العنوان فلتكن «المجتمع» مع الشعوب وليست ضد الحكومات
الكاتب محمد العباسي
تاريخ النشر الثلاثاء 21-مارس-1995
مشاهدات 8
نشر في العدد 1142
نشر في الصفحة 36
الثلاثاء 21-مارس-1995
لا يمكن إنكار أهمية الدور الذي تقوم به مجلة «المجتمع» في مواجهة طوفان الإعلام المعادي لقيم ومبادئ مجتمعنا الإسلامي والذي توجهه قوى الصهيونية والصليبية في العالم ليمكنها التحكم في مقدرات العالم الإسلامي وتركيعه، فـــ «المجتمع»، أصبحت خط الدفاع الأخير عن مصالح المسلمين خاصة بعدما توقفت العديد من المجلات التي كانت تقوم بدور دفاعي في ذلك المجال مثل «الدعوة»، و«الإصلاح»، أو تحول بعضها إلى شهرية مثل مجلة «العالم» لأسباب سياسية، أو أمنية، أو مالية، ولذلك يجب علينا جميعًا التكاتف من أجل حمايتها وتقويتها لتقوم بدورها الدفاعي ولتتحول فيما بعد إلى قيادة مسيرة تحرير المسلمين من الاحتلال الإعلامي الغربي الذي استلب عقول المسلمين.
وهذا لن يتحقق إلا إذا وضعنا أيدينا على نقاط الضعف في ذلك الحصن الذي يجب أن يكون منيعًا، وذلك في إطار التناصح وليس في إطار النقد الهدام، خاصة وأنه يجب الاعتراف بالمستوى الإعلامي الجيد لتلك المطبوعة التي تطورت بشكل كبير بعد تحرير الكويت لتصبح مجلة متكاملة الأركان وفقًا للتعريف الإعلامي ومنارة تشرف الكويت شعبًا ودولة.
فهي خرجت من الطور الخطابي الحماسي إلى الطور العلمي المعلوماتي التحليلي لتواكب بذلك كبريات المجلات والصحف الأخرى وتتعافى أيضًا من الآفة التي تصيب دائمًا الإعلام الإسلامي الذي لا يريد الخروج من دائرة المنبر، وإذا كانت المجلة تصر على أنها مجلة كل المسلمين، وهو ما نراه على غلافها إلا أنها أصبحت مجلة لغير المسلمين أيضًا الذين يريدون معرفتنا سواء لفهمنا أو لمواجهتنا، وهي ميزة رغم أنفنا؛ فالمجلة متواجدة في جميع مراكز البحوث المعتبرة ولدى أجهزة الاستخبارات وكل بالطبع له أهدافه، وإن كان الهدف المشترك هو كيفية اختراق تلك المطبوعة ومعرفة مدى تأثيرها خاصة وهي تقوم بدور تنويري، وتحصين وجداني، وتحرير فكري للمجتمع المسلم.
وحتى ننجح في المواجهة يجب علينا الابتعاد قدر الإمكان عن القضايا الخلافية بين المسلمين؛ إذ إن على «المجتمع» قيادة عملية توحيد المسلمين على المستوى الإستراتيجي دون الخوض في بعض الجوانب الطائفية، وترك الخلافات الفقهية التي لها أبعاد سياسية قد تنجم عنها بعض الأحداث هنا وهناك - للعلماء والقيادات الميدانية لحلها وفقًا للظروف التي تراها واجبة، وذلك حتى لا نشارك بدون وعي في زيادة شقة الخلاف.
والأمر الآخر هو أن يكون شعارنا «نحن مع الشعوب.. ولسنا ضد الحكام»، بهدف أن ندخل كافة الدول الإسلامية خاصة العربية منها، ولتكن معالجتنا الصحفية على أساس تنوير الشعوب لا تثويرها؛ فرسالتنا هي التنوير وتحصين الوجدان ضد الاختراق، وإذا كانت المجلة قد نجحت على المستوى السياسي في معالجتها الصحفية فيجب أن تكون كذلك من الناحية الثقافية؛ إذ إن التشكيل السياسي لن يكون ذا فائدة حقيقية دون الاهتمام بالجانب الفكري الثقافي، والذي يجب أن يكون هو عمود الارتكاز الثاني الذي تعتمد عليه المجلة في مسيرتها الجديدة، وبالطبع يجب أن تراعي المجلة استخدام الأساليب الحديثة في معالجتها لذلك الجانب وليس بالاعتماد على المقالات فقط.
كما يجب توسيع دائرة الاهتمام بكافة شئون المسلمين في كافة أقطار العالم السياسية منها، والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وعمل متابعات ميدانية موسعة بهدف التواصل الحقيقي مع أبناء الأمة وربطهم بعضهم مع البعض الآخر، على أن تكون تلك المتابعات بأقلام الصحفيين وليس الدعاة فقط أو القيادات التي تحضر مؤتمرات هنا أو هناك؛ لأن المشاعر لا تكفي لمعالجة الموضوعات الصحفية، إذ تلزم لذلك الخبرة والتجربة والحرفية بجانب تلك المشاعر ليكون العمل متكاملًا، وهو ما يجب أن تسعى «المجتمع» إليه خلال المرحلة المقبلة حتى تقترب من الكمال المهني ومن تحقيق هدفها المنشود.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل