العنوان فشل المباحثات الهندية الباكستانية يؤكد: سوء نية الهند وتواطؤ الغرب تجاه كشمير
الكاتب رأفت يحيي
تاريخ النشر الثلاثاء 11-يناير-1994
مشاهدات 10
نشر في العدد 1083
نشر في الصفحة 26
الثلاثاء 11-يناير-1994
تقرير
على الرغم من الفشل الذريع الذي منيت به المحادثات الثنائية التي جرت بين الهند وباكستان في الثاني والثالث من يناير الجاري، إلا أن هذه المحادثات قد كشفت بوضوح عن حقائق ثلاثة هامة:
الحقيقة الأولى: سوء نية الهند تجاه كشمير وباكستان.
الحقيقة الثانية: تواطؤ غربي– أمريكا باتجاه الهند.
الحقيقة الثالثة: ضعف الموقف الباكستاني وسط أزمات إسلامية عديدة.
الحقيقة الأولى
وتبدو سوء نية الهند تجاه القضية الكشميرية وباكستان عمومًا منذ قيام دولة باكستان عام ٤٧، فعلى الرغم من أن دلهي قد قبلت بقرارات الأمم المتحدة الخاصة بكشمير والصادرة عام ٤٩ والتي تدعو إلى إجراء استفتاء عام في الولاية يتقرر على أساسه مصير الشعب الكشميري، رغم القبول بهذا القرار، إلا أنها عارضته بعد عام ١٩٥٧، واعتبرته باطلًا، وفى عام ١٩٦٢ وعندما اندلعت الحرب بين الهند والصين خشيت الهند من إمكانية استثمار باكستان هذه الأزمة، وتتدخل عسكريًّا لتحرير كشمير، فدخلت في مفاوضات مع باكستان، فمن ذلك الوقت لتفويت الفرصة على أي تدخل عسكري باكستاني في وقت تقاتل فيه الهند الصين، وما إن انتهى القتال بين الجانبين توقف الطرف الهندي عن مواصلة التباحث مع باكستان حول القضية الكشميرية، وفي عام ۱۹۹۰ وعندما اندلعت الانتفاضة الكشميرية دعت الهند باكستان إلى مناقشة القضية الكشميرية، غير أن المحادثات لم تسفر عن شيء، وطلبت الهند في ذلك الوقت أن يكون محور التباحث حول قضايا أخرى جانبية تتعلق بتطبيع العلاقات بين الدولتين، وفشلت المحادثات، واستمرت الهند في تصعيد ممارساتها الإجرامية ضد الشعب الكشميري.
وفي نوفمبر ٩٣ وعندما هددت باكستان بطرح قرار في الأمم المتحدة لإدانة الهند بانتهاكاتها الصارخة في كشمير، وقد تبنت المملكة العربية السعودية طرح هذا القرار في الأمم المتحدة، وعندما بات واضحًا أن باكستان جادة في طرح هذا القرار؛ أعلنت الهند عن استعدادها للتباحث مع باكستان حول كشمير، وبلعت باكستان الطعم ،ووافقت على التخلي عن فكرة طرح القرار في الأمم المتحدة على أمل التباحث مع الهند حول كشمير؛ أملًا في إيجاد حل عادل وشامل للقضية الكشميرية، ورغم إبداء الهند رغبتها في حل القضية الكشميرية إلا أنها استمرت في تصعيد ممارساتها الإجرامية في كشمير، وركزت بصفة خاصة على القوى الإسلامية التي تشكل وقود العمل الجهادي، وبدأت تنسق مع قوى علمانية أخرى في مواجهة المد الإسلامي في كشمير على وعد منها بمنح العلمانيين استقلالًا قريبًا.
ووصل الوفد الهندي إلى إسلام آباد وقد كان واضحًا من لهجة ديكست رئيس الوفد الهندي مدى سوء نية بلاده في تفويت الفرصة على باكستان في طرح القضية في الأمم المتحدة، والظهور أمام العالم بأنها الداعي إلى السلام، وانتهت المباحثات كما كان متوقعًا برفض هندي تام لقرارات الأمم المتحدة، واعتبار كشمير جزءًا لا يتجزأ من الهند.
الحقيقة الثانية
إن التواطؤ الغربي– الأمريكي في استدراج پاکستان نحو القبول بفكرة التباحث مع الهند حول كشمير والتخلي عن قرار إدانة الهند في الأمم المتحدة كان في غاية الوضوح، فقد سبق ووصل وفد أمريكي إلى إسلام آباد برئاسة روبين رافيل مساعد سكرتير الخارجية الأمريكية لشئون جنوب آسيا، وهناك أكدت روبين رافيل على حدوث تباحث باكستان مع الهند حول كشمير، وقد شجعت باكستان على اتخاذ هذه الخطوة مع التخلي عن فكرة الإدانة الهندية في الأمم المتحدة، وقبيل بدء المباحثات الثنائية أعلن مسئول أمريكي أن بلاده ليست ضامنة لهذه المباحثات، وإنها مسألة ثنائية تخص باكستان والهند معًا.
الموقف الأمريكي لم يكن الوحيد الذي شجع على البدء في هذه المباحثات، ولكن بريطانيا أعربت عن استعدادها للتوسط بين البلدين، ووصل وزير الخارجية البريطاني إلى إسلام آباد في شهر نوفمبر الماضي، ودعا باكستان بدوره ألا تضيع هذه الفرصة وتدخل في مفاوضات مباشرة، وإزاء ذلك قالت باكستان في قرار قبولها بالتخلي عن إدانة الهند والدخول في مباحثات معها: إن ذلك تم بناء على نصيحة الأصدقاء. ولكن ماذا كانت النتيجة وماذا كان موقف الأصدقاء؟؟
الحقيقة الثالثة
إن الموقف الباكستاني لم يعط الانتفاضة الكشميرية قدرها المطلوب من الاهتمام، وعلق كثيرًا على إمكانية أن يتدخل الغرب والولايات المتحدة في القضية الكشميرية، متجاهلًا أو متناسبًا التجارب السابقة التي مرت بها پاکستان منذ نشأتها وإلى الآن، فالغرب لم يقف إلى جوار باكستان في حرب ٤٨ أو ٦٥ أو ٧١ بل فرض حظرًا عسكريًّا على باكستان في هذه الحروب، على الرغم من أنها كانت حليفًا للغرب منذ البداية ضد القوى الشيوعية.
إن باكستان لم تهتم بالقضية الكشميرية إعلاميًّا أو دبلوماسيًّا بالقدر الذي تهتم فيه القوى السياسية المحلية بصراعاتها الداخلية، فهل تعلمت باكستان درسًا من هذه المباحثات التي آلت كما كان متوقعًا إلى الفشل؟!
إسلام آباد:
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل