; لقاء "المجتمع" مع.. وزير الأوقاف والشئون الدينية - السوداني | مجلة المجتمع

العنوان لقاء "المجتمع" مع.. وزير الأوقاف والشئون الدينية - السوداني

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 18-أبريل-1972

مشاهدات 18

نشر في العدد 96

نشر في الصفحة 18

الثلاثاء 18-أبريل-1972

١٣ألف مسجد -غير الزوايا- تحتاج إلى إصلاح

ضرورة الثورة الثقافية لتغيير نظرة الناس للدين

الإسلام قوة فاعلة ويجب أن ينطلق.. ويعمل

في الأسبوع الماضي قدم إلى الكويت السيد الدكتور عون الشريف وزير الأوقاف والشئون الدينية السوداني في زيارة رسمية استغرقت أسبوعًا وقد انتهزت «المجتمع» هذه الفرصة وأجرت معه هذه المقابلة:

-      سيادة الوزير، نحب أن يعرف القراء شيئًا عن وزارة الأوقاف باعتبارها أول وزارة للأوقاف والشئون الدينية في السودان، فهل تعتبر الوزارة الآن مجرد جهاز تنسيق وإدارة للمؤسسات الدينية القائمة من قبل أم أن هناك منشآت جديدة وكيانًا جديدًا؟

·     أعتقد أن الأهداف والاختصاصات التي حددت في مرسوم صدر بتاريخ ١٢/١٠/٧١ والذي نص على إنشاء هذه الوزارة ويمكن أن يعطي صورة كاملة للإجابة على هذا السؤال.. وهي كالآتي:

١- الأهداف والاختصاصات:

أ- تطوير الدراسات الدينية والوعظ والإرشاد.

ب- العمل على رعاية القيم الروحية كمصادر حضارية ذات تأثير مباشر على بَلُّورة الوحدة القومية.

ج- الإشراف على المساجد والعناية بها.

د- الإشراف على الكنائس والعناية بمعاهد المسيحيين وتدريس رجال اللاهوت والعمل على إنشاء كنيسة مسيحية سودانية للمواطنين المسيحيين.

هـ- تطوير الأوقاف اقتصاديًّا لاستغلال عائدها لخدمة المجتمع.

و- تنسيق الاتصالات الدينية الخارجية.

٢- تضم وزارة الشئون الدينية والأوقاف:

أ- الأوقاف

ب- مصلحة الشئون الدينية بأقسامها القائمة.

ج- المعهد الإفريقي الإسلامي

د- الكنائس

هـ- إدارة الإشراف على النشاط التبشيري

- ما هي سياسة الوزارة وطبيعة عملها؟ هل لها دور في التوجيه الثقافي والتغيير الاجتماعي في المجتمع أم يقتصر دورها على إدارة مكاتبها المعروفة؟

·     أعتقد أن إنشاء هذه الوزارة حدث له دلالة، فالمجتمع لن ينهض إلا بالقيم الدينية الأصيلة وأن الدين قوة فاعلة في حياة الناس متى أزيلت عنه الأوشاب التي عَلِقَت به وأحالته إلى قوة سلبية وآلية في حياة الناس.

وكل نشاط الوزارة يقوم على هذه الفكرة، فكرة بعث روح الدين في نفوس الناس بحيث يتحول الدين من طقوس جامدة آلية إلى حركة متجددة تدفع بالمواطن ليصبح تجسيدًا حيًّا لروح الدين الحية بمعنى أن يكون هناك أبدًا صلة مباشرة بين القول والعمل بين العبادة والسلوك، والسبيل إلى ذلك أن نحاول أن نبعث في نفوس الناس وفي حياتهم فهمًا جديدًا للدين بحيث يشعرون أن الدين جزءًا لا ينفصل عن حياتهم سواء أكانوا في المسجد أو الشارع أو المنزل لأن هذا هو الدين الحقيقي لا فرق بين الدين والحياة، ولكي نصل إلى ذلك لا بد أن نعيد أولًا للمساجد مكانتها في حياة الناس بحيث تصبح مراكز إشعاع للوعي الثقافي والديني والاجتماعي.

وأن تتحول من مجرد أماكن للعبادة يغشاها الناس لأداء الفرائض إلى مراكز للتثقيف والحركة الاجتماعية، وخطتنا أن نبدأ بالمساجد الرئيسية في عاصمة البلاد وفي عواصم الأقاليم و أن نعيد تخطيطها، وأن نضم إليها ملحقات في شكل مكتبات وقاعات للندوات والدراسة ورياض للأطفال وما إلى ذلك من النشـاط الثقافي وغيره، ونحن نشعر بالأثر الكبير الذي يمكن أن يتركه الإمام والخطيب في توجيه الوعي الاجتماعي والديني، لذلك فنحن محتاجون لنوع جديد من الأئمة والوعاظ والمرشدين الذين يتفهمون هذه الروح ويشعرون بأن زمن الوعظ الأجوف الذي ينصَبُّ على سلبيات الحياة ويهدف إلى التخويف والردع وإعداد الناس للآخرة وينسى أن الآخرة لا تكون إلا بالدنيا، إنْ خيرًا فخير وإن شرًّا فشر، ولهذا فقد افتتحنا في الفترة الماضية معهدًا لتدريب الأئمة والوعاظ والمرشدين وسنُتبع ذلك بإنشاء مكتب متخصص لدراسة موضوع الخطبة بحيث تكون الخطبة متصلة بقضايا الناس مُبرزة رأيَ الدين الصحيح في مختلف القضايا التي تواجه الرجل المسلم في حياته المعاصرة.

وسنركز كثيرًا على حلقات الدرس في المساجد وعندنا الآن الكثير من حلقات تدريس القرآن والتجويد والحديث إلى جانب الدروس الفقهية وسنشجع خلاوي القرآن للذين فاتهم التعليم النظامي، وفي رياض الأطفال التي سنلحقها بالمساجد، سيكون الهدف أيضًا تعليم النشء مبادئ القرآن.

فيما يتعلق بالإمام، فإن الصلاحيات المحدودة والحرية المقيدة والمكانة الاجتماعية الضعيفة التي تحط من مركزه كل هذه العوامل لها أثر كبير في نشاطه، فماذا فعلتم من أجله حتى يكون أقدر على الحركة والتأثير؟!!

·     نحن الآن عندنا في السودان ما يزيد على ..., ۱۳ مسجد كبير غير الزوايا والخلاوي الصغيرة «مراكز لتحفيظ القرآن وإقامة الصلاة» من هذا العدد حوالي 2500 هي مساجد تُعِينها الحكومة، وفكرتنا أن يكون الإمام مؤهلًا تأهيلًا علميًّا بحيث تستطيع الوزارة أن تدخله في الدورة الرسمية للدولة، وبذلك ينال ما يستحق من مكافآت مالية، الآن معظم الذين لديهم شهادات من الأئمة قدمنا مشروعًا إلى إدخالهم في الخدمة المستديمة على أساس أن يستفاد منهم في كل البرامج الكبيرة التي تهدف الوزارة من خلالها إلى بعث الروح الدينية في المجتمع بمعنى أن الإمام لن يكون مجرد إمام لتأدية الصلوات فحسب، وإنما سيكون مسؤولًا عن التدريس في المسجد، وسيكون مسؤولًا عن الإسلام في النشاط الثقافي العام للوزارة. وبذلك يكون نافعًا في المجتمع، ويصبح من واجب المجتمع أن يقدم له ما يقابل ذلك من خدمات، وأيضًا في المستقبل البعيد، هذه الآلاف من المساجد تحتاج إلى هذا النوع من الرجال المؤهلين علميًّا.

ولعلنا بالمقابل لكي نصحح نظرة الناس إلى مركز الإمام وشخصيته علينا أن نغير فكرة الناس عن الدين ونظرتهم للدين ورجل الدين، وإبراز الدين بصورة يقبلها الناس ويحترمونها.

في كثير من الأحيان ينفر الخريجون (حتى خريجو الكليات الإسلامية) من شَغل الوظائف ذات الطابع الديني، لأنها تضعهم في مركز غير محترم في نظر المجتمع.

فنحن علينا أن نُشعر كلَّ مواطن بأن دوره هو دور ديني أيًّا كان، وأن نخلق المواطن الذي يحس بأن كل تصرفاته يجب أن تكون صالحة، وأن ذلك يعتبر عبادة في حد ذاته، وهذه هي الطريقة الوحيدة التي يمكن أن تخلق المواطن الصالح الذي يدفع بالمجتمع نحو التقدم، وهي روح لا نحتاج أن نستوردها.

- هل ستكتفي وزارتكم للنهوض بهذا الواجب الضخم بالتركيز على المساجد أم أنكم ستصلون إلى الناس في كل مجتمعاتهم، خصوصًا وأن كثيرًا من الناس وهم أحوجُهم لرسالتكم لا يَغشَون المساجد عادة؟؟

·     الوزارة ستصل للناس في كل مجال.

- سنشترك في تجمعات الشباب، ونحن الآن نشترك معهم بالفعل في التخطيط الثقافي للشباب، ونشترك أيضًا في تجمعات النساء وقد دَرَّبْنا مُرشدات دینیات جامعيات للعمل في أوساط النساء. كذلك نحن نعمل من خلال أجهزة الإعلام.

- بمناسبة حديثكم عن إعراض بعض المتعلمين من شغل الوظائف الدينية والاطلاع بهذه الرسالة، ماهو السبب في رأيكم وهل ترون من المناسب إعادة النظر في التعليم الديني؟

·     سياسة الإنجليز السابقة في فصل التعليم الديني عن المدني وبالتالي حرمان خريجي التعليم الديني من الامتيازات التي تهيأ  لزملائهم في التعليم المدني من حيث المركز الرسمي والاجتماعي والحقوق الخاصة، هذه السياسة جعلت وضع هؤلاء دون وضع الآخرين من ناحية التوظيف ومن ناحية النفوذ الإداري، وبالطبع فقد كان ذلك مقصودًا بهدف قتل الناحية الدينية، هذا بالإضافة إلى المجهود العام الذي كانت عليه الدراسات الدينية -كانت عليه وما تزال- لا أزال أرى أن التعليم الديني في السودان وفي غير السودان محتاج لثورة تعيد إلى الفكر الإسلامي حيويته، وتبعث فيه الروح من جديد، بحيث يتخطى الناس النصوص الفقهية المكرورة والتقليد الأعمى، لمؤلفات ليست هي الأصل في التشريع ولا الفكر، وإنما هي فروع اجتهد فيها مؤلفوها وحاولوا جهدَ إمكانهم تلبيةَ متطلبات عصورهم وبيئاتهم، فنحن نستفيد منها كتراث وكمصدر للثقافة والإلهام ولكنها لا يصح أن تكون العمدة والقبلة في كل زمان ومكان، وإنما هناك الأصول، وهي القرآن الكريم والسنة، وعلى الناس أن يستفيدوا من تجارب القرون ومن اجتهادات الفقهاء، بحيث يتوصلون إلى الاجتهاد الذي يجعل من القرآن والسنة مصدرًا لمواجهة متطلبات الحياة التي يعيشونها في العصر الحديث، ومعنى ذلك أننا لسنا محتاجين في مدارسنا إلى قراءة هذه النصوص القديمة وإنما يمكن أن تؤلف كتب جديدة نلخص فيها كل هذه المفاهيم الأساسية بلغة عصرية قريبة من عقول الطلبة ونفوسهم، وفي هذا اختصار لجهودهم، ولا بأس من قراءة بعض النصوص القديمة ولكن من الخير تركُ التوسع في قراءة هذه الحواشي والشروح المطولة للمتخصصين والباحثين.

لا داعي إلى أن نُتعب طفلًا معاصرًا بهذه الكتب القديمة، ولسوء الحظ فإن المسلم يجد كلامًا مُقنعًا كثيرًا في كتب المستشرقين عن الإسلام، وهذه الكتب موجهة توجيهًا معينًا، إلا أن ما كتب عن الإسلام فيها يقرب الإسلام إلى القارئ أكثر مما تفعله الكتب القديمة، وعندنا فكرة لعقد مؤتمر لمناقشة قضية التعليم الديني وما يجب أن يكون عليه.

-  من المعروف أن الاحتياجات القومية كانت دافعًا لإنشاء مؤسسات دولية كالتي تشرف عليها جامعة الدول العربية مثلًا، فهل تعتقدون بضرورة إنشاء هيئة أو مؤسسة مماثلة للدراسات الإسلامية؟

نعم، وبالفعل توجد فكرة من هذا القبيل وقد وجهت الدعوة لوزارات الأوقاف العربية من جانب إخواننا في سوريا ونحن نرحب بالفكرة ونوافق، لأن ذلك تنسيق للجهود ومجال للتعاون.

