العنوان قمة الكويت محاولة لصياغة جديدة للتفاهم العربي
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر السبت 24-يناير-2009
مشاهدات 8
نشر في العدد 1836
نشر في الصفحة 3
السبت 24-يناير-2009
﴿وَٱتَّقُواْ فِتۡنَةٗ لَّا
تُصِيبَنَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمۡ خَآصَّةٗۖ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ (25) وَٱذۡكُرُوٓاْ إِذۡ
أَنتُمۡ قَلِيلٞ مُّسۡتَضۡعَفُونَ فِي ٱلۡأَرۡضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ
ٱلنَّاسُ فَـَٔاوَىٰكُمۡ وَأَيَّدَكُم بِنَصۡرِهِۦ وَرَزَقَكُم مِّنَ
ٱلطَّيِّبَٰتِ لَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ (26) يَٰٓأَيُّهَا
ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَخُونُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ وَتَخُونُوٓاْ أَمَٰنَٰتِكُمۡ
وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ (27) ﴾ ( سورة: الأنفال)
جاءت قمة الكويت العربية (۲۰۰٩/١/٢٠٠١/١٩م) بأجواء وجدول أعمال ونتائج مختلفة عن القمم العربية التي تابعها الرأي العام العربي على امتداد السنوات الماضية وسئم منها . فهي أول قمة اقتصادية عربية على هذا المستوى، وشاركت فيها لأول مرة مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص والشباب، وهو ما وضع نخبة من الشعوب العربية. لأول مرة مع القادة العرب في قاعة واحدة، استمع فيها القادة لجانب من تطلعات الشعوب وجها لوجه.
ورغم أن القمة كانت اقتصادية إلا أن محرقة غزة التي اقترفها الصهاينة على امتداد اثنين وعشرين يوما فرضت نفسها، ووضعت الجميع أمام مسؤولياتهم، وقد تابع الرأي العام مواقف وكلمات وتحركات العديد من الأطراف خلال القمة التي قدمت بصيصاً من الأمل للمواطن العربي المحبط من القمم، بأنه يمكن إيجاد صياغة جديدة للتفاهم العربي تنهي حالة الانشقاق بين الأشقاء العرب.
فقد كان خطاب خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز الذي شدد على أهمية التضامن العربي بصدق، ثم الموقف الذي اتخذه بجمع قادة عدد من الدول العربية التي تتباين مواقفها في القضية الفلسطينية، منهيا بذلك حالة من الاحتقان وتفرق المواقف الأمر الذي أشعر المواطن بالأمل في بداية الطريق نحو تفاهم عربي حيال القضايا الكبرى. كما زادت مبادرة خادم الحرمين الشريفين بالتبرع بمليار دولار لإعمار غزة الأمل لدى المواطن العربي عن جدية لدى القمة بانتشال غزة من محنتها والكارثة التي حلت بها على أيدي الصهاينة، وإن المأمول من خادم الحرمين الشريفين مواصلة جهوده ومساعيه - وهو أهل لذلك - لتنقية الأجواء العربية، وتحقيق الوفاق العربي، على قاعدة برنامج عملي يوحد الصف العربي حيال القضايا العربية، وفي القلب منها القضية الفلسطينية.
كما أن المأمول من القيادة المصرية الأخذ بزمام المبادرة، ونفض يدها تماماً من الكيان الصهيوني، وعدم التعويل على الموقف الأمريكي، أو الأممي، خاصة بعد هذا الموقف الغادر من الصهاينة حيال المبادرة المصرية، حيث تم تجاهل الدور المصري تماما بعد تشويهه ووضعه في خانة المؤيد للكيان الصهيوني وعدوانه، وإن المأمول من القيادة المصرية أيضا أن تواصل دور مصر التاريخي، الذي شهدته القضية منذ ظهورها ، وهو الدور الذي قدم التضحيات الكبيرة دفاعاً عن تلك القضية، ومن هنا فإنا الشارع العربي والإسلامي يتطلع إلى القيادة المصرية للقيام بدور جديد وواضح يرفع الحصار كاملا عن قطاع غزة، ويبتعد عن أي تضييق على الشعب الفلسطيني، ويسعى بحيادية وجدية لتحقيق المصالحة الفلسطينية، مع فتح المجال لأي مشاركات عربية أو إسلامية المساندة الجهد المصري في هذا الصدد.
وغني عن البيان هنا، فإن مواقف السلطة الفلسطينية من المصالحة ومن الموقف من «حماس» ومما جرى في غزة، لم تتغير رغم المحرقة الوحشية التي وقعت على غزة، فلم تحرك حرب الإبادة ضمير محمود عباس لكي يغير من لهجته وعباراته خلال خطابه أمام القمة، وهو خطاب يصب الزيت على نار الخلاف والشقاق بين الفلسطينيين، إنه خطاب غير مسؤول يصب في إشعال الاحتراب الفلسطيني الداخلي، وكأن رسالة عباس وجوقته المحيطة به من المتصهينين صارت الوقوف سداً منيعاً أمام أي توافق فلسطيني، تخديما على الأجندة الصهيونية واستجابة لها، ومن هنا فإن الدول العربية ذات الثقل مطالبة بوقف عباس عند حدوده، وإرغامه على التجاوب مع مساعي المصالحة، وإلا تنفض يدها منه ومن مواقفه.
كما أن على الدول العربية العمل على إيجاد آلية نزيهة وشفافة لوصول مساعدات إعمار غزة، لتصب في أعمال إعادة الإعمار بعيداً عن لصوص السلطة وفاسديها، الذين عاثوا فساداً في أموال المساعدات والمنح طوال تاريخ القضية، وإن التقارير الموثقة دولية وعربية تشهد على ذلك، إن المطلوب هو قيام جهات عربية موثوقة للإشراف على عمليات الإعمار بعيدا عن السلطة، وبعيدا عن التداخلات الصهيونية.
مرة أخرى، لقد قدمت قمة الكويت بصيص أمل الصياغة جديدة للوفاق العربي كخطوة نحو الوحدة العربية في المواقف حيال القضايا الكبرى، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفق الجميع لتحقيق ذلك الأمل..
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل