; لك الله وحده .. يا «غزة» | مجلة المجتمع

العنوان لك الله وحده .. يا «غزة»

الكاتب د. محمد بن موسى الشريف

تاريخ النشر السبت 24-يناير-2009

مشاهدات 14

نشر في العدد 1836

نشر في الصفحة 28

السبت 24-يناير-2009

ملايين المسلمين غاضبون المأساة «غزة».. ولو فتحت لهم الحدود لانطلقوا إليها كالأسود ولكن لا حول لهم ولا قوة

أكثر العلماء والمشايخ في الدول الإسلامية موظفون مأمورون.. والمظاهرات يقودها الأطباء و المحامين !

وقفت «غزة» هاشم شامخة أمام عدو حاقد شرس، وقفت وحيدة فريدة، ليس لها إلا الله تعالى وقوته ومدده وعونه ... ولئن تساءل المتسائلون: أين المسلمون؟ أين العرب؟ أين القوات والجنود ؟ أين الأسلحة التي تشترى بالبلايين؟ أين العلماء والمشايخ؟ أين المفكرون والمثقفون؟ أين الأثرياء والتجار؟ أين الدول الإسلامية التي تبلغ قرابة ستين دولة؟ أين الدول العربية التي تزيد على عشرين دولة؟

لئن تساءل المتسائلون: أين كل هذا ؟ فإليكم البيان يا أهل الإسلام أما المسلمون والعرب، فكثير منهم متعاطفون مع أهل غزة، لكن لا حول لهم ولا طول، وإن صنعوا شيئا فمظاهرة يخرجون فيها، أو مسيرة يطفئون غضبهم بها، أو دموع يجودون بها، أو قروش يعطونها، لا يجد أهل غزة بها أمانا ولا غناء، وأجزم أن لو فتحت الحدود لتدفق أكثر هؤلاء كالأسود معاونة لأهل غزة، لكن إلى الله المشتكى.

جيوش مكبلة

أما القوات والجنود فقد حيل بينها وبين الوصول إلى غزة، كيف ودول الطوق المجاورة تغلق حدودها فلا يمر منها أحد، ولا يكاد يستطيع، ولقد طوعت هذه الجنود وهذبت ودجنت، ففهمت أنها لا علاقة لها بما يجري في غزة ولا أمثال غزة.

أما الأسلحة، فهي في المخازن حتى تفسد ليشرى غيرها ببلايين أخرى، وهلم جرا....

ولئن سألتم عن العلماء والمشايخ فهم على ثلاثة أصناف:

- صنف موظفون لا يفعلون شيئا إزاء هذا الذي يجري، ولا هم لهم إلا العيش كيفما اتفق قد تبلدت أحاسيسهم، وتعطلت مشاعرهم وللأسف هم عدد كبير من العلماء والمشايخ الذين يبلغ عددهم بضعة ملايين في العالم الإسلامي.

- وصنف يعمل ما في وسعه، فيشارك في البيانات، ويخطب على المنابر، ويدور على المجامع، وهذا عمل جليل، لكن غزة بحاجة إلى غيره، وهيهات أن تغني الخطب والبيانات شيئا عن قوم تنزل على رؤوسهم القنابل، وتهدم فوقهم البيوت ، وهؤلاء العلماء هم قلة نسبيا.

- وصنف لا يدري ماذا يصنع، بقيت له بقية من شعور وأحاسيس، لكن حيل بينه وبين إظهارها والعمل بموجبها، وهذا في كثير من عددهم كبير.

بلاد الإسلام، وهؤلاء صبراً أهل غزة، فلم يعد في الأرض مثل العز بن عبد السلام وابن تيمية، وعبد الغني المقدسي، وسفيان الثوري، وابن المبارك، فقد ولى هذا الزمان وانقضى، وإنا لله وإنا إلي راجعون.

فهذا شيخ الأزهر يشد بيدين على يد المجرم الأثيم «بيريز»، وهل كان أحد من الناس يوما من الدهر يظن أن هذا يجري أو يكون؟ وهؤلاء العلماء الموظفون في كل بلد إسلامي: أين صوتهم؟ أين بياناتهم؟ ماذا دهاهم؟

* ألا ترون أن المظاهرات يقودها الأطباء والمحامون، وأكثرها عن العلماء والمشايخ بمعزل ؟

* ألا ترون إلى مشايخ يحرمون المظاهرات وهي وسيلة للتعبير تكاد تكون فريدة، يجتمع فيها الناس لإظهار رفضهم وغضبهم ؟

* ألا ترون أن الملايين من العلماء والمشايخ وطلاب العلم والمتخرجين في الكليات الشرعية لا يكاد يسمع لهم صوت ولا يدري عنهم أحد ؟

أصناف ثلاثة

أما المفكرون والمثقفون فهم أصناف: فصنف بيدهم وزارات الثقافة والإعلام، فهؤلاء إلى طعن أهل غزة أقرب، وإلى لومهم أميل، وإلى تقريعهم أرغب إلا القلة القليلة.

وأما المفكرون والمثقفون الذين بيدهم الجرائد والمجلات العلمانية والمتحررة، فهم من الصنف السابق، ومن أصحاب العمل الآثم.

وهناك فئة من أولئك انحازوا إلى آمال أمتهم فيهم، وتكلموا بلسان صدق ولله الحمد والمنة، لكن أهل غزة أحوج إلى الأعمال منهم إلى الأقوال.

وأما الأثرياء والتجار فأكثرهم عن أهل غزة بمعزل، ومن أراد منهم المواساة حيل بينه وبينها، وإلا اتهم بالإرهاب ومساندة الإرهابيين وإن ساعد فمن وجه خفي وهو خائف يترقب.

ثم هل بعد هذا نسأل: أين المسلمون ؟! وأين الدول الإسلامية؟!

وبعد هذا الحديث فهل من مبشرات ؟

نعم، إن المبشرات كثيرة، ومنها:

* هذه الأحداث التي تنبه الغافلين، وتوقظ السادرين في غيهم، فيصيرون من جند الله العاملين بعد أن كانوا من البعيدين الضالين.

* وهذه الأحداث مقدمة للتمكين، إذ شرطه الابتلاء : قال تعالى: ﴿ ونريد أن نمنّ عَلَى الَّذِينَ ا ستضعفوا في الأرض ونَجْعَلَهُمْ أَئِمَةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ (5) و نمكن لهم في الأرض ...﴾ (القصص).

* وهذه الأحداث تجمع بين كثير من المسلمين، وتزيل كثيرا من أسباب الفرقة بينهم.

* وهذه الأحداث دليل على قرب زوال دولة اليهود، فقد علوا علوا كبيرا، ووصلوا إلى ذروة من التمكن والسيطرة، وليس بعد هذا إلا الانحدار، كما يعلم ذلك من اطلع على سنن الله في الدول والجماعات، وعرف أحوال الأقوام على مدار التاريخ، وقريبا سيتحقق حديث

رسول الله صلى الله عليه وسلم : «يا مسلم يا عبد الله، ورائي يهودي تعال فاقتله».

صبر وجهاد فصبراً أهل غزة صبر من يعلم أنه لن يصله من المسلمين إلا الدعاء وبعض من الدواء والغذاء أما ما سوى ذلك فليس لكم إلا الصبر، والمجاهدة والمرابطة، والله معكم ولن يتركم أعمالكم، ولا أقول لكم في النهاية سوى أن أذكركم بقوله تعالى: ﴿ولا تهنوا في ابتغاء القوم إن تكونوا تألمون فَإِنَّهُمْ يَأْلمُونَ كَمَا تَألمون وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ وكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (١٤) ﴾  (النساء).

وبقوله تعالى: ﴿ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانتَصَرَ منهم ولكن ليَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سبيل الله فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ (٤) ﴾ (محمد).

وبقوله تعالى: ﴿ويتخذ منكم شُهَدَاء﴾  (آل عمران : ١٤٠).

وبقوله تعالى: ﴿وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا ويمحق الكافرين (١٤١) ﴾ (آل عمران).

. والله أكبر ولله الحمد ، والعزة لله ولرسوله وللمؤمنين.

الرابط المختصر :