العنوان لماذا انسحبت باكستان من حلف جنوب شرق آسيا!
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 18-يوليو-1972
مشاهدات 10
نشر في العدد 109
نشر في الصفحة 8
الثلاثاء 18-يوليو-1972
العالم الإسلامي
لماذا انسحبت باكستان من حلف جنوب شرق آسيا!
في الوقت الذي اتجهت فيه السياسة الهندية إلى الارتباط بالأحلاف والمعاهدات مع الدول الكبرى... قررت حكومة الباكستان انسحابها الكامل من حلف جنوب شرق آسيا..
وكان المعلقون السياسيون يتحدثون في أعقاب الحرب الهندية الباكستانية عن مساندة الاتحاد السوفياتي العسكرية والدبلوماسية للهند، وعن مساندة المعسكر الغربي وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية لباكستان... وكانت هذه التحليلات توحي بأن وجهة الباكستان السياسية ستكون نحو الغرب، وأن المعادلة السياسية والعسكرية التي حسمت المعركة لصالح الهند ستدفع الباكستان إلى مزيد من التحالف العسكري مع أميركا وستحيي وجودها في حلفي السنتو والسيتو.
لكن القرار الأخير الذي أعلنه السيد ذو الفقار علي بوتو في الجمعية الوطنية الباكستانية قلب هذا المفهوم، ودفع الناس إلى التساؤل عن البواعث الحقيقية لهذا القرار؛ الذي لا يبدو منسجمًا مع الواقع السياسي الذي خلفته الحرب الأخيرة مع الهند المتحالفة مع الاتحاد السوفياتي.
وللإجابة على هذا التساؤل يجب أن نعود إلى قصة هذه الأحلاف من البداية وإلى علاقة الباكستان بها، فعند قيام الدولة الباكستانية كانت الهند لا تزال غير مقتنعة بالوجود الذاتي لباكستان، وشهد عام التقسيم مجازر رهيبة واعتداءات وتحرشات تؤكد هذا الشعور لدى الهند، وجاء احتلال كشمير في نفس تلك الفترة، ولما كانت الهند دولة قائمة وكيانًا راسخًا وقتها، وكانت الباكستان قد بدأت من الصفر، حتى أن نصيبها من الميزانية والأرصدة الخارجية لا يزال عند الهند، وجميع المنشآت والمؤسسات كانت داخل الهند، كان لا بد للباكستان في تلك الظروف من الارتباط بحلف عسكري يوفر لها الحماية، لأنها غير قادرة على الدفاع عن كيانها الجديد، وهي لا تملك سلاحًا ولا مالًا لشراء السلاح، ولا صديقًا يمدها بالسلاح.
وكان أن ارتبطت الباكستان بأحلاف السنتو والسيتو وهي أحلاف دفاعية بغرض أن تحمي كيانها الوليد من تحرشات الهند ونواياها الاحتلالية.
ولكن هذه الأحلاف فقدت فعاليتها بعد تغير السياسة الأمريكية تجاه المعسكر الشيوعي وبعد انتهاء سياسة «دالاس» الرامية إلى احتواء الحركة الشيوعية وتطويقها وبعد الصيغة الجديدة للعلاقات الدولية القائمة على سياسة التعايش السلمي والتي توجت أخيرًا بزيارات نيكسون للصين والاتحاد السوفياتي.
وكان أول اختبار لجدوى البقاء في هذه الأحلاف في الحرب الهندية الباكستانية عام ١٩٦٥ في كشمير، حيث وقفت هذه الأحلاف موقف المتفرج من الباكستان ولم تقدم أي عون أو مساعدة. ولما قامت الحرب الأخيرة كانت الهند قد ضمنت مساعدة غير محدودة على كافة المجالات من حليفتها الجديدة روسيا ولا يخفى على أحد أن الهند طيلة السنين الماضية كانت تجد العون العسكري الواسع من الغرب بحجة مواجهة الصين الشيوعية، وأنها أقامت مصانع ضخمة للأسلحة ومفاعل للتجارب الذرية في بومباي تحت هذا الستار. وأنها وجدت عونًا كبيرًا من الصهيونية العالمية على أساس الحلف المشترك بينهما ضد الإسلام.
أي أن الهند على الرغم من مزاعم عدم الانحياز كانت منحازة انحيازاً مزدوجًا لجميع المعسكرات الاستعمارية الكبرى، وفي مواجهة هذا التحالف كانت الباكستان تقف وحيدة إلا من ارتباط شكلي بأحلاف ميتة فقدت فعاليتها الحقيقية وخذلتها في حرب عام ١٩٦٥.
ولدى قيام الحرب الأخيرة لم تجد أي عون من أميركا أو أحلافها لتواجه العدوان الهندي الذي دعمته روسيا بكل قوة، بل على العكس كانت عواطف أميركا كلها مع مجيب الرحمن وبنغلاديش الجديدة.
لذلك لم يكن مستغربًا أن تقرر الباكستان الانسحاب من هذه الأحلاف التي لم تجن من الانضمام إليها سوى الخذلان.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل
حَياة شودَري غلام محمد.. سيرة عَلم من أعلام الإسلام في بَاكستان
نشر في العدد 1
851
الثلاثاء 17-مارس-1970