; في ذكرى استشهاد سيّد قطب «رحمه الله» | مجلة المجتمع

العنوان في ذكرى استشهاد سيّد قطب «رحمه الله»

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 20-أغسطس-1985

مشاهدات 13

نشر في العدد 730

نشر في الصفحة 34

الثلاثاء 20-أغسطس-1985

 

في التاسع والعشرين من أغسطس قبل تسعة عشر عامًا « ١٩٦٦» أصدر عبد الناصر من موسكو حيث كان في زيارة لأسياده الروس أمرًا لزبانيته بتنفيذ حكم الإعدام شنقًا بالكاتب الإسلامي الكبير الشهيد سيد قطب -رحمه الله- صاحب الجملة الرصينة والكلمة المشرفة الرجل العابد المتبتل إلى الله المجاهد الصابر مفسر القرآن الكريم الرجل الذي مازال أنموذجًا طيبًا لدعاة العصر في كل زمان ومكان في مفارز الابتلاء والامتحان وفي مقالتنا هذه سنلقي بعض الضوء على حياة هذا الرجل في يوم ذكراه داعين الله -عز وجل- أن يتغمده برحمته ويجعله مع الصديقين والشهداء والصالحين.

  • قبل الدعوة

في قرية من قرى محافظة أسيوط ولد سيد عام «١٩٠٦» في أسرة ميسورة الحال مكنته من أن ينهل من مناهل العلم والمعرفة ومنذ مراحل تعليمه الأولى كان ينشد الحقيقة المطلقة في هذا الوجود وخلال الفترة التي سبقت تحوله الكامل نحو الاتجاه الإسلامي  ١٩٥١ وقبل أن ينتمي للحركة الإسلامية أضحى سيد أديبًا وسياسيًا وصحفيًا مشهورًا وشاعرًا يحتل مكانة مرموقة في الأوساط الأدبية ومع أن هذه الفترة هي بالنسبة إليه جاهلية لما كان يحمله من تصورات وقيم وموازين تختلف في بعضها والمفاهيم الإسلامية إلا أنه كان كريم الأخلاق حكيمًا مربيًا شهمًا محافظًا على طابع بيئته الصعيدية وسلامة فطرته ونقاوتها وهذا ما قاده فيما بعد لتعديل قيمه وموازينه واتباع منهج الحق وكانت السنوات العشر السابقة لالتحاقه بالحركة الإسلامية عدًا تنازليًا للوصول إلى المنطلق الصحيح منطلق الدعوة، لقد وجد فيها شاطئ الأمان بعد رحلة البحث عن الحقيقة وقدم لها حياته ثمنًا لما طلب.

  • في رحاب الدعوة

وما أن انضم سيد إلى قافلة الدعوة حتى أصبح داعية مؤثرًا صاحب وضوح فكري مستمد من القرآن والسنة يعرف جيدًا تبعات الالتزام بهذا الدين ويدرك أن الإسلام ليس هو أي مذهب من المذاهب الاجتماعية الوضعية كما أنه ليس أي نظام من أنظمة الحكم الوضعية بشتى أسمائها وراياتها جميعًا وإنما هو الإسلام فقط بشخصيته المستقلة وتصوره المستقل. ومع رسوخ ونضوج هذا الفكر الحركي في وجدان سيد بدأت رحلة العذاب والآلام وبدأ أعداء الدعوة يخططون للإيقاع بالصفوة النقية المخلصة وعلى رأسهم سيد وكانت عندها أحداث ١٩٥٤م حيث افتعلت أجهزة الأمن المصرية حادث اغتيال عبد الناصر لاتخاذه ذريعة لملاحقة الإسلاميين والقضاء على الاتجاه الإسلامي الذي بدأ يتعاظم في مصر وزج السيد - رحمه الله - في السجن وحكم عليه خمسة عشر عامًا ظلمًا وعدوانًا.

  • نضوج فكري

وخلال فترة السجن بلغ سيد قمة النضوج الفكري وأصدر أهم كتبه على الإطلاق ونقح ثلاثة عشر جزءًا من الظلال لكنه ما إن خرج من السجن عام ١٩٦٤م بعد وساطة الرئيس العراقي الأسبق عبد السلام عارف حتى أصدر كتابه «معالم في الطريق» عام ١٩٦٥ ذلك الكتاب الذي اتخذه عبد الناصر ذريعة من جديد لإعادة اعتقاله وعدد من إخوانه بحجة قلب نظام الحكم وفي محاكمة صورية لم يستطع سيد ورفاقه التحدث سوى بجمل معدودة دحضوا فيها التهم الموجهة ضدهم كان قرار الحكم بالإعدام على سيد وإخوانه وانبرى الشهيد بكل رزانة وهدوء قائلًا:

«لقد كنت أعلم من قبل أن السلطات الحاكمة لا تريد أن أبقى حيًا وإنني أعلن مرة أخرى أنني لست نادمًا ولا متأسفًا ولست مستاءً من صدور هذا الحكم وإنما سأتقبله بكل سرور وابتهاج إذ استشهدت في سبيل الهدف المقدس المنشود».

وقد شهدت منظمة العفو الدولية بلا مشروعية المحكمة وعدم صلاحياتها وبأساليب التعذيب التي مارستها بحق المتهمين. لكن الطغاة أصروا على إعدامه وشاءت إرادة الله إلا أن تكشف هؤلاء على حقيقتهم وتكشف كيدهم وتآمرهم عندما أصدرت المحاكم المصرية مؤخرًا إحكامًا ببراءة الجماعة الإسلامية من حادثة المنشية وذلك بعد مضي إحدى وثلاثين سنة عليها. هذه الحقيقة تدلل على مدى التضليل الذي مارسته وتمارسه حتى اليوم قيادات الهزيمة من أجل عزل الإسلام عن المعركة التي تخوضها أمتنا ضد أعدائها.

وبعد لئن استطاع الظلمة الطغاة أن يعدموا سيد قطب وزميلين له هما عبد الفتاح إسماعيل ويوسف هواش صبيحة يوم 29/8/1966 فإن آثاره وأفكاره ونظرياته حية باقية بقاء المبدأ الإسلامي الخير الذي استشهد من أجله سيد ورفاقه وكل من سار على نفس الدرب إلى يوم الدين.

 

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

مع القراء - العدد 10

نشر في العدد 10

43

الثلاثاء 19-مايو-1970

من هَدي النُبوة

نشر في العدد 53

35

الثلاثاء 30-مارس-1971

مناقشات حول الحركة الإسلامية

نشر في العدد 11

36

الثلاثاء 26-مايو-1970