العنوان كلمات للدعاة: لا نكل ولا نمل (٢)
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 23-يوليو-1974
مشاهدات 17
نشر في العدد 210
نشر في الصفحة 40
الثلاثاء 23-يوليو-1974
كلمات للدعاة
لا نكل ولا نمل (٢)
في قصص دعوة الأنبياء لقومهم دروس للدعاة ينتفعون منها، ومن هذه الدروس دعوة نبي الله نوح- عليه السلام- لقومه، فمن المعلوم أن «نوح»- عليه السلام- ظل يدعو قومه مدة ألف سنة إلا خمسين عامًا لم يكل ولم يتسرب إلى نفسه الملل.
فتعال معي أخي الداعية نحيا فى ظلال سورة نوح، ومع داعية الله وقومه ودعوته لهم التي دامت تسعمائة وخمسين عامًا.
انظر إلى أول ما ابتدأ به قومه حين دعاهم فقال لهم ﴿ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ، أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ، يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ۚ إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لَا يُؤَخَّرُ ۖ لَوْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾.
يبين لهم أمور العقيدة ويعدهم بالمغفرة من الله- عز وجل- لكن قلوب القوم قد تحجرت فما يفيد فيها التذكير والنصح، ولم يكن ذلك مانعًا لنوح- عليه السلام- من الاستمرار في دعوة قومه وتبيان الحق لهم، فانظروا ماذا يقول ﴿ قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا، فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا، وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا، ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا، ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا، فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا، يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا، وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا، مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا، وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا ﴾.
فانظر إلى الأساليب الكثيرة المتعددة التي اتبعها نوح- عليه السلام- من المواصلة في الدعوة ليلًا ونهارًا، وبين الإسرار والجهر في الدعوة، وبين الترغيب بالجنات والنعيم، فهو لم يكتفِ بأسلوب واحد للدعوة، ولم يتوقف عن الدعوة حين وجود أول بادرة للصد والأعراض، بل استعمل جميع ما لديه من أساليب فما وجد إلا الصد والإعراض، فانظر بماذا أجابوا بعد كل هذا ﴿وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا، وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا ۖ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا﴾.
و لننتقل إلى قصة أخرى من قصص الأنبياء، قصة نبي الله يونس- عليه السلام- حين دعا قومه ولم يؤمنوا واستعجل إيمانهم؛ فغضب وتركهم وذهب إلى البحر وركب السفينة ولم يصبرعلى أذاهم وجحودهم.
وفي ذلك يقول الله تعالى: ﴿وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ، إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ، فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ، فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ، فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ، لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ، ۞ فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيم، وَأَنبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِّن يَقْطِينٍ، وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَىٰ مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ، فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَىٰ حِينٍ﴾. (الصافات: ١٣٩- ١٤٨).
فأنت ترى هنا يا أخي الداعية أن يونس حين استعجل إيمان قومه عاقبه الله، ونجاه لكثرة تسبيحه، ثم رده إلى قومه بعد هذا الدرس فدعاهم فاستجابوا إلى الله.
فأمعن يا أخي الداعية في هذا الطريق- طريق الدعوة- وستواجه الإعراض والتنكيل والأذى، لكن واصل السير وابذل كل جهدك في تبليغ الإسلام للناس، وإن وجدت ممن تدعوه الصد والإعراض فلا تيأس ولا تمل، وحاول مرة وأخرى وغيّر من أساليبك فقد يكون الخطأ من جانبك لا من جانبه، وأخيرًا فإن الهداية ليست بيدك وإنما بيد الله- عز وجل- وما عليك إلا أن تبلغ هذا الإسلام للناس طالبًا الأجر والمثوبة من الله، والمولى- عز وجل- قال لرسوله ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ ۚ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾ (القصص: ٥٦).
ولكنه في آية أخرى يبين أنه يهدي إلى صراط مستقيم، أي يبين للناس هذا الصراط ويبين لهم طريق الحق ﴿وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا ۚ مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَٰكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا ۚ وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾. (الشورى: ٥٢). هداية الإرشاد والتعليم والبيان لا هداية التوفيق ووضع الإيمان في القلوب فإنها مختصة بالله عز وجل.
رسالة من أمريكا
أخي العزيز عبد العزيز
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. قرأت في مجلة المجتمع التي تصلنا هنا خبرين مؤلمين كان لهما أشد الأثر في نفسي وإخواني المسلمين هنا.. أرجو منكم نشر تعليقي ومشاعري تجاه هذين الخبرين.. هذه المشاعر التي يشعر بها كل مسلم يغار على دينه.
الخبر الأول: ما قرأته في المجتمع وهو مساعدة الحكومة الكويتية لحكومة الفلبين الصليبية الغادرة بمبلغ خمسة ملايين دينار كويتي، وكلنا يعلم ما يجري الآن في الفلبين من تقتيل وإبادة للمسلمين في جميع أنحاء تلك البلاد؛ لأنهم فقط مسلمون يريدون المحافظة والبقاء على دينهم وعقيدتهم وفي سبيل نصرة دين الله تعالى.
وإننا ونحن نتلقى هذا الخبر المؤلم ليحز في نفوسنا ويؤلمنا أشد الألم أن تساعد حكومة الكويت المسلمة حكومة ماركوس الصليبية لإبادة المسلمين الأبرياء، بدلًا من مساعدة إخواننا في العقيدة لنصرة دينهم، وإننا لنطالب حكومة الكويت المسلمة أن تعمل حالًا على وقف مساعدة أعداء الإسلام، وأن توجه هذه الأموال لمسلمي الفلبين في جهادهم في سبيل الله.
أما الخبر الثاني فهو ما يحدث الآن من أحداث مؤسفة في مجلس الأمة الكويتي، والموافقة على ميزانية الجامعة بضغط من الحكومة.. والاختلاط ما زال يطبق في كلية التجارة والاقتصاد، وإننا هنا في أمریکا نرى ونشاهد كل يوم ما يعانيه الشباب الأمريكي من انحطاط أخلاقي واجتماعي، والسبب في ذلك الاختلاط وما نتج عنه من مشاكل اجتماعية كبيرة تؤدي إلى تفكك المجتمع وانحلاله، وما دمنا مسلمين ودستورنا الإسلام فعلينا أن نرفض كل ما يخالفه ويبتعد عن هداه.. وإننا نناشد الحكومة والشعب الكويتي المسلم أن يتوقف عن استيراد هذه المبادئ المنهارة التي ستؤدي بمجتمعنا المسلم إلى مشاكل اجتماعية وأخلاقية كثيرة، ونكون في النهاية ضحية هذه المبادئ المزيفة.
أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم وأسأل الله أن يوفقنا ويسدد خطأنا لما فيه خير ورفعة الإسلام، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سعد حمد البراك
الولايات المتحدة الأمريكية
جامعة أوهايو
حديثي إليك
على هذه الصفحة تقرأ أخي القارئ رسالة من شاب كويتي يدرس في أمريكا رأى المآسي التي يعيشها الشعب الأمريكي، وما هو فيه من ضلال وفساد وإلى جانب ذلك رأي بلاده ومجتمعه ينقذف في أحضان هذه الجاهلية ويقلدها في كل ما هو سيئ ويعد ذلك تحضرًا وتقدمًا.
هذا الشاب بعث برسالته وهو يلوم الشعب الكويتي والحكومة الكويتية على انجرافهما في تيار الفساد وانبهارهما بالحضارة الغربية، وينصح بأن يفيقوا من سباتهم وينتبهوا إلى دينهم.
وإن المسلم ليثلج صدره حين يرى أمثال هؤلاء الشباب المؤمنين بالله وهم يشقون طريقهم في وسط هذه الجاهلية الجهلاء، وفي وسط هذا الفساد الذي يعج فيه المجتمع الأمريكي، يسيرون على هدى من الله- سبحانه وتعالى- لا يكاد هذا الفساد الذي من حولهم يغير من تمسكهم بعقيدتهم شيئًا، بل إن في ذلك دافعًا شديدًا لهم للعمل وللاتصال بالله عز وجل. فيا أيها الشباب الذين انخدعوا بالحضارة الغربية ها هم إخوتكم عاشوا في وسطها وأحسوا بما فيها من أخطاء وأخطار تهدد بالانهيار، فهل يكون في ذلك عبرة لكم؟
وأنتم أيها الشباب المسلم الذيت يتخاذلون في عملهم وواجبهم نحو الإسلام ألا كان أولئك الشباب الذين يعيشون في ظروف أسوأ مما تعيشونها، لكنهم صمدوا أمامها بثبات وعزم ويقين ألا كان في أولئك الحافز لكم لأن تنفضوا عن أنفسكم غبار النوم والتخاذل وتشمروا عن ساعدي الجد وتبدءوا بالعمل؟ أرجو ذلك ﴿ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوا وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ ﴾.
سؤال
أخبار الشباب النشيط وأعماله الجليلة التي يقوم فيها في وسط المجتمع الأمريكي تدعو للثناء والإعجاب، وهي أعمال جليلة تستحق الشكر وإن شاء الله يثابون عليها عند الله عز وجل.
لكن هؤلاء الشباب يحتاجون إلى أموال يزيدون فيها من نشاطهم ويوسعون دائرة عملهم، والحكومة بما من الله عليها من مال أولى بأن تصرفه في هذا الوجه من الخير بدلًا من صرفه في مجالات غير نافعة، فسؤالي للحكومة: هلّا أسرعتِ وقدمتِ لهؤلاء من المعونة ما يعينهم على مواجهة المجتمع الذي يعيشون فيه؟ وسؤالي إلى الصحافة الكويتية التي ملأت صفحاتها كلامًا عن فلان أو فلان الذين لم يقدموا لأمتهم شيئًا ولا لدينهم عملًا يذكرون فيه، هلّا نشرتِ على صفحاتكِ أخبار هؤلاء الشباب؟ أم أن هؤلاء عندكم لا يستحقون أن يشار إليهم؟
مجلتي العزيزة «المجتمع»...
تحية طيبة وبعد...
قرأت في عدد سابق من مجلتكم مشكلة الشباب في الصيف وأوقات فراغهم وأريد أن أبدي اقتراحي حول الأشياء التي يجب على الشباب أن يقتنوها في أوقات فراغهم وهي:
١- أن القرآن الكريم الذي قال فيه تعالى ﴿ لَوْ أَنزَلْنَا هَٰذَا الْقُرْآنَ عَلَىٰ جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ۚ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾. (الحشر: ٢١). وهو أعظم كتاب لأنه كلام رب العالمين.. أرى أن الشباب نبذوه وراء ظهورهم فيجب قراءته وحفظه لأن قارئه يحظى بالأجر من الله؛ لأن قراءة كل حرف من القرآن بحسنة والحسنة بعشرة أمثالها.
٢- قراءة الكتب الإسلامية والثقافية والعلمية والأدبية التي تنير العقول وتفتح الأذهان، وتنبه الإنسان إلى أشياء لم يكن يعرفها أو يعرف حقيقتها وقراءة القصص، لا بأس بها لكن لا فائدة منها وبعضها غير صالحة كالقصص البوليسية، لأنها ليست إسلامية والكتب الطيبة متوفرة ولله الحمد، ففي كل بلد عربي مكتبات للمطالعة زاخرة بالكتب النافعة، أسأل الله أن أكون عند حسن ظنكم.
وبالله التوفيق
الرابط المختصر :
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل