العنوان لبنان عدد 1756
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر السبت 16-يونيو-2007
مشاهدات 15
نشر في العدد 1756
نشر في الصفحة 32
السبت 16-يونيو-2007
في «نهر البارد»
وائل نجم
كلفة الحسم العسكري الباهظة مدخل للحل السياسي
لم تستطع الآلة العسكرية حسم أزمة مخيم «نهر البارد» حتى الآن، بالرغم من سيطرة الجيش بالنيران فقط على مجمل المخيم والمراكز التي يتحصن فيها عناصر «فتح الإسلام».. دون الدخول والسيطرة التامة والميدانية على الوضع لاعتبارات كثيرة.
معارضة اجتياح «نهر البارد»: لقد بدا مع التصعيد الأخير أن رفعة معارضة ضرب المخيم وإزالته تتسع يومًا بعد يوم مع اتساع رفعة الأحداث، ومع اتساع حجم المأساة التي يعانيها اللاجئون داخل المخيم وخارجه، فضلًا عن أن هذا الاتساع في رقعة المعارضة أخذ ينعكس على جو الإجماع الفلسطيني تجاه هذه المسألة، فبدا أن الانسجام الذي كان حاضرًا في بداية الأزمة عبر الوفود المشتركة لفصائل منظمة التحرير وتحالف القوى الفلسطينية لمعالجتها مع المعنيين، تراجع لصالح ظهور تباينات في آليات حلّ هذه الإشكالية، وهذا ما يهدد وحدة الموقف الفلسطيني، وقد يكون له انعكاساته على مجمل المخيمات الأخرى الموجودة في لبنان، بحيث يخشى عندها من انتقال الشرارة إلى مخيمات أخرى..
كما أن تأخر الحسم بات يهدد بانقلاب المزاج العام الفلسطيني وحتى اللبناني والعربي من هذه القضية، وخاصة أن العنوان العام يطرح على أساس أنه استهداف للمخيم، وبالتالي للقضية الفلسطينية، وهذا ما لا يمكن للحكومة اللبنانية أن تتحمله.
جند الشام: وفي جانب آخر، ومع اشتداد المعارك شمالًا فتحت منظمة «جند الشام» وهي ربما تكون مشابهة لفتح الإسلام، جبهة ثانية في الجنوب عندما استهدفت مراكز الجيش اللبناني في محيط مخيم عين الحلوة قرب صيدا، في محاولة لتخفيف الضغط عن مسلحي فتح الإسلام في البارد، وبهدف تشتيت قدرة الجيش على التركيز، ولم تمتثل المنظمة المذكورة لدعوات واتفاقات وقف النار في المرة الأولى رغم كل المساعي التي بذلت من أكثر من طرف في المدينة والمخيم إلا بعد تخفيف الضغط الميداني عن مخيم نهر البارد.
وقد ترافق ذلك مع أخبار صحفية عن تحركات ميدانية لمنظمات فلسطينية عند الحدود الشرقية للبنان، وكذلك ترافق مع عودة مسلسل العبوات الناسفة الليلية التي ترافقت للمرة الثانية مع انعقاد جلسة مجلس الوزراء في رسالة واضحة تهدف
إلى تخفيف الضغط عن مخيم نهر البارد.
مستقبل الحلول السياسية
ولعل هذا ما دفع إلى تراجع خيار الحسم العسكري الكامل والنهائي، وفتح الباب من جديد لعودة محاولات الحل السياسي الذي يحفظ ماء وجه الجميع، ويحفظ قبل ذلك هيبة الدولة والجيش.
فقد أبدى رئيس مجلس الوزراء رغبة في إيجاد حل سياسي لهذه القضية خلال استقباله وفدًا من «الجماعة الإسلامية» في طلب ضمني من الجماعة للتدخل والقيام بمبادرة في هذا الاتجاه، وقد وعدت الجماعة بالعمل على إحياء مبادرة رابطة علماء فلسطين في لبنان، وكذلك مبادرات القوى الفلسطينية، لاسيما حماس لحل الأزمة.
وأبدت قيادة الجيش مرونة في هذا الاتجاه بعد اتصالات بقيادة حماس في لبنان لهذا الغرض، إلا أن ذلك، ورغم الضمانات التي تعهد بها رئيس الحكومة وقيادة الجيش قد لا يشكل نهاية للأزمة، وإن شكّل المدخل الصحيح لعلاجها.
فقد تكون الحكومة عبر إتاحة فرصة ثانية لحل سياسي، تعمل على سحب الغطاء بشكل كامل ونهائي عن حركة فتح الإسلام، وإقناع الرأي العام اللبناني والفلسطيني والعربي أنها بذلت قصارى جهدها للخروج من الأزمة سلميًّا، ولكن بحيث لا تسقط هيبة الدولة.
وفي حال الفشل يكون ذلك مقدمة لجولة عنف وتصعيد، قد تكون أشرس لوضع حدّ نهائي لهذه الحالة، وعليه فإن المبادرة للحل السلمي والسياسي ستعود للعمل من جديد، لكن هل يمكن أن تحقق المطلوب؟!
ويبدو أن الوحيد الذي يمكن أن يجيب عن هذا السؤال هي حركة «فتح الإسلام» فقط. فنجاح مبادرة الحل السلمي أو فشلها بيد الحركة، فإذا ما وافقت على عناصر المبادرة، وسلّمت نفسها للقضاء اللبناني مباشرة دون المرور على الأجهزة الأمنية، فعندها يمكن أن تنجح المبادرة، وأن تنتقل إلى أماكن أخرى. وإذا رفضت فإن ذلك سيعني جولة جديدة من المعارك الدامية.
وأمام هذا الواقع لا يبدو أن الحل سيكون قريبًا؛ نظرًا لتشعباته وارتباطاته وكثرة العاملين على إفشاله، ولكن يبقى الرهان على فرصة نجاح الحل السياسي في إقناع المغرر بهم للخروج من هذه المعركة، وعندها فقط قد نشهد نهاية المأساة في مخيم نهر البارد..
و«المحكمة الدولية» تضع لبنان في سباق بين الفوضى والاستقرار
بيروت: المجتمع
يوم الأحد الماضي 10/6 الجاري، دخل قرار تشكيل المحكمة الدولية للتحقيق في حادث مقتل رفيق الحريري رئيس وزراء لبنان السابق، حيز التنفيذ، وكان مجلس الأمن قد أقر تلك المحكمة، بناءً على الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي يجيز استخدام القوة في حالة تهديد السلم الأهلي.
لكن ذلك لا يعني بحال من الأحوال أن الحقيقة قد كشفت، وأن الجناة وقعوا في قبضة العدالة، فربما تكون هذه الخطوة الأولى في هذا الطريق الذي قد تصادفه الكثير من العقبات كما صادفت ووقفت في وجه إقرار نظام المحكمة في لبنان. وكذلك هناك نوايا المعنيين بهذه المحكمة، فإذا كان اللبنانيون يطمحون لكشف حقيقة ارتكاب هذه الجريمة المروّعة، ومحاسبة الجناة ووقف مسلسل الاغتيالات السياسية، فإن نوايا الآخرين قد تكون مختلفة، وهدفها تسخير هذه المحكمة في خدمة المصالح والمخططات التي تعمل على تحقيقها على صعيد المنطقة..
ومن هنا يكون التخوف مشروعًا من إمكانية المساومات، ومن الآن وصاعدًا بين المعنيين في ملف المحكمة على الصعيدين الإقليمي والدولي.
وبعيدًا عن ذلك ستدفع الساحة اللبنانية الثمن.
تصاعد الأزمة الداخلية
وعقب إقرار المحكمة حاولت قوى الأكثرية النيابية بزعامة سعد الحريري معاودة التحاور مع قوى المعارضة اللبنانية «حزب الله وحركة أمل»، إلا أن هذه المبادرة لم تلق جوابًا واهتمامًا؛ بل رفعت المعارضة من سقف مطالبها، مؤكدة أنه لم يعد مقبولًا عندها بعد إقرار المحكمة بأقل من رئيس للجمهورية من صفوفالمعارضة، رافضة رئيسًا توافقيًّا.
ورفضت الرد على طروحات الأكثرية، مشددة على ضرورة استقالة رئيس الحكومة «فؤاد السنيورة» قبل البحث في أية صيغة للحوار، متهمة مجلس الأمن بالانحياز الكامل، وأن القرار (١٧٥٧) لا شرعي ولا قانوني، وهذا ما يشير إلى عناوين المرحلة القادمة.
استحقاقات رئاسية
ومما يفاقم مستقبل الأوضاع السياسية في لبنان.. الاستحقاق الرئاسي القادم بعد أشهر قليلة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية..
ومن المؤكد أن تنعكس أجواء الانقسام الداخلي والضغوط والتدخلات الإقليمية والدولية على هذا الاستحقاق.
ففي الوقت الذي يقف رئيس الجمهورية إميل لحود إلى جانب قوى المعارضة، وفي الوقت الذي ينظر فيه إلى حكومة الرئيس «السنيورة» على أنها لا دستورية ولا ميثاقية بعد خروج الوزراء الشيعة منها، يهدد بأنه في حال لم يتم انتخاب رئيس بديل مع نهاية ولايته، سيلجأ إلى تشكيل حكومة انتقالية بديلة، ومعها سيكون لبنان بحكومتين.
كما أكد رئيس المجلس النيابي المعارض أنه لن يعقد جلسة لانتخاب الرئيس إلا بحضور ثلثي أعضاء البرلمان، وهذا ما لا يمكن الأكثرية من الانتخاب إلا بالتفاهم مع المعارضة.
وكذلك ألمح حزب الله إلى اللجوء إلى خيار الحكومتين والرئيسين، في حال تعذّر الاتفاق وفق شروطه وشروط فريقه، وهذا ما يهدد لبنان بشبح التقسيم.
ويبدو أن الأزمة تتجه إلى مزيد من التعقيد رغم الحديث الدائم عن مبادرات بين بعض دول المنطقة كإيران والسعودية وفرنسا..
سباق الفوضى
لبنان في سباق بين الفوضى والاستقرار، وإن أخطر ما يهدد الواقع اللبناني وسلمه الأهلي.. التصريحات التي اعتبر فيها حزب الله مجلس الأمن طرفًا في المعادلة الداخلية بعد إقرار المحكمة، فهل تكون قواته الموجودة في الجنوب بموجب القرار (۱۷۰۱) طرفًا أيضًا بنظر الحزب؟ وهل يمهد ذلك لاستهداف هذه القوات مستقبلًا؟
هذا ما قد يعيد لبنان إلى ما كان عليه، مفرّغًا المحكمة والقرارات الدولية من مضمونها، وربما فارضًا نوعًا من الأمر الواقع الجديد، الذي معه قد لا يكون لبنان الذي نعرفه.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل
تمهيدًا لطلب محاكمتهم أمام محاكم دولية النيابة المصرية بدأت التحقيق في جرائم اليهود ضد أسرى الحرب
نشر في العدد 1492
7
السبت 16-مارس-2002