; كيف تحتفل الأمم برؤوس السنة؟ | مجلة المجتمع

العنوان كيف تحتفل الأمم برؤوس السنة؟

الكاتب د. أحمد عيسى

تاريخ النشر السبت 01-سبتمبر-2018

مشاهدات 31

نشر في العدد 2123

نشر في الصفحة 46

السبت 01-سبتمبر-2018

مقال

كيف تحتفل الأمم برؤوس السنة؟

التاريخ الهجري أنشأه عمر بن الخطاب وجعل هجرة النبي من مكة إلى المدينة مرجعاً لأول سنة فيه

التقويم الميلادي ابتكره راهب روماني منتصف القرن السادس ونادى بأن يكون ميلاد المسيح بداية التقويم

اليهود يؤجلون رأس السنة بإضافة يوم للشهر الثالث وحذف يوم من الشهر الثاني لمنع تضارب الأعياد بيوم السبت

 

 

بقلم - د. أحمد عيسى:

كاتب مصري مقيم بلندن

رأس السنة الهجرية:

يقول الله تعالى: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ‏) (التوبة: 36)، كانت أسماء الأشهر والتقويم القمري يُستخدم قبل الإسلام وقبل البعثة النبوية بمائة وخمسين سنة، وفي مكة المكرمة اجتمع العرب من رؤساء القبائل والوفود في حج ذاك العام لتحديد أسماء جديدة للأشهر يتفق عليها جميع العرب وأهل الجزيرة بعد أن كانت القبائل تسمي الأشهر بأسماء مختلفة.

أما التاريخ الهجري فأنشأه عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وجعل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة في 12 ربيع الأول (24 سبتمبر 622م) مرجعاً لأول سنة فيه.

كانت النشأة عام 16هـ، وكان يوم 1 محرم 17هـ في العام التالي هو بداية التقويم الهجري، الذي يدل على شرف المهاجر والهجرة والمهاجرين معه والأنصار له.

 

رأس السنة الميلادية:

ابتكر هذا التقويم راهب روماني في منتصف القرن السادس، وقد نادى بأن يكون ميلاد المسيح عليه السلام هو بداية التقويم بدلاً من التقويم الروماني الذي بدأ بتأسيس مدينة روما، وبدأ العالم المسيحي منذ سنة 532م يستخدم هذا التقويم.

لكن بالنظر إلى أسماء الشهور، نلاحظ الوثنية في الأشهر الستة الأولى:

فاسم يناير: نسبة إلى «يانوس»، إله الحرب والسلم عند الرومان.

وفبراير: التطهر حيث كان عيداً للرومان للتطهر من الذنوب.

ومارس: نسبة إلى «مارس» إله الحرب!

وأبريل: نسبة إلى المعبودة «أبريل»، أحد الآلهة عندهم التي تتولى فتح الأزهار وفتح أبواب السماء للشمس بعد خمودها في الشتاء!

ومايو: نسبة إلى الإلهة «مايا»، وهي ابنة الإله «أطلس» حامل الأرض!

ويونيو: نسبة إلى الإلهة «جونو»، زوجة المشتري حيث تكتسي الأرض بالخضرة وتتجمل مثلها!

وحصل تعديل من «غريغويس»، بابا روما الثالث عشر، حين أراد أن يتم الاعتدال الربيعي 21 مارس بدلاً من 11 مارس؛ فنام الناس يوم الخميس الرابع من أكتوبر 1082م واستيقظوا يوم الجمعة 15 أكتوبر 1082م! (أي أضاف 11 يوماً فجأة).

لكن الكنائس الأرثوذكسية الشرقية والرومية قاومت هذا التعديل، واستمروا على استعمال التقويم اليولياني، وبالتالي يعيّد المسيحيون الشرقيون في 7 يناير بينما يحتفل الآخرون يوم 25 ديسمبر!

 

رأس السنة اليهودية:

التقويم اليهودي أو العبري يستخدمه اليهود لتحديد مواعيد دينية، وهو يعتمد على دورتي الشمس والقمر، وصممه اليهود عام 359م، وبالتالي أضافوا شهراً كاملاً للسنة إذ تراجع التقويم 30 يوماً، وتبدأ السنة اليهودية في موسم الخريف في سبتمبر أو مطلع أكتوبر.

ويؤجلون رأس السنة بواسطة إضافة يوم للشهر الثالث، وحذف يوم من الشهر الثاني في السنة التالية لمنع تضارب الأعياد بيوم السبت!

ألا يذكرك ذلك بقصة القرية التي كانت حاضرة البحر؟!

وأسماء الشهور المعاصرة مشتقة من أسماء أشهر التقويم البابلي الذي تبناه اليهود ضمن فترة السبي البابلي لليهود (القرن السادس قبل الميلاد)، ولا تنقصها الوثنية؛ فشهر «تموز» عندهم (الشهر العاشر) مشتق من اسم المعبودة إلهة النمو والخصوبة البابلية.

ورغم أن الشهر «نيسان» هو الثامن في تقويمهم فإنه ذكر في التوراة أنه أول أشهر السنة! ويستخدم التقويم في دولة الاحتلال رسمياً إلى جانب التقويم الميلادي.

 

رأس السنة القبطية:

ويسمى السكندري، تستعمله الكنيسة الأرثوذكسية في مصر، وهو مبني على التقويم الفرعوني، ومطلع شهر «توت» هو أول السنة القبطية عادة في سبتمبر، وعدد الشهور 12 شهراً، بالإضافة إلى شهر صغير يسمى «النسيء»! وهي أيام تكمل السنة 4 أو 5 أيام من 6 - 10 سبتمبر.

وتعود أسماء الشهور في الغالب إلى أسماء آلهة وأعياد دينية فرعونية منذ آلاف السنين، وقد كان الفلاحون المصريون يستخدمون هذا التقويم لارتباطه بالزراعة من فيضان النيل وجفافه إلى زراعة المحاصيل وحصدها واعتبار الظروف المناخية.

ولقد حذف الأقباط كل السنوات التي قبل الاستشهاد، وجعلوا هذا التقويم المصري يبدأ بالسنة التي صار فيها «دقلديانوس» إمبراطوراً (عام 284م) لأنه عذب وقتل مئات الآلاف من الأقباط، وسمي هذا التقويم بعد ذلك بـ«تقويم الشهداء»، وترتب الكنيسة الأرثوذكسية المصرية أعيادها طبقاً لهذا التقويم.

في تقويم الشهداء يبلغ طول السنة 365 يوماً + 6 ساعات، ويفترق عن السنة الميلادية وهي 365 يوماً + 5 ساعات + 48 دقيقة + 46 ثانية، وهذا الفارق يتجمع مع توالي السنين فيصل إلى وقتنا الحاضر إلى 13 يوماً هي سر الفارق بين احتفالات عيد الميلاد بين الكنائس.

 

رأس السنة الصينية:

رأس السنة الصينية أو عيد الربيع أو السنة القمرية الجديدة تبدأ مع بداية أول شهر قمري في السنة الصينية، وهي في عام 2019م تكون موافقة ليوم 5 فبراير، وتسمى كل سنة باسم، وتتكرر هذه التسميات مرة أخرى من جديد (مثل سنة «النمر»)، وهذا العام هو سنة «الكلب»!

يزعمون أن مواليد كل سنة لهم صفات من هذه الحيوانات؛ فالتنين شجاع، والديك مغرور!

وظهر الفيلسوف «كونفوشيوس» في القرن السادس قبل الميلاد داعياً إلى إحياء الطقوس والعادات والتقاليد الدينية التي ورثها الصينيون عن أجدادهم، مضيفاً إليه جانباً من فلسفته وآرائه في الأخلاق والمعاملات والسلوك القويم، وهي تقوم على عبادة إله السماء أو الإله الأعظم وتقديس الملائكة وعبادة أرواح الآباء والأجداد، ولكن أيضاً يعتقدون بإله الأرض، وإله لكل من الشمس والقمر والكواكب والسحاب والجبال، وهذا الفيلسوف ليس نبياً!

ويحتفل أتباع بوذا في تايلاند ولاوس وكمبوديا وميانمار وسريلانكا بعيد ميلاده في الثامن من الشهر الرابع في التقويم الصيني، ويختلف هذا من بلد إلى بلد؛ ففي اليابان يحتفلون في يوم 28 أبريل.

ويوجد رأس سنة كورية، وهي أول يوم في السنة القمرية في التقويم الكوري، ويصادف هذا اليوم بزوغ القمر للشهر الثاني من الانقلاب الشتوي، ويوافق رأس السنة المنغولية والتيبتية والفيتنامية ويصادف في عام 2018م يوم 16 فبراير.

 

رأس السنة الهندوسية:

سنة قمرية شمسية؛ حيث يُقحم شهر إضافي في كل 30 شهراً، وهو تقويم يستخدم من نحو ألف سنة قبل الميلاد لإنشاء التواريخ للسنة الدينية الهندوسية، عادة يتم الاحتفال بما يسمى «الديوالي» في شهري أكتوبر ونوفمبر، طبقاً لدورة القمر، ويفسر حسب موطنهم، ففي شمال الهند يحتفلون بقصة عودة الملك «راما» بعد أن هزم الشرير «رافانا».

وفي الجنوب يحتفلون على أنه اليوم الذي هزم فيه المعبود «كريشنا» الشيطان «ناراكاسورا».

وفي الغرب على أنه أسطورة ربهم «فيشنو» الذي أرسل إلهاً آخر لحكم العالم السفلي!

وتذكر النصوص الهندية أنه يوجد حوالي 330 مليون إله!

 

رأس السنة اليابانية:

رأس السنة اليابانية «شوغاتسو» يحتفل فيها في اليوم الأول من يناير، كان حتى عام 1873م يحتفلون بشكل مطابق للسنة الصينية.

وفي ليلة الحادي والثلاثين من ديسمبر تقرع الأجراس في المعابد البوذية في جميع أنحاء اليابان 108 مرات تمثل 108 من الأخطاء البشرية التي يعتقد بوجودها في المعتقدات البوذية، وذلك للتخلص منها والبدء بداية جديدة.

إن الله تعالى خلق الناس بألوان مختلفة؛ (وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ) (فاطر: 28)، وبشرائع مختلفة؛ (لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً) (المائدة: 48).

والحق أن هذا التباين يظهر قدرة الله على إبداع الخلق، وتظهر هذه الثقافات المختلفة سواء المبنية على الخيال والأساطير، أو المبنية على الحق والحقيقة مثل الإسلام، وتدعونا إلى التعارف والتفاهم الذي هو أول أبواب الدعوة، فقد حان الوقت في زمان العلم والمعرفة والتواصل أن تتأمل العقول الحائرة في أساطير الجهالة والأوثان والتماثيل وعبادة الأسلاف حالها وتقارنه مع وضوح الدين القيم، حتى في رأس سنته وتقويمه الهجري الذي كان استهلالاً لعصر الحرية والكرامة والإيمان بهجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة.

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

محليات (185)

نشر في العدد 185

20

الثلاثاء 29-يناير-1974

كلمة الثلاثاء (43)

نشر في العدد 43

20

الثلاثاء 12-يناير-1971

مجلة النهضة.. وبدعة ملكة الجمال..!

نشر في العدد 232

16

الثلاثاء 14-يناير-1975