; لا... يا أمير المؤمنين | مجلة المجتمع

العنوان لا... يا أمير المؤمنين

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 03-نوفمبر-1970

مشاهدات 23

نشر في العدد 34

نشر في الصفحة 25

الثلاثاء 03-نوفمبر-1970

لم تعدم الأمة الإسلامية على مدار تاريخها أبطالًا... يرفضون النفاق ومصانعة الحكام... يصرون على بلوغ النصيحة المخلصة إلى أذان الحاكمين ولو كانوا جبارين... وثمنها غياهب السجون أو مقصلة الجزارين... أو بلوغها هدفها في قلوب الظالمين...

-وبطل اليوم من فقهاء الشام في القرن الأول الهجري وبداية الثاني

-استنصحه أبو جعفر المنصور فكتب إليه يقول:

عليك يا أمير المؤمنين بتقوى الله عز وجل!! وتواضع يرفعك الله تعالى يوم يضع المتكبرين في الأرض بغير الحق!! واعلم أن قرابتك من رسول الله صلى الله عليه وسلم لن تزيد حق الله تعالى عليك إلا وجوبًا...

استطاع الروم أن يأسروا آلافًا من المسلمين... وطلبوا فداءهم... لكن أمير المؤمنين أبو جعفر المنصور... كان له رأى ألا يفاديهم... فكتب إليه يقول!

إن الله تعالى استرعاك هذه الأمة لتكون فيها بالقسط قائمًا، وبنبيه صلى الله عليه وسلم في خفض الجناح والرأفة متشبهًا، وأسأل الله تعالى أن يسكن على أمير المؤمنين دهماء هذه الأمة، ويرزقه رحمتها، فإن سائغة المشركين التي غلبت عام أول، وموطئهم حريم المسلمين، واستنزالهم العوائق والذراري من المعاقل والحصون، لا يلقون لهم ناصرًا، ولا عنهم مدافعًا، كاشفات عن رؤوسهن وأقدامهن، فكان ذلك بمرأى ومسمع. فليتقِ الله أمير المؤمنين وليبتغِ بالمفاداة بهم من الله سبيلًا!! وليخرج من حجة الله فإن الله تعالى قال لنبيه: ﴿وَمَا لَكُمۡ لَا تُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱلۡمُسۡتَضۡعَفِينَ مِنَ ٱلرِّجَالِ وَٱلنِّسَآءِ وَٱلۡوِلۡدَٰنِ (سورة النساء: 75). وقد بلغني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إني لأسمع بكاء الصبي في الصلاة فأتجوز فيها مخافة أن تفتن أمه»!! فكيف بتخليتهم يا أمير المؤمنين في أيدي العدو، يمتهنونهم ويتكشفون منهم ما لا تستحله الانبكاح... وأنت راعي الله... والله تعالى من فوقك، ومستوف منك ﴿وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا ۖ وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا ۗ وَكَفَىٰ بِنَا حَاسِبِينَ﴾ (سورة الأنبياء: 47)

- ولما وصل الكتاب إلى الحاكم «أبو جعفر» لم يعتبره تدخلًا من إمام يصلي بالناس ويعلمهم أحكام الدين في شؤون السياسة والحكم!! ولم يعتقله لتجرؤه على مخاطبة الذات السياسية المصونة التي لا تمس!! ولم يحاكمه لأنه سيفسد الشباب ويجرئهم على نقد الحكم وذوي الرأي فيه!! ولم يدع لنفسه علمًا وبصيرة، وحنكة وسياسة تتضاءل أمامها أفكار الدارسين لأحكام الكتاب والسنة!! ولم يتهمهم برجعية...

إلى إشراقة النبوة في عهد الجاهلية؟!

-إنما أدرك، «أبو جعفر» عظم مسؤوليته ودقة حسابه، واستحسن الرأي وعمل بالمشورة... وأمر بالفداء... واسترجاع أسارى المسلمين...

أليس هذا الموقف وحده جديرًا أن يقول فيه محمد بن عجلان:

ما رأيت أحدًا أنصح للمسلمين من «الأوزاعي»؟!

 ألا يعتبر الإمام عبد الرحمن الأوزاعي بهذا الموقف سميًا لأخيه في العقيدة والعبادة... محمد بن كعب القرظي... حينما دعاه الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز يستنصحه فقال له:

يا أمير المؤمنين:

 إذا أردت النجاة من عذاب الله. فليكن كبير المسلمين عندك أبًا، وأوسطهم عندك أخًا، وأصغرهم عندك ابنًا.

فوقّر أباك، وكرم أخاك، وتحنن على ولدك. هل من المصلحة أن يباعد بين هؤلاء وأمثالهم، وبين الحكم وإدارة دفة البلاد، وبين أجهزة الإعلام ومجالس الشورى... وهم ضمن من عناهم الله بقوله تعالى ﴿وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ۖ ﴾ (سورة النساء: 59)، كما قال جهابذة المفسرين؟! هل نرى في جيل علماء المسلمين اليوم من يكون صورة مكرورة هؤلاء الأبطال الأشاوس؟!

هل عندك أيها القارئ نماذج عرفتها أو قرأت عنها في الحاضر من تلقي الضوء عليها تقديرًا ومعرفة؟

 

 

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

مقامة

نشر في العدد 3

32

الثلاثاء 31-مارس-1970

المزيّفون

نشر في العدد 242

19

الثلاثاء 25-مارس-1975