العنوان فتاوى المجتمع (عدد 1807)
الكاتب د. مسعود صبري
تاريخ النشر السبت 21-يونيو-2008
مشاهدات 13
نشر في العدد 1807
نشر في الصفحة 48
السبت 21-يونيو-2008
الاختلاط
ما زالت مسألة «الاختلاط» تلقي بظلالها على اجتهادات المفتين المعاصرين، وربما ظن البعض أن هذه من المسائل التي عفي عليها الزمن وأننا ونحن في زمن العولمة والانفتاح الاجتماعي لا ينبغي أن نفتح مثل هذه المسائل التي ربما تضحك غيرنا علينا، في حين يرى البعض الآخر أنه ما يجب علينا أن نقع أسارى ضغوط الحضارة الغالبة، والتي أتت بعادات ليست من عاداتنا، بل يجب علينا في وقتنا هذا أن نكون أشد تمسكاً بديننا، وأن نأخذ بالعزائم أكثر من الرخص، وأن ممارسة الناس لفعل ما ليس دليلا على أنه مباح، أو يجعلنا نرضخ لظروف الحياة والزمن.
وقد أثار الموضوع فضيلة العلامة القرضاوي في حلقة الشريعة والحياة يوم الأحد 1/6/2008م، وأفتى بأن كلمة الاختلاط من المصطلحات الدخيلة على تراثنا الإسلامي.
وقد تباينت آراء الفقهاء في مسألة «الاختلاط» فيذهب فريق إلى تحريمه على رأسهم: سماحة الشيخ عبد العزيز ابن باز والشيخ محمد الصالح بن عثيمين- رحمهما الله- والشيخ محمد صالح المنجد، والشيخ عبد الله بن جبرين وغيرهم.
أما المجيزون فيشترطون الالتزام بآداب الإسلام في اللقاء والحديث والمعاملة، وأن تكون هناك ضرورة ويأتي على رأسهم العلامة الدكتور يوسف القرضاوي، والشيخ عطية صقر والدكتور عبد الكريم زيدان والمستشار فيصل مولوي، وغيرهم.
أدلة الحرمة
وقد استند القائلون بحرمة الاختلاط إلى عدد من الأدلة الشرعية هي: أن الله أمر بالحديث للنساء من وراء حجاب، فقال سبحانه: ﴿وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ذَٰلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ﴾ (الأحزاب:54).
- كما أن الرسول أمر بتخصيص باب للنساء في المسجد، حتى لا يكون هناك اختلاط بين الرجال والنساء، فعن أم سلمة رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم «إِذَا سَلَّمَ قَامَ النِّسَاءُ حِينَ يَقْضِي تَسْلِيمَهُ وَمَكَثَ يَسِيرًا قَبْلَ أَنْ يَقُومَ. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَأَرَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ مُكْثَهُ لِكَيْ يَنْفُذَ النِّسَاءُ قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُنَّ مَنْ انْصَرَفَ مِنْ الْقَوْمِ»، (رواه البخاري).
- ومن الأدلة ما ورد عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَوْ تَرَكْنَا هَذَا الْبَابَ لِلنِّسَاءِ قَالَ نَافِعُ: فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ ابْنُ عُمَرَ حَتَّى مَاتَ»، (رواه أبو داود).
وجعل النبي صلى الله عليه وسلم خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها خشية أن يظهر من الرجال عورة، فعن أبي هريرة قال: قال النبي: «خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا وَشَرُّهَا آخِرُهَا وَخَيْرُ صُفُوفَ النِّسَاءِ آخِرُهَا وَشَرُّهَا أولها»، (رواه مسلم).
وقد روى أَبو أُسَيْدِ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ وَهُوَ خَارِجٌ مِنَ الْمَسْجِدِ عندما اختلط الرجال مع النساء في الطريق فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِلنِّسَاءِ: «وَاسْتَأْخَرْنَ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَكُنَّ أَنْ تَحققن الطريق «تسرن وسط الطريق» عليكن بحافات الطريق»، فكانت المرأة تلتصق بالجدارِ حَتَّى إِنَّ ثَوْبَهَا لَيَتَعَلَّقُ بالجدار من لصوقها به، (رواه أبو داود).
أدلة الجواز
واستند من قال: إن الاختلاط مباح بشروط إلى عدد من الأدلة الشرعية، أهمها: أن المرأة كانت تحضر صلاة الجمعة وصلوات الجماعة مع المسلمين بالمسجد في حضرة النبي صلى الله عليه وسلم دون أن ينكر ذلك.
- كما ثبت في الصحيح أيضًا أن النساء كن يشهدن صلاة العيد، حتى تخرج الحيض وذوات الخدور ليشهدن البركة ودعوة المسلمين. فقد روى مسلم عن أم عطية قالت: «كنا نؤمر بالخروج في العيدين والمخبأة والبكر».
- وكانت النساء يحضرن مع الصحابة دروس العلم لرسول الله حتى رأين غلبة الرجال عليهن في الدرس فقلن: «يا رسول الله، قد غلبنا عليك الرجال، فاجعل لنا يوما من نفسك فوعدهن يومًا فلقيهن فيه ووعظهن وأمرهن» (رواه البخاري).
- بل كانت النساء تشارك الرجال في الحروب عن أم عطية قالت: غزوت مع رسول الله سبع غزوات أخلفهم في رحالهم فأصنع لهم الطعام وأداوي الجرحى، وأقوم على المرضى. (رواه مسلم).
- بل كانت المرأة تشارك الرجل أيضاً في المناشط الاجتماعية، ولما خطب عمر عن مهر المرأة قامت المرأة تعترض فقال عمر رضي الله عنه: أصابت المرأة، وأخطأ عمر.
- وكانت الشفاء بنت عبد الله العدوية محتسبة على السوق في زمن عمر بن الخطاب ومن لوازم ذلك مخالطة الرجال.
- كما يستند المجيزون إلى عدد من آيات القرآن منها ما حدث بين موسى- عليه السلام- والفتاتين ابنتي الرجل الصالح الذي سقى لهما، ودار بينهما حديث أولا، ثم لما عادت الفتاة إلى موسى- عليه السلام– كلمها أيضًا، وسار معها حتى وصل لأبيها.
ومنه حديث زكريا- عليه السلام– مع مريم- رضي الله عنها.
- ومن ذلك قصة بلقيس ملكة سبأ مع نبي الله سليمان- عليه السلام- وغير ذلك من الشواهد القرآنية والنبوية التي لا تمنع المشاركة والمخالطة بين الرجال والنساء.
سبب الخلاف
وسبب الخلاف هو منهجية النظر إلى النصوص، فالفريق المحرم يعتبر سد الذرائع، ويجعل كل ما يدل على الإباحة هو من باب الاستثناء على القاعدة، بينما يرى الفريق الآخر أن الأصل في الأشياء الإباحة، وأن المنع استثناء، وعلى كل، فكلا الفريقين يرى أن هناك حالات يجوز فيها الاختلاط وحالات يحرم فيها، إما على مذهب التضييق أو على مذهب التيسير.
من أعلام المفتين
الشيخ مصطفى أحمد الزرقا رحمه الله
ولد الشيخ مصطفى أحمد الزرقا في حلب بسورية عام ١٣٢٥هـ/ ١٩٠٧م، ودرس علوم الشريعة ودرس في الفقه خاصة على والده، وكان يتقن اللغة الفرنسية وواصل الزرقا تعليمه حتى تخرج في كلية الحقوق وتفوق فيها، ثم عين أستاذا للحقوق المدنية والشريعة في تلك الكلية سنة ١٩٤٤م، وبقي فيها أستاذا للقانون المدني ورئيسا لقسمه وأستاذا للشريعة الإسلامية إلى حين بلوغه سن التقاعد في آخر عام ١٩٦٦م. وقد انتخب عضوًا في مجلس النواب السوري في دورتين تشريعيتين سنة ١٩٥٤م وسنة ١٩٦٤م، كما تولى وزارة العدل والأوقاف مرتين.
وفي عام ١٩٦٦م أصبح خبيرًا للموسوعة الفقهية التي قامت وزارة الأوقاف الكويتية بمشروعها، وبقي هناك خمس سنوات، ثم انتقل للتدريس في كلية الشريعة الأردنية.
مؤلفاته: وللشيخ الزرقا إنتاج علمي غزير ومن ذلك سلسلتان فقهية وقانونية، ومن أشهر ما كتب الشيخ الزرقا: الفقه الإسلامي في ثوبه الجديد، وأحكام الأوقاف وعقد التأمين وموقف الشريعة منه.
أما أشهر كتبه القانونية فهي:
1- شرح القانون المدني- مصادر الالتزام الإرادية- العقد والإرادة المنفردة.
2- شرح القانون المدني- أحكام الالتزام في ذاته.
3- شرح القانون المدني- عقد البيع والمقايضة.
4- نظرية العقد في القانون المدني السوري.
جوائزه: وقد نال الشيخ الزرقا عضوية المجمع الفقهي لرابطة العالم الإسلامي في عام ١٣٩٨ هـ/ ۱۹۷۸م، ومجلس المجمع الملكي لبحوث الحضارة الإسلامية في
الأردن «آل البيت».
وقد فاز الشيخ الزرقا- رحمه الله بجائزة الملك فيصل العالمية للدراسات الإسلامية عام ١٤٠٤هـ/ ١٩٨٤م وكان موضوع الجائزة الدراسات التي تناولت النظريات العامة في الفقه الإسلامي، توفي عام ١٩٩٩م.
مؤسسات فقهية:
مجمع البحوث الإسلامية
هو أحد أكبر الهيئات المرجعية في العالم الإسلامي وهو إحدى إدارات الأزهر الشريف.
أنشئ بالقرار رقم ١٠٣ لعام ١٩٦١م وذلك لتنقية المواد الإسلامية المعروضة على الساحة وتنقيحها وتجريدها من الشوائب ووضعها في الإطار الذي يتفق مع رسالة الأزهر الشريف التي تتسم بالوسطية والاعتدال والتوثيق. يرأس المجمع فضيلة الإمام الأكبر «شيخ الأزهر»، ويضم مجمع البحوث الإسلامية كوكبة من خيرة علماء مصر والعالم الإسلامي، وجار تجديد عضوية وترشيح علماء وأعضاء جدد للمجمع الذي يضم ٥٠ عضوًا.
- يقوم مجمع البحوث الإسلامية بعقد مؤتمرات غير دورية.
- يبرز الدور المهم للمجمع في إبداء الآراء الشرعية تجاه الأمور التي تعتري الأمة وكذلك التي يرغب عموم المسلمين في معرفة رأى الشرع إزاءها.
الإجابة للدكتور عجيل النشمي من موقعه
www.dr_nashmi.com
فتح صالون نسائي
- أنوي القيام بفتح صالون نسائي لتجميل السيدات مع مراعاة الابتعاد عن الأعمال الحرام كنمص الحواجب والوشم والمساج فهل هذا حلال أم حرام؟ وهل على إثم إذا زينت امرأة وكانت غير محجبة؟
يجوز فتح محل لتجميل السيدات إذا ضمنت الالتزام بالضوابط والآداب الشرعية، فإذا التزمت بالامتناع عن الأمور التي ذكرتها فيجوز، ولا يجوز تزيين المرأة غير المحجبة لأنها ستخرج بأحسن مما دخلت، وتجلب الأنظار إليها، ومنعها يسبب لك حرجا وعلى كل حال فإن الالتزام بالضوابط صعب واسألي من جرب ذلك. والله أعلم.
الرموش الصناعية
- ما حكم الرموش المؤقتة التي تستخدمها المرأة بالأعراس وتزيلها بعد إزالة المكياج؟ وهل تعتبر من الوصل؟
وضع الرموش يتم بغير وصل وليس هو من الوصل المعروف فيجوز بالقيود الآتية: ألا يقصد به مجاراة غير المسلمين إن كان هذا مما يتميزون به فلا يجوز هذا لقصد التشبه وأن يكون للأعراس أو أن يكون للزوج إن رضيه زينة، ولا يجوز الخروج به لأنه من الزينة اللافتة للنظر قطعا، والله أعلم.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل