; في الجزائر.. ثورة ثالثة! | مجلة المجتمع

العنوان في الجزائر.. ثورة ثالثة!

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 13-أبريل-1971

مشاهدات 30

نشر في العدد 55

نشر في الصفحة 9

الثلاثاء 13-أبريل-1971

حمل الجزائريون السلاح لطرد الاحتلال العسكري والسياسي عن بلادهم هذه ثورة.

وكان الاستعمار قد استعمر «اللسان» الجزائري، فبدل النطق العربي بالنطق الفرنسي، وبعد الاستقلال قامت حركة للتعريب واسعة للتخلص من استعمار اللسان واللغة، وهذه هي الثورة الثانية.

وكان الاستعمار قد نسخ أحكام الشريعة الإسلامية في الجزائر، وأحل مكانها تشريعاته وقوانينه؛ لحماية مظالمه وبطشه وامتيازاته بقانون، ولقد كان هذا الوضع بقية من بقايا الاستعمار، ومظهرًا من مظاهره الذي يجعل الاستقلال العسكري والسياسي والثقافي ناقصًا ومضيًا بالكفاح قدمًا إلى الأمام من أجل استكمال الاستقلال عمد الجزائريون إلى الاستقلال التشريعي والقانوني؛ حفاظًا على خصائص الجزائر ومقوماتها الأساسية، وكانت هذه هي الثورة الثالثة من الجزائر.

«المجتمع»

تشريع في خدمة الاستعمار

ولقد عبر الرئيس الجزائري هواري بومدين عن ضرورة هذه الثورة في التشريع الثقافي، والتقنين في خطاب ألقاه أمام اللجنة الوطنية الاستشارية المكلفة بمناقشة مشاريع القوانين الأساسية، فقال:

«إن التشريعات التي فرضها النظام الاستعماري على بلادنا فرضًا مدة قرن وربع، والتي سلبنا بها مكتسباتنا الروحية والمادية، وحاول بها طمس معالم ماضينا، ومحو عناصر شخصيتنا قد بقي معظمها جاريًا به العمل بمقتضى قانون ۳۱ ديسمبر ١٩٦2، وهي الغريبة عن ديارنا والتي وضعت لاستغلالنا، وإنكار وجودنا وذاتيتنا، والآن وقد انفكت الأغلال وملكنا زمام أمرنا؛ لتسيير شؤوننا بأنفسنا فعلينا أن نتخلص نهائيًا من القوانين الدخيلة علينا، ومن التركة التشريعية التي كانت في خدمة الاحتلال العسكري، والاستغلال الاقتصادي.

مرآة الأمة.. قانونها

فالجزائر اليوم وهي منطلقة في ثورتها الثقافية الشاملة تعلم أن قانون كل أمة قطعة من ماضيها الطويل، وحاضرها الماثل يمثل نشأتها وتطورها وأخلاقها وتقاليدها ودينها ومعتقداتها، وتعلم أن قوانيننا الحالية غريبة عنا تتعارض مع أحسن ما في تشريعنا الإسلامي التقليدي، وتنقض مقدمًا ما نود أن نسنه من قوانين حديثة تنسجم وأهدافنا الثورية.

 

الحاجة.. إلى الاجتهاد

فإلى جانب المصادر الأربعة الكبرى للتشريع الإسلامي هناك مصادر أخرى، أهمها الاجتهاد الذي يساير تغير الظروف ويراعي في الدرجة الأولى مصلحة العباد والبلاد ومصلحة الأمة.

ولقد كان الاجتهاد بمثابة الروح للشريعة الإسلامية، ومنبع الحياة لفقهها ولا يعقل أبدًا أن تؤدي الشريعة وظيفتها، وأن يكون لها فقه حي ينظم مصالح الأمة دون الاجتهاد، لذلك وجد الاجتهاد منذ ولدت الشريعة في عهد الرسول -صلى  الله عليه وسلم-، فقد اجتهد الرسول نفسه -عليه السلام- في حوادث عديدة، واجتهد أصحابه في حياته بتوجيه منه، ومن هنا فإن توقف الاجتهاد معناه جمود الفقه الإسلامي، وعقمه في تقديم الحلول الشرعية للحوادث والمشكلات المستجدة، وبالتالي عجزه عن مسايرة التطور، وقد جاء الإسلام صالحًا لكل زمان ومكان.

الرابط المختصر :