; كيف يؤثر عرب أمريكا في سياستها؟ - دور المؤسسات الجماهيرية | مجلة المجتمع

العنوان كيف يؤثر عرب أمريكا في سياستها؟ - دور المؤسسات الجماهيرية

الكاتب علاء بيومي

تاريخ النشر السبت 28-فبراير-2004

مشاهدات 21

نشر في العدد 1590

نشر في الصفحة 41

السبت 28-فبراير-2004

يحتاج المسلمون والعرب لأدوات جديدة تمكنهم من الدفاع عن مصالحهم في الولايات المتحدة ومن أهم الأدوات المطلوبة التي تكشف عنها خبرة مسلمي وعرب أمريكا خلال الفترة الراهنة المؤسسات الجماهيرية المحترفة، وهي نوع من الهيئات التي يمكن أن تقوم على رعاية مصالح المسلمين والعرب في أمريكا ولتوضيح معنى تلك الأداة المهمة نلخص خصائصها في صفات أربع أساسية: 

۱– التنظيم: فالمؤسسات تبدأ كمنظمات تمتلك تصوراً واضحاً لدورها في المجتمع الأمريكي يعرفه القائمون عليها والمساندون لها والمتعاملون معها.

٢- الاحتراف: وذلك بأن تكون على مستوى عالٍ من التنظيم والتقسيم الإداري الداخلي، وذات قدرة على القيام بعدة وظائف متميزة داخل المجتمع الأمريكي تصب بشكل مباشر في تحقيق أهدافها ومصالح مسانديها.

كما يجب أن تعتمد في عملها على خبراء يتمتعون بالمعرفة والخبرة العملية في مجال تخصصهم وبقدر ما من الاستقرار في وظائفهم فعلى سبيل المثال يستحيل بناء منظمة تدافع عن صورة الإسلام في أمريكا دون أن يقوم على قيادتها عدد كاف من خبراء الإعلام والعلاقات العامة الأمريكيين أو المدربين لسنوات كافية في الولايات المتحدة.

وفي مجال الشؤون السياسية تحتاج المنظمات لخبراء في مجال اللوبي والعلاقات العامة يصعب تنشئتهم خارج المؤسسات السياسية الأمريكية نفسها مثل: الكونجرس والبيت الأبيض والوزارات المختلفة، علاوة على شركات اللوبي والعلاقات العامة التي تكتظ بها واشنطن.

٣- المؤسساتية: احتراف المنظمات لا يكفي جعلها مؤسسات وهي تحتاج لتحقيق هذا الهدف أن تستمر في عملها لسنوات طويلة وأن تتفوق وتتميز في أدائها بشكل يزيد من مسانديها ويجعلهم راغبين في الانضمام إليها ونشر فكرها الواضح وأسلوب عملها المتميز، وإفتتاح فروع ومكاتب جديدة لها تكرر تجربتها على مستويات جغرافية ومهنية مختلفة.

فعلى سبيل المثال، لكي تتحول منظمة ما قائمة على حماية حقوق المسلمين والعرب المدنية في أمريكا إلى مؤسسة حقوق مدنية، فإنها تحتاج لسنوات من العمل الجاد والمتميز لكي تثبت لمسانديها ولخصومها أنها قادرة على الدفاع عن حقوق المسلمين والعرب بالشكل والأسلوب الصحيحين بدرجة تجعل مسانديها راغبين طواعية في تحمل أعباء تكرار تجربتها أينما كانوا والمساهمة في نشر أفكارها وأسلوب عملها وثقافة الحقوق المدنية التي بنتها عبر سنين عملها.

٤- الجماهيرية: ولكي تصبح مؤسسة جماهيرية، لا بد أن تكون مستقلة بشكل شبه كامل عن الدعم الحكومي، وأن تعتمد في جمع غالبية، مواردها على تبرعات مسانديها من الأفراد والهيئات غير الحكومية، وأن تجد صيغة مناسبة ومعروفة تعطي مسانديها القدرة على التأثير في قراراتها وأن تصبح مسؤولة أمام مسانديها ومحكومة بإرادتهم.

جماهيرية المؤسسات المسلمة والعربية الأمريكية خاصية ضرورية يصعب الاستغناء عنها لعدة أسباب على رأسها طبيعة الولايات المتحدة كدولة تترك جزءاً كبيراً من سلطة التأثير على الرأي العام وصناعة القرار للمجتمع المدني ذاته، كما أن المجتمع الأمريكي حر مفتوح بعيد عن سلطة الدولة في أغلب الأحيان، ولذا لا توجد أي صيغة حكومية تربط المجتمعات الإثنية والدينية والعرقية المختلفة بالدولة، فليس هناك مجلس أو هيئة حكومية ترعى شؤون المسلمين أو المسيحيين أو العرب أو اليهود فدور الدولة بعيد عن هذا المجال المتروك للجماهير أنفسهم. 

كما أن جماهيرية المؤسسات المسلمة والعربية الأمريكية ضمانة أساسية لعدم انحرافها عن مسارها الصحيح في خدمة قضايا غالبية المسلمين والعرب، ومن ثم كلما زادت رقعة مساندي منظمة ما كان ذلك علامة على صحتها التنظيم وقدرتها على التأثير. 

المؤسسات الجماهيرية المحترفة

بخصائصها الأربعة السابقة: وهي والاحتراف والمؤسساتية والجماهيرية، يندر العثور عليها في الأوساط المسلمة والعربية الأمريكية إلا في حالات نادرة لأسباب عديدة منها قلة خبرة المسلمين والعرب المهاجرين بالعمل المؤسسي المنظم في مجالات الحياة الاجتماعية والسياسية بسبب نشأتهم في مجتمعات لا تشجع النشاط السياسي أو مجتمعات تقوم على رعاية النشاط الاجتماعي فيها مؤسسات تقليدية مثل الأسرة الممتدة أو الأصدقاء أو المعارف أو المحيط الاجتماعي العام. 

أضف إلى ذلك ندرة الخبراء المسلمين والعرب في مجالات العمل السياسي والإعلامي والقانوني بسبب عدم وجود أعداد كافية منهم بالمؤسسات الأمريكية الكبرى المتخصصة بتلك المجالات.

كما أن طبيعة المسلمين والعرب في أمريكا شديدة التعدد- خاصة في أوساط المسلمين الذين ينتمون إلى عدد كبير جداً من الجماعات الإثنية والعرقية واللغوية-تجعل من خبرة العمل الجماعي تحدياً كبيراً.

أضف إلى ذلك أن المؤسسات تحتاج لوقت طويل وموارد ضخمة لبنائها، كما تنفق جزءاً من مواردها في تقوية جذورها الإدارية ورأسمالها البشري والمادي. 

التحديات السابقة لم تمنع من نشأة عدد متزايد من المنظمات المسلمة والعربية يسير بعضها حالياً بخطى ثابتة نحو بناء قواعدها كمؤسسات جماهيرية محترفة مع الدرس الأساسي هنا هو ضرورة أن يغير المسلمون والعرب فكرهم فيما يتعلق بسبل العمل الشعب الأمريكي من الداخل، وأن يتعمدوا التفكير في الأدوات والبرامج التي أثبتت فاعليتها في التأثير، وألا يكتفوا بالجدل حول إمكانية وأهداف العمل من داخل الولايات المتحدة لخدمة قضايا المسلمين والعرب، لأن مثل هذا الجدل- إن لم يكن مدعوماً بتقييم علمي لخبرة مسلمي وعرب أمريكا والجماعات الأمريكية الأخرى في العمل من داخل النظام فلن يقود إلى أي حلول عملية على أرض الواقع وقد أن الأوان للمسلمين والعرب للعمل الجماعي المنظم وإدراك معني وأهمية بناء مؤسسات جماهيرية محترفة.

الدرس الأساسي هنا هو ضرورة أن يغير المسلمون والعرب فكرهم فيما يتعلق بسبل العمل مع الشعب الأمريكي من الداخل وأن يتعمدوا التفكير في الأدوات والبرامج التي أثبتت فاعليتها في التأثير وألا يكتفوا بالجدل حول إمكانية وأهداف العمل من داخل الولايات المتحدة لخدمة قضايا المسلمين والعرب لأن مثل هذا الجدل – إن لم يكن مدعومًا بتقييم علمي لخبرة مسلمي وعرب أمريكا والجامعات الأمريكية الأخرى في العمل من داخل النظام – فلن يقود إلى أي حلول عملية على أرض الواقع.

وقد آن الأوان للمسلمين والعرب للعمل الجماعي المنظم وإدراك معنى وأهمية بناء مؤسسات جماهيرية محترفة.

الرابط المختصر :