العنوان لقد جربنا كل الحلول.. وفشلت!
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 29-ديسمبر-1970
مشاهدات 22
نشر في العدد 41
نشر في الصفحة 22
الثلاثاء 29-ديسمبر-1970
يحار المرء حين ينظر إلى هذه الأمة الكبيرة، أمة الإسلام إنها في المساحة مترامية الأطراف، وفي العدد كثيرة الإحصاء، ولكنها في الحقيقة مساحة خاوية، وكثرة كغثاء السيل!
فما الذي أوصلنا إلى هذا المستوى من أمة كانت تحكم العالم ذات يوم إلى أمة ضعيفة تتلاعب بها ثعالب الأمم من كل جانب، تساق فتطيع، وتعلم فلا تعصي!
إنا لو أخذنا خلاصة هذه الأمة -أعني بهم مثقفيها- أيا من المثقفين كانوا، وأيًا من الثقافة نالوا، لو نظرنا إليهم لرأينا الواحد منهم وقد نال من الثقافة النزر القليل ولكنه يخال أنه راسخ في العلم، وهو في الحقيقة خاو منه.
فلم تعد هناك البحوث التي ينتجها مفكرونا، أو الابتكارات التي يتنافسون عليها بل أصبحنا نقتبس من الغرب والشرق الغث والسمين بلا عين فاحصة أو ذهن مفكر!
بدأت المشاكل تنصب على هذه الأمة -الظالم أهلها- مشكلة من بعد أخرى، وليس باستطاعتها أن ترد عنها هذه المشاكل؛ لأن العلاج الذي به تعالج المشاكل هو نفسه مشكلة!
لقد جربنا كل الحلول، حلاًّ من بعد حل، فإذا بنا نسير من ضعف إلى ضعف! لأننا كنا نستورد الحلول من أعدائنا وهل تؤخذ النصيحة من الأعداء، هذه هي أمتنا اليوم؛ فلماذا لا ننظر إلى ماضيها المزهر أفليس فيه علاج! بلى والله، فأمتنا تضرب بجذورها في التاريخ أعماقًا أفليست هي التي حكمت العالم ذات يوم، فأعطته من العدالة والمساواة دروسًا ومن التضحية والفهم فصولًا؟!
أفلا يعود مثقفونا إلى تاريخهم فيتفحصوه، أفلا يعودون إلى دينهم، إلى إسلامهم؟!
ولكن، وما إن يذكر للأمة الإسلام فإذا بالبعض ينفر منه، ويتشاءم به!
ولكن رويدكم أيها المتشائمون الفارون، رويدكم أيها الإخوة، فلنتفحص هذا الدين ولنر هل به الحل والعلاج، ولندرسه دراسة واعية، منطقية، وعلمية.
صحيح أن الإسلام اليوم وقد تكالب عليه الأعداء فشوّهوا صورته المشرفة، ولكن الدارس الواعي لا ينظر إلى معتنقي المبدأ حين دراسته بل ينظر إليه نفسه ليستشف منه الخير -إن كان به خير -ويبتعد عن الضلال – إن كان به ضلال.
علينا إذن حين نريد دراسة الإسلام أن نبتعد عن واقع المسلمين قليلاً، علينا أن نضرب صفحًا عن الجهلة الذين بأفعالهم يشوهون الدين بقصد أم بغير قصد! وعلينا أن نعرف أن هناك صنفين من الناس قد أعطوا للدين صورة مغلوطة مشوهة وهم: -
١ - المتدينون الجهلة من الأمة: وهم الذين لا يعرفون من الإسلام إلا أنه ركيعات داخل مسجد، ووقفة أمام محراب، ونسوا أو تناسوا أنه دين شامل للحياة كلها.
٢ - علماء الدين المزيفون: وهم الذين لبسوا زي العلماء، فقط لكي يكتسبوا ويعيشوا على صدقات المحسنين، وهؤلاء يسيئون إلى الدين كثيرًا لأنهم الواجهة الأولى له، فإذا ما رآهم شبابنا حسب أن كل علماء الدين من هذا الصنف.
ولكني وأنا أدعو المثقفين من الأمة إلى بذل القليل من وقتهم لكي يعيدوا النظر بمبادئ الإسلام من جديد فعلّهم يجدون ما لم يجدوه في المرات السابقة.
أدعوهم إلى تذكر أن هذين الصنفين من الناس لا يمثلون الإسلام في شيء من الأشياء، بل هم عالة عليه!!
وعلى الإنسان ألا يقلد أحدًا في شيء بل أنه يجب عليه أن يدرس الفكرة، فإن اقتنع بها التزم وسار عليها.
فليست الحياة إلا عدة من السنين يمر بها المرء ثم يخرج من هذه الحياة، فعليه أن يعي هذه الحياة، ويعرف هناك حياة أخرى، ومجرد الظن بالحساب والعقاب يجعل الفرد يفكر في عمله وحياته فكيف باليقين!
فرويدًا أيها الإخوة، فإن التفكير الواعي الجاد يوصل الإنسان إلى الحقيقة التي يتمناها.
وعلينا -إذا كنا طلاب حق- ألا تغرنا هذه الحياة بزخرفها الزائل وإن غرّت كثيرًا من الناس، فليس الحق مع الكثرة الكاثرة، بل كثيرًا ما يكون مع القلة الواعية.
﴿وَإِن تُطِعۡ أَكۡثَرَ مَن فِي ٱلۡأَرۡضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۚ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا ٱلظَّنَّ وَإِنۡ هُمۡ إِلَّا يَخۡرُصُونَ﴾ (الأنعام: 116)
فلا يهم الباحث عن الحقيقة أن يكون معه على الدرب نفر قليلون - ما دام واثقًا من رأيه متيقنًا من فهمه، معتدًا برأيه - وعوا الحياة وساروا بها.
وعلى المسلم أن يعي الإسلام ويفهمه، ويطبق أحكامه على نفسه ويكون قدوة صالحة لأنه بذلك يستطيع أن يؤثر على الغير، ويدعوهم إلى الإسلام!
وليكن الله سبحانه رائدنا في كل عمل، وغايتنا في كل شيء فإنه نعم المولي ونعم النصير، ولنجعله رقيبًا علينا وعلى أعمالنا التي لا نريد منها إلا وجهه؛ لأننا بذلك سنعيش عيشة راضية سواء في الحياة الدنيا أم في الحياة الآخرة، ولنذكر قوله تعالى:-
﴿مَا عِندَكُمۡ يَنفَدُ وَمَا عِندَ ٱللَّهِ بَاقٖۗ وَلَنَجۡزِيَنَّ ٱلَّذِينَ صَبَرُوٓاْ أَجۡرَهُم بِأَحۡسَنِ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ * مَنۡ عَمِلَ صَٰلِحٗا مِّن ذَكَرٍ أَوۡ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤۡمِنٞ فَلَنُحۡيِيَنَّهُۥ حَيَوٰةٗ طَيِّبَةٗۖ وَلَنَجۡزِيَنَّهُمۡ أَجۡرَهُم بِأَحۡسَنِ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُون﴾ (النحل: ٩٦/ ٩٧).
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخوكم عبد المحسن يوسف
جامعة الكويت
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل
المعايير الإيمانية والتربوية للمؤسسة الربانية (4) .. المتابعة وحل المشكلات
نشر في العدد 2116
28
الخميس 01-فبراير-2018