-   بالنظر إلى واقع السودان الجغرافي الذي يجعل منه جسرًا تعبر عليه الثقافة الإسلامية العربية -التي هي حضارة السودان الأصيلة- إلى إفريقيا، ما هو دور السودان في القيام بهذه الرسالة، وبما أن وزارة الأوقاف هي في طليعة المؤسسات المُنَاط بها هذا الواجب فهل أعدت الوزارة سياسة خاصة أو برامج عمل للقيام بهذا الدور؟

·     نعم، بالطبع ولعل فكرة المركز الإسلامي الإفريقي هي المرشحة للقيام بهذا الدور، فمركزنا الجغرافي والحضاري يتيح لنا أعظم الفرص للإسهام إسهامًا فعالًا في نشر الثقافة الإسلامية والعربية في إفريقيا، خاصة وقد ارتبط السودان بمعظم سكان غرب إفريقيا إذ يتجهون إليه دائمًا سواء أكان من الناحية التعليمية أو من ناحية الذهاب إلى الشرق، ونحن نشعر بأن علينا واجبًا كبيرًا يجب أن نؤديه إلى إخوتنا في إفريقيا.

وسبيلنا إلى ذلك هذا المعهد الإسلامي الذي سيسعى إلى تقديم مختلف المناهج لقطاعات مختلفة من الطلاب، وإلى عقد الندوات والمؤتمرات الخاصة بهذا الاتجاه وإلى بعث البعوث من العلماء إلى الأقطار الشقيقة في إفريقيا.

- هل تقومون بإعداد دراسات وإحصاءات عن واقع الإسلام وعن النشاط التبشيري وعن الحضارة الإفريقية؟

·     لقد بُدئ في إنشاء مركز للتوثيق والبحوث برصد كل الحركات التي تجابه الثقافة العربية والإسلامية في إفريقيا.

 - عرفنا من سيادتكم دور السودان الحضاري فى إفريقيا، وعرفنا بالتالي واجب الوزارة المحدد في القيام بهذا الواجب، لكن يبقى سؤال كثيرًا ما يطرحه من تقدم لهم الدعـــــــــوة الإسلامية وهو: إلى أي مدى يلتزم حامل الدعوة بتطبيق مضمونها عملًا وأهدافًا فهل راعيتم الإجابة العملية على هذا السؤال؟ وما هي ملامح هذه الإجابة في الواقع؟

 إن كل ما يحدث سواء أكان على المستوى السياسي أو الاجتماعي أو الثقافي ينبغي أن يرتكز على تراث الأمة وشخصيتها وأن يتم كل تقدم في هذا الإطار الأصيل.

 - ما هي سياستكم فيما يتعلق بالتبشير الإسلامي؟

·     اتجاهنا أن نساعد الناس بتقديم ما يمكنهم من مواجهة تحديات الحياة من ناحية التعليم والتأهيل المهني والنواحي الصحية، والمعهد الإسلامي الإفريقي سيكون صورة لهذه الفكرة وستقدم فيه أهم الخدمات للطلاب، كذلك مراكز التبشير في الجنوب.

 وسنستعين في تمويل ذلك بأموال الزكاة والمساعدات الشعبية الأخرى وفعلًا عقدنا اجتماعًا دعونا له المواطنين للمشاركة الشعبية.

- ما هي توقعاتكم بالنسبة لمستقبل الإسلام في إفريقيا؟

·     أعتقد أن المستقبل للإسلام في إفريقيا، لأنه دين الفطرة وليس فلسفة معقدة، ومن خصائصه أنه يصوغ شخصية المجموعات التي ينزل بها صياغة تدريجية، بحيث يصبحون بمرور الزمن قومًا مختلفين عما كانوا عليه في البداية دون أن يحدث هزات كبيرة في الإطار العام لحياتهم، فلذلك نجد الإسلام ينتشر انتشارًا كبيرًا في مختلف البيئات حتى وجد السبيل إلى الانتشار، ثم إن الإسلام لا يرتبط بقوميات محددة ولا نعرات، ولذلك فهو لا يتطلب الكثير من المواطنين بمعنى أنه لا يتطلب من المواطن الإفريقي أن يتحدث بلغة معينة أو يتخذ أي أسلوب مقيد بجنسية معينة وإنما هي أسس وأفكار عامة تؤثر في إطارات إنسانية دون تمييز.

- ماذا عن زيارة سيادتكم للكويت؟

·     لقد وجدنا كل تفهم واتفاق من الإخوة في الكويت وهذه قضايا مشتركة ولیست قضيتنا وحدنا.

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

أحداث السودان

نشر في العدد 4

26

الثلاثاء 07-أبريل-1970

هل السودان في طريقه للتقسيم؟!

نشر في العدد 2184

744

الأحد 01-أكتوبر-2023

صحافة - العدد 8

نشر في العدد 8

23

الثلاثاء 05-مايو-1970