العنوان قراءة في قرارات الأمة الإسلامية
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 21-نوفمبر-2000
مشاهدات 12
نشر في العدد 1427
نشر في الصفحة 9
الثلاثاء 21-نوفمبر-2000
في الحادي والعشرين من أغسطس عام ١٩٦٩م. أقدم عدد من اليهود على محاولة إحراق المسجد الأقصى الذي كانت القوات الصهيونية قد احتلت ساحته بعد سقوط ما تبقى من القدس وفلسطين بعد هزيمة ١٩٦٧م.
وقد أثار ذلك الحدث الجلل مع ما رافقه من محاولات صهيونية لتهويد القدس ومحو الآثار الإسلامية منها وإزالة بعض الأحياء الإسلامية، أثارت تلك الأفعال الإجرامية موجة عارمة من السخط والغضب الإسلاميين وتداعت حكومات الدول الإسلامية إلى الاجتماع في المغرب حيث أعلن عن تأسيس منظمة المؤتمر الإسلامي في سبتمبر عام ١٩٦٩م.
وما أشبه الليلة بالبارحة.. فبعد واحد وثلاثين عاماً عقدت المنظمة قمتها التاسعة في الدوحة الأسبوع الماضي والتي سميت قمة انتفاضة الأقصى، فيما الأخطار التي تتهدد القدس والأقصى الشريف لم تبدد بعد بل زادت ضراوة واتساعاً .. إذ أعد الصهاينة كامل العدة لهدم المسجد الأقصى وبناء هيكلهم المزعوم محله واتسعت عمليات التهويد والاستيطان في القدس، وكل فلسطين وانجرف البعض في مسلسل التسوية وأصبح جاهزاً للتوقيع على صك تسليم الجزء الأكبر من فلسطين لليهود.
واحد وثلاثون عاماً عقدت منظمة المؤتمر الإسلامي خلالها تسع قمم كانت قضية فلسطين والقدس دائماً على رأس جدول أعمالها، لكن قرارات المنظمة كانت دائماً دون المستوى المأمول، وفي حدود القول لا الفعل.
وحتى لا تبدو الصورة كاملة السواد، نشير إلى بعض الومضات التي خرجت من القمة الأخيرة : فقد دعت القمة - وإن في قرار غير ملزم: أعضاءها لقطع العلاقات مع العدو الصهيوني، وهددت بقطع العلاقات مع أي دولة تنقل سفارتها إلى القدس المحتلة، أو تعترف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني، كما دعت إلى تشكيل لجنة تحقيق دولية في المذابح التي يرتكبها الصهاينة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهي إشارة واضحة إلى عدم رضائها باللجنة المنبثقة عن اجتماع شرم الشيخ، والتي تشكلت وفق الهوى الأمريكي وبرئاسة أمريكية وعضوية من ترضى عنهم الولايات المتحدة.
كما دعت القمة إلى تشكيل محكمة جنائية دولية خاصة لمحاكمة مجرمي الحرب الصهاينة وتأمين الحماية الدولية اللازمة للفلسطينيين.
لكن هذه الدعوات جميعاً لن تأخذ طريقها إلى التنفيذ من تلقاء نفسها، خاصة أنها تصطدم برفض صهيونيأمريكي متعجرف ويكفي أن الولايات المتحدة بنت موقفها من الطلب الفلسطيني بتوفير حماية دولية للفلسطينيين في الأراضي المحتلة بالقول: إن هذا الطلب لا يلقى قبولاً من الجانب الإسرائيلي، وكان مصير الفلسطينيين قد أصبح معلقاً بالمشيئة اليهودية، فإن شاء الصهاينة قتلوهم، وإنشاءوا تركوهم إلى حين، وهو موقف يكشف من جانب آخر أن القرار الأمريكي أصبح مرهوناً بالإرادة الصهيونية وتابعاً لها.
هذه الدعوات من القمة تحتاج إلى جهد سياسي ودبلوماسي إسلامي مكثف ودؤوب، حتى تأخذ طريقها إلى التنفيذ، وهو الأمر الذي لم توضح قرارات القمة كيفية تنفيذه وتحقيقه، وما يمكن أن يتخذ من قرارات تصعيدية في حال واجهت تلك القرارات التعنت الصهيوني الأمريكي.
القمة أكدت أيضاً ضرورة تقديم الدعم المادي لوكالة بيت مال القدس وصندوق القدس ووقفيته لتمكينهما من القيام بمهامهما في الحفاظ على الهوية العربية الإسلامية للقدس، وتقرير ومساندة أهلها، وتأييد قرارات القمة العربية بالقاهرة بإنشاء صندوقين من أجل القدس والانتفاضة، وعلى الرغم من أن المال هو أقل ما يمكن أن يقدمه المسلمون خارج فلسطين إلى أهلها الصابرين، فإننا نخشى أيضاً أن تظل تلك القرارات خارج إطار حيز التنفيذ فوكالة بيت مال القدس مؤسسة منذ سنوات، لكن رصيدها المالي هزيل للغاية، وحين سئل عز الدين العراقي - الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي - أثناء انعقاد هذا المؤتمر الأخير عن رصيد الصندوق ارتج عليه القول، ولم يفصح عن ميزانية الصندوق، أما الصندوقان اللذان أقرتهما قمة القاهرة فلم تعلن سوى دولتين هما: المملكة العربية السعودية والكويت عن الموافقة على المساهمة فيهما، وهو عمل مشكور، لكنه لا يغني عما يجب أن تقوم به بقية الدول العربية والإسلامية.
إن الناظر في تاريخ منظمة المؤتمر الإسلامي منذ قيامها يلحظ على الفور تواضع إنجازاتها وضعف تقدمها، وهو أمر لا يتناسب مع مكانة تلك الأمة الإسلامية ودورها الذي كلفتها به رسالة الإسلام ولا الإمكانات المتاحة لدى دولها، ولا التحديات الجسام التي تواجهها.
ومن المؤسف والمؤلم أن نجد أن هنالك من بين قيادات الدول الإسلامية من عميت بصيرته، وضل سعيه، وأصبح ألعوبة في يد الأمريكان واليهود يريد أن ينحرف بقرارات كل اجتماع عربي وإسلامي، ليصب في صالح اليهود أو يحرفه عن دوره المنشود.
والأمل أن تدرك البلدان العربية والإسلامية خطورة أولئك المرجفين وأن تواجه تلك الضلالات بمواقف حازمة صريحة، كما أن على حكوماتها أن تدرك حقيقة مكانتها وعظم رسالتها، وتحسن استخدام الإمكانات، وتستشعر خطورة التحديات وتتجاوب مع تطلعات شعوبها وآمالها وأمانيها وتتصرف على ضوئها، وعندها تنطلق أمتنا على الطريق الصحيح.. لا لتحرير فلسطين فحسب وإنما ليكون للأمة الإسلامية دورها وثقلها في موازين العالم أجمع.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل
بسرعة الصاروخ.. كيف سرَّعت دول عربية التغيير فـي المناهـج الدراسيــة لمصلحــة اليهــود؟
نشر في العدد 2180
30
الخميس 01-يونيو-2023