العنوان لجنة تقصي الحقائق في عمان وجنوب اليمن أمام ...مسؤولياتها
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 14-مايو-1974
مشاهدات 16
نشر في العدد 200
نشر في الصفحة 4
الثلاثاء 14-مايو-1974
جمع الحقائق واستقصاؤها - في أي قضية- منهج علمي سواء.. في دنيا القضاء، أو في عالم السياسة.
فمن أخطر الاتجاهات، وأشدها تخلفا وتدميرا، إصدار الأحكام، أو بناء التصورات، أو تكوين التفسيرات على أساس غير علمي. أي قبل جمع المعلومات اللازمة، لإصدار الحكم أو تكوين التفسير.
من حيث المبدأ..تعتبر لجنة تقصي الحقائق في عمان واليمن الجنوبي ظاهرة حسنة.
ولا نستبق الأحداث فنحكم على أعمال اللجنة قبل أن تنجز مهمتها.
ولكن..المساهمة الإيجابية تقتضي أن نطرح بعض الملاحظات التي نحسبها مجدية. والتي قد تعين اللجنة على أداء الواجب المناط بها.
- من هذه الملاحظات.. استقصاء الجذور التاريخية للمشكلة فجمع أطراف الأحداث العارضة، أو خلفيات المواقف السياسية القريبة، لا يؤدي إلى حل عملي شامل.
- ولا ينبغي أن تضيع اللجنة وقتها في البحث عن «الدوافع» فالناس عادة لا يكشفون دوافعهم مهما كانت الظروف.
هناك مظاهر موضوعية تعفي اللجنة من مهمة التنقيب عن «الدوافع».
وهذه المظاهر تتمثل في:
١- مطالب الأطراف المتنازعة.
٢- الحلول التي تطرحها هذه الأطراف لإنهاء النزاع. فبهذه الطريقة تستطيع اللجنة أن تحقق هدفين في آن.
- التزام النهج العلمي السليم. والتعامل مع الحقائق الملموسة لا مع الضمائر المستترة.
- الظفر بأكبر قدر ممكن من الحقائق المتمثلة في المطالب والحلول.
- وينبغي تتبع الملابسات والظروف التي اقترنت بالنزاع- وهذا غير الجذور التاريخية بطبيعة الحال- فمن العسير جدًا أن تفهم الحقائق في دنيا الناس معزولة عن ملابساتها التي تلبست بها.
- وينبغي اختراق العوامل السياسية. والنفاذ إلى الأسباب الاقتصادية.
فنحن نعلم- مثلا- أن سعيد بن تيمور- سلطان مسقط السابق- قد ورط بلاده في مجاعات قاتلة وتخلف بشع. وكان هذا التخلف من أسباب الاضطرابات الاجتماعية والسياسية.
إن الذين حملوا السلاح في ظفار لم يعرفوا- في غالبيتهم العظمى- عن التفسير الماركسي للتاريخ، ولا عن نظرية فائض القيمة شيئًا.
ولكنهم كانوا جياعًا فاستغلهم محترفو الشيوعية الماركسية أسوأ استغلال.
إن وجود الأسباب السيئة شئ..واستغلالها شئ آخر.
- وينبغي مد البصر إلى جميع الحقائق في الأقطار المتنازعة. فدوما تكون الأخطاء الخارجية تعبيرًا عن الأخطاء الداخلية، وامتدادا للأوضاع المحلية.
إن معرفة معاملة سلطات اليمن الجنوبي لمواطنيها مؤشر صادق يدل بوضوح على أن الأساليب نفسها تستخدم هنا وهناك.
وأي حكم ينشغل بتفجير الفتن الأهلية في الداخل، لا يمكن أن يكون داعية وئام وسلام في الخارج.
- وينبغي تخصيص وقت طويل وجهد كبير لتقصي الحقائق عن التدخل الخارجي والنفوذ الأجنبي الذي يتسلل إلى المنطقة عبر قنوات أمريكية وشيوعية في المنطقة ذاتها.
وفي الحقيقة هذا جهد لا ينفع عمان وجنوب اليمن فحسب.. إن نفعه يمتد إلى بقية بلدان الخليج والجزيرة.
لماذا؟؟
لأن القوى الدولية الطامعة في بلادنا هذه، تتصارع علينا وتعمل بكل وسيلة للنفاذ إلى هذه المنطقة.
تتصارع على نفطنا.
وتتصارع على أموالنا.
وتتصارع على مواقعنا الاستراتيجية. خاصة بعد فتح قناة السويس وتحويل المحيط الهندي إلى ميدان لمصارعة الأساطيل.
إن بذل مزيد من الجهد في تقصي حقائق التدخل الأجنبي هو بمثابة خيوط تقودنا إلى معرفة الخطر المتربص بنا. وتفتح عيوننا على الموقف المطلوب حاضرا ومستقبلا.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ﴾ (سورة آل عمران: 118)
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل