد في فلسطين، فإن بعضهم سيصل ويشجع الآخرين، كما قال تعالى:﴿ٱنفِرُواْ خِفَافا وَثِقَالا﴾(التوبة : ٤١) .
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل