العنوان قراءة في البيان الختامي الخليجي
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 28-ديسمبر-1993
مشاهدات 15
نشر في العدد 1081
نشر في الصفحة 6
الثلاثاء 28-ديسمبر-1993
الافتتاحية -
أربعُ نقاط جوهرية حواها البيان الذي اختتم به القادة الخليجيون قمتهم «الرابعة عشرة» أظهرت موقف مجلس التعاون من «أربعة مواضيع أساسية»، وفي تقديرنا أن المجلس أحسن التعامل مع ثلاث منها فيما جاء موقفه من الموضوع الرابع دون ما أملته شعوب الخليج.
الموضوع الأول: كان الموقف من النظام العراقي إذ أكد القادة تأييدهم الكامل لحقوق الكويت المشروعة التي لا يزال حاكم بغداد يماطل في الاعتراف بها، إذ لاحظ المجلس «السياسة الانتقائية للنظام العراقي في تنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة بعدوانه على الكويت» إذ في الوقت الذي يبدي فيه الطاغية العراقي خنوعًا مستمرًا أمام الضغوط الدولية لمراقبة صناعاته الحربية، فإنه يرفض حتى الآن الاعتراف بسيادة الكويت وترسيم الحدود معها، ولا يزال يحتجز المئات من الأسرى الكويتيين في ظلام سجونه.
ولقد جاء إعلان «القمة الخليجية» التأييد الكامل للكويت في هذا الصدد موقفًا صلبًا وناجحًا في مواجهة الدعايات التي تطلقها بغداد وحلفاؤها حول تفكك الموقف الخليجي الداعم للكويت والمضاد لعدوانية نظام صدام حسين.
الموضوع الثاني: كان «العلاقات الخليجية الإيرانية» إذ ربط المجلس تطور هذه العلاقات بالموقف الإيراني من الاحتلال غير المشروع للجزر الثلاث التابعة لدولة الإمارات العربية المتحدة، ودعا البيان إلى استجابة إيران لدعوة الشيخ «زايد بن سلطان» إجراء حوار مباشر حول احتلالها لجزر الإمارات الثلاث، وإلى إلغاء «كافة الإجراءات والتدابير التي اتخذتها إيران في جزيرة «أبو موسى»، واعتبر القادة الخليجيون أن تطوير العلاقات مع إيران «مرتبط بتعزيز الثقة وبما تتخذه من إجراءات تنسجم مع التزامها بمبادئ حسن الجوار واحترام سيادة ووحدة أراضي دول المنطقة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية».
وكما في شأن »الكويت»، كان دعم المجلس للإمارات إزاء الإجراءات الإيرانية المضادة لسيادتها على الجزر خير وسيلة لإغلاق الطريق أمام الظنون الإيرانية بإمكان ؛ التعامل مع خليج متفرق في مواقفه السياسية ومتذبذب في شأن العلاقة مع إيران.
الموضوع الثالث: كان «قضية أسعار النفط» إذ خطا القادة الخليجيون خطوة صحيحة بإعلانهم عن استعداد المجلس «للمساهمة» في إجراء تخفيض في الإنتاج الحالي من النفط، إذا وافقت جميع الدول المنتجة داخل وخارج «أوبيك» على خطة شاملة لتخصيص الإنتاج بشكل متوازن».
وهذا الموقف النفطي يأتي مناسبًا مع ظروف الانهيار الحالي لأسعار النفط بتدبير من الدول الغربية المستهلكة، ويشكل تجسيدًا للثقل الكبير لدول مجلس التعاون في السوق النفطية، ومحاولة مباركة لاستعادة الدور القيادي للخليج في «قيادة أوبيك» والتأثير على السوق النفطية الدولية.
أما الموضوع الرابع: والذي نعتقد أن القرار فيه لم يكن على مستوى القرارات الثلاث، ولم يكن منسجمًا من خلاله مع التوجه الشعبي في الخليج فهو «ما يتعلق باتفاق التسوية مع العدو اليهودي».
فالبيان الختامي للقمة عبر عن: «ترحيبه بتوقيع اتفاق إعلان المبادئ بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، واعتبر هذا الاتفاق «خطوة أولى على طريق التوصل لحل عادل في القضية الفلسطينية».
ولا شك أن المباركة الخليجية لاتفاق التسوية جاءت خلافًا للمبادئ الإسلامية الراسخة تجاه احتلال اليهود لأرض فلسطين التي تؤمن بها وتتبناها شعوب الخليج والجزيرة، كما أن هذه المباركة تمثل نجاحًا للضغوط الغربية وخطط بعض الأطراف العربية في توريط دول مجلس التعاون في التزامات أخلاقية وسياسية ومالية باهظة تجاه اتفاق التسوية الذي هو أسوأ أنواع التجسيد للهزيمة التي تمر بها الأمة أمام أعدائها.
ومن المواضيع الهامة التي وردت في بيان القمة الخليجية: تلك التي تتعلق بمجالات التعاون المشترك بين أعضاء المجلس، فلقد أكد البيان على تعزيز التعاون في جوانب مختلفة منها: «الجانب الأمني والدفاعي والتجاري» وهي جوانب سبق لدول المجلس أن قطعت فيها شوطًا متواضعًا هو أقل بكثير من عمر المجلس الذي بلغ« ١٤ »عامًا، إذ بالرغم من أن القمة أكدت -كما جاء في قمم سابقة- على تعزيز دور قوات درع الجزيرة في الأمن الخليجي إلا أن حجم ودور هذه القوات لا يزال صغيرًا، كما أن القمة الأخيرة تحدثت على التنسيق في مجالات إدارية وتجارية متعددة، لكن المواطن العادي في الخليج قلما يلحظ ثمار هذا التنسيق في حياته اليومية أو خلال انتقاله بين أقطار الخليج.
ومهما يكن من ملاحظات وانتقادات على القمة «الرابعة عشرة» إلا أن الانطباع العام حولها أنها عكست صورة إيجابية للموقف الخليجي، إذ بالرغم مما قيل وكتب في الصحف من أفكار غير متفائلة عن مستقبل مجلس التعاون بعد قمة الرياض إلا أن القادة الخليجيين نجحوا في إبراز المجلس بصورة متماسكة متجاوزين بذلك كل ما رُوِّج له الخصوم من شائعات، ومؤكدين أن الخلاف مهما برز بين شقيق في الخليج وشقيقه فإن التراث والمصير المشترك لن يسمح لهما بالافتراق.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل