العنوان قراءة في كتاب الطبقة الخارقة.. نخبة التسلط العالمي وأي عالم تبني؟
الكاتب د. محمود المنير
تاريخ النشر الثلاثاء 01-أغسطس-2017
مشاهدات 20
نشر في العدد 2110
نشر في الصفحة 60
الثلاثاء 01-أغسطس-2017
بيانات الكتاب:
اسم الكتاب: الطبقة الخارقة نخبة التسلط العالمي وأي عالم تبني؟
المؤلف: دايفيد ج. روثكوبف.
الناشر: شركة المطبوعة للتوزيع والنشر – لبنان.
الطبعة: الثانية 2012.
عدد صفحات الكتاب: 496 صفحة من القطع الكبير.
نبذة عن المؤلف:
«دايفيد ج. روثكوبف» هو المدير التنفيذي الأسبق للشركة الدولية التي أسسها «هنري كيسنجر»، وأصبح شريكاً لـ»أنطوني ليك» الذي كان مثل «كيسنجر» مستشاراً للأمن القومي الأمريكي، انضم إلى إدارة «كلينتون» كوكيل وزير التجارة في الولايات المتحدة، وعمل في حقل التجارة العالمية، ألّف كتاباً بعنوان «إدارة العالم: القصة الداخلية لمجلس الأمن القومي ومنهجية السلطة الأمريكية»، وظف في تأليفه علاقات ومقابلات مع أكثر من 150 مسؤولاً في مؤسسة السياسة الخارجية الأمريكية منذ «آيزنهاور».
هذا الكتاب:
الكتاب بحق مثير للجدل؛ حيث يتناول الموضوع الأكثر حظراً في العالم، وهو ما يسمى بالطبقة الخارقة، ومَنْ أعضاؤها؟ حيث حدد المؤلف رقم 6 آلاف لعضوية هذه الطبقة موزعين في أنحاء العالم، يتحكمون في مصائر 6 مليارات نسمة، ويتسلطون على الكرة الأرضية ببشرها وثرواتها، يوقدون حرباً هنا وحرباً هناك، يغتالون زعيماً، يسطون على مناجم وآبار نفط، من دون أن يحاسَبوا أو يحاكَموا، منهم رجال دين كبار جداً، وأمراء حروب، وإرهابيون، وأدباء وفنانون، وقتلة محترفون، وأصحاب شركات عابرة القارات.
يعرض الكتاب لواقع تركز السلطة بين أيدي مجموعة قليلة جداً من الأشخاص حول العالم، وهوية هؤلاء الأشخاص، ومدى تأثيرهم الشديد على حياة العالم، وتحكمهم في صياغة تشكيل توجهات وقرارات والمسارات في العالم، ويشير المؤلف إلى وجود طبقة من النخبة متغيرة من فترة إلى أخرى باعتبار أن السلطة مؤقتة وزائلة، ومن ينتمون إلى هذه الطبقة ينتمون إليها بسبب وظائف يشغلونها ثم يرحلون عنها فتزول عنهم السطوة والتأثير والنفوذ وتأتي طبقة أخرى تشغل نفس المناصب فتمارس نفس النفوذ والـتأثير وإن كان بدرجات متفاوتة.
ويرى المؤلف أنه ليس من فائدة ضرورية لنشر قائمة النخبة أو الطبقة الخارقة التي تحكم العالم وتهيمن على القرارات الكبرى فيه، ولكن الأهم من ذلك هو إدراج قوائم فرعية لتوصيف الطبيعة العامة لهذه الطبقة الخارقة مع إدراك المؤلف الكامل أنه يرسم صورة لشيء متحرك ومتجدد.
يقول المؤلف: إن هذا الكتاب ليس مخصصاً لواضعي النظريات التآمرية، فهو يؤمن بوجود بعض الشبكات الموجودة بين الأشخاص الأكثر نفوذاً في العالم، وهو ما مكّن مجموعة قليلة من الأشخاص من تشكيل النظام العالمي، ووضع معايير لهذا النظام وفق مصالحهم الشخصية، وفي الوقت نفسه هذه النخبة تمزقها الاختلافات، وتتحداها الاستحالة العملية لأغلب المؤامرات؛ لذا فالأوهام القديمة حول السيطرة على العالم لا معنى لها البتة، وفقاً لرؤية المؤلف.
ويلغي المؤلف المفاهيم السائدة حول فاعلية رؤساء الدول وأعضاء البرلمانات ومجالس الشيوخ، مؤكداً أن اختيارهم شكلي وتعيينهم حبر على ورق، وأن السلطة الحقيقية حكر على الطبقة الخارقة.
محتويات الكتاب:
يحتوي الكتاب على تمهيد ومقدمة عن النخبة ذات السلطة، و9 محاور رئيسة على النحو التالي:
1- كل فرد هو واحد من مليون: تعرفوا على طبقة النخبة.
2- اختلاف الظروف: الظلم والتراجع والنظام الجديد.
3- دروس من التاريخ: بروز النخب وأفولها.
4- اللحظة المتعددة الجنسيات: حين أصبح المال والأعمال مركز كل شيء.
5- المتعولمون مقابل القوميين: الصدع السياسي للقرن الجديد.
6- عصر اللاتناسق: انهيار الجبابرة وبروز محاربي الظل.
7- طبقة النخبة في مجال المعلومات: نفوذ الأفكار.
8- كيف تصبح عضواً في طبقة النخبة: الأسطورة والواقع والباثولوجيا النفسية للنجاح.
9- مستقبل طبقة النخبة وماذا يعني لنا؟
من هم أعضاء الطبقة الخارقة؟
ركز المؤلف على المجموعة التي تمثل هذا النموذج كما ينطبق على النفوذ العالمي، وليس فقط على الثروة أو الإنجازات في حقل معين، فيعتبر أن «رومان أبراموفيتش»، العضو في أحد القلة الحاكمة الروسية والحاكم السيبيري ومالك نادي «تشيلسي» لكرة القدم في المملكة المتحدة، واحداً من هذه النخبة، في حين أن «بيرجيت روسنغ» البالغة من العمر 83 عاماً التي تمتلك 11 مليار دولار بفضل شركات التغليف السويدية «تيترا لافال» العائدة إلى زوجها وتعيش بسكينة في سويسرا، لا تنتمي على الأرجح إلى هذه النخبة.
في حين أن نجمة الروك الكولومبية “شاكيرا” تنتمي إلى هذه النخبة، ويعتبر “موكيش أمباني”، الرئيس التنفيذي لشركة “ريلاينس إند إستري” في الهند وأحد أثرى أثرياء الهند، من عداد هذه النخبة، وكان “ميخائيل جورباتشوف” و”مارجريت تاتشر”، و”كارلوس منعم”، و”مهاتير محمد” أعضاء في هذه المجموعة، ولكنهم ليسوا فيها الآن.
في حين أن قادة سابقين أمثال “بل كلينتون”، و”لي كوان يو”، و”هنري كيسنجر”، الذين حافظوا على نفوذهم العالمي ما يزالون بكل تأكيد أعضاء في هذه الطبقة الخارقة، و”أسامة بن لادن” كان ينتمي إلى هذه المجموعة.
واحد من مليون!
يرى المؤلف أن كل فرد من هذه الطبقة الخارقة هو واحد من مليون من بين الستة مليارات شخص على هذه الأرض هناك حوالي ستة آلاف منهم، وبوسعك تسميتهم في كل حقل من الحقول الإنسانية، البعض منهم يسهل تحديده: قادة حكوميون بارزون من دول فاعلة عالمياً ويتمتعون بنفوذ سياسي أو اقتصادي أو مادي له تأثيره على الآخرين، وقادة عسكريون ينتمون إلى بضع عشرات من الدول التي لها القدرة على فرض قوتها بفعالية على حدودها، وأصحاب الأسهم الناشطون في أبرز ألفي شركة حول العالم، ومعظم مليارديرات العالم الذين يبلغ عددهم ألف شخص تقريباً، والأولاد النوابغ في مجال الإنترنت، والرأسماليون الصينيون البارزون، والفنانون والعلماء والأكاديميون والكتَّاب الذين يتمتعون بنفوذ خارق، والقادة الدينيون في العالم.
ماذا يجمع الطبقة الخارقة؟
يرى المؤلف أن السمة التي تميز هؤلاء الأشخاص وتبرزهم هي السلطة التي تؤثر تأثيراً متواصلاً على ملايين البشر، بل مليارات الأشخاص، وليس في بلد واحد فحسب، بل وعبر الحدود، إنهم يوظفون الناس أو يحركون الأسواق أو يؤججون الحروب أو يغيرون معتقدات عميقة، وغالباً ما يحتلون مكانة مميزة جداً ضمن حقلهم.
الجانب المؤسساتي لطبقة النخبة:
يشير المؤلف إلى أن المجموعة الأكبر من بين جميع الأنواع الذين يؤلفون طبقة النخبة العالمية تأتي مجموعة القادة في مجالي المال والأعمال، لعدة أسباب؛ أهمها نفوذهم الذي لا تحده الحدود الوطنية ويمتد على نحو متزايد إلى خارج الحدود بكثير عبر الشركات عابرة القارات، حيث يوجد ما يفوق 1500 شركة لها مبيعات سنوية تتخطيى قيمتها خمسة مليارات دولار، وهناك شركات سلطتها تفوق سلطات الدول؛ فعلى سبيل المثال، في العام 2007م كان الناتج الإجمالي المحلي في العالم يقدر بـ47 تريليون دولار، وفي السنة نفسها حققت أكبر 205 شركة في العالم مبيعات تفوق 14.87 تريليون دولار؛ أي ما يساوى ثلث الناتج الإجمالي المحلي في العالم تقريباً.
وتفوق قيمة هذه المبيعات الناتج المحلي للولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي (13.2 تريليون دولار، 13.74 تريليون دولار على التوالي)، وعلى سبيل المثال؛ مبيعات «إكسون موبايل» أكبر من الناتج المحلي للسعودية (أحد أكبر اقتصادات العالم الذي يحتل المرتبة 20 في العالم)، وأكبر ألفي شركة في العالم يصل مجموع مبيعاتها السنوية إلى 27 تريليون دولار، ومجموع أصولها 103 تريليونات دولار، وتوظف أكثر من 70 مليون شخص حول العالم، وإن كان كل من هؤلاء الموظفين يعيل 4 أشخاص فحسب، فهذا يعني أن هذه الشركات تؤمّن معيشة 350 مليون إنسان؛ وبالتالي تؤثر في القرارات التي يأخذها بضعة آلاف من الأفراد على حياة مليار إنسان أو أكثر حول العالم!
نفوذ السياسة
يقرر المؤلف أنه من الواضح أن أغنى الناس ما كانوا لينجذبوا إلى السياسة ما لم تكن توفر لهم سلطة إضافية تفوق تلك التي اكتسبوها من خلال نجاحهم المالي أو أي نجاح مهني آخر، ويرى أن امتلاك قدرة التأثير على قرارات سياسية أو امتلاك أساس من الدعم السياسي يقوي الأفراد بشكل مباشر، ويرى المؤلف أنه في غياب المؤسسات السياسية العالمية يعتبر أفضل طريق للتأثير على النتائج العالمية هو تأسيس شبكات من الأفراد أو المنظمات التي تمتلك نفوذاً في بلدان مهمة، وهذه هي القوة الخاصة التي تتمتع بها الطبقة الخارقة بالنظر إلى مواقعها ومواردها وتوجهها العالمي.
يقول المؤلف: إن الشركات تسيطر اليوم على طبقة النخبة الخارقة، ويسيطر الأمريكيون على قادة هذه الشركات، فمن بين أكبر 22 شركة في العالم، يقوم أمريكيون بقيادة نصفها، فتتركز السلطة في أيدي ممثلي دولة تحوي على أرض 5% من سكان العالم فقط!
كيف تصبح عضواً في الطبقة الخارقة؟
يقول المؤلف: إنه لا يمكن فهم الطبقة الخارقة بالكامل دون إلقاء نظرة على الأشخاص الذين يقفون وراء الاجتماعات الحصرية والمناصب القيادية النافذة، ويسوق ثماني قواعد أساسية يتحتم اتباعها لمن يريد أن يصبح ضمن مجموعة النخبة أو الطبقة الخارقة؛ وهي:
1- أن تولد رجلاً حيث تشكل النساء 6.3% فقط من طبقة النخبة التي تحكم العالم.
2- أن تولد عقب الحرب العالمية الثانية؛ لأن هذا زمان حكم الأشخاص المولودين عقب الحرب العالمية الثانية، حيث يبلغ متوسط عمر أعضاء الطبقة الخارقة التي تحكم العالم 85 عاماً، وعلى الرغم من بروز نخبة تكنولوجيا المعلوماتية الجديدة والأصغر سناً 3% فقط من طبقة النخبة تحت الأربعين من العمر و45% فوق الستين، واستولى الجيل الذي ولد بعد عقد من الحرب العالمية الثانية على مقاليد الحكم، ومن المرجح أن يسمك بزمام السلطة لفترة من الوقت.
3- تعقب جذورك الثقافية إلى أوروبا؛ حيث تمتلك الولايات المتحدة حوالي 17% من أعضاء الطبقة الخارقة، وتشكل دول آسيا الثلث فقط، و10 دول فقط مسؤولة عن 57% من الطبقة الخارقة (أمريكا، الصين، بريطانيا، الهند، البرازيل، روسيا، ألمانيا، اليابان، المكسيك، فرنسا).
4- تعلم في جامعة نخبوية؛ بعد أخذ عينة ممثلة عالمياً وقطاعياً ومؤلفة من 300 عضو من طبقة النخبة العالمية سحبوا بشكل عشوائي من القائمة، نجد حوالي 3 من أصل 10 ارتادوا واحدة من أصل عشرين جامعة نخبوية فقط؛ أبرزها ستانفورد، وهارفرد، وشيكاغو.
5- توجه إلى مجال الأعمال والمال؛ حيث ينتمى 63% من طبقة النخبة العالمية إما إلى مجال المال أو الأعمال، ويشكل كبار المسؤولين الماليين أو الاستثماريين 13%.
6- امتلك قاعدة سلطة مؤسساتية؛ فهناك القليل جداً من الأفراد في القائمة يعتبرون بكل بساطة غاية في الثراء أو النفوذ، بحيث لا يتطلبون سلطة مؤسساتية لتحقيق النفوذ العالمي.
7- حقّق الثراء؛ عملياً يتمتع جل مليارديرات العالم البالغ عددهم ألفاً بهذه الخاصية، ويحصد القادة السياسيون في أمريكا إضافة إلى النخب الثقافية مداخيل تقدر بالملايين، وحوالي 60% من طبقة النخبة الخارقة هم من أصحاب الملايين.
8- كن محظوظاً؛ فالديموجرافيا ليست قدرية، وهناك كثير من أصحاب الملايين الأمريكيين البالغين 60 عاماً من العمر والحاصلين على شهادات من هارفرد ليسوا أعضاء في طبقة النخبة، ومن الصعب امتلاك الحظ، ولكنه شرط أساسي للدخول في طبقة النخبة، وفقاً للمؤلف.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكلالحق سلطانه أقوى من كل سلطان والباطل لا يصمد أمام الحقيقة
نشر في العدد 2170
38
الاثنين 01-أغسطس-2022
كتاب المنهزمون دراسة للفكر المتخلف والحضارة المنهارة لمؤلفه الداعية يوسف العظم
نشر في العدد 423
12
الثلاثاء 12-ديسمبر-1978