; في شركات النفط الوطنية كيف يستثمر المواطن الكويتي وظيفيًا؟ | مجلة المجتمع

العنوان في شركات النفط الوطنية كيف يستثمر المواطن الكويتي وظيفيًا؟

الكاتب عبد الرحمن العجمي

تاريخ النشر الثلاثاء 05-يوليو-1988

مشاهدات 21

نشر في العدد 873

نشر في الصفحة 6

الثلاثاء 05-يوليو-1988

  • الاستثمار الوظيفي والاجتماعي المبرمج كفيل بالقضاء على البطالة التي تشتم رائحتها من خلال السنتين السابقتين.

 يعتبر النفط المصدر الرئيسي لثروة هذا البلد بعد العون من الله -سبحانه تعالى-، شركات النفط الوطنية تعتبر استثمار النفط -وهو الثروة الناضبة- استثمارًا ماديًا بحتًا، الهدف الرئيسي منه الربح والربح فقط، كما أنها أغفلت الجانب الاجتماعي في سياستها الإستراتيجية في بناء هذا البلد.

     ومن نظرة تاريخية لإنشاء هذه الشركات حيث تأسست شركة نفط الكويت سنة ١٩٣٤، وشركة البترول الوطنية ١٩٥٤، وشركة البتروكيماويات في سنة۱۹ ، وشركة الناقلات في سنة... ، وأخيرًا مؤسسة البترول سنة ۱۹۸۰، ولنأخذ مثالًا لشركة البترول الوطنية التي تعتبر أكبر شركة نفط في الكويت، وثاني أكبر شركة نفط في الخليج العربي، فمنذ تأسيسها سنة ١٩٥٤؛ أي حوالي (٣٤) سنة لم تتجاوز نسبة العاملين الكويتيين من بضعة وثلاثين في المائة؛ أي بمعدل (١%) في كل عام،     لو افترضنا أن بداية الشركة من العمالة الأجنبية مائة بالمائة، أي نحتاج الآن إلى نصف قرن آخر حتى يتم تكويت هذه الشركة، ولست بصدد سياسة التكويت بهذا المقال، بل بصدد الفائدة المرجوة والاستثمار الاجتماعي والوظيفي الذي لم يستغل إلى الآن من خلال شركات النفط، إما بسبب عدم الوعي لهذا الدور الكبير والعظيم في نفس الوقت، وإما بسبب سوء التخطيط وعدم إجادة هذا الدور من قبل القائمين عليه؛ حيث إنه في إمكاننا تأمين العيش الوظيفي -بعد توفيق الله تعالى- لجميع الخريجين الكويتيين الراغبين في الالتحاق بهذه الشركات في التخصصات العلمية والإدارية والتخصصات الأخرى لو أردنا ذلك. 

     ولا يفهم القارئ أنني أبالغ في هذا التصور، فنحن نحتاج إلى الكثير لو أحسنا الاستغلال الإداري، واستفدنا من خطة التكويت البطيئة والبطيئة جدًا. 

     ونستطيع أيضًا بكل سهولة ويسر استيعاب الشباب الأكاديمي من المعاهد التطبيقية في تحقيق هذا المبدأ. 

     لكن قد يسأل سائل وإلى متى نستطيع توظيف هذه الطاقات الأكاديمية من الشباب الكويتي من جامعة الكويت وغيرها، ومن المعاهد التطبيقية، ومعاهد التدريب في شركات النفط حيث يتولد الكثير منهم في كل فصل وفي كل عام. 

     والجواب على ذلك بسيط، إن صناعة النفط هي من الصناعات المهمة في هذا العصر؛ وذلك لاحتياج المصانع بشتى أنواعها ومنتجاتها لمكررات هذه الصناعة النفطية، وذلك لاعتمادها الأساسي على هذه المكررات سواء كانت مواد تشغيلية للمصنع، أو كمواد إنتاجية للمصنع. 

     وعلى ضوء ذلك نستطيع بكل سهولة ويسر بناء الوحدات النفطية المطلوبة بمرور الزمن وتقلبات السوق، الذي يترتب عليه توظيف الطاقات البشرية الكويتية بشتى أنواعها بهذه الوحدات حتى لو نتج عن الميزانية الربحية السنوية لهذه الوحدات أنها متعادلة -على أقل تقدير- نكون قد ربحنا الكثير؛ حيث أمنا الوظيفة للمواطن الكويتي، والوظيفة تعني الاستقرار المادي والاجتماعي لهذا المواطن، لكن تبقى نقطة مهمة جدًا، وهي كيفية اختيار الوحدات والمصانع النفطية المناسبة لإنتاج المواد التي يحتاجها السوق العالمي، وهذه تحتاج منا إلى وقفة وتأمل؛ حيث إننا قد جربنا في الماضي فتح بعض المصانع البتروكيماوية في البلاد، وبعد سنوات أغلقت هذه المصانع لتحول السوق عنها أو للمنافسة الشديدة من قبل شركات النفط العالمية، لكن ما زالت هناك وحدات نفطية كثيرة يطلب السوق العالمي منتجاتها وعلى المدى الطويل، وهذه تحتاج إلى استشارة أصحاب الخبرة في هذا المجال، وليس هناك صعوبة في تقرير ذلك.

     لكن يظهر لنا سؤال أخير عما هي مجالات الاستثمار الوظيفي المتاحة الآن للمواطنين الكويتيين في شركات النفط؟

     ونقول -بعد عون الله تعالى- إن المجال الآن أصبح كبيرًا جِدًّا، ولا يحتاج منا لفترة تقدر بـ (١٠) سنوات قادمة لبناء وحدات مصانع نفطية جديدة لاستيعاب الشباب والمواطنين الكويتيين؛ وذلك بسبب تحديث مصافي النفط في الكويت التي تولد منها فراغات كبيرة وشاسعة ومجال كبير للتوظيف الإداري والمالي والمهني والأكاديمي، وحتى المجالات المهنية الصغيرة كمهنة السواقين وغيرها. 

     حيث نرى أن نسبة التشغيل تأخذ نصيب الأسد من هذه المعادلة؛ حيث يشغل هذه الوظيفة الشباب المهني والتعليمي الثانوي، وهي أعلى نسب للبطالة بين الشباب الكويتي، ومن هذا يتبين لنا أهمية دائرة شؤون الموظفين في شركة البترول الوطنية الذي يحتاج بنظري إلى توعية بهذا الدور، ولا أقصد توعية عاطفية بقدر ما تكون توعية عملية ذات دراسة للواقع.

     وختامًا لا يخفى عليكم أهمية هذا الاستثمار الاجتماعي والوظيفي الذي ينتج عنه مردود إيجابي للمواطنين أنفسهم ولهذا البلد، فهذا الاستثمار يقضي على البطالة القادمة، والنذير القادم الذي تشتم رائحته من خلال السنتين السابقتين، وإفرازات هذه البطالة من تدمير للرابطة الاجتماعية وتفكيك للأسر والانحرافات السلوكية وغيرها؛ حيث يترتب عليه زيادة العبء على الدولة في تقويم وإصلاح هذه الإفرازات، وكما قال المثل: «درهم وقاية خير من قنطار علاج».

وبعد هذا كله تكون قد استثمرنا برميل النفط كاملًا دون ثقوب. 

الرابط المختصر :