; كلمة الثلاثاء (43) | مجلة المجتمع

العنوان كلمة الثلاثاء (43)

الكاتب العم عبد الله المطوع

تاريخ النشر الثلاثاء 12-يناير-1971

مشاهدات 21

نشر في العدد 43

نشر في الصفحة 7

الثلاثاء 12-يناير-1971

كلمة الثلاثاء

 يكتبها عبد الله العلي المطوع

فضيحة في هلتون!

لقد حدث في ليلة رأس السنة الميلادية وفي فندق هلتون فضيحة سُكْر وعربدة وشجار حاد وضرب تدخل رجال الأمن فيه؛ فمن المسؤول عن ذلك؟ ومن المسؤول عن حفلات السُّكر والرقص والعربدة التي تحدث في الفنادق الأخرى أيضًا؟

لقد بُحَّت أصوات المخلصين بمطالبة المسؤولين بإيقاف هذا المجون في الفنادق، وكأن من بيدهم إيقاف هذه الاتجاهات الخطرة على مستقبل الكويت وأجيالها لا يسمعون ولا يريدون أن يسمعوا.

وأما الآن بعد هذه الفضائح المتكررة فلم يعد ثمة عذر على المسؤولين أن يُصدروا أمرًا بإيقاف الرقص والمجون في الفنادق وغيرها، وأن يُحصَر عمل الفنادق في إيواء الضيوف والمسافرين وإطعامهم، وإذا كانت حجة بعض أصحاب الفنادق أنهم يخسرون ماديًّا إذا لم يستقدموا فرق الموسيقى ويقوموا بحفلات الرقص والمجون ووإلخ...  فهل هذا يُوجب السكوت على هذا الخطر الماحق وهذا الفُحش الذي سيتسرب لبيوتات الكويت وعوائلها، وهل نُضحّي بالفضيلة والخلق ونتعرض لسخط الله  في سبيل كسب مادي لأصحاب الفنادق.

ونظرة إلى من حضر تلك الاحتفالات تعطي صورة قاتمة وانطباعًا بأن هذا الداء سوف يتسرَّب ويستشري وعندئذ لا ينفع الندم، والمسؤولون مطالبون  بالمبادرة  بتطهير الكويت وفنادقها ورسم سياسة أخلاقية سليمة، وتشديد الرقابة والعقوبة على أصحاب الفنادق، وعلى المسؤولين أن ينهجوا نهجًا إسلاميًّا في تخطيطهم لحماية الكويت ومستقبلها من الانزلاق في مجاهل ومتاهات الغرب الكافر، ومن الانسياق وراء عاداته القذرة، وإلا فإنهم مسؤولون بين يدي الله عن الضياع المحقق إذا تُرك الحبل على الغارب، وإننا ندعو المسؤولين لإلقاء نظرة فاحصة على كتاب الله وعلى مصير الأمم المخالفة لتعليمات الله وشرعه،  لقد دمر الله بنيانهم من القواعد.

﴿فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنبِهِ ۖ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا ۚ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ(العنكبوت: 40).

 

 

القدس والخيانة

لقد سمعنا التصريحات المُخجِلة والتنازلات الجبانة بالنسبة لقضية المسلمين، قضية فلسطين، وسمعنا من الطرف الآخر الإسرائيلي المطالبة بالقدس وأجزاء أخرى من الوطن العربي.
والموقف يفرض علينا أن نقول وبكل صراحة إن أي إنسان مهما كان مركزه سوف يصبح أمام العالم العربي والإسلامي مرتدًّا وخائنًا جبانًا إذا تساهل للصهاينة في أي حق من حقوق المسلمين في فلسطين واستجاب لمطالب الصهاينة في تدويل القدس أو تسليمها لهم أو التنازل عن أي شبرٍ.

فعلى العرب أن يدركوا أطماع الصهاينة وأن يُحبِطوا المؤامرات الخطيرة التي تُحاك في الظلام، إننا ندعو المخلصين في البلاد العربية لجمع قواهم وإعلان الجهاد المقدس، وليعلموا أنه هو الطريق الوحيد لدحر الصهاينة وإيقاف مطامعهم ﴿فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ ۚ وَمَن يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (النساء: 74).

 

مجلس الجامعة بين التخطيط والارتجال

التعليم العالي مسؤولية كبيرة وأمانة جسيمة ومسؤوليتها وأمانتها وعضويتها يجب ألا تترك للاختيار المرتجل، بل الواجب يقضي أن تحدد صفات العضو الذي يدخل مجلس الجامعة على أن يكون ممن يوثق بدينه وأمانته وكفايته العلمية، فإذا كان العضو نظيفًا في ماضيه وحاضره ورِعًا في سلوكه، يرعى الأمانة ويضع نُصب عينيه سلامة الأجيال من الكثير مما يتعرضون له حاليًا من تيارات متلاطمة واتجاهات منحرفة وتخبُّط في جاهلية عمياء، فإذا كان اختيار الأعضاء من هذا الصنف الفاضل، فأنعم به من اختيار، وسوف نطمئن على أجيالنا وعلى سلامتهم، وإذا كان الاختيار يتم خبط عشواء وحسب الأهواء والأغراض والمصالح، فسوف نُعرِّض أجيالنا إلى دمار مهلك وإلى انحراف خطير وضياع محقق.

ويأتي هنا واجب الحكومة لتستعرض شخصيات الأعضاء، فإذا كانوا من الصنف الأول ذوي الدين والخلق والأمانة، فنقول حينئذٍ إن الحكومة أدَّت واجبها وأحسنت الاختيار، وإنها بحق حريصة على سلامة أبنائها، وإذا كان أعضاء مجلس الجامعة اختيروا ممن لا يُطمأن لدينهم وخلقهم وأمانتهم وكفاءتهم العلمية من ذوي الاتجاهات الهدامة، فواجب الحكومة عندئذ المبادرة السريعة لتصحيح أوضاع المجلس، وعزل كل مفسد لا يراعي لله حُرمة.

 

ماذا حدث في مؤتمر وزارة الشؤون؟

وزارة الوزارات التي دفعت 2.800.000 دينار مساعدة خلال عام 1970

·       هذه وزارة الوزارات التي كنت فيها؛ فوزارة الشؤون ليست وزارة واحدة، وإنما هي وزارة إسكان، وزارة شباب، وزارة رياضة، وزارة عمل، وعمال.
ووزارة الشؤون في الحقيقة تفرش جهودها على أرض فسيحة جدًّا بأجهزة أصغر جدًّا من هذه المساحة.
ولذا فإن هذه الأجهزة تعمل أضعاف عمل الأجهزة الأخرى، وهي تحتاج أضعاف ميزانيتها لتسد كل الثغرات التي ينبغي أو يجب أن تسدها، وكما قال «الوزير المضف» –بحق– إن مساحة الأعمال غير المرئية في الوزارة أضخم من المساحة المكشوفة.

·       وليس معنى الأعمال غير مرئية أنها سريَّة طبعًا لا، ولكنها ليست طنانة، بل هي من ذلك النوع الإنساني المتكتم، شتان بين أن تُقدّم خدمة إنسانية واجبة أو أن تصنع إعلامًا عن خدمة إنسانية، وشيء فينا وفي المجتمع حقيقي، نقطة ضعف أننا تعوَّدنا أن ننتقد الأخطاء ولا نبرز المميزات.

·       نفعل هذا على مستوى الأفراد، فلا نرى إلا عيوبهم، ونراه على مستوى المؤسسات والوزارات، فلا نرى إلا ما لا تؤديه، ونعرض عما تؤديه.

وشيء -ربما هو حقيقي أيضًا- يجعلنا نُعرِض عن أبرز المزايا، إن تلوث المجتمع جعلنا نعتقد أن كل مديح هو «نفاق»، وكل إبراز لميزة يتلفَّع بمصلحة مرتجاة.

·        اتفق الناس على هذا! ويتضح هذا أكثر فيما بين «الصحافة والحكومة»، فمن كثرة ما يُعاني الناس؛ أصبح الناس لا يثقون إلا في الجريدة التي تذم، والإنسان الذي ينتقد، وهذا المنطق ينبغي أن نُحطّمه بأي ثمن ومهما كان مردوده لأنه ضد العدالة ويكفي.

·       والإنسان يحتاج في الحياة للمديح، تمامًا كما هو في مسيس الحاجة إلى النقد فليس بالنقد وحده يتقدم الانسان.
والله سبحانه وهو الغني عن العالمين يقول: ﴿لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ (إبراهيم: 7).

فالحياة تُبنى أيضًا على «الشكر» وعلى تذكُّر النعمة، والمجتمع أحيانًا يُوزّع أضواءه بدون عدالة.

·       فلسبب ما تُسلَّط الأضواء على المطربة والراقصة أكثر مما تُسلَّط على فرد أو مؤسسة تؤوي طفلًا يتيمًا قد يتحول لمجرم قاتل أو لص أو حتى ديكتاتور يبطش بأُمة بأسرها لأنه لم يجد القلب الحنون الذي يحتويه.
وهذه جريمة كبرى في المجتمع الحديث يطعن فيها نفسه بنفسه؛ فالمجلة أو الجريدة أو وسيلة الإعلام تهتم بإبراز نحر ممثلة فاتنة أو فخذها، أو إثبات آخر ما تفضلت به من أقوال عن كلبها «اللولو» المدلل، عن أن تُبرز دور موظف مخلص يبحث عن آلام حقيقية تهدم بيتًا أو تُمزّق قلبًا داخل بيت لا نشعر به أنا أو أنت، بينما نحن جميعًا في حاجة إلى الشعور بالعرفان لمثل هذا البطل المغمور.

·       وأنا أعرف من هؤلاء أشخاصًا حقيقيين جعلوا ذوب قلوبهم وعقولهم في مؤسسة كمؤسسة تربية الشباب وإصلاح الأحداث، ووافتهم منيتهم وهم مستبسلون على هذه الثغرة من ثغرات المجتمع.

·       ومن هنا أحسست -بالوزير المضف- وهو يتحدث عن جهود الوزارة التي تبذلها في المؤتمر الأخير الذي انعقد بقاعة الاجتماعات الكبرى بوزارة الشؤون. ولا تلقى هذه الجهود ما ينبغي لها حتى يعرفها المجتمع، ويؤيدها المجتمع.

·       وتذكرت كلمة صادقة قالها «صحفي قديم»: نحن نتذكر ما على الناس لنا، ولكننا لا نتذكر ما علينا للناس، فكأننا نتذكر أننا «دائنون» ونتناسى أننا «مدينون».

الخدمات الاجتماعية واجب وليس منة
 واستعرض «الوزير المضف» منجزات سنوات أربع مضت أمام البرلمان الصحافي، وقدم لأعماله بالكياسة والإيمان، فرفع شعار «الخدمات الاجتماعية واجب وليس منة».
وتعالوا نقلب أوراق النتيجة التي تساقطت.
* عام (1968م) صرف مبلغ نصف مليون دينار «500.000» نتيجة رفع قيمة المساعدات العامة، وهذه صرفت كفروق للمستفيدين بحسب القانون رقم 5 لعام 1968.

·       عام (1969م) (2892) بيتًا وزعت لذوي الدخل المحدود.
بينما يجري إنشاء (2813) بيتًا في مناطق مختلفة من الكويت، والأهم من ذلك مشروع إسكان البادية الذي يقضي بإنشاء (7700)، ولو أن الحديث لم يُشر متى يبدأ أو ينتهي العمل منها.

·       إنشاء مركز الشيوخ للتدريب الصناعي، يبدأ التدريب خلال شهر يناير (1971م).
هذا غير الخدمات العديدة في مجال الرياضة المتمثلة في بداية إنشاء ناد نموذجي خلال هذا العام، وزيادة معونة الأندية الرياضية، وتحديد مقر دائم للجوالة.

أطفالنا

·       أما عالَم الأطفال فقد بدأت روح العناية الإسلامية بالطفل.. متمثلة في مسارعة الوزارة إلى إقرار لائحة بنظام الحضانة العائلية لأطفال مؤسسة الطفولة.

·       وإصدار لائحة صندوق الادخار «للأطفال مجهولي الوالدين» بنفس المؤسسة.

     وبلغ عدد المنتفعين بالمؤسسات الاجتماعية «550» شخصًا.

·       (128) طفلًا التحقوا بأسر حاضنة، (106) داخل مؤسسة الطفولة، (182) في مؤسسة ضعاف العقول.

·       (350) حدثًا في مؤسسة الأحداث، (81) نزيلًا في مؤسسة الرعاية والتأهيل المهني.

 

·       وبشأن حياة العمال؛ فقد شُكلّت لجنة العمل بالوزارة.

·       أما «العمل الشاق» فقد تقرر منح بدل عمل لفئات مختلفة من عمال القطاع الحكومي.
وكان من الواجب أن يشمل هذا القرار عمال القطاع الخاص، أم أن العمل الشاق يفقد مشقته إذا انتقل للقطاع الخاص؟!

·       أما أعمال النفط فقد تحددت مواصفات السكن الملائم، ومنح التعويض للعمال الذين لا يتوفر لهم ذلك. وكذلك شروط منح الإجازات الخاصة «بأجر كامل» لهذه الفئة.

·       وقد تصاعدت أرقام الأُسر التي تنال المساعدات بمقتضى القانون رقم (1968) حتى بلغت قيمة المساعدات في سنة (1970م): (2.800.000) دينار.
وبلغ عدد الأُسر «9631» = (48000) مواطن.
هذه بعض صور العمل المتكتم.
حيث ينبغي أن نحس بآلام الغير ومتاعبهم، وألا نكتفي بالإحساس المتألم، بل نندفع للعمل المضني.
وعلينا -وهذا ما لا يجب أن ننساه- أن نرفع «الكاميرا» ولو قليلًا عن صدور الغواني ونجوم هوليود وأشباههم في أوطاننا المكلومة.. ونُسلِّطها على الزوايا المظلمة المرهقة؛ لنرى كيف نُعالِجها وكم نعطيها؟
وجميل أن يتَّجه البترول ليضيء بيوت ذوي الدخل المحدود، ويبني بيوت إسكان البادية، ويُحسِّن معيشة عمال النفط؛ فنحن كل متكامل، إذا اشتكى منا عضو تداعى له سائر الجسد. وأن نتداعى للمتألم خير من أن يتداعى علينا.

الرابط المختصر :