; قاصّ الأطفال أحمد محمد صوان .. أدب الأطفال تخصص دقيق مثل طب الأطفال | مجلة المجتمع

العنوان قاصّ الأطفال أحمد محمد صوان .. أدب الأطفال تخصص دقيق مثل طب الأطفال

الكاتب د. محمود خليل

تاريخ النشر السبت 04-يناير-2003

مشاهدات 18

نشر في العدد 1533

نشر في الصفحة 52

السبت 04-يناير-2003

 

 العامية وباء على اللغة العربية.. فلا يجوز الاستعانة بها في قصص الأطفال.

أغلب مجلات الأطفال العربية تستقي موضوعاتها من الأدب الأجنبي

حاوره في الرياض: محمد شلال الحنانحة

أحمد محمد صوان، أحد الكتاب السوريين الذين تخصصوا بأدب الطفل في دراستهم العليا، يكتب البراعم الطفولة بصدق فني، ولغة فصيحة، ورؤية إسلامية، وقد التقته المجتمع وكان هذا الحوار:

لم اتجهت إلى الكتابة للأطفال، وكيف كانت البداية؟ 

عالم الأطفال عالم واسع بكل أبعاده، مترامي الأطراف، وليس من السهل الغوص فيه، وفي اعتقادي أن الكتابة للكبار أسهل بكثير من الكتابة للأطفال، لكن مع ذلك وجدت في نفسي ميلًا إلى الكتابة للأطفال، فأنت لا تتخيل العالم الذي أعيش فيه وأنا أكتب للأطفال، أكتب القصة لهم وأنا أشعر بوجودهم معي يقرؤون ما أكتب، لذلك أكتب ما يفهمونه أو ما يغلب على ظني أنهم يفهمونه، وأنا أحب الأطفال، وأحب أن أقدم شيئًا لهم وهم في هذه السن لأن الأثر الذي تتركه القصة في نفوسهم كبير ويستمر معهم في مستقبل حياتهم.

أما البداية الفعلية فكانت في أثناء دراستي اللغة العربية، وتعمقت عندما درستها، إذ كنت أقص بعض القصص وأربطها بالمقرر لجذب التلاميذ وتحبيبهم باللغة العربية، وبعضها من عندي، فوجدت أثر هذه القصص في الأطفال، فأحببت أن أكتبها .

وهناك عامل آخر شجعني على الكتابة هو أنني اطلعت على قصص موجهة للأطفال فوجدتها تفتقر إلى نواح عدة وتعاني من مشكلات كثيرة منها مشكلات تربوية وفكرية لا تتفق مع ديننا وقيمنا، وأغلب القصص إما طويلة مملة، أو مختصرة مخلة أو خيالية مبالغ فيها، ومنها اللغة غير المناسبة والأخطاء اللغوية والإملائية، ولا شك أن الدراسة المتخصصة في أدب الأطفال تضيء جوانب مهمة في حياتهم من حيث التعرف على هذا الإنسان العجيب الذي أودعه الله سبحانه مواهب وقدرات كبيرة في هذه السن، وكيف يتعامل معها الإنسان العاقل مراعيًا خصائص نموه وعقله ولغته في هذه المرحلة، ولذلك كانت دراستي للماجستير في أدب الأطفال رافدًا لرغبتي في الكتابة لهم أيضًا، ولا أنسى دور التشجيع في كل عمل والأثر الإيجابي الذي يتركه فقد اطلع بعض الإخوة والأصدقاء. على ما كتبته فنال استحسانهم وأعجبهم فكانت هذه البداية، وقد كان دافعًا إلى الاستمرار في هذه المحاولات الأولية.

ما الفرق بين القصة الموجهة إلى الأطفال، وقصة الكبار مضمونًا وشكلًا في رأيك؟

إذا بدأنا بالدائرة الكبيرة التي تنضوي تحتها القصة والقصيدة والمسرحية وغير ذلك وهي دائرة أدب الأطفال، ودائرة أدب الكبار نجد أن هذين الأدبين يتفقان في المبادئ العامة ويختلفان في الخصوصية، وينبع التمييز بينهما في المستوى الفني واللغوي والأسلوبي وطريقة معالجةالموضوعات واختيارها، لأن أدب الأطفال موجه للأطفال بين الثالثة والثانية عشرة، أو دون ذلك أو فوق ذلك بقليل.

أما إذا تحدثنا عن القصة الموجهة إلى الأطفال والقصة الموجهة إلى الكبار، فبصورة عامة، فإن العناصر ذاتها موجودة في القصتين كاللغة والحدث والشخصية والحبكة وبيئة القصة الزمانية والمكانية لكن الاختلاف في طريقة التناول لكل عنصر من هذه العناصر وغيرها، تصور مثلًا لو قدمنا قصة لطفل الأحداث فيها متشابكة ومعقدة وفيها غموض أو لغتها صعبة فيها الفاظ غريبة أو الغينا فيها الزمان والمكان أو كانت الشخصية غير واضحة أو شخصيات القصة متشابهة في صفاتها أو أسمائها أو كانت كثيرة، أو كانت مخيفة جدًا، هل يقبل هذا في حال من الأحوال. 

وكما تختلف قصة الأطفال عن قصة الكبار في هذه الأمور، فهي تختلف أيضًا في الشكل، فموضوع الزمن مهم جدًا في قصة الأطفال، لأنك لو لم تحسن استثماره ولم تأخذ بعين الاعتبار قدرة الطفل على متابعة القصة واستيعابها لخسرت الشخص الذي كتبت القصة من أجله، وخسرت قارئًا نحن في حاجة ماسة إليه، فمن الضروري عدم الإطالة في قصة الأطفال، وإذا أردت الدقة فنحن مطالبون بقصص لكل مرحلة طفلية، لا أن نكتب للأطفال بصورة عامة، أي نضع في حسابنا المراحل العمرية الطفولة المبكرة والطفولة المتوسطة والطفولة المتأخرة، ثم نكتب لكل واحدة منها، وعندما تكتب للكبار فأنت في حل من هذه التقسيمات والتفريعات، فالاعتبارات في قصة الأطفال كثيرة ولا يصح تجاوزها.

ألا تجد أن هناك إشكالية في المواءمة بين الفصحى والعامية في القصة بشكل عام للأطفال والكبار؟

اللغة الفصيحة مطلب أساسي وجوهري في الكتابة للصغار والكبار، وأركز هنا على الصغار والمطلوب منا شد الطفل إلى اللغة الفصيحة لا النزول إلى العامية بحجة أنه يفهمها، ولا يعني هذا أن تخاطبه بلغة ألفاظها غريبة عنه الألفاظ العامية مستقبحة في قصة الطفل مهما كانت الأعذار فالعامية وباء خطير على اللغة العربية واللغة المحكية في المنزل والشارع ليست أصيلة ولا يصح أن نكرسها ونعمقها وترسخها في قصة الصغير بله الكبير، والألفاظ العامية كلمات عربية الأصل غالبًا، ولكن أصابها تحريف أو حذف أو زيادة، ولو سعى أدباء الأطفال إلى تخليصها مما علق بها، والارتقاء بها إلى لغة مبسطة لقدموا خدمة جلى لأبنائهم، ولأمتهم، لأن تقريب العامية إلى فصحى سهلة يجعل هذه الفصحى سائغة في البلاد العربية، لا تقف عند حدود بلد دون بلد. لذلك أكرر القول: إنه لا يجوز أبدأ الاستعانة باللغة العامية في قصة الأطفال.

مازال أدب الأطفال يعاني تعثرًا واضحًا مقارنة مع أدب الكبار، ما أسباب ذلك في رأيك؟

 أجيب عن سؤالك بسؤال: هل رأيت رجلًا لم يدرس الطب سنوات كثيرة يعالج طفلًا من ألم أصابه؟ بل إنك الآن عندما تحمل ولدك المريض أو ابنتك إلى طبيب عام، فإنه لا يستقبله، ويقول راجع طبيب أطفال.

 ما أريد قوله: إن أدب الأطفال تخصص دقيق مثل طب الأطفال، وعلينا أن نعي هذه المسألة، لأن على كتاب الأطفال مسؤوليات جسيمة وعليهم أن يوصلوا رسالتهم برؤية فكرية وفنية مناسبة لعمر الطفل وقدراته النفسية واللغوية والعقلية، وإلا فإن ما يكتبونه في واد والأطفال في واد آخر وللأسف هناك نماذج من هؤلاء.

ومن ناحية أخرى فإن أدب الكبار تحت الضوء أكثر، ومعرض للدراسة والنقد سواء في كتب مستقلة أو في مجلات، أما أدب الأطفال فغالباً هو في معزل عن النقد والتمحيص. ومن الأمور التي تجعل أدب الأطفال متعثرًا عدم انتشار مادة أدب الأطفال انتشارًا واسعًا في البلاد العربية بكليات التربية والآداب، وهذا يجعلها ضيقة وليست منتشرة.

• لك تجارب ومشاركات في مجلات الأطفال. ترى ما الذي ينقص هذه المجلات في توجهها للطفل المسلم؟

من المآخذ على المجلات العربية في الجملة أن اغلب موضوعاتها مستقاة من الأدب الأجنبي، بل إن بعضها كل ما فيه مترجم إلا صفحة أو صفحتين بقلم عربي، وهذه في الواقع مأساة، لأننا نجد في العموم مبادئ وقيماً في هذه القصص لا تتفق مع ديننا الإسلامي وتراثنا، وليست من واقعنا، ولا يعني هذا أن نحارب القصص المترجمة جميعها، ولكن الصواب والأولى أن تتبع القصص من بيئتنا ومجتمعنا وقيمنا وعندما نعطي تراثنا المفعم بالكنوز حقه، ونستخرج منه هذه الكنوز وتقدمها لطفلنا بأسلوب يناسب عصره وعمره، ونقدم له مثلًا سير أعلام أمته العرب والمسلمين القدامى والمحدثين ليتأسى بهم، عند ذلك يمكن أن تتخير من القصص الأجنبية ما يتفق مع ثقافتنا بحيث يبني ولا يهدم، وهذا الطفل أمانة في أعناقنا، والمحافظة عليه وحمايته مما يؤذي بدنه وعقله وتربيته واجب علينا جميعاً، والعناية بالأسلوب المناسب قضية في غاية الأهمية، فإننا عندما ندعو إلى كتابة قصص لأطفالنا عن رسول اللهr وعن الصحابة والأعلام الذين هم الأسوة الحسنة في التربية لا نعني نقل ما في كتب السير والتراجم حرفيًا، لابد من إعمال الفكر في إيجاد أسلوب مناسب ومشوق للطفل يرفد باللون والصورة والرسم حسب المرحلة العمرية التي يوجه لها هذا العمل، وبعض هذه المجلات يشيع فيها العامية للأسف، وهذا أمر معيب ولا يتفق والدعوة إلى اللغة العربية الفصيحة التي هي لغة القرآن، وينقص معظم مجلات الأطفال المشاركة الحقيقية للأطفال، هذه المشاركة لها فوائد كبيرة جدًا، وقد تكون بداية اكتشاف موهبة فذة. ومن المآخذ على بعض هذه المجلات أن تخاطب فئة عمرية واسعة، فهي تتجه في إنتاجها إلى الأطفال من سن الثامنة أو دون ذلك إلى ما بعد الثامنة عشرة وأكثر، وهناك موضوع غلاء سعر بعض هذه المجلات وصعوبة وصولها إلى مناطق بعيدة عن المدن.

أفلام الكرتون لها وقع ذو حدين في تشكيل ثقافة الطفل والتأثير في عقله وفكره هل تجلي لنا هذه الفكرة؟

للأسف أعداؤنا يوجهون لنا ما يريدونه من أطفالنا من خلال أفلام الكرتون، إنهم يتحكمون في المستقبل المنظور، فالأفكار التي تطرحها أفلام الكرتون الأجنبية نابعة من بيئة مختلفة عن بيئتنا وفكر مختلف عن فكرنا، وهي تدعو إلى قيم ومفاهيم لا تناسبنا أبدًا. حتى إن بعضها قد ترجم إلى العامية بدل اللغة الفصيحة، الأمر الذي يزيد الطين بلة، إنها تحمل اخطاراً لا يراها الكثيرون منا، هذه الأخطار تتعمق شيئًا فشيئًا مع الزمن ومع الركون إليها والتسليم بها وعند ذلك يصعب علاجها، فأنت تركت تربية ابنك وابنتك لعدوك، فهل تنتظر بعد ذلك ابنًا وبنتًا بارين مطيعين؟ وهل ستثمر هذه التربية رطبًا أم حشفًا؟.

إن ترك الطفل أمام التلفاز يشاهد كل برامج الكرتون دون متابعة ودراية أمر في غاية الخطورة وعواقبه وخيمة، فما يشاهده سينعكس على كلامه وتصرفاته وأفكاره عاجلًا أم أجلًا، شئنا أم أبينا والحل الأمثل هو إنتاج هذه البرامج عربيًا وإسلاميًا، وهناك أعمال في السوق من إنتاج عربي لكنها قليلة جدًا إذا ما قورنت بالإنتاج الأجنبي ولم تصل في مجملها إلى التقنية المتقدمة في الصورة والتحريك والألوان الموجودة في أفلام الكرتون الغربية، وهناك بعض شركات الإنتاج تأخذ الفيلم الكرتوني بصورته فقط وتحدث فيه تعديلات تتوافق مع بيئتنا وأفكارنا وتخرجه بلغة سليمة وأفكار مناسبة، وهي خطوة جيدة على طريق الوصول إلى الحل الأمثل وهو إنشاء صناعة كرتونية عربية وإسلامية متطورة نصب فيها قيمنا التربوية الأصيلة والمتعة الهادفة ونراعي فيها خصوصيتنا.

دعنا نقرأ مجموعتك القصصية الثانية مرحبًا أيها المبكر، قبل صدورها، ما الذي تطمح أن تقدمه للطفل العربي من خلالها؟

 غالب أحوال الطفل أن يكون في البيت أو المدرسة، وقد يكون في حديقة أو شارع أو محل تجاري برفقة أهله أو أصدقائه، فانطلقت من هذا المكان القريب من الطفل لأعالج موضوعات تهمه ويحياها كل يوم تقريبًا، ففي المدرسة هناك المدرك من الطلاب لأهمية الدراسة وحل الواجبات، وهناك من لا يدرك ذلك ويثبط الآخرين، وهناك من يتصرف بعدوانية في الفسحة، وهناك من يعتزل الطلاب وهناك من يحاول الإصلاح بين صديقين متخاصمين قدر طاقته هناك من يتخذ قدوة له مناسبة أو غير مناسبة، وفي البيت كل منا يدرك العلاقات الأخوية وما تحدثه الاحتكاكات بين الإخوة، وهناك الرحلة والتصرفات التي تحدث فيها .

هذه الأمكنة وغيرها بيئة صالحة لغرس قيم تربوية يفهمها الطفل والطفلة كضرورة التعاون والصدق والصراحة والجد والأمانة والتفكير والمناقشة وأدب المعاملة مع الآخرين والكلمة الطيبة وغير ذلك من الموضوعات الكثيرة التي يحتك بها الطفل، وهذه القيم الإيجابية وغيرها تكسب الطفل خبرة وتجربة نافعة يستفيد منها، لأنه يتأثر بها ودوره نحوها دور المنفعل لذا وجب على الأدباء عامة وأدباء الأطفال خاصة دراسة الكلمة التي يكتبونها للأطفال، لأنها إذا وصلت إليهم وكانت غير مناسبة ولا صحيحة صعب استرجاعها، بل هو مستحيل، أما عندما تكون الكلمة على ورقة في مكتبنا، فالأمر في يدنا نغير ونبدل ما نشاء.

إصدارات جديدة: «نحو تعريب العلوم الحديثة وأسلمتها»

الأمة الإسلامية أمة ذات عقيدة ورسالة، فيجب أن العقيدة، وأن يوجه ليكون أداة لإنشاء أجيال تحمل تلك الرسالة، ولذا فمن أفضل صور الجهاد اليوم الجهاد التعليمي الإعادة كتابة العلوم الحديثة بأسلوب يغرس الإيمان بوجود الخالق عز وجل وحكمته في نفوس الطلاب من خلال دراستهم العلمية. وقد صدر حديثاً كتابان في برمجة الحاسب بلغة ++C وهي من أحدث لغات البرمجة ذات التطبيقات الواسعة:

الكتاب الأول: برمجة الحاسب بلغة ++C (۷۰۰) صفحة.

الكتاب الثاني: البرمجة المتقدمة بلغة ++C) ٦٧٠ صفحة).

تأليف د. أبو بكر أحمد السيد.. قسم الرياضيات وعلم الحاسوب.. جامعة الكويت ويعد الكتابان خطوة جديدة على طريق تعريب العلوم الحديثة وأسلمتها، حيث يتبع الكتابان المنهج المذكور في الأسلوب وفي الموضوعات، حيث تتناول برامج بعض الأمثلة والتمرينات مسائل توزيع المواريث وفق قوانين الشريعة الإسلامية، وحساب أنواع الزكاة المختلفة زكاة النقود، زكاة الثمار والفواكه زكاة الغنم زكاة البترول... وحساب الأرباح والخسائر في نظم البنوك الإسلامية حيث لا تعامل بالريا وتصنيف أحاديث الرسول r والبحث عن كلمة معينة في آية قرآنية أو حديث نبوي وغير ذلك من التطبيقات الشرعية، وعلى العموم ربط بعض مسائل الحسابات المعتادة بأفكار إسلامية تجعل الطالب والأستاذ معًا على صلة دائمة بالله U خلال دراسة المنهج.. وذلك بالإضافة إلى التطبيقات الأخرى العلمية والهندسية والتجارية والرياضية.

 تجدر الإشارة إلى أن المؤلف قد فاز هذا العام بجائزة التدريس المتميز لأفضل أساتذة جامعة الكويت بكلية العلوم، كما أن كتابه التحليل العددي قد فاز من قبل بجائزة أفضل كتاب في العلوم مؤلف بالعربية والمقدمة من مؤسسة الكويت للتقدم العلمي، وذلك في معرض الكتاب الدولي الخامس عشر. 

الناشر: دار القلم للنشر والتوزيع شارع السور- عمارة السور-الكويت

هاتف 4457407-2458478 

برقية التوزيع ص ب20146 الصفاة 13062-الكويت

 

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

نشر في العدد 2

156

الثلاثاء 24-مارس-1970

نشر في العدد 52

55

الثلاثاء 23-مارس-1971

نشر في العدد 1095

57

الثلاثاء 12-أبريل-1994