; قوة الإنسان تكمن في ضعفه | مجلة المجتمع

العنوان قوة الإنسان تكمن في ضعفه

الكاتب سلمان مندني

تاريخ النشر الثلاثاء 27-أبريل-1993

مشاهدات 15

نشر في العدد 1047

نشر في الصفحة 47

الثلاثاء 27-أبريل-1993

 

مصائب الناس تأخذ حيزًا كبيرًا من حياتهم، فتشل قدراتهم، وتحول دون عطائهم، والإنسان مخلوق، ضمن دائرة الحياة، فهو غرض لسهامها يتأثر بما يحيط به، فلا يستطيع أن يعيش بمعزل عن هذا التأثير ليكون في نهاية المطاف صنيع البيئة، وربيبها، أو هكذا يفترض. 

وهذا وإن كان له جانب من الحق، إلا أنه لا يؤخذ كقضية مسلمة يتعطل الرأي معها، أو يقف حيث تكون، فإن الحياة فيها ما فيها، مما لا يقدر العبد على دفعه أو منعه أو حتى تخفيفه، مما يأتيه بغتة أو يفجأه في لحظة ضعف أو عجز، فيسلم قياده لما طرأ، أو يلقي الحبل على غارب الحوادث. 

وقد يسيطر عليه هاجس البشرية والواقع، فهو بشر، شعور وإحساس، فلا ينتظر منه صلابة الحجر ولا جفاف الخشب! إضافة إلى أن هذا هو واقعه!! الذي لا مناص منه ولا مهرب، دلو من ماء يفرض على قطعة الإسفنج حجمها ووزنها! 

أيها الإنسان أن أردت أن تعيش في سلامة متصلة وعافية لا تنقطع، فاتخذ لنفسك سلمًا في الفضاء، أو نفقًا في الأرض، أو عش في شرنقة أو تقوقع في زاوية! 

وهذا لا يكون لأنه مخالف لسنة الحياة، ولطبيعة البشر. 

﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا﴾ (1) فكيف إذن يعيش حياة سوية مع معاناة الحياة نفسها، لنتفق أولًا على أن الإنسان لا يستطيع أن يعيش بمعزل عن سهام الحياة وأقدارها... ثم لنتفق ثانيًا، على أن الله خالق الإنسان ويعلم أنه مصاب بسهامها لا محالة، وقدر الله خير دائمًا في عمومه وشموله، وإنْ صاحبه شيء من الألم والنقص. 

لكنه في النهاية «الخير فيما اختاره الله»... ولذلك كانت هذه المعاناة، مما ينبغي أن يتسع معها صدر الإنسان لا أن يضيق، فهو يجد نفسه في تحد دائم متصل لا ينفك منه، لكونه يعيش الحياة ويأتيه مرارًا نتيجة لعمل قام به فيظن أن ما أصابه، لم يكن ليصيبه لو أنه غير قصده ومسار حياته وليته لم يفعل، أو لم يدخل أو لم يخرج، أو لم يمكث أو لم يرق، أو لم ينزل.

ولا يزال في أوهام «ليت» و«لو» حتى يتعطل كإنسان، فتح بابه عليه الشيطان، فأقعده عن الحركة والعمل، لا يستطيع إرجاع الأمس، ولا إبقاء اليوم، ولا التحرك للغد، فيأتيه نداء الحبيب صلى الله عليه وسلم، ليحرك وينبه إيمانه بالله ويقينه به «وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان» (2).

ويأتيه حديث الحبيب صلى الله عليه وسلم ليبعث فيه كوامن قدراته ويفجر طاقاته «احرص على ما ينفعك واستعن بالله، ولا تعجز» (3) حرص واستعانة وقوة.. فكيف يضيع الإنسان وهو في عين الله؟؟ 

1- الحجرات: 13.

(2) و(3) أخرجه مسلم (2664) من حديث أبي هريرة.

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

نحو بناء مجتمع قوي

نشر في العدد 60

16

الثلاثاء 18-مايو-1971

لعقلك وقلبك (العدد 53)

نشر في العدد 53

19

الثلاثاء 30-مارس-1971

نشيد الدعاء «يا أخي المسلم»

نشر في العدد 307

15

الثلاثاء 06-يوليو-1976