; في البناء | مجلة المجتمع

العنوان في البناء

الكاتب أبو هالة

تاريخ النشر الثلاثاء 03-أغسطس-1971

مشاهدات 30

نشر في العدد 71

نشر في الصفحة 10

الثلاثاء 03-أغسطس-1971

في البناء

                                                                         تحقيق: أبو هالة

مراكز رعاية الشباب.. مجال لبناء الشخصية وممارسة شرف العمل والكفاح

١٧ شابًا يزرعون ٦٠٠ عقلة و٥٠٠ شتلة في ساعات

والدين يحمي الشباب من طوفان الضياع

 

· شباب اليوم رجال الغد، وهم للأمة عماد نهضتها ودرعها الواقية أمام الخطوب! والأمة التي تغفل شبابها تربية وتوجيهًا تسلم نفسها إلى هاوية الانحدار! وتقدمه بيديها طعمة سائغة للانحراف، وتتركه للعواصف الهوج الوافدة من هنا وهناك؛ تقذف به مع الزبد تارة على السطح، وترمي به تارة أخرى في أعماق القاع، حتى ينتهي به المطاف منهوك القوى عليلًا على الشاطئ ﴿لَّا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِن جُوعٍ(الغاشية: 7( ولا يمكن أن يكون له دور فعال في البناء والتشييد!!

التربية الاستقلالية

وكل أمة ذات تاريخ أصيل ومجد أثيل، لها رسالة في العالم تدعو إليها ومبادئ تبشر بها، لا بد أن تبني شبابها على هذه المبادئ منذ البداية، وتوالي تعهدها لهذه اللبنات بالرعاية حتى يستوي البناء قويًا شامخـًا؛ يكون عنوانًا لها في ظاهـره وباطنه، ويكون في نفس الوقت بقوته السياج الذي يحميها من كل عاصفة.

شباب الإسلام

· ولذلك كان اهتمام المدرسة المحمدية بالشباب اهتمامًا يليق بالمهمة التي هيأه الله لها حتى رُوي أن رسول الله- صلى الله عليه وسـلم- قال: «بعثت بالحنيفية السمحة فأعانني الشباب وتخلى عني الشيوخ» ورأينا الفتى معاذ بن عمرو بن الجموح ومعاذ بن عفراء هما اللذان يتصديان لزعيم الكفر أبي جهل فيرديانه قتيلًا!! ورأينا أسامة بن زيد يقود جيش العسرة وهو لم يتجاوز الثامنة عشرة من عمره!! ومن قبل كان الفدائي الشاب علي بن أبي طالب هو الذي تسجى ببردة النبي- صلى الله عليه وسـلم- ونام مكانه يوم الهجرة معرضًا نفسه للاغتيال من قبل عصبة الكفرة التي أحاطت بدار النبي- صلى الله عليه وسـلم!

التربية الجادة

· ومن منطلق قوله تعالى ﴿أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ )الزخرف: 18( كان من أصول التربية الإسلامية «اخشوشنوا فإن النعمة لا تدوم»، «علموا أولادكم الرماية وركوب الخيل» «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ»، ولذلك كانت هذه الحكمـة شعار رجال التربية الإسلامية: «العقل الخاوي معمل الشيطان واليد الفارغة تسارع إلى الشر».

ـ والشاب الذي لا يحزم إرادته وينفض عن نفسه آثار النعاس ليركع لله ركعتين في جوف الليل أو مطلع الفجر؛ لا يستطيع أن يصمد في معركة أو تعتمد عليه أمة في نهضة! ولذلك كانت خلاصة التربية المحمدية للشباب «رهبان بالليل وفرسان بالنهار» ترى أحدهم في ليله ماثلًا في محرابه قابضًا على لحيته يتململ تململ السليم ويبكي بكاء الحزين ويقول: «يا دنيا غري غيري» فإذا انفلق الصباح ودوى النفير يدعو المجاهدين، رأيته رئبًا يدعو المجاهدين، رأيته رئبالًا على صهوة جواده يزأر الزأرة فتدوي لها جنبات الميدان!  

محنة الشباب

والمحنة التي يجتازها شباب العالم اليوم متمثلة في مبدأ «الرفض» وثوراته المتعددة في جنبات المعمورة، إنما تهتف في أعماقها بشباب الإسلام أن يحملوا إليه قارورة الدواء من أكسير الحياة الذي بين أيديهم ﴿...وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا (النساء: 122).

وتحت هذه المفاهيم ومن منطلقاتها نص الدستور الكويتي في المادة 10 على: «ترعى الدولة النشء وتحميه من الاستغلال وتقيه الإهمال الأدبي والجسماني والروحي»، وفي المادة ٤٠ نص على أن: «تهتم الدولة خاصة بنمو الشباب البدني والخلقي والعقلي».

في إدارة رعاية الشباب

وفي مبنى وزارة الشئون الاجتماعية والعمل كان لنا لقاء مع الرجل الذي نيطت به أشق مهمة وأعسرها، والمسئول الأول عن رعاية الشباب في الكويت، مع الأستاذ عبد الرحمن المزروعي مدير إدارة رعاية الشباب والنشاط الأهلي: 

يا أستاذ عبد الرحمن:

· هل يمكن أن تعطي قراء «المجتمع» فكرة عن تاريخ إدارة رعاية الشباب؟

-  كان اسمها في البداية «إدارة تنمية المجتمع» وكان محو الأمية وتعليم الهواة جزءًا منها، وبعد انتقالها إلى وزارة التربية سميت «رعاية الشباب والنشاط الأهلي» وذلك عام ١٩٦٨م.

· ماذا تضم الإدارة تحت جناحها من جبهات أو جهات؟ 

ـ تقوم على شكل هرمي أعلاه إدارة رعاية الشباب والنشاط الأهلي وقاعدته ثلاث مراقبات.

مراقبة رعاية الشباب

ـ التي تشرف على أربعة مراكز للشباب في كل من الشامية، والدعية، والفيحاء، والقادسية.

ـ وعلى الأندية والاتحادات الرياضية التي بلغ عددها ۱۲ اثنا عشر موزعة في أنحاء الكويت بالإضافة إلى ٨ ثمانية اتحادات رياضية وعلى معسكرات عمل أربعة تـم إعدادها في أماكن مختلفة.

مراقبة

حيث يشرف على الجمعيات والمسارح ومكتبة الوزارة

مراقبة التعاون

وهي المسئولة عن الحركة التعاونية في البلاد وتشرف على 17 سبع عشرة جمعية

استهلاكية موزعة في جميع مناطق الكويت.  

· كما أن الإدارة يتبعها مركز إعداد القادة الرياضيين ويهدف هذا المركز إلى

إعداد الشباب الكويتي في مجال التدريب، والتحكيم، والإدارة، والتنظيم.

الجوالة

· واستهدافًا لرعاية حركة التجوال وتشجيعها تقوم الإدارة بمهمتها في هذا المجال ورعاية الشباب الوافد إلى الكويت وتعريفه بالبلاد عمرانيًا وإيجاد العلاقات الوثيقة بينه وبين شبابنا.

الجمعيات

· وهي مسئولة أيضًا عن الجمعيات الخيرية والنفع العام مثل جمعية المعلمين

والمهندسين والإصلاح الاجتماعي والجمعية الطبية والنسائية، إلخ وأرجو أن يكفي هذا التلخيص قراء «المجتمع» معرفة بنا.

الأسس التي قامت عليها

· هل يمكن تعريفنا بالأسس التي تخطون طريقكم على هداها؟  

ـ رعايتنا لشبابنا متكاملة قدر الإمكان فهي ليست مقصورة على النشاط الرياضي، بل تتضمن كل أوجه النشاط الإنساني كما ذكرت لك بما في ذلك النشاط العقلي والاجتماعي والروحي، ونستمد خطوط تفكيرنا وعملنا من ظروف مجتمعنا وتقاليده وعاداته في إطار القيم الأخلاقية المستوحاة من ديننا الحنيف، فهي رعاية تعتمد أساسًا على أخلاقيات تحدد علاقة الإنسان مع نفسه ومع ربه، ويتحدد سلوكه في إطار هذا المناخ الروحي.

مراكز الشباب

· هل هناك ازدواجية بين النوادي ومراكز الشباب؟ 

ـ لا.

فمراكز الشباب تعمل متعاونة مع الأندية لخلق قاعدة من الشباب الذين هم في حدود الثامنة عشرة؛ وتوفر لهم جميع النشاطات الثقافية، والاجتماعية، والفنية، والرياضية.

نجاح تحفيظ القرآن الكريم بالمراكز

· ما مدى نجاح تجربتكم هذا العام في إقرار تحفيظ القرآن الكريم بالمراكز؟

ـ إن الإدارة والوزارة؛ في حرصها على تربية الشباب من وحي الدين القويم، خطت خطوة إيجابية بالتعاون مع جمعية الإصلاح الاجتماعي في جعل المراكز الأربعة أماكن لدورة تحفيظ القرآن الكريم هذا العام، وبالفعل نجحت التجربة والإقبال شديد، وقد يسّرنا أمر الوقت للدارسين بتقليل النشاطات الصباحية الأخرى؛ حتى لا تصرفهم عن دراسة دينهم، ونأمل أن يستمر ذلك طوال العام، إيمانًا منا بما يؤديه هذا الفرع من ترسيخ مفاهيم الشباب لأصول دينهم ومعرفة الفقه الإسلامي، وتعويدهم على العادات الكريمة، وربطهم بالدين الإسلامي رباطًا وثيقًا.

رائد ديني في كل مركز

· ألا يشعركم هذا بضرورة أن يكون في كل مركز رائد ديني بصفة دائمة يكون له مجال التوجيه الدائم العملي والإسهام الفعال في صقل الشباب؟

ـ نعم، فحاجتنا إليه لا تقل عن حاجتنا إلى المدرب الرياضي والفني، ونرجو الله أن يوفقنا إلى إيجاده في كل مركز.

المعسكرات مكان مناسب للشباب

· ماذا تهدفون بإنشاء المعسكرات والاهتمام بها؟ 

ـ اهتمت الإدارة بمعسكرات العمل للشباب، وأقامت أربعة منها في أماكن مختلفة إيمانًا بالفوائد العظيمة التي تعود على الشباب من الإسهام في تنفيذ احتياجات بلدهم واعتبارًا منها إلى أنها المكان المناسب لممارسة العملية للشباب في البناء وقضاء وقت فراغه بما يعود عليه وعلى أمته بالفائدة، وسأعطيك تقريرًا كاملًا عن الأفواج الثلاثة التي ينظمها المعسكر الرابع وإليك:

5.30 صباحًا  استيقاظ

6.00 صباحًا  تمرينات رياضية

6.15 صباحاً   إفطار

6.45 صباحاً    تجمع لتحية العلم

7.00 صباحاً     بدء العمل (الذهاب إلى أرض العمل)

10.30 صباحًا    العودة من أرض العمل

11.00 صباحًا  وجبة خفيفة ونشاط حر

12.00 ظهراً تجمع لصلاة الظهر

1.00 ظهراً وجبة الغداء وراحة

3.30 بعد الظهر   تجمع لصلاة العصر

4.00 بعد الظهر النشاط الرياضي والاجتماعي

6.45 مساء    تجمع لصلاة المغرب

7.00 مساء النشاط الثقافي والفني والهوايات واليوم (تدريبات لجمعية الهلال الأحمر على الإسعافات)

8.15 مساء     تجمع لصلاة العشاء

8.30 مساء     وجبة العشاء

9.00 مساء     عروض سينمائية- سمر- تلفزيون

11.00 مساء      النوم (هدوء تام)

محاضرة دينية في مركز الفيحاء

واليوم أيضًا يحاضر فضيلة الشيخ حسن أيوب الواعظ بوزارة الأوقاف والشـئون الإسلامية الشباب في مركز الفيحاء.

وزارة الشباب

· أحسب أن الوقت قد حان لإنشاء وزارة للشباب؟

 وابتسم الأستاذ المزروعي ليقول:

ـ سواء كانت للشباب وزارة أو إدارة فالمهم هو تدعيم أجهزة الرعاية والإشراف بكل الإمكانيات اللازمة لأداء مهمته، ومطالب الشباب لا تنتهي عند حد، والعمل يعلن عن نفسه.

الإقبال المتزايد

· قلت للرجل: مع هذه الإمكانيات وهذه الجهود، هل هناك إقبال من الشباب مقابل ذلك؟

قال: الإقبال بصورة تفوق التوقع، فحتى الآن ثلاثة أفواج، والمكان لا يكفي، والفوج يرغب في التجديد، مع أن العمل في المعسكر بنظام وحزم، ويسير في تشجـير الأرض، وحفر الحفر، وتسوية الأرض، وتمهيدها.

نفي التدليل!

· وقلت له: ما رأيكم فيما اتهم به الشباب الكويتي من التدليل؟

قال: تعميم الاتهام غـير صحيح، والتجربة تنفي الاتهام، والشباب حينما يجد التوجيه السليم والرعاية الجادة تخف هذه الظاهرة، ويتجه إلى المسيرة الصحيحة! وتعال معي لتشهد بنفسك! 

في معسكر العمل الرابع بالجهراء

· وقبيل غروب الشمس وفي فترة الأصيل، كان موعد توقف سياراتنا في الصحراء القابعة على جانب طريق «المطلاع» بعد الجهراء، وتقدم مركبنا الأستاذ المزروعي تجاه المعسكر؛ الذي وجدناه عبارة عن خلية نحل يقوم كل أفرادها بأداء واجبه في تعاون رائع وإخوة صادقة، وكانت فترة حسب البرنامج مملوءة وحافلة بالنشاطات المختلفة، وكان العدد الأكبر في ساحة الرياضة حيث كانت تدور الكرة الطائرة بين الفريقين.

الخدمات يقوم بها الشباب

وفي جولة استطلاعية في المعسكر وجدنا اللوحات الفنية التي رسمتها أيدي الشباب.

وصحيفة الحائط التي كانت تشمل رسمًا بيانيًا يوضح ما قام به الشباب في يوم 19/7 من غرس ۹۰۰ شتلة، ٢٥٠٠ حفرة وفي يوم 20/7، ٥۰۰۰ عقلة- وأثلج صدورنا أنه لا يوجد موظفون أو خدم بالمعسكر، بل هناك اكتفاء ذاتي، فالذين يقومون بالطهي والغسيل وإعداد أماكن النوم ونظافة المعسكر هم أفراد الفوج بأنفسهم.

السكرتارية والإذاعة

وفي حجرة السكرتارية والإذاعة وجدنا الفتى كمال خلف؛ في العقد الثاني من عمره، ينسخ على الآلة الكاتبة النشرات والأوامر.

·  يا كمال: ما الذي أغراك بالاشتراك في المعسكر؟

ـ دارت الفكرة في ذهني أن أتعود النظام، وبناء نفسي لخدمة وطني.

· هل تحقق أملك؟

ـ نعم، فالالتزام بنظام المعسكر والارتباط بالمجموعات جعل النظام عندي أمرًا محببًا.

· هل تواظب على الصلاة؟

ـ نعم، ومن قبل وجودي في المعسكر.

· لعلك تود انتهاء مدة الفوج لتعود إلى حياتك العادية؟

ـ لا، بل طلبت التجديد مع الفوج التالي!

مع الزوار العرب

وكانت فرصة أن التقينا هناك بممثلي الشباب في إمارة الشارقة ودبي، الأستاذين: عبيد الخيال، أحمد عبد الله أبو حسين، واللذين حضرا ممثلين لأندية الساحل يرافقهما مندوب وزارة الشئون الاجتماعية والعمل بالكويت.

* متى زرتم الكويت وما هي أهداف الزيارة؟

منذ ٢٤ الجاري بدعوة من سمو ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء للتعرف على إخواننا في الكويت والوقوف على نشاطات الشباب في جميع المجالات.

* هل زرتم أماكن أخرى غير المعسكر؟

- نعم، مراكز الشباب وبعض الأندية.

* ما هي انطباعاتكم عن المعسكر بعد هذه الجولة؟

ـ إعجاب وفخر بتضحية الشباب الكويتي وإحساسه بالمسئولية ومواكبته النهضة الشاملة؛ التي يقوم على رعايتها المسئولون في البلد الشقيق.

· ما أهم ما لفت أنظاركم في هذه المعسكرات؟

ـ الإقبال وحب العمل والجدية

· ما هو شعوركم وأنتم تتجولون في المؤسسات الكويتية؟

ـ شعور عربي ينتقل في بلده من قرية إلى قرية

مع المشرف على التشجير والحفر

والتقينا بالأستاذ سالم عطا الله محسن؛ مشرف عام الجماعة على عملية الحفر والتشجير.

· ما هو مدى إقبال الشباب على العمل؟

ـ نشاط زائد وعمل أكثر من المطلوب؛ حتى قام فريق عدته ۱۷ فردًا بزرع ٦٠٠ عقلة، ٥٠٠ شتلة.

صلاة المغرب

وأذن لصلاة المغرب، فأقيمت في العراء، وأسرع لتلبية النداء فريق من الشباب يتقدمهم الأستاذ المزروعي، وبعد الصلاة كان درس ديني لجميع أفراد الفوج الذين استمعوا بكل إنصات، وكانت أسئلتهم في كل ما يجول بخاطرهم من مشاكل خاصة وعامة.

وداع.. إلى لقاء

وتركنا المعسكر ليتم الشباب الناهض برنامجهم، وقلوبنا تلهج بالدعاء إلى الله أن يرعى الأبناء الذين ودعوا حياة اللهو إلى ساحة العمل وساروا في الطريق السوي للتقويم السليم، شاكرين للقائمين على أمرهم، آملين أن يتكرر لقاؤنا بهم.

                                                                        

الرابط المختصر